صحــــتك

هل يزيد الصيام من مخاطر كورونا؟

الصورة
منى سلامة
هل يزيد الصيام من مخاطر الكورونا؟
يختلف رمضان هذه الأيام عما كان عليه في الماضي، فقد توافق رمضان للعام الثاني مع وجود جائحة كورونا التي لم يشهد مثلها العالم منذ عشرات السنين، وأثرت الجائحة على كل مناحي الحياة ومنها حياتنا الاجتماعية والدينية، وكثرت التساؤلات عن تأثير الصيام على كوفيد (COVID-19).. هل هو إيجابي أم سلبي؟ هل نصوم أثناء المرض؟ ومتى نصوم بعد التعافي؟

* أولا: تأثير الصيام على مقاومة حدوث المرض

يلعب الجهاز المناعي دورًا مهمًا في محاربة العدوى عامة وفيروس كورونا خاصة، فنجد من لا يشعر بالمرض إلا بشكل بسيط للغاية، ومنهم من يصل إلى مراحل متقدمة ويحتاج لعناية فائقة، وقد تؤدي الاستجابة المناعية غير المنضبطة إلى سرعة تدهور الحالة الصحية للمريض.
  • الصيام والمناعة

لحسن الحظ، فإن للصيام دورا هاما في رفع مناعة الجسم، وبالتالي مقاومة فيروس كورونا، وذلك بعدة طرق:
  1. الالتهام الذاتي (autophagy) هو من أهم طرق مقاومة فيروس كورونا، إذ يرتبط بالعديد من العمليات الحيوية داخل الخلايا، مثل بقاء الخلية أو موتها، الشيخوخة، المناعة، التوازن، التكاثر، التنشيط وغيرها، ويعتبر الصوم فترات طويلة أكبر محفز لها، لدرجة أن بعض الباحثين تنبأوا أن يكون الصيام أحد طرق الوقاية من الفيروس.
  2. يعد الصوم بمثابة تدريب للخلايا على زيادة قدرتها على التخزين المؤقت، وبالتالي إعداد جسم الإنسان للتعامل مع الضغوط المختلفة مثل المرض.
  3. تتميز المراحل المتأخرة من الإصابة بكوفيد بوجود ما يعرف بالعاصفة السيتوكينية (cytokine storm)، حيث تنتشر المواد المسببة للالتهاب ما يؤدى إلى التدهور الشديد لحالة المريض، والصيام يقلل الالتهاب بالجسم وبالتالي له دور كبير في مقاومة حدوث مضاعفات لمرضى كورونا.
  4. يحدث الصيام فترات طويلة تنظيما في البروتينات المسؤولة عن عملية التمثيل الغذائي وإصلاح الحمض النووي والجهاز المناعي، ما يقاوم حدوث العدوى الشديدة.
  5. يجبر صيام رمضان الجسم على استهلاك مخزون الجلوكوز والدهون، ويتم تكسير كمية كبيرة من خلايا الدم البيضاء فيتجه الجسم إلى الخلايا الجذعية لإنتاج خلايا جديدة، وفي النهاية تنتج خلايا دم بيضاء جديدة، ما يجدد جهاز المناعة لمحاربة العدوى.
  • الصيام والأمراض المزمنة

الأفراد المصابون بأمراض موجودة مسبقًا (مرض السكري، ارتفاع ضغط الدم، التهاب الشعب الهوائية المزمن، السرطان، إلخ...) معرضون بشكل خاص لهذا المرض، ويحتاجون لعناية حثيثة، ومن ثم فإن التدابير الوقائية الممكنة تكمن في السيطرة على الأمراض المزمنة إلى جانب تعزيز جهاز المناعة.
  1. الصيام قد يسبب فقدان الوزن، ولذلك دور كبير في مقاومة التدهور لمرضى كوفيد، خاصة الذين يعانون من السمنة.
  2. يؤدى الصيام إلى تحسن مرض السكري من النوع الثاني، إلى جانب انخفاض نسبة الدهون في الجسم وتحسن في معدلات الجلوكوز الثلاثي HbA1c.
  3. يساهم الصيام في انخفاض ضغط الدم مع تحسن وظائف القلب والأوعية الدموية.
  4. قد يحمي الخلايا العصبية من اضطرابات الشيخوخة (مثل مرض ألزهايمر والسكتة الدماغية).
  5. الصيام يقلل من مقاومة الإنسولين بين الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، وبالتالي قد يكون له دور مهم في الحماية من السرطانات المرتبطة بالسمنة.
  6. للصيام تأثير إيجابي على متلازمة التمثيل الغذائي، حيث أدى إلى انخفاض كبير في مكوناتها؛ وهي الجلوكوز الصائم، ضغط الدم الانقباضي، الدهون الثلاثية في الدم، ومحيط الخصر.
  7. يقلل من كتلة الدهون، الكوليسترول الكلي، الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية في الدم.

* ثانيا: أثر الجفاف المصاحب للصيام على المرض

يتسبب الجفاف في تفاقم الحالة المرضية للكثير من الأمراض مثل الأمراض الصدرية والكلى، وإن كان استهلاك السوائل ينقص أثناء النهار، فإنه يزيد كثيراً أثناء الليل، ما يجعل الاستهلاك الإجمالي في النطاق الطبيعي، ولذلك لا بد من دراسة كل حالة على حدة مع الطبيب المختص.

* ثالثا: طبيعة الطعام في رمضان وتأثيره على كوفيد

ترتبط التأثيرات السابقة الإيجابية للصيام بالغذاء الجيد الصحي المتوازن الغني بالمغذيات الهامة والبعيد عن المواد الحافظة والملونات، ما يدعم بدوره حدوث تلك التغيرات في شهر رمضان.
للأسف فإنه - في كثير من الأحيان - يغلب السكر والنشويات والدهون غير الصحية على الغذاء، وهذا بدوره قد يضعف المناعة ويقلل من قدرة الصيام في الدفاع عن الجسم ضد الفيروس وكبحه.

وأثبتت الدراسات أن النظام الغذائي الغني بالسكريات المكررة والملح والدهون المهدرجة يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالعدوى وزيادة الالتهاب، وزيادة خطر الإصابة بأمراض الحساسية.

ولكي نحصل على فوائد الصيام الكبيرة ضد العدوىن يجب على الصائمين تناول طعام متوازن غني بالخضروات (الغنية بالفيتامينات والمعادن)، والفاكهة (الغنية بالبولي فينول)، والبقوليات والمكسرات الغنية بالمغذيات الدقيقة، إلى جانب البلح والتمر واللحوم بكميات معتدلة وشرب الماء والسوائل (بدون السكر المضاف)، ما يدعم بشكل فعال أداء جسم الإنسان في مقاومة الفيروسات.

* رابعا: الصيام والتدخين وكوفيد

أشارت الدراسة التي تمت على ثمانية وسبعين مريضًا مصابين بـCOVID-19 من الصين إلى أن تاريخ التدخين كان أحد عوامل الخطر لتطور المرض، وهو العامل الأكثر احتمالًا المرتبط بتدهور الحالة للمراحل الخطرة من المرض.

الامتناع عن التدخين لمدة طويله أثناء نهار رمضان قد يقلل من فرص الإصابة بـCOVIDـ19، وعلاوة على ذلك، فإن الظروف الروحية التي تميز شهر رمضان قد تسهل على العديد من المدخنين الإقلاع عن التدخين.

* خامسا: هل يصوم مريض كورونا؟

تختلف درجة الإصابة وحدّة الأعراض بشدة من شخص لآخر، وعموما فإن هناك رخصة للفطر أثناء المرض، ولكن كثيراً من الناس يحرصون على ألا تفوتهم تلك الفرصة الروحية العظيمة، ومن هنا نؤكد أن الحالات الشديدة من الأفضل لها أن تفطر، لأن المريض يكون في حالة من الضعف يصعب معها الصوم ويحتاج إلى الغذاء والدواء والسوائل على مدار اليوم.

أما الحالات البسيطة، فيختلف الرأي فيها ما بين مؤيد للصيام ومعارض له - والأفضل عمل التحاليل والأشعات الروتينية ثم مناقشة الطبيب لكل مريض على حدة - إذ إن الأعراض قد تكون بسيطة، ولكن الأمراض المصاحبة قد تشتد حال الصيام.

وفى أحيان أخرى تكون الأعراض بسيطة ظاهريا، ولكن حالة الرئتين ونسبة الأوكسجين في الدم قد تكون غير مستقرة.

* سادسا: متى يصوم المعافى من كورونا؟

تختلف فترة المرض من شخص لآخر، فقد تكون بضعة أيام عند شخص وبضعة أسابيع عند آخر، وللطبيب المعالج وجهة نظر في كل حالة، إذ لا بد من أن يتأكد من عدم وجود التهاب بالرئتين أو أن القابلية للتجلط بالدم عالية، عندها قد يحتاج المريض لبعض الوقت.

كما أن لتحليل (D dimer) أهمية كبيرة في تحديد إمكانية الصيام من عدمه، فإنه في حالة ارتفاعه يحتاج المريض أن يشرب سوائل طوال اليوم.

* اقتراحات وقائية لمن يتوقون للصيام في ظل جائحة كورونا

في ما يلي بعض الاقتراحات الوقائية للأشخاص الذين يتوقون للصيام في ظل ظروف جائحة COVID-19:
  • الالتزام بتوصيات منظمة الصحة العالمية: ويشمل ذلك غسل اليدين بشكل متكرر، الحفاظ على مسافة متر واحد على الأقل من الآخرين، وارتداء كمامة.
  • إذا كان الشخص يعاني من مشاكل صحية أو عدوى شديدة، فمن الأفضل الامتناع عن الصيام.
  • أثناء الصيام، تجنب – قدر الإمكان - الوجود في مكان عام مزدحم مثل الحافلات ومترو الأنفاق وما إلى ذلك.
  • مراعاة المحاذير وإجراءات مكافحة العدوى أثناء التجمعات العائلية وصلاة الجماعة.
  • تجنب الإفراط في استهلاك السعرات الحرارية.
  • لا بأس من القيام ببرنامج تمارين مناسب.

وعلى الرغم من أن إمكانات الصيام المقوية للصحة مدعومة بالعديد من الأدلة التجريبية، والنتائج المبدئية واعدة، لكنها ما زالت في البداية، والمرض ما زال حديثا ولم تتضح جميع أبعاده بعد ولم يعرف له علاج فعال وما زال يحتاج للكثير من الأبحاث والدراسات.

آخر تعديل بتاريخ
13 أبريل 2021
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.