الحقيقة أن أحد أهم الأعراض الجانبية لبعض العلاجات، سواء كانت الموصوفة من قِبل الطبيب أو التي تُستخدَم دون وصفة طبية، هو زيادة الوزن، ولا يمكننا اتهام هذه الأدوية بأنها السبب الوحيد لزيادة الوزن عند المرضى، فهناك عوامل أخرى لا تقل أهمية، مثل النظام الغذائي والرياضة ومواعيد النوم، وعوامل أخرى متعددة تلعب دَورًا في زيادة الوزن.
لِنَقُل إن هناك أدوية تستطيع التأثير على كل العوامل السابقة أو بعضها، وبالتالي تؤدي إلى زيادة الوزن، أو تجعل من الحفاظ على الوزن أمرًا صعبًا، لذا حين يصف لك الطبيب أحد هذه الأدوية، عليك أن تتابع مراقبة وزنك أثناء تناوله، وتبلِّغ الطبيب إذا كانت هناك زيادة ملحوظة في الوزن قد تكون ذات صلة بالدواء.
أدوية تسبب زيادة الوزن.. كيف يحدث ذلك؟
هناك أدوية تسبب زيادة الوزن وذلك عن طريق عدة عوامل، ويمكنك ملاحظة تأثير بعض هذه الأدوية بطريقة سريعة وواضحة، ففي حين أن بعضها قد يكون تأثيره غير مباشر، كأنْ يسبب الكسل والخمول، الذي سيؤدي بك إلى قلة الحركة والنشاط، وبالتالي زيادة الوزن، قد تزيد بعض الأدوية مِن شهيتك للطعام، و تبطئ عملية التمثيل الغذائي للجسم، أو تسبب الأرق، وكلها عوامل تساعد في زيادة الوزن أيضًا.
لوحِظ أيضًا وجود أدوية تسبب زيادة الوزن دون أن يتمكّن الباحثون من تحديد سبب مباشر وصريح لذلك، وهذا قد يؤرِق المريض، خاصة إذا كان يسعى لضبط وزنه أو إنقاصه، فإذا لاحظت مثل هذه الأعراض أثناء تناولك دواءً ما؛ فعليك بإخبار الطبيب واستشارته في ذلك.
ما هي الأدوية الموصوفة التي قد تؤدي إلى زيادة الوزن؟
تقدم الأدوية العديد من الفوائد وتعود بالمنافع على البشرية في محاربة الأمراض والسيطرة على الأعراض، وتقديم الراحة للمريض، لكنها لا تخلو أيضاً من الآثار الجانبية، ومنها زيادة الوزن، وفيما يلي أدوية تسبب زيادة الوزن كعرَض جانبي:
- مضادات الاكتئاب الثلاثية الحلقات، مثل الأميتريبتالين.
- مضادات الذِّهان، مثل الأولانزابين والكلوزابين.
- الكورتيزون ومشتقاته.
- مضادات مستقبلات البيتا، مثل الميتوبرولول والأتينولول.
- أدوية السكري، مثل غليبريد وبيوغليتازون والإنسولين.
- أدوية الصداع النصفي، مثل الغابابنتين وحمض الفالبرويت.
- مضادات الهيستامين، مثل الستريزين والفيكسوفينادين.
- أدوية منع الحمل.
- بعض الهرمونات.
عندما نتحدث عن الأعراض الجانبية لأي دواء، علينا القول إن الأعراض والتأثيرات تتفاوت من مريض لآخر، فبعض المرضى قد يزيد وزنهم عدة كيلوغرامات بسبب علاج معيَّن، فيما لا يتغير الوزن تقريبًا لدى مريض آخر يأخذ نفس الدواء بنفس الجرعة في نفس المدة.
