يحدث الجفاف عند الكبار والأطفال عندما لا يكون هناك ما يكفي من السوائل في الجسم لإبقاء وظائفه الحيوية تعمل بشكل صحيح، إذ يحتاج الجسم إلى الماء للمساعدة في الحفاظ على درجة حرارته، وتكوين سوائل الجسم للقيام بوظائفه اليومية.
لكن يبقى الأطفال الصغار والرضع، هم الأكثر عرضة للإصابة بالجفاف من البالغين فمن المهم الحفاظ على رطوبة جسم طفلك في جميع الأوقات.
خلال لقاء جمعنا بالدكتور طارق الدغمة، استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة والحاصل على البورد الفلسطيني في طب الأطفال وحديثي الولادة، أستاذ مساعد كلية الطب في الجامعة الإسلامية ورئيس قسم الأطفال بمجمع ناصر الطبي في فلسطين، تحدَّثنا عن الأسباب المؤدّية لحدوث الجفاف لدى الأطفال والرضع، درجاته، وكيفية التعامل معه وأبرز مضاعفاته.
ما هي أسباب الجفاف عند الرضع والأطفال؟
يحدث الجفاف عند الأطفال عندما يكون هناك نقص في كمية السوائل في جسم الطفل، وعدم قدرته على استعادة هذا النقص بشكل كافٍ، وقد تتسبب عدة أسباب في حدوث الجفاف لدى الأطفال ومن أبرزها:
- الإسهال الحاد: يعتبر الإسهال الشديد والمستمر من أكثر الأسباب شيوعًا للجفاف عند الأطفال، فالإسهال يؤدي إلى فقدان السوائل والأملاح بشكل كبير من جسم الطفل.
- التقيؤ: عندما يعاني الطفل من التقيؤ المستمر يتسبب ذلك في فقدان السوائل ويؤدي إلى الجفاف.
- ارتفاع درجات الحرارة: عندما يعاني الطفل من ارتفاع درجة الحرارة لفترة طويلة يزيد ذلك من فقدان السوائل من جسمه.
- قلة تناول السوائل: إذا كان الطفل لا يتناول كمية كافية من السوائل، سواء كانت ماء، أو حليب الأم، أو حليب صناعي، فقد يعاني من الجفاف.
- ظروف المناخ: في الأجواء الحارة والجافة، يتعرض الأطفال لفقدان السوائل بشكل أكبر من خلال التعرق مما يزيد من خطر الجفاف.
- الأمراض المزمنة: بعض الأمراض المزمنة مثل السكري والأمراض الكلوية وأمراض الجهاز الهضمي يمكن أن تزيد من خطر الجفاف لدى الأطفال.
ما هي علامات الجفاف عند الرضع والأطفال؟
إذا لاحظت أي من علامات الجفاف عند الأطفال على صغيرك، مثل جفاف الفم والعطش الشديد وقلة التبول والبول الداكن والبكاء بدون دموع وتهيج الطفل، يجب استشارة الطبيب على الفور لتقييم حالة الطفل وتوجيه العلاج المناسب.
هل لكَ أن تحدِّثنا عن أبرز علامات الجفاف عند الأطفال؟
أبرز علامات الجفاف عند الأطفال، هي كالآتي:
- جفاف الفم واللسان: حيث يصبح الفم جافًّا بشكل ملحوظ ويمكن أن يكون اللسان جافًّا ومتشققًا.
- العطش الشديد: يعاني الطفل من رغبة قوية في شرب المزيد من السوائل ولا يشبع بسهولة.
- قلة التبول: يصبح التبول أقل مما هو معتاد لدى الطفل، ويمكن أن يصبح البول غامق اللون.
- جفاف الجلد: يصبح الجلد جافًّا ويفتقر إلى المرونة، وقد يلاحَظ وجود تشققات خاصة في منطقة الشفاه واليدَين والقدمَين.
- البكاء بدون دموع: قد يلاحظ الوالدان أن الطفل يبكي بدون إفراز الدموع الطبيعية.
- التهيج والاستياء: يصبح الطفل متهيجًا ومزاجيًّا وتظهر عليه علامات عدم الراحة.
- ضعف العضلات: يمكن أن يلاحظ الوالدان ضعفًا في عضلات الطفل وقد يصعب عليه الحركة بشكل طبيعي.
