عزلة وشكوك.. أفضل الوحدة وأكره التواصل
أهلا وسهلا بك يا صديقتي ..
الطبيعي بين البشر هو التواصل، فالإنسان (يحتاج) لآخرين في حياته ليشاركهم مشاعره، وأفكاره، ونقاط ضعفه، ونجاحه، وألمه، وقلت(يحتاج) ﻷنه احتياج إنساني أي بالفطرة، والفطرة أمر لا دخل لنا فيه.
الطبيعي إذن ألا ننعزل عن البشر انعزالا تاما، وقد نختلف في عمق التواصل، ونوعه، وعدد من نتواصل معهم، ولكن تبقى الحاجة إلى التواصل، وأنت حين تحدثت قلت إنك لا تريدين(هم)، وتفضلين عدم التعامل معهم، ولا ترغبين في الخروج إطلاقا، وكذلك تجدينهم أغبياء، وتشعرين بأنهم يكرهونك، ويضطهدونك، وهذا كله مؤشر لوجود ارتباك نفسي لديك يحتاج إلى مراجعة طبيب نفسي ماهر ليحدد الطبيعي من عدم الطبيعي لديك، ﻷن تلك الأعراض في مثل سنك تتماشى مع وجود درجة من درجات المرض النفسي الذي تلزمه متابعة جيدة.
ولكي أكون أكثر وضوحا معك أقول لك:
- هناك اضطراب نفسي يتعلق بالشك، وفيه يشعر الشخص بأنه يشك في نوايا من حوله، ولا يصدق حبهم له، ولكنه لا يبوح بذلك ويظل يعاني تلك المشاعر وحدها دون مشكلات تذكر، وهذه الدرجة الأولى من هذا الاضطراب، ولا يسبب شيئا سوى معاناة الشخص فقط.
- وهناك من يعاني الشعور بعدم تصديق نوايا البشر، ولا تصرفاتهم معه ، حتى مع القريبين منه كالوالدين، أو الأزواج، ويعاني بشدة من شكه في حديثهم، وتصرفاتهم، ونواياهم، ولكنه يبدأ في البوح لهم بذلك، وهنا تظهر في حياته وحياة من حوله مشكلات، وهذه الدرجة الثانية في هذا الاضطراب.
- وهناك من يصدق تماما بظنونه فهو تجاوز مرحلة الشك، ويصدق أن من حوله يكرهونه، ويتآمرون عليه، ويضطهدونه، وربما يريدون قتله، وهذه هي الدرجة الثالثة من الاضطراب وأشد الدرجات.
ويزداد هذا الاضطراب مع التقدم في السن، ومع عدم العلاج قد يرى الشخص، ويسمع ويشعر ما لا يراه ولا يسمعه ولا يشعر به غيره، وقد تصاحبه أوهام بأنه عظيم، وفوق مستوى البشر، وقد تصاحبه توهمات بأن هناك من يتجسس عليه ويتتبعه، وغير ذلك من تلك الأمور.
أحببت أن أوضح لك كل هذا لا لتقلقي، ولكن فقط ليطمئن قلبك على نفسك، وتضعي يدك مع يد طبيبك للبدء في المعالجة، فأي أمر في الحياة يزعجنا، أو يؤلمنا، أو يمرضنا تكون متابعته من البداية أفضل بكثير جدا.
وأخيراً، أنت تستحقين حياة مستقرة وهادئة فلا تبخلي على نفسك بتقديم المساعدة لها.
دمت بخير ..