يمكن القول أن الإيذاء النفسي محتمل داخل أي نوعٍ من الأسر، لكن تشير الإحصاءات إلى أنه أكثر توقّعاً داخل الأسر التي تواجه أزمات مالية، أو ذات العائل الواحد، أو التي شهدت الطلاق، أو التي وقع أحد أفرادها في إدمان المخدرات.
هناك نوعان للإساءة النفسية، وهما الإساءة الفعلية والإساءة السلبية. ونعني بالإساءة الفعلية فعل ما كان ينبغي ألا يحدث، كالإهانة والتوبيخ والتهديد والسخرية، والإساءة السلبية هي عدم فعل ما كان ينبغي حدوثه، كالإهمال، وعدم تسديد الاحتياجات النفسية.
أسوأ أنواع الإساءات النفسية في البالغين تأتي ضمن ما يُعرف بالعلاقات الحابسة، حيث يتم المنح والمنع والإحسان والإساءة بشكل متناوب، ويمكن تشبيه هذه العلاقة بالترويض بالمخدّر، فيمنح المسيء الكثير من المشاعر إلى حد الإفراط ثم يسحبها بالإساءة، وقبل أن ينفر منه الآخر يقوم بإعادة المنح، هنا يحدث التورّط النفسي، ونسمع الكلمة الشهيرة [أعرف أنه يسيء إلي لكن لا أستطيع التوقّف]، وكلما كان المتعرّض للإساءة أضعف [طفل أو مُعتمِد] كلما كان الانفصال أصعب، وهو ما يؤدي في النهاية لمشاعر الازدواج العاطفي "Ambivalence" حيث لا نستطيع تغليب مشاعر الحب أو الكره بل نحملهما معاً.
- علامات تشير إلى الإيذاء النفسي
يمثل اضطراب الصورة الذاتية لدى الطفل أوضح سمات الإيذاء النفسي، وتظهر حين يتكلم بشكل سلبي عن نفسه "أنا غبي، بلا فائدة"، كما الحال مع اللعثمة، وكذلك السمنة أو النحافة المفرطة غير المبررة وظيفياً، وفقدان الاهتمام والشغف، والسلبية، والانسحاب واضطرابات النوم، والسلوك المتحفظ تجاه الآخرين.
نوع آخر من الإساءات، وهو يدخل ليس ضمن الإساءة النفسيّة فقط بل ضمن التشويه النفسي، وهو حين لا يتقبل أحد الوالدين جنس المولود، إما بشكل ضمني أو بالتصريح، ومن المعروف أن الطفل يتبنى هويته الجنسيّة في سنته الثانية، من خلال التوجيه البيولوچي ومن خلال صورة أقرب الوالدين إليه عنه، ويبلغ التشويه غايته حين تقوم الأم بتلبيس الطفل ملابس البنات أو العكس، وهنا قد يدخل الطفل(ـة) في أزمة هوية جنسيّة بسيطة أو متفاقمة.
لا يوجد والد أو والدة لم يصرخ مرة في طفله، ولكن مثل هذه السلوكيات المتناثرة ليست بالغة الضرر، ولكن الإساءات المتتابعة حتى وإن كانت يسيرة تسبب الأذى الحقيقي، ولا بد من التفريق عند العقوبة للأبناء بين دافع التقويم والتوجيه، ودافع التفريغ والتنفيس عند الغضب منهم، وكثير من يخلط بينهما، وإذ تعتبر التربية هي أشق مهام الحياة، فمتى شعرت بعدم كفاءتك كمربٍّ فلا تتردد في طلب المشورة والمساعدة، ومتى لاحظت نمطاً متكرراً في سلوكك تجاه طفلك فبادر بطلب المساعدة لتعديله.
إن كنت أنت قد تعرضت للإيذاء النفسي فتذكر أن شأنه شأن كل الأذى، قابل للتعافي منه. لكن لا تتردد في البدء في رحلة التعافي، وطلب المساعدة إن شعرت بالحاجة إليها.
اقرأ أيضا:
إساءات الطفولة.. كيف يصبح الملاك وحشا؟
آثار إساءات الطفولة.. كيف نتجاوزها؟
الإساءة إلى الأطفال.. إحصاءات مرعبة
هل أنت غاضب من الله؟
علامات لكشف الاعتداء الجنسي على طفلك
الزوج المدمن.. طرق للتعامل
المصادر:
Australian Network for Prevention of Elderly Abuse
What is Psychological Abuse
What is Emotional and Psychological Abuse in Children
Psychological Abuse