الحنجرة هي صندوق الصوت الذي يقع في مقدمة العنق وتحتوي على الحبال الصوتية، وهي العضو المسؤول عن إنتاج الصوت، وتشارك بعمليات أخرى مهمة جدًا مثل عملية البلع والتنفس. لكن، ولسوء الحظ، ونتيجة لعدة أمراض تتراوح بين الالتهابات وعقيدات الحبل الصوتي وشلل الأعصاب الحنجرية وانتهاءً بسرطان الحنجرة، قد ينتهي بك الأمر لفقدان هذه الوظيفة المهمة، مما يعني فقدان القدرة على الكلام والبلع والتنفس، وهذا ما يضطر الأطباء في بعض الحالات الصحية الصعبة إلى إجراء عملية زراعة الحنجرة لاستبدال التالفة بأخرى سليمة.
وتقدر جمعية السرطان الأمريكية أنه سيكون هناك 12650 حالة جديدة من سرطان الحنجرة في الولايات المتحدة هذا العام. وحتى الآن، كان لدى العديد من هؤلاء المرضى أمل ضئيل في العلاج، لأن زراعة الحنجرة ترتبط بمخاطر عديدة، أهمها ضرورة استخدام العلاج المثبط للمناعة، لتقليل الاستجابة المناعية للجسم، للتقليل من خطر رفض الأعضاء المزروعة.
زراعة الحنجرة وبداية الحكاية
تبدأ حكايتنا مع مارتي كيديان، الذي تغير عالمه على حد قوله، في عام 2013 عندما كان يعاني من صعوبة في البلع، فقد كان الطعام يعلق في حلقه، واعتقد حينها أنه يعاني من حساسية لا أكثر. لكن، عندما استمر الأمر معه طويلًا ولم يشهد تحسنًا، ذهب لزيارة طبيبه الذي طلب عدة فحوصات، ليتبين بعدها أن مارتي مصاب بشكل نادر من سرطان الحنجرة يسمى الساركوما الغضروفية.
وعلى مدى 10 سنوات، خضع كيديان لعشرات العمليات الجراحية، التي سلبته في النهاية صوته وقدرته على البلع والتنفس بشكل طبيعي، ليخضع في نهاية المطاف لعملية ثقب القصبة الهوائية التي سمحت له بالتنفس من خلال ثقب في رقبته. ولكن، هذا كله سبَّب له الاكتئاب، فهو رجل محب للحياة ويحب التحدث مع الآخرين، وقد رُزق بحفيدة وكان يتمنى أن يتكلم معها وتسمعه.
وبعد سنوات من العمليات الجراحية، أخبر الأطباء كيديان أن خياره الوحيد المتبقي هو استئصال الحنجرة وإزالة الحنجرة بالكامل، لكنه رفض هذا الحل، ليجد ما كان يبحث عنه في برنامج زراعة الحنجرة والقصبة الهوائية في مستشفى Mayo Clinic، حيث كان الدكتور ديفيد لوت، وهو رئيس قسم طب الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة، وأستاذ في علم السمع في عيادات مايو كلينيك في أريزونا، يقود أول تجربة سريرية معروفة حول زراعة الحنجرة في الولايات المتحدة.
زراعة الحنجرة
بعد اختياره لهذا العملية الجراحية كتجربة سريرية، وبعد نجاح العملية، أعلنت عيادات مايو كلينيك الأمريكية Mayo Clinic عن نجاح هذه العملية كإنجاز رائد في مجال زراعة الأعضاء، وهو الأول من نوعه، مما يوفر الأمل للآلاف الذين يعانون نتيجة فقدانهم لوظيفة الحنجرة. وقد أجرى العملية فريق متعدد التخصصات من الأطباء بقيادة ديفيد لوت، وهو رئيس قسم طب الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والرقبة وأستاذ في علم السمع في عيادات مايو كلينيك في أريزونا.
وتعد هذه العملية هي:
- ثالث عملية زراعة حنجرة كاملة معروفة في الولايات المتحدة.
- أول عملية زراعة حنجرة كاملة معروفة يتم إجراؤها كجزء من تجربة سريرية.
- العملية الجراحية الأولى على مريض مصاب بسرطان الحنجرة النشط في الولايات المتحدة.
ويقول ديفيد لوت: "اكتملت الجراحة وتجاوزت حالة المريض توقعاتنا، وهذا إنجاز هائل في مستقبل زراعة الحنجرة".
هل هذه هي الجراحة الأولى من نوعها لزراعة الحنجرة؟
الجواب لا، هذه هي ثالث عملية زراعة حنجرة معروفة في الولايات المتحدة، ولكنها أول حالة معروفة يتم إجراؤها على مريض يعاني من سرطان حنجرة نشط كجزء من تجربة سريرية، وهي أيضًا أول عملية زرع حنجرة كاملة تتم في عيادات مايو كلينيك.
زراعة الحنجرة.. كيف تمت وكم استغرقت؟
أجرى هذه العملية الجراحية فريق متعدد التخصصات كما أسلفنا، واستغرقت 21 ساعة، وشملت استئصال الحنجرة وجزء من البلعوم والقصبة الهوائية العلوية والمريء العلوي والغدة الدرقية والغدد جارة الدرقية والأوعية الدموية والأعصاب في المنطقة.
كانت حالة كيديان فريدة من نوعها، لأنه كان يخضع للعلاج المثبط للمناعة بعد عملية زرع كلية سابقة، وهذا سمح بإجراء عملية زراعة الحنجرة بأمان دون التعرض لمخاطر رفض الأعضاء.
ما نتائج جراحة زراعة الحنجرة؟
بعد أربعة أشهر من جراحة زراعة الحنجرة، يستطيع الآن السيد كيديان التحدث بصوته الجديد، ويستطيع البلع والتنفس من تلقاء نفسه دون مساعدة من الأجهزة، وهو ما وصفه الدكتور لوت بأنه رائع، فقد استعاد حوالي 60% من صوته، وهو ما كان من المتوقع حدوثه بعد مرور عام واحد على الأقل.
أيضا، يتحدث المريض الآن بنفس الصوت واللكنة الذي كان يتحدث بهما قبل إصابته بالسرطان وفقدان الصوت، كما يمكنه تناول المأكولات الصلبة مثل الهامبرغر والمعكرونة والجبن، وأي شيء تقريبًا، ويمكنه البلع دون أي مشكلة. ويستمر تنفسه أيضًا في التحسن بشكل مطرد، ويخطط الأطباء لإزالة أنبوب ثقب القصبة الهوائية عندما يستعيد كيديان قدرته الكاملة على التنفس الطبيعي.