يمكن أن نطلق على بعض الأدوية صفة "التساوي في التأثير على الوزن"، فمن الممكن أن تؤدي لزيادة الوزن، ولكن ذلك يحدث فقط إذا تهيأت ظروف معيَّنة مواتية، فعلى سبيل المثال، مجموعة الأدوية النفسية من عائلة "مثبطات امتصاص السيريتونين الانتقائي" مثل سيتوبرام وسيرتالين والفلوكستين، ليس لها تأثير واضح على الوزن بشكل عام؛ إلا أنها، وطبقًا لطول فترة استخدام هذه الأدوية وجرعتها، يمكن أن تسبب زيادة في الوزن، وهناك دواء واحد من هذه المجموعة كثيرًا ما تصاحبه زيادة ملحوظة في وزن المريض، وهو دواء باروكستين (باكسيل) (paroxetine (Paxil.
ما هي المخاطر التي يمكن أن تَحدث جراء استخدام أدوية تسبب زيادة الوزن ؟
المخاطر المصاحِبة لزيادة الوزن الناتجة عن تناول بعض الأدوية الموصوفَة هي نفس المخاطر الناتجة عن زيادة الوزن في العموم، ودعنا نقول، ليست كل زيادة في الوزن تدعو للقلق، فإذا كان وزنك دون المعدل الطبيعي أو حتى وزنًا مثاليًّا قبل تناول الدواء وأدى تناوله لزيادة وزنك بمقدار كيلوغرام واحد، فإنه ليس بالأمر السيئ، إلا أن زيادة الوزن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا كانت أكثر من الحد المقبول.
فإذا كنت مثلًا ذا وزن زائد، ووصَف لك الطبيب دواءً قد يحفز زيادة الوزن، فإنها لا تبدو فكرة جيدة على الإطلاق، خاصة إذا كان الدواء المُعطَى يسبب مضاعفات أكثر من فوائده، أو أن المريض يعاني من زيادة في الوزن، ولديه مضاعفات سابقة من زيادة الوزن، حينها يكون إعطاء هذا الدواء فكرة غير سليمة من ناحية الممارسة الطبية، ولنستعرض معكم بعضًا من المخاطر المصاحبة لزيادة الوزن:
- ارتفاع ضغط الدم.
- أمراض القلب.
- أمراض الكبد.
- السكتة الدماغية.
- السكري من النوع الثاني.
- متلازمة توقف التنفس أثناء النوم.
بالطبع، تَحدث بعض هذه المضاعفات نتيجة استمرار زيادة الوزن مدة طويلة، وفي حالات كثيرة لا تَحدث هذه المضاعفات إذا قام المريض بعدة إجراءات لضبط وزنه، مثل الحِمْية الغذائية وممارسة الرياضة، كما أن القوانين في بعض البلدان تُلزِم الشركات المصنِّعة لمثل هذه الأدوية المعروف عنها أنها تزيد وزن المريض بأنْ تتحمل تكاليف علاجه من المضاعفات التي حدثت له جراء زيادة الوزن، أو تمنحه تعويضًا ماليًّا له أو لأهله.
ما الخطة العلاجية لمواجهة زيادة الوزن الناجمة عن الأدوية؟
إذا تناولت أدوية تسبب زيادة الوزن فإن ذلك قد يثير مخاوفك، لكن هناك سبلٌ عدة لتهدئة هذه المخاوف، ويصف الكثير من الأطباء لمرضاهم حلَّ هذا الأمر بزيادة ممارسة الرياضة وتغيير نظامهم الغذائي، خاصة إذا كان العلاج فعالًا في علاج المرض الذي تم تناول الدواء بهدف علاجه.
هناك حلول غير دوائية يمكنها أن تساعد في حَل أزمة زيادة الوزن الناتجة عن بعض الأدوية، فعلى سبيل المثال؛ إذا كان سبب زيادة الوزن أن هذا الدواء يسبب لك الأرق، فبالتالي يؤثّر على حرق وتمثيل الغذاء بجسمك ونشاطك أيضًا، فمن الممكن أن يَصِف لك الطبيب بعض النصائح الصحية لتَحسين جودة نومك مثل عدم استخدام أو مشاهدة أي شاشات، سواء التلفاز أو الهواتف الذكية ساعتَين قبل النوم، أو منع تناول القهوة، أو ممارسة الرياضة... إلخ.
