يعد الحصول على قسط كافٍ من النوم شرطًا أساسيًا للعمل الصحي للعقل والجسم بناءً على إيقاع الساعة البيولوجية. لم يرتبط النوم المتقطع أو قلته بأمراض وحالات مختلفة فحسب، بل يؤدي أيضًا إلى ضعف الأداء والحوادث المهنية. ووجدت الدراسات أن العلاقة بين النوم وخطر الإصابة بالسمنة أو مرض السكري من النوع 2 غير واضحة، ولكن من المتوقع أن تكون ثنائية الاتجاه.
فأظهرت الأبحاث أن النوم لفترات متقطعة كل ليلة قد يكون مرتبطًا بخطر الإصابة بمرض السكري، فقد أظهر تحليل جديد لبيانات البنك الحيوي في المملكة المتحدة أن التباين المتزايد في فترات النوم وكونه نومًا متقطعًا يرتبط بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري.
كما وجد باحثون من جامعة بوسطن بولاية ماساتشوستس ومانشستر بالمملكة المتحدة أن الأفراد الذين لديهم أكبر قدر من التباين في مقدار نومهم كل ليلة، كانوا أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري بنسبة 59٪ على مدى متابعة استمرت 7.5 أعوام من أولئك الذين كان نمط نومهم الأكثر ثباتًا ومتواصلًا.
ما العلاقة بين النوم والهرمونات؟
كشفت الدراسات أن النوم المبكر يؤدي إلى زيادة مستويات هرمون الجريلين، كما تؤدي اضطرابات النوم إلى ارتفاع مستويات هرمون الجريلين وانخفاض مستويات هرمون اللبتين، مما يؤدي إلى زيادة الشهية وزيادة مقاومة الإنسولين بسبب اضطراب مستويات هرمون النمو.
تختلف مستويات الإنسولين أيضًا حسب النوم، إذ تزداد أثناء النوم المتأخر. كما تؤدي طبيعة النوم المتقطع وعدم الحصول على قسط كافٍ من النوم إلى تغييرات في حساسية الخلايا للإنسولين ووزن الجسم وتركيزات اللبتين في البلازما على مدى فترة قصيرة.
كما وجدت الدراسات أن حساسية الإنسولين في الأنسجة الدهنية أعلى بكثير أثناء النهار مقارنة بالليل.
لذلك، يزيد النوم المتقطع من خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي والحالات المصاحبة لها مثل السمنة وداء السكري من النوع الثاني.
كيف يؤثر النوم المتقطع على داء السكري؟
وُجد أن النوم المتقطع أو ضعف جودة النوم تساهم في ارتفاع مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري ومقدمات السكري، ويعتقد أن ذلك يعود لما يسببه النوم المتقطع من زيادة التوتر والإجهاد لدى المريض، مما يؤدي إلى زيادة هرمون التوتر (الكورتيزول) الذي يزيد من مقاومة الإنسولين، وبالتالي زيادة مستوى السكر في الدم.
كما يتسبب النوم المتقطع في زيادة تناول الفرد للطعام وخاصة الغذاء الغني بالسعرات الحرارية، وذلك لأن قلة النوم كما ذكرنا من قبل تسبب زيادة مستويات هرمون الجريلين (هرمون الجوع) وانخفاض مستويات هرمون اللبتين (هرمون الشبع)، فيلجأ المريض إلى تعويض انخفاض مستويات الطاقة نتيجة قلة النوم من خلال الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية.
كيف يؤثر داء السكري على جودة النوم؟
- الشعور بالتوتر: يعاني مرضى السكري من النوع 2 من مشكلات النوم بسبب مستويات السكر غير المستقرة في الدم والأعراض المصاحبة المرتبطة بالسكري، وارتفاع أو انخفاض نسبة السكر في الدم (نقص سكر الدم) أثناء الليل يمكن أن يؤدي إلى الأرق والتعب في اليوم التالي. كما هو الحال مع العديد من الحالات المزمنة، فإن الشعور بالاكتئاب أو التوتر بشأن المرض نفسه قد يُبقي المريض مستيقظًا في الليل أيضًا.
- فرط التبول ليلًا: وجد الأطباء أنه عندما تكون مستويات السكر في الدم مرتفعة، يعطى الجسم إشارة للكليتين إلى التبول بشكل متكرر أثناء الليل. فتؤدي هذه الرحلات المتكررة إلى الحمّام إلى اضطراب النوم، وقد يؤدي ارتفاع نسبة السكر في الدم أيضًا إلى الصداع وزيادة العطش والتعب الذي يمكن أن يتداخل مع النوم.
