مع انتشار جائحة فيروس كورونا الجديد (مرض كوفيد 19) في العالم، تزايدت مخاوف الناس ورغبتهم في معرفة مزيد من المعلومات عن هذا الخطر الجديد. وللأسف، ساهَمتْ وسائل الإعلام وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيج مخاوف الناس بدلاً من تطمينهم، خاصة في بداية الجائحة، واستغلتْ هذه الوسائط اهتمام الناس لشَدِّهم إليها باستِخدام عناوين مثيرة كالعادة، ووضع الإحصائيات المستمرة على شاشات التلفزيون، وتعامَلتْ مع أخبار صحة الإنسان وكأنها أرقام في البورصة المالية فنقلتْ لهم توترها وقلقها المستمر.
كما ركبَ السياسيون الموجَة كالعادة وحاولوا استغلال اهتمام الناس لشدّ أنظارهم والاستفادة من الجائحة لتحقيق مكاسب سياسية شخصية، ولو كان ذلك على حساب إثارة مخاوف الناس أو دغدغة مشاعرهم بآمال زائفة. وانتشَرتْ نظريات زائفة عن مؤامرتٍ كونية وهمية زادت الخوف والتوتر..
فكيف نستطيع معرفة الأخبار الصحيحة من الزائفة؟ وكيف نستطيع تجنب الإشاعات المغلوطة التي طَغتْ على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي؟
*كيف تمحص الخبر الكاذب؟
1- لا تقرأ العنوان فقط
بل اقرأ النصّ أيضاً، حيث تَستخدِم وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاحتماعي بشكل عام عناوين مثيرة لشدّ اهتمام المشاهِد والمتصفِح، مثل ذكرِها في العنوان اكتشاف علاج ناجع أو طريقة فعالة في تشخيص الإصابة بفيروس كورونا الجديد، أو التوصل إلى لقاح ضده، أو خلطة أعشاب أو علاج شعبي رخيص وحاسم.. وعندما نقرأ نصّ الموضوع بانتباه نكتشفُ أن هذه كلها مجرد توقعات، أو أنها تجارب مخبرية، أو أن العلاج الجديد قد نجح في حيوانات التجربة وسيُطَبق قريباً على الإنسان.. فمن الحكمة عدم الاكتفاء بقراءة العنوان دائماً، وليس بشأن جائحة كورونا فقط.2- ما هو مصدر المعلومة؟
هذه نقطة مهمة جداً يجب أن ننتبه إليها دائماً، فلا نقبل أخباراً مصدرها صحيفة عامة أو تصريح في مقابلة تلفزيونية حتى لو صدر عن أحد العلماء، لأن المعلومات الطبية الصحيحة يجب أن تُنشَر في المجلات العلمية التي تَخضَع مقالاتُها قبل النشر للمراجعة من جهة مختصين في موضوع المقالة.وكلما كانت المجلة العلمية مرموقة، كانت شروط النشر فيها أصعب، لأنها تخضع لتمحيصٍ أوسَع وتدقيقٍ أعمَق. ويجب أن تكون مصادر المعلومات صحيحة وقوية وموثوقة، كأن تصدر عن جامعة أو هيئة علمية معروفة. ويمكنك التأكد من المصدر بالقراءة عنه في مصادر أخرى إذا لم تعرفه مسبقاً. ومن المفيد دائماً معرفة أن الأخبار الأكثر مصداقية ترد عادة في مصادر موثوقة مختلفة.
لكن، قد تستغِل بعض نظريات المؤامرة وضعَ أسماء لعلماء مشهورين، أو لهيئات دولية معتبَرة، أو تضيف في مقدمة النصّ أو في صُلبه أحداثاً تاريخية أو معاصرة صحيحة ومعروفة، لكي تُضفي مصداقية وهمية على نظريتها التي لا تستند في الحقيقة إلى أي دليل مثبَت، وإنما هي افتراضات وآراء لا دليل على صحتها، بل تستغل ميول المشاهد والمتصفح لتَبني عليها استنتاجات خاطئة.
3- انتبه إلى تاريخ النشر
كثيراً ما تكون المعلومات قديمة أو أنها تتعلق بـمرض كورونا القديم الذي حدَث سنة 2002-2003 أو الأحدَث قليلاً في سنة 2012-2014، وليست عن فيروس كورونا الجديد. وأحياناً تكون الأدوية التي يتحدث عنها الموضوع هي في الحقيقة أدوية استُخدمت سابقاً في علاج أمراض فيروسية أخرى مثل إنفلونزا الطيور، أو مرض إيبولا أو الإيدز، وليست لها علاقة أو لم تثبت فعاليتها في علاج مرض كوفيد 19.4- انتبه إلى آرائك الشخصية المتحيزة
لا تسمَح لميولك الخاصة وآرائك الشخصية بالقبول المتسرع لأي خبر تشاهده أو تسمعه أو تقرأه، خاصة إذا كان موافِقاً لميولك وآرائك. وهذه مسألة صعبة تحتاج إلى حسّ نقدي وذهن منفتح يقبل النقد والتمحيص.حيث يميل كثير من الناس، خاصة في الوطن العربي، لقبول آراء تتعلق بالعلاج الطبيعي عن طريق الغذاء أو الأعشاب، أو القيام بإجراءات بسيطة مثل المضمَضة بالماء المالح وتناول خلطات معينة من الأعشاب الشعبية الرخيصة المتوفرة في علاج مرض كوفيد 19.
لكن، مع التمحيص نرى فوراً أن هذه الأمور لا دليل عليها، ولم تجرَّب بالفعل على عدد مناسب من الناس، فربما تنجح صدفة بالفعل في علاج جار أو قريب، إلا أن هذا لا يُعتَبر دليلاً علمياً مقبولاً لكي تصبح طريقة معتمَدة في العلاج، فأي دواء أو علاج جديد يجب أن تثبت فعاليته عند استخدامه في عدد كبير من الناس، والأفضل أن تطبَّق في استخدامِه طرق البحث العلمي والمتابَعة الإحصائية التي تُثبتُ أن النتيجة كانت بالفعل بسبب الدواء وليست بسبب مصادفة سعيدة.