توفي عن عمر يناهز المئة الأميركي آرون ت. بيك، مبتكر العلاج السلوكي المعرفي، وهو نهج تم تطويره منذ ستينيات القرن العشرين، وأحدث ثورة في الطب النفسي. ويساعد هذا النوع من العلاج في إدراك التفكير غير الدقيق أو السلبي، بحيث يمكن أن ترى المواقف الصعبة بوضوح أكبر وتتعامل معها بطريقة أكثر فعالية، وقد يكون العلاج السلوكي المعرفي أداة مفيدة جدًا لعلاج الاضطرابات أو الأمراض العقلية، مثل القلق أو الاكتئاب، كما قد يكون هذا العلاج أداة فعالة لمساعدة أي شخص في التعرف على كيفية التعامل مع مواقف الحياة التي تشمل الضغوط.
* بماذا يختلف العلاج المعرفي السلوكي عن التحليل النفسي؟
وخلافاً لنهج التحليل النفسي الذي كان يتمحور على اللاوعي من خلال تشجيع المرضى على سرد ذكرياتهم، يركّز العلاج الإدراكي على الحاضر. ولاحظ آرون ت. بيك في بدايات عمله طبيباً نفسياً أن مرضاه غالباً ما كانوا يعبرون عن أفكار سلبية (من مثل "أنا عاجز"...) أطلق عليها لاحقاً تسمية "الأفكار التلقائية".ومن هذا المنطلق، يحضّ العلاج المعرفي المرضى على الإفصاح عن نظرتهم إلى أوضاع معينة، بهدف تحديد هذه الأفكار تمهيداً لتعديلها. وباتت هذه المقاربة مستخدمة على نطاق واسع في كل أنحاء العالم لمعالجة الاكتئاب، وأيضاً القلق واضطرابات الأكل واضطرابات الشخصية أو غيرها من المشاكل النفسية.
* حياة آرون ت.بيك
ولآرون ت. بيك، الذي ولد في تموز/يوليو 1921 في مدينة بروفيدنس بولاية رود آيلاند الأميركية وتخرج من جامعتي "براون" و"يال"، نحو عشرين كتاباً ألّفها منفرداً أو مع آخرين. وأسس الراحل مع ابنته عام 1994 "معهد بيك"، الذي وفّر التدريب على هذه التقنية لأكثر من 25 ألف متخصص في الطب النفسي من 130 دولة. وأظهرت أكثر من ألفَي دراسة فاعلية العلاجات الإدراكية والسلوكية، وفقًا لهذا المعهد.وفارق بيك الحياة في منزله بفيلادلفيا في شمال شرق الولايات المتحدة، على ما أوضحت ابنته جوديث، وهي رئيسة "معهد بيك" الذي درب آلاف المتخصصين في العلاج الإدراكي. وذكّرت في بيان بأن والدها "كرّس حياته لتطوير العلاجات واختبارها لتحسين حياة عدد لا يحصى من الأشخاص حول العالم يواجهون مشاكل صحية"، مبرزةً أنه "غيّر حقاً مجال الصحة النفسية".