هذا ما جناه أبوك النرجسي عليك.. فأين مسؤوليتك؟
أشكرك لسؤالك وثقتك الغالية، وربما تجدين في الكلمات التالية ما تبحثين عنه من وراء إرسالك هذه الاستشارة.
من أصعب ما يمكن أن يتعرض له أي طفل في طفولته هو وجود أب أو أم لأحدهما شخصية نرجسية، وهي تلك الشخصية التي ترى أنها المركز الوحيد للكون، وأن احتياجاتها أولى وأفضل من احتياجات الآخرين حتى لو كان هؤلاء الزوجة أو الأولاد، شخصية أنانية لا تعترف بحقوق من حولها، ولا تهتم سوى بنفسها، ولا تعيش سوى لنفسها فقط.
الطفل هنا يتعرض لشكل بشع جداً من الابتزاز النفسي والتشويه التربوي، ولكن في الحقيقة، ما فعلتِه بنفسك هو أصعب وأسوأ مما فعله بك والدك، فقد هانت عليك حياتك، وحاولت الانتحار، وسلكت طريق إدمان بعض العادات السيئة. ومهما بدا أن ذلك قد يكون من نتائج تربيتك القاسية، إلا أنك - قبل وبعد كل شيء - الآن مسؤولة أمام نفسك وأمام الله عن كل أفعالك وتصرفاتك مهما كانت مبرراتها وأسبابها.
عزيزتي..
مهما كان ما تعرضت له، فيوجد دائماً باب للأمل، وفي حالتك هذا الباب يوجد لديك أنت، فقد تفوقت وأصبحت متميزة في مجالك، وهو ما يعني أن لديك القدرة والاستعداد لمقاومة أية آثار سيئة من نتاج تربيتك السابقة. لا تستسلمي لنزعاتك التي تدفعك لإيذاء نفسك بطريقة أو بأخرى، وأنصحك بالبدء في رحلة علاج نفسي تساعدك على ذلك. ولا تنتظري أكثر من هذا.
كلمة أخيرة أهمس بها لك ولغيرك من القراء، مشكلاتنا النفسية هي مشكلات لها أسبابها العضوية والنفسية والتربوية، وهي مشكلات تحتاج للعلاج مثلها مثل مشكلات وأمراض الجسد، فلا تتهمي نفسك، ولا تعتبري أن مشكلتك هي بسبب البعد عن الله، فلا توجد علاقة بين حدوث المرض النفسي والقرب أو البعد من الله، وقد يصعب على المريض النفسي أن يقيم علاقة حقيقية مع الله لأنه بالأساس يعاني من مشكلة في إقامة العلاقات، وتقوم فلسفة العلاج النفسي على مساعدة الشخص على إقامة علاقات حقيقية مع النفس ومع المحيطين ومع الله.
دعواتي لك.
اقرأي أيضا:
حرمان في الطفولة.. أنت الآن مسؤولة
أعيش بلا هدف في بيئة منغلقة.. التغيير مسؤوليتك
التدليل الزائد مسؤولية أبي .. فأين مسؤوليتي؟
مغرور ومتبجّحٍ ومتغطرس.. والتشخيص نرجسي (ملف)
نرجسية أم ثقة بالنفس .. هل هناك فرق؟
نرجسي وعدائي وحدي وهستيري .. مضطرب الشخصية