لكن وبعد مرور ما يزيد عن عامٍ ونصف، تشير الدلائل إلى أن جائحة كورونا كان لها الكثير من الآثار الصحية وغيرها على الشباب، وعلى أنماط حياتهم. آثار قد تمتد – في الحقيقة - لسنوات طويلة قادمة، وفي هذا المقال سنحاول التعرف على بعض تأثيرات جائحة كورونا على الشباب، وهل كانت حقًا أقل خطرًا عليهم؟
وقبل البداية حتى، يجب لفت النظر إلى تصريح أحد إحصاءات وزارة الصحة الأميركية بأن نسبة الشباب من الفئة العمرية 18 – 34 تمثل حوالي 33% من إجمالي حالات الإصابة بالكورونا في كاليفورنيا، بينما تمثل الوفيات حوالي 1.5% من إجمالي الوفيات.
* تأثيرات جائحة كورونا على نمط حياة الشباب
-
التعليم
تسبب الانتقال إلى أنظمة التعليم الإلكترونية في زيادة عدد الساعات التي يقضيها الشباب أمام الشاشات، وزيادة الوقت الذي يحتاجونه للمذاكرة، وأظهرت نتائج استطلاع أجرته مؤسسة الصحة البريطانية للشباب بين 18 – 24 سنة، أن العزل المنزلي أثناء الجائحة قد تسبب في:
- 47% انخفضت قدراتهم على التركيز، مقارنة بحوالي 22% في العام السابق.
- 21.5% غير قادرين على اتخاذ القرارات، مقارنة بحوالي 13.1% في العام السابق.
- 25.2% غير قادرين على مواجهة المشكلات أو حلها، مقارنة بحوالي 14.4% في العام السابق.
وقد أشارت نتائج بحث أجرته منظمة العمل الدولية، إلى أن حوالي 70% من الطلاب تأثرت دراساتهم سلبًا بسبب إغلاق المدارس والجامعات، وحوالي 65% منهم كانت نسبة ما درسوه منذ بداية الجائحة أقل كثيرًا من المعدل الطبيعي، بسبب الانتقال المفاجئ إلى التعليم الإلكتروني، رغم محاولاتهم المستمرة للمذاكرة والاستيعاب.
وتزداد الحالة سوءًا في البلاد الأقل دخلًا، حيث يصعب الحصول على الأدوات اللازمة في البيت، وعلى سرعة إنترنت مناسبة، فبينما استطاع حوالي 65% من الطلاب في الدول الأعلى دخلًا استكمال دراساتهم على الإنترنت، استطاع فقط 18% من الطلاب في البلاد الأقل دخلًا استكمال الدراسة من منازلهم.
وبالطبع سيؤدي تأخير الدراسة أو تعطلها أثناء فترة الجائحة إلى آثار ملموسة على المستقبل المهني للكثير من الشباب. ففي استطلاع للرأي، أشار 38% من المشاركين إلى عدم ثقتهم في قدراتهم على الدخول إلى سوق العمل، وعدم وجود الفرص المناسبة لهم بسبب تأخر الدراسة.
-
العمل
تشير الأبحاث إلى أن الشباب الأصغر سنًا كانوا الأكثر تضررًا بسبب جائحة كورونا، بسبب عملهم في القطاعات الأكثر تضررًا، مثل المطاعم، والمتاجر، وخدمات الدعم والبيع والدعاية. وتشير استطلاعات منظمة العمل الدولية إلى أن واحدا من كل ستة من الشباب قد فقد وظيفته أثناء الجائحة، بينما حوالي 42% ممن لم يفقدوا وظائفهم، انخفضت رواتبهم بشكل ملحوظ.
وبالضرورة سيؤثر ذلك على خبرات الشباب المتضرر، وقدراتهم على المنافسة في سوق العمل، مما قد يؤدي إلى عواقب صحية ونفسية عديدة.
-
الرياضة
تسببت جائحة كورونا في إغلاق النوادي والصالات الرياضية في الكثير من دول العالم لشهور متواصلة، والاعتماد بشكل أساسي على ممارسة التمارين الرياضية داخل المنزل أو التريض في الأماكن المفتوحة مع مراعاة إجراءات الوقاية. لكن الاستطلاعات تشير إلى انخفاض ملحوظ في النشاطات البدنية، بسبب فشل كثير من الناس في المحافظة على روتين محدد وثابت، وخاصة مع قضاء أوقات أطول أمام الشاشات، وتغير العادات الغذائية، وزيادة الرغبة في تناول الطعام، وعدم وجود مساحة مكانية مناسبة في كثير من الأوقات.
في دراسة أجرتها منظمة اليونيسيف، أشار 52% من المشاركين إلى أنهم أصبحوا أقل نشاطًا بدنيًا أثناء فترة العزل عما قبله، بينما 33% لم يمارسوا أي نشاطات بدنية طوال فترة العزل.
وقد أشارت دراسة شارك فيها 1965 شخص من السعودية إلى أن النتائج السلبية للعزل المنزلي على الصحة البدنية وعلى العادات الغذائية، كان سببها الرئيسي أسلوب الحياة الخامل، والذي نتج عن قضاء أوقات أطول داخل المنزل.
لكن على صعيد آخر، قد أشارت إحصائية إلى أن عام 2020 قد شهد زيادة في إنكلترا لممارسة الرياضات التقليدية، مثل الجري وركوب الدراجات.
-
الغذاء
كشفت دراسة أجرتها منظمة اليونيسيف، وشارك فيها 8949 شابًا، تتراوح أعمارهم بين 13 – 29 سنة من بلدان مختلفة، أن عام 2020 قد شهد صعوبة في حصول كثير من الشباب على طعام صحي، بسبب الخوف من الإصابة بالفيروس، أو بسبب انخفاض الدخل.
وكشفت الدراسة أيضًا أن فترة العزل قد شهدت زيادة في استهلاك المشروبات السكرية حوالي 35%، و32% للمقرمشات والحلوى، و29% للوجبات السريعة والمعلبات، بينما شهدت انخفاضا في استهلاك تناول الخضروات والفاكهة بحوالي 33%، وانخفاض حوالي 12% في استهلاك المياه. تشير الإحصاءات أيضًا إلى ارتفاع ملحوظ في معدلات زيادة الوزن، والإصابة بالسمنة أثناء فترة العزل المنزلي.
-
النوم
رغم أهمية العزل المنزلي أثناء فترة الجائحة، إلا أنه قد أدى إلى ظهور مشكلات أخرى بين الشباب، ومنها اضطرابات النوم، والتي ترتبط عادة بكبار السن. فتبعًا لدراسة نشرتها دورية Sleep، فقد شهدت فترة العزل انخفاضًا في عدد ساعات النوم، وفي جودة النوم، بسبب قلة المجهود البدني المبذول، واستخدام الأجهزة الإلكترونية لساعات طويلة قبل النوم مباشرة.
وقد يؤدي اضطراب النوم لفترات طويلة إلى نشوء مشكلات صحية أكثر خطورة، مثل فقدان القدرة على الانتباه، والإصابة بالأرق، واضطرابات القلق، والاكتئاب. كما أنها أيضًا قد تتسبب في الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، والسمنة، والسكتة الدماغية.
-
العلاقات الأسرية
أدى العزل المنزلي إلى قضاء أغلب الشباب لأوقات أطول مع أفراد الأسرة، بدرجةٍ لم تحدث سابقًا قط. وقد سجلت بعض