قد تفرك بإصبعك المنطقة الواقعة خلف أذنيك لتفاجأ بإنبعاث رائحة كريهة تثير القرف والاشمئزاز، ومن منا لم تطلب منه والدته يوما أن ينظف جيدا خلف أذنيه؟ فهذه المنطقة المخفية، الواقعة خارج نطاق النظر، كثيرا ما يتم اهمالها لأنها لا تلقى نصيبها من النظافة والعناية، فتشكل محطة لتجمع المفرزات الزيتية والعرق وخلايا الجلد الميتة والأوساخ، ما يجعلها بيئة خصبة لجذب وتكاثر البكتيريا والفطريات التي يحلو لها طيب الإقامة.
* أسباب الرائحة الكريهة خلف الأذن
نظرا لعدم تمكن الناس من رؤية المنطقة خلف الأذن، فإنهم نادرا ما يفكرون في غسلها أو التحقق من وجود ما يعكر صفوها، كوجود مفرزات أو بوادر تهيجات أو علامات لعدوى بكتيرية أو فطرية، وترجع معظم الأسباب التي تسبب الرائحة الكريهة خلف الأذن إلى سوء النظافة، أو الإفراط في طرح المفرزات الجسدية، أو العدوى، أو إلى مزيج من الأسباب الثلاثة، وفي ما يلي نستعرض تفاصيل هذه الأسباب إلى جانب أسباب أخرى محتملة:
· سوء النظافة
من السهل القفز إلى الحمام وغسل المناطق الأكثر وضوحا للعيان في الجسم، ولكن هناك تضاريس خفية أو منسية لا يتم الاكتراث بها كما الحال مع منطقة خلف الأذن، صحيح أن هذه لا تتسخ بسهولة، ولا تتعرق كثيرا، إلا أن إهمال غسلها والعناية بنظافتها يمكن أن يكون سببا لانبعاث الرائحة الكريهة منها.
توجد الغدد العرقية والغدد الدهنية في كل أنحاء الجلد بما فيها المنطقة خلف الأذن، من هنا فإنه يمكن لمفرزات تلك الغدد أن تبقى محبوسة في الطيات والأخاديد الجلدية خلف الأذن، وما يزيد الطين بلة، هو وجود بقايا منتجات العناية بالبشرة والشعر التي تتحد مع المفرزات العرقية والدهنية لتشكل معا مصيدة مثالية للجراثيم والفطريات، فتعيث هذه في المنطقة فسادا مسببة انبعاث روائح غير محببة على الإطلاق.
- ما هو العلاج؟ اذا كانت المنطقة غير مؤلمة ويقتصر الأمر على وجود الرائحة الكريهة، فإن الحل يكمن بكل بساطة في غسل المنطقة بالماء الدافئ والصابون مرارا وتكرارا، مع الاستمرار في العناية بناحية خلف الأذنين على الدوام، أما إذا كانت المنطقة محمرة ومترافقة مع الألم فإنه ينصح باستشارة الطبيب لوصف الدواء المناسب.
· التهاب الجلد الزهمي
وهو نوع من الأكزيما يمكن أن يؤثر على أي منطقة من الجسم بما فيها الجزء الخلفي من الأذن، ويمكن الشك بوجود التهاب الجلد الزهمي من خلال عدد من المؤشرات، هي:
- الحكة.
- احمرار الجلد.
- تقشر الجلد.
- ظهور رقعات جلدية مغطاة بقشور بيضاء أو صفراء اللون.
لا يسبب التهاب الجلد الزهمي خلف الأذن عادة رائحة كريهة، ولكن القشور التي تنتج عن الحالة يمكن أن تحتجز المفرزات العرقية والزيتية مشكلة بيئة جيدة لغزو الفطريات التي تتسبب في انبعاث الرائحة.
- ما هو العلاج؟ إن العناية بنظافة المنطقة خلف الأذن واستخدام العلاجات المضادة للفطريات، من شأنه أن يساعد على شفاء التهاب الجلد الزهمي. قد يوجد التهاب الجلد الزهمي في فروة الرأس، لهذا فمن المفيد غسل الرأس بشامبو مضاد للفطريات.
· عدوى الخميرة
تعتبر المنطقة خلف الأذن من الأماكن الرطبة والدافئة التي تعشق الخميرة الوجود فيها. والخميرة هي عدوى بفطر المبيضات، وتشاهد بكثرة عند الأشخاص الذين يتعرقون بكثرة، أو أولئك الذين لا يهتمون بتنظيف المنطقة خلف آذانهم بانتظام.
ويشكو المصاب بعدوى الخميرة من الحكة والرائحة التي تشبه رائحة البيرة أو الخبز أو الجبن القديم، وفي بعض الحالات النادرة، قد تأخذ عدوى الخميرة منحى خطيرا بتسللها إلى مجرى الدم لتعطي ما يسمى بداء الخميرة الغازي الذي تظهر علاماته في مناطق عدة من الجسم، ويعتبر المصابون بضعف في الجهاز المناعي هم الأكثر عرضة لداء الخميرة الغازي.
- ما هو العلاج؟ قد تنجح بعض العلاجات المنزلية المضادة للفطريات في وضع حد لعدوى الخميرة، وإذا فشلت العلاجات المنزلية، أو كانت العدوى شديدة، أو إذا أصيب الشخص بداء الخميرة الغازي، فعندها لا مناص من طلب المشورة الطبية لوصف أدوية وكريمات من شأنها أن تجعل داء عدوى الخميرة في خبر كان.
· عدوى الجروح
في كثير من الأحيان لا ننتبه إلى الجروح والخدوش والبثور التي تقع خلف الأذن إلا بعد تعرضها للعدوى والالتهاب وانبعاث روائح غير مستحبة منها إلى جانب المعاناة من بعض التورم والألم.
- ما هو العلاج؟ إذا شكا المصاب من ألم خفيف مترافق مع تورم وإفرازات في منطقة خلف الأذن فمن المحتمل أن تكون هناك حاجة إلى وضع مرهم مضاد حيوي مناسب بعد تنظيف المنطقة بالماء والصابون، وإذا لم تتلاش الأعراض في غضون يوم إلى يومين، فإن هناك حاجة إلى مراجعة الطبيب، وفي المقابل، إذا كانت الإصابة شديدة الاحمرار ومترافقة مع حمى وألم شديد، فإن هذا يستدعي عناية طبية فورية.
· عدوى ثقب الأذن
إن ثقب (خرم) الأذن هو بمثابة جرح مفتوح إلى أن يشفى كليا، ويستغرق شفاء ثقب شحمة الأذن في الحالة العادية من 6 إلى 8 أسابيع، أما ثقب الغضروف فتلزمه مدة أطول.
وعند ثقب الأذن، فإنه يجب تطبيق البروتوكول المناسب المتعلق بالنظافة والعناية بالجرح، لأنه إذا لم يتم اتباع هذا البروتوكول، ولم يتم التقيد بتعليمات الرعاية اللاحقة للثقب، فإن البكتيريا تجد طريقها بسهولة إلى مقر الجرح، وأيضا، يمكن لثقب الأذن الملتئم أن يتعرض هو الآخر لهجوم الجراثيم في حال لم يكن نظيفا.
إن تعرض ثقب الأذن للعدوى يثير فيه حيثيات التهابية تسفر عنها زوبعة من الأعراض، مثل الإفرازات الصديدية الصفراء، والتورم، والاحمرار، والألم، والحرقان، والحكة، والرائحة الكريهة.
وهناك عوامل تساعد على غزو البكتيريا لثقب الأذن، منها التلاعب كثيرا بالثقب، ولمس الثقب بأيد متسخة أو بأدوات قذرة، واستعمال أقراط ضيقة وخشنة لا تسمح للجرح بالتنفس والشفاء.
- ما هو العلاج؟ يمكن علاج عدوى ثقب الأذن البسيطة في المنزل باستعمال المطهرات الموضعية والعناية بنظافته بتطبيق التعليمات الأساسية. إذا لم تشف عدوى ثقب الأذن في غضون أيام قليلة ولم تتحسن الأعراض، فإن استعمال المضادات الحيوية يصبح أمرا ضروريا، وإذا استمرت الأعراض وظهرت بوادر العدوى في أماكن أخرى فإنه يجب التحدث إلى الطبيب بصورة عاجلة.