لذا ينصح الدكتور طارق الدغمة الآباء في حال لاحظوا أي من هذه الأعراض لدى الطفل، استشارة الطبيب لتقييم حالته وتوجيهك بشأن العلاج المناسب.
متى يصبح الجفاف عند الأطفال خطيرًا؟
الجفاف عند الأطفال يصبح خطرًا في حالات التأثير الشديد على صحتهم، وعندما يترافق مع فقدان كبير للسوائل والأملاح الضرورية لوظائف الجسم الطبيعية، فيجب التعامل مع الجفاف بسرعة لتجنب التفاقم والمضاعفات الصحية الخطيرة.
وأكد قائلًا: هناك عدة علامات تشير إلى أن الجفاف قد يكون خطرًا على صحة الطفل ويتطلب رعاية طبية فورية:
- استمرار الإسهال والتقيؤ: إذا كان الطفل يعاني من إسهال شديد وتقيؤ مستمر فإن ذلك يزيد من فقدان السوائل ويعرضه لخطر الجفاف الشديد.
- العلامات العصبية والارتباك: إذا كان الطفل يظهر علامات عصبية مثل الارتباك الهياج، العصبية المفرطة النعاس الشديد أو عدم الاستجابة بشكل طبيعي، فقد يكون هذا دليلًا على وجود جفاف خطير.
- ضعف العضلات والتعب الشديد: إذا كان الطفل ضعيفًا ومتعبًا بشكل غير طبيعي، ويعاني من صعوبة في الحفاظ على النشاط العادي، فقد يكون الجفاف خطِرًا.
فإذا كنت تشتبه في وجود جفاف خطير لدى طفلك، يجب عليك الاتصال بالطبيب على الفور أو طلب الرعاية الطبية العاجلة لتقييم حالته وتلقّي العناية اللآزمة.
كيف يتم تشخيص الجفاف عند الرضع والأطفال؟
تشخيص الجفاف عند الرضع والأطفال يتطلب تقييمًا شاملًا للأعراض والعلامات السريرية والبيانات المخبرية، وإليكم بعض الطرق الشائعة لتشخيص الجفاف عند الأطفال:
- تقييم الأعراض والعلامات: ويتضمّن ذلك استجواب الوالدين حول الأعراض التي يشعر بها الطفل، مثل العطش الشديد والبول القليل الداكن والجفاف الفموي والعينان الغائرتان والبشرة الجافة المتشققة والتهيج الشديد وغيرها من التغيرات في سلوك النشاط.
- تقييم البيانات المخبرية: يمكن أن تساعد التحاليل المخبرية في تقييم حالة الجفاف وتشمل: فحص عينة البول لتقييم تركيز البول ووظائف الكلى، وفحص الدم لقياس مستويات الشوارد (مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكلور) والكريات الحمراء والبيضاء ومستوى خضاب الدم (الهيموغلوبين والهيماتوكريت).
- تقييم الوضع العام للطفل: ويشمل ذلك فحص الوزن والطول ومعدل نبضات القلب وضغط الدم ودرجة حرارة الجسم.
- تقييم فقدان الرطوبة في الأنسجة: ويتم ذلك من خلال فحص رطوبة الأغشية المخاطية في الفم والعينين والأنف واليدين وفروة الرأس.
كيف يتم علاج الجفاف عند الرضع والأطفال؟
علاج الجفاف عند الأطفال يتطلب تعويض فقدان السوائل والأملاح في الجسم وذلك من خلال الخطوات التالية:
- تعويض السوائل: ويمكن أن يكون ذلك من خلال استخدام محاليل الترطيب الفموية (محاليل الإشباع) المتاحَة في الصيدليات، ويفضَّل تقديم كميات صغيرة ومتكررة من السوائل بدلًا من كميات كبيرة في مرة واحدة.
- استمرار الرضاعة: إذا كان الطفل رضيعًا ولا يستطيع شرب السوائل الأخرى، فيمكن استمرار الرضاعة الطبيعية أو الحليب الصناعي بشكل عادي، ويجب تقديم الحليب بشكل متكرر للتأكد من تلقي الطفل السوائل الكافية.
- متابعة الحالة: يجب مراقبة حالة الطفل بعناية والانتباه إلى تحسّن أو تدهور الأعراض.
وأضاف: في بعض الحالات الشديدة للجفاف، قد يكون العلاج في المستشفى ضروريًّا، وهناك حالات قد تتطلّب تعويض السوائل عن طريق الوريد لتحقيق تركيز صحيح للسوائل في الجسم.
هل يمكن علاج الجفاف عند الأطفال في المنزل؟
نعم، هناك بعض العلاجات المنزلية التي يمكن استخدامها للمساعدة في علاج الجفاف عند الأطفال، ومع ذلك يجب أن يتم استخدامها كجزء من خطة العلاج الشاملة وتحت إشراف الطبيب، إليك بعض العلاجات المنزلية التي يمكن محاولتها:
- تقديم سوائل بشكل منتظم: يمكن استخدام محلول الأملاح البسيطة (ORS)، الماء، أو عصير الفاكهة المخفّف (مثل عصير التفاح).
- تجنب المشروبات المحتوية على الكافيين: مثل الشاي والقهوة والمشروبات الغازية، إذ يساهم الكافيين في زيادة فقدان السوائل.
- توفير بيئة منعشة وباردة: وذلك من خلال تشغيل مروحة أو تشغيل التكييف أو وَضع منشفة مبللة بالماء بالقرب من الطفل لتبريده.
- تجنب الطعام الثقيل والدهني: إذ يمكن أن يسهم في زيادة الغثيان والتقيؤ.
ما هي مضاعفات الجفاف عند الأطفال في حال عدم علاجه بالوقت المناسب؟
قد يؤدي الجفاف عند الأطفال إلى مضاعفات خطيرة إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح وفي الوقت المناسب، وهذه بعض المضاعفات المحتملة للجفاف:
- اضطرابات الكلى: قد يؤدي الجفاف إلى زيادة تركيز الفضلات والأملاح في الدم، مما يجعل الكلى تعمل بشكل أكثر صعوبة في التخلص منها، وقد يتسبب في تلف الكلى وارتفاع ضغط الدم.
- اضطرابات الشوارد (الكهرليتات): يؤثر الجفاف على توازن الشوارد في الجسم، مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكلور، وقد يؤثّر ذلك على وظائف العضلات والقلب والجهاز العصبي.
- انخفاض ضغط الدم: ويَحدث هذا بسبب نقص السوائل، ويمكن أن يؤدي إلى ضعف التروية الدموية للأعضاء والأنسجة مما يؤثّر على وظائفها العادية.
- صعوبات التنفس: يمكن أن يحدث ذلك بسبب جفاف الأغشية المخاطية والتشنج في القصبات الهوائية.
- الصدمة: يمكن أن يحدث انخفاض حاد في ضغط الدم في حالات الجفاف الشديد والمستمر، مع تداعيات سيئة على الأعضاء الحيوية، مما يؤدي إلى حالة صدمة تهدد الحياة.
لذلك من الضروري التعامل مع الجفاف بجدية، والبحث عن العناية الطبية الفورية إذا كان هناك اشتباه في وجود جفاف لدى الطفل، ويجب اتباع توجيهات الطبيب وتقديم العلاج المناسب لمنع حدوث مضاعفات خطيرة.
ما هي درجات الجفاف وما هي أعراض كل درجة؟
يمكن تصنيف الجفاف إلى ثلاث درجات، وتختلف أعراض كل درجة اعتمادًا على شدة الجفاف. إليكم نظرة عامة على درجات الجفاف وأعراض كل منها:
-
الجفاف الخفيف:
- عطش طفيف.
- انخفاض طفيف في تبول الطفل.
- جفاف الفم والشفتين قليلًا.
- بول ذهبي فاتح.
-
الجفاف المتوسط:
- عطش شديد.
- جفاف الفم والشفتين بشكل ملحوظ.
- عدم البكاء بالدموع عند الأطفال الصغار.
- انخفاض ملحوظ في تبول الطفل.
- عدم النشاط والتقليل من الاهتمام بالبيئة المحيطة.
- عدم راحة، واستيقاظ متكرر عند الرضيع.
-
الجفاف الشديد:
- عطش شديد جدًّا، وعدم القدرة على الشرب بشكل كافٍ.
- جفاف شديد للفم والشفتين، وربما تظهَر تشققات في الجلد.
- جفاف العيون بشكل ملحوظ.
- جلد جاف، وعدم مرونة الجلد.
- عدم التبول أو تبول قليل جدًّا.
- عدم النشاط العام والتعب الشديد.
- غثيان وقيء.
- ضربات القلب سريعة.