في بعض الحالات، قد تفشل الأساليب السابقة في حل معضلة زيادة الوزن الناجمة عن استخدام دواء ما، عندها، يلجأ الأطباء إلى استبداله بدواء آخر، فبعض الأطباء النفسيين مثلًا قد يَصفون لمريض الاكتئاب عقار "بوبروبيون"، والثابت عنه أنه يقلل وزن المريض، بديلًا عن أدوية أخرى من الممكن أن تزيد وزنه مثل "مضادات امتصاص السيريتونين الانتقائي" و"مضادات الاكتئاب الثلاثي الحلقات"، لكن يجب التأكيد مرة أخرى هنا أن أي تعديل يجب أن يكون بمعرفة الطبيب وتحت إشرافه.
من الممكن لطبيبك أن يقوم بإيقاف الأدوية التي سبّبت لك زيادة الوزن؛ خاصةً إذا لم تؤتِ نتائجها المرجوّة للسبب الذي وصِفت أساسًا من أجله، ولكننا لا ننصح المريض على الإطلاق بإيقاف أي دواء من تلقاء نفسه إذا لاحَظ زيادة في وزنه دون مراجعة الطبيب المعالِج.
الأسئلة الأكثر شيوعاً
ما هي الأدوية النفسية التي تزيد الوزن؟
جميع مضادات الاكتئاب تقريباً هي أدوية تسبب زيادة الوزن كأثر جانبي، ومع ذلك فإن استجابة كل شخص لهذه الأدوية مختلفة عن غيره، إذ يكتسب بعض الأشخاص الوزن عند تناول بعض مضادات الاكتئاب بينما لا يحدث ذلك عن البعض الآخر، ومن الأدوية النفسية الأخرى التي تسبب زيادة الوزن هي مضادات الذهان مثل أريبيبرازول، كيتيابين (Seroquel)، ريسبيريدون (Risperdal)، كلوربرومازين.
هل علاج الوسواس القهري يسبب زيادة في الوزن؟
الأدوية النفسية في أغلبها أدوية تسبب زيادة الوزن، ولكن يحدث ذلك بنسب مختلفة، فقد بينت دراسة أن دواء كلوميبرامين يسبب زيادة في الوزن لدى مرضى الوسواس القهري بنسبة 34.8% مقارنة بأدوية سيرترالين وفلوكستين التي تسبب زيادة في الوزن بنسبة أقل (4.5%، 8.7% على التوالي).
هل ينزل الوزن بعد ترك الأدوية النفسية؟
عادة عند إيقاف الأدوية النفسية مثل مضادات الاكتئاب ومضادات الذهان يبدأ الوزن بالنزول بشكل تدريجي، ولكن إذا عانيت ثبات الوزن وعدم القدرة على تخفيضه فعليك مراجعة الطبيب الذي يمكن أن ينصحك بنظام غذائي معين وبممارسة الرياضة، أو يقوم بوصف بعض الأدوية التي تساعد على سد الشهية في حال كان العلاج النفسي سبب لك زيادة في الشهية، والتي أدت في النهاية إلى زيادة الوزن، فالعلاج حينها يكون معتمدًا على السبب.
وقد يصِف لك الطبيب أحد الأدوية التي قرأت أو سمِعت أنها سبّبت لمرضى آخرين زيادة في الوزن، فلا يجب عليك التسرع في الحُكم عليها، فاستجابة وتفاعل أجسادنا مع الدواء تختلف من جسم لآخر، فإذا كنت تواجِه متاعب تتعلق بصعوبة الحفاظ على وزنك، على الرغم من ممارستك الرياضة وتناولك طعامًا متوازنًا وصحيًّا، فعليك بطلب استشارة أخرى من طبيبك المعالِج.