تابعت الهيئات الصحية الأوروبية والبريطانية ومنظمة الصحة العالمية ظهور حالات من الجلطات الدماغية والخثرات الدموية عند بعض الأشخاص الذين أخذوا بعض اللقاحات الجديدة ضد فيروس كورونا ومرض كوفيد 19، خاصة اللقاحات المحمولة على فيروسات غدية مثل لقاح أكسفورد-أسترازينيكا ولقاح جونسون.
وأصدرت هذه الهيئات مؤخرا تقييمها الثاني الذي أكّد ما ورد في تقييمها الأول، أنه على الرغم من تسجيل حالات الجلطة الدماغية والخثرات الدموية في مثل هذه الحالات، إلا أن فوائد أخذ هذه اللقاحات ما زالت أكبر بكثير من خطر الإصابة بالجلطات الدموية.
صرحت منظمة الصحة العالمية بأن "العلاقة السببية بين أخذ هذه اللقاحات والإصابة بالجلطات الدموية تعتبر علاقة ممكنة، ولكن لم يتم إثباتها حتى الآن"، بينما ذكرت الهيئة البريطانية لمراقبة الطب والمنتجات الصحية (MHRA) أن البراهين قد أصبحت "أقوى" على وجود علاقة بين أخذ هذه اللقاحات وحدوث الجلطات. وأكدت الهيئة الطبية الأوروبية (EMA) أن "الجلطات الدموية المترافقة بانخفاض الصفيحات الدموية" يجب أن تعتبر اختلاطات جانبية نادرة جداً لأخذ هذه اللقاحات.
-
ما هو مدى ندرة حدوث هذه الجلطات؟
حتى تاريخ 4 إبريل/نيسان 2021، تم تسجيل 169 حالة تخثر وريدي دماغي، و53 حالة تخثر وريدي بطني، في سجلات متابعة سلامة الأدوية الأوروبية. وقد تم حتى ذلك التاريخ إعطاء 34 مليون جرعة من لقاح أكسفورد-أسترازينيكا في أوروبا وبريطانيا.
ويقدر احتمال حدوث الجلطات المتعلقة بهذا اللقاح في السجلات الألمانية الدقيقة بحالة واحدة بعد أخذ كل 100،000 جرعة من هذا اللقاح.
كما تقدر الهيئة البريطانية لمراقبة الطب والمنتجات الصحية (MHRA) احتمال حدوث هذه الجلطات بحوالي 4 في المليون. ومعظم الحالات المسجلة في بريطانيا وألمانيا كانت عند النساء (65%)، وقد أدت إلى نسبة وفاة 24% إلى 45% من المصابين، أصيب معظمهم خلال أسبوعين من تلقي الجرعة الأولى من هذا اللقاح، وكان بعضهم في عمر الشباب.
ذكرت الهيئة الطبية الأوروبية (EMA) أن هذه المشكلة ربما تحدث أيضاً بعد أخذ لقاح جونسون وجونسون، المحمول أيضاً على الفيروس الغدي adenovirus، مثل لقاح أكسفورد-أسترازينيكا. وسجلت حدوث ثلاث حالات تخثر في حوالي 4.5 ملايين متلق لهذا اللقاح. ولم تسجل أية حالات مشابهة بعد تلقي لقاح فايزر-بيونتيك أو لقاح مودرنا، وهما من نوع مختلف من اللقاحات يعمل من خلال الحمض النووي mRNA.
-
ما هو تفسير حدوث هذه الجلطات الدموية؟
أحد التفسيرات المحتملة لحدوث هذه الجلطات، المترافقة بانخفاض عدد الصفيحات الدموية بعد أخذ لقاح أكسفورد-أسترازينيكا، هو أن اللقاح ربما حفز رد فعل مناعي ذاتي أدى إلى "حدوث تفاعل مناعي معروف، يشبه ما يحدث نادراً بعد إعطاء دواء الهيبارين".
اكتشف بعض الباحثين الألمان، بعد فترة وجيزة من ظهور هذه المشكلة، وجود مضادات أجسام ضد الصفيحات الدموية ترتبط بما يحدث بعد إعطاء الهيبارين، وتسبب حدوث انخفاض في عدد الصفيحات الدموية، وهي حالة نادرة لوحظت عند حوالي 1 - 2% من الأشخاص الذين أخذوا الهيبارين.
وأكد باحثون سويديون هذه النتائج أيضاً. وترجح هذه النتائج احتمال أن هذه اللقاحات ضد فيروس كورونا المحمولة على فيروسات غدية ربما حفزت هذا التفاعل المناعي النادر، ولكنه تفاعل مهم لأنه ضار وربما يصيب الشباب الأصحاء بعد أخذهم مثل هذه اللقاحات.
-
جلطات غير عادية؟
الأمر الغريب في حدوث هذه الجلطات أنها تصيب أوردة الدماغ والبطن بشكل خاص، وهي مواضع غير عادية لحدوث الجلطات الدموية، التي تحدث عادة في أوردة الساقين والرئتين. سجل انخفاض عدد الصفيحات الدموية بعد أخذ لقاحات أخرى من دون حدوث جلطات دموية، بل ارتبطت في الماضي بحدوث نزيف أحياناً.
-
ما هي التوصيات المناسبة؟
قررت كثير من الدول الأوروبية اتخاذ بعض الاحتياطات في إعطاء لقاح أكسفورد-أسترازينيكا، فمنعت هولندا وألمانيا إعطاءه لمن هم تحت الستين من العمر، بينما قررت فرنسا منعه لمن هم تحت عمر 55 سنة. أما بريطانيا، فقد نصحت بإعطاء لقاح كورونا آخر لمن هم تحت الثلاثين من عمرهم، وأوقفت النرويج إعطاء هذا اللقاح حالياً، كما وضعت دول أخرى بعض الاحتياطات، مثل كندا وأستراليا والفيليبين وجنوب أفريقيا.
اقترحت لجنة أطباء أمراض الدم البريطانيين بعض الإجراءات الخاصة بتشخيص وعلاج هذه الحالات النادرة، مثل استخدام العلاجات المناعية، وتجنب استخدام الهيبارين، وعدم إعطاء الصفيحات الدموية، وكذلك عدم إعطاء مميعات الدم من نوع دواء الوارفرين.
* المصادر: