إساءات الطفولة دمرت نفسيتي
عزيزتي القارئة shahla،
تحياتي..
أتعاطف بالتأكيد معك كطفلة تعرضت لإساءات وإهانات داخل منزلها، واضطرت لتحملها وقتها، ولكنني أتساءل معك كبالغة مثقفة وواعية، حاصلة على تعليم عال يمكنها من الحصول على مورد رزق وسكن خاص، ما الذي يمنعك من رفض الإيذاء الآن؟ ما الذي يمنعك من "لا" واضحة، حازمة وحاسمة لذويك الذين بالتأكيد ليسوا في نفس القوة والعنفوان السابقين عندما كنت طفلة؟ ما الذي يدفعك للبقاء معهم إذا هم استمروا في إيذائك؟
هذا هو ما أبحث عنه في استشارتك.
هناك الخوف من مواجهتهم، أتفهم هذا، فبعد سنوات طويلة من التواجد في بيت مليء بالتشاحن والإساءات قد يظن الإنسان أنه لا بديل عن هذا المكان، ويظن في نفسه عدم القدرة على أخذ زمام الأمور بحياته، ويظن أن المسيئين إليه وحوشا لا تنكسر ولا قبل له بها.
لكن هناك أيضا الخوف من التغيير ومن تحمل مسؤولية هذا التغيير.. هل يمكن، بعد أن كنت ضحيتهم، أن أكون مسؤولة عن نفسي؟ هل يمكن أن أغير مسارات حياتي رغما عنهم؟ هل أستطيع الخروج من هَم الماضي المسيء وأن أحيا حاضري بكرامة؟ هل أستحق هذا التغيير؟ هل أستطيع ممارسته؟ هل أنا مستعدة لدفع ثمن التغيير؟
الإجابة في داخلك، فأنت لست زجاجا مهشما بشكل كامل، ما زالت بك أجزاء تسعى للحياة، وما زال بك صوت يقول لك نعم تستحقين الحياة؛ هذه هي فطرتك التي خلقك الله عليها قبل كل هذه الإساءات، والفطرة لا تموت أبدًا. فقط ابحثي عن هذا الجزء، وأصغي باهتمام إلى هذا الصوت ولا تتجاهليه فهذه هي مسؤوليتك الآن، وإذا لم تفعلي فأنك تفتحين بنفسك لنفسك باب الاكتئاب والتيه على مصراعيه.
سيدتي، الخطوة الأولى في طريقك لا بد من أن تخطيها أنت، ولا يستطيع أحد أن يأخذها بدلا عنك. الخطوة الأولى هي أن تنوي رفض هذا الوضع، وأن تصلهم رسالة واضحة منك بأنك لن تقبلي الإهانة على نفسك مرة أخرى مهما كان الثمن حتى لو قبلوها هم على أنفسهم من بعضهم البعض، وأن تسعي للعلاج النفسي المتخصص ليساعدك على الالتئام، ومداواة جروحك النفسية لتكوني فردا كاملا يؤمن بقدراته، وبقيمته الذاتية، ويرفض الأذى من أي إنسان كائنا من كان.
اقرئي أيضاً:
احتياجاتنا البسيطة ومركب النقص
آثار إساءات الطفولة.. كيف نتجاوزها؟
هل تريد أن تخسر ابنك؟.. عن الإساءة النفسية نتحدث
لماذا نكرر تجاربنا المؤلمة؟
استشارات ذات صلة:
طفل الـ 5 سنوات.. يقتل والديه وينتحر؟!
أنا ضحية.. أحب زوجي وتعيسة في زواجي