· شمع الأذن
تحتوي قناة الأذن الخارجية على الكثير من الغدد العرقية التي تساهم في صنع شمع الأذن. يمكن لفتات صغيرة من هذا الشمع أن تتسلل إلى خارج فناء القناة لتحط رحالها في منطقة الجلد خلف الأذن، واذا اجتمع شمع الأذن مع الجراثيم والفطريات فإن رائحة كريهة تنبعث في الفضاء حتى ولو كانت كميات الشمع قليلة لا تكاد ترى بالعين المجردة.
· أمراض الجلد وفروة الرأس الأخرى
يمكن لعدد من الإصابات الجلدية كقشرة الرأس، والأكزيما، والتهاب الجلد الزهمي، والطفح الجلدي، أن تدفع المصابين بها إلى الهرش، ما يجعل بشرة المنطقة خلف الأذن أكثر عرضة لخطر العدوى بالبكتيريا والفطريات، التي تتسبب في انبعاث الرائحة الكريهة.
- ما العلاج؟ يجب علاج الأمراض الجلدية، والحد من عملية الهرش لمنع العدوى بالجراثيم والفطريات.
· الغبار والملوثات والحواجز الفيزيائية
يمكن أن يؤدي تراكم الغبار والملوثات ومنتجات العناية، واستعمال الحواجز الفيزيائية، كالقبعات وأغطية الأذن والأوشحة وما شابهها، إلى سد المسامات الجلدية خلف الأذن، وبالتالي إلى حبس المفرزات الجسدية التي تفوح منها رائحة كريهة، وما يزيد الطين بلة هو الهرش الذي يعرض لخطر العدوى بالميكروبات التي تتسبب في زيادة قوة الرائحة.
* الوقاية من الرائحة الكريهة خلف الأذن
يمكن اعتماد الاستراتيجيات التالية لقطع الطريق على حدوث الرائحة الكريهة خلف الأذن:
- يجب غسل المنطقة خلف الأذن في كل مرة يتم فيها عمل حمام أو دش.
- يجب مسح منطقة خلف الأذن بقطعة قماش مبللة ودافئة بعيد ممارسة أي جهد رياضي مكثف.
- يجب الحفاظ على نظافة خرم الأذن بشكل دوري ومنتظم.
- يمكن اللجوء إلى تقشير المنطقة خلف الأذن بشكل لطيف بمساعدة غسول خاص أو منشفة خشنة من أجل التخلص من خلايا الجلد الميتة المتراكمة في تلك المنطقة. على المصابين بأمراض جلدية مناقشة موضوع التقشير مع الطبيب قبل تجربته.
- يجب عدم تجاهل الرائحة الكريهة خلف الأذن حتى ولو لم تتزامن مع وجود الألم والتورم، ومن يدري فقد تكون الرائحة هي علامة تحذيرية على وجود عدوى أو مشكلة أخرى.
* الخلاصة
إن منطقة الجلد خلف الأذن هي واحدة من المناطق المنسية التي يتجاهل الكثير من الناس تنظيفها خلال عمل الحمام أو الدش، من هنا إمكانية أن تفوح الرائحة الكريهة من تلك المنطقة المليئة بالغدد التي تفرز الزهم، الذي إذا لم ينظف بشكل دوري ومنتظم، فإنه يتراكم بعضه فوق بعض مع الخلايا الميتة للجلد، مشكلا معها بيئة مثالية لنمو البكتيريا والفطريات. إن العلاج المناسب يسمح برحيل الرائحة الكريهة، وهذا العلاج قد يكون تدبيرا منزليا بسيطا بغسل المنطقة المهملة بالماء والصابون، لبضعة أيام، غالبا ما تذهب الرائحة بعده. أما إذا ظلت الرائحة رغم الغسل المتكرر، فوقتها لا حرج من استشارة الطبيب ليصف علاجا سريع المفعول. لا عيب في طلب المساعدة في شأن مشكلة الرائحة الكريهة خلف الأذن، وإنما العيب يكمن في السكوت عن هذه المشكلة التي قد تجعل أقرب المقربين ينفر منك.
المصادر:
Smell behind the ears: What are the causes?
Smell Behind Ears: Causes, Symptoms and Treatments
How to Treat an Infected Ear Piercing - Healthline