- انقطاع التنفس أثناء النوم: وهو اضطراب النوم الأكثر شيوعاً عند مرضى داء السكري، والذي يحدث عندما يتوقف تنفس المريض بشكل متكرر خلال نومه أثناء الليل. في معظم الحالات، لا يدرك الشخص حدوث ذلك على الرغم من أن شريك السرير قد يلاحظ الشخير واللهاث. تسبب هذه الانقطاعات في التنفس تنبيهات دقيقة (استيقاظات قصيرة جدًا) تتداخل مع التقدم الطبيعي لمراحل النوم وتضعف جودة النوم. يحدث انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم عادةً عند الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، إذ غالبًا ما يكون لديهم محيط رقبة أكثر سمكًا يتداخل مع مجرى الهواء. يمكن علاج الحالة بجهاز ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر (CPAP) الذي يحافظ على مجرى الهواء مفتوحًا لاستعادة التنفس الطبيعي وتقليل الانقطاعات في النوم.
- متلازمة تململ الساقين: يعاني واحد من كل خمسة أشخاص تقريبًا مصابين بداء السكري من النوع الثاني من متلازمة تململ الساقين، والتي تتميز بوخز أو أحاسيس مزعجة أخرى في الساقين يمكن أن تتداخل مع النوم. وقد تظهر أعراضها على شكل الحاجة المستمرة لتحريك الساقين، وتحدث بشكل أكثر شيوعاً في ساعات المساء، مما قد يسبب صعوبة النوم عند المريض.
- الاعتلال العصبي المحيطي: كما أن مرضى السكري معرّضون أيضًا لخطر الإصابة بحالة أخرى تسمى الاعتلال العصبي المحيطي. وينجم الاعتلال العصبي المحيطي عن تلف الأعصاب، وتتشابه أعراضه إلى حد كبير مع متلازمة تململ الساقين، وتشمل الخدر والوخز والألم في الأطراف. لذلك يجب على الأشخاص الذين يعانون من هذه الأعراض استشارة الطبيب، إذ يتطلب الاعتلال العصبي المحيطي العلاج لتقليل تلف الأعصاب على المدى الطويل.
نصائح لمرضى السكري لتحسين جودة النوم
إليكم بعض النصائح لمساعدة مرضى السكري في تحسين جودة النوم:
- الحفاظ على مستويات السكر في الدم في المجال الطبيعي من خلال الالتزام بتناول الأدوية الموصوفة، والحفاظ على نظام غذائي صحي، والمواظبة على ممارسة الرياضة يوميًا.
- علاج انقطاع التنفس أثناء النوم، والذي هو كما ذكرنا من قبل من أكثر أسباب الأرق عند مرضى السكري، ويتضمن علاجه استخدام جهاز الضغط الموجب المستمر في مجرى التنفس وتخفيف الوزن.
- جعل القيلولة أثناء النهار قصيرة نسبياً حوالي 20 دقيقة، كما يجب أن تقتصر على فترة ما بعد الظهر فقط.
- الحرص على الذهاب إلى النوم في نفس الوقت من كل يوم لخلق روتين يومي للنوم.
- خلق بيئة مناسبة ومريحة للنوم، وذلك من خلال اختيار سرير مريح، والتأكد من أن درجة حرارة غرفة النوم مريحة وجعل الغرفة معتمة.
- إيقاف استخدام الأجهزة الإلكترونية بما فيها الهاتف، والتلفاز، والحاسوب، وذلك خلال 30 دقيقة قبل موعد النوم، أو خلال ساعة قبل ذلك يكون أفضل في علاج قلة النوم لمرضى السكري.
- تجنب تناول المشروبات خلال 4 ساعات قبل موعد النوم، إذ إن ذلك يقلل من ذهاب المريض إلى الحمام.
- ممارسة التمارين الرياضية قبل موعد النوم بـ 5 - 6 ساعات، إذ إن التمارين الرياضية تزيد من درجة حرارة الجسم الداخلية، وعندما تنخفض إلى طبيعتها في وقت لاحق من اليوم عندها سوف تسبب الشعور بالنعاس وتساعد المريض النوم.
- ممارسة اليوغا والبعد عن التوتر والقلق.
في الخلاصة, قد يسبب داء السكري اضطرابات في النوم، ولكن ثبت أيضًا أن اضطرابات النوم قد تزيد أيضًا من خطر الإصابة بداء السكري، إلا إنه يمكن التحكم في هذا الأمر من خلال اتباع عدد من الخطوات البسيطة، بما فيها الالتزام بتناول الأدوية، والحفاظ على تناول غذاء صحي متوازن، وممارسة الرياضة بشكل منتظم.
المصدر:
Sleeping different amounts each night may be linked to higher diabetes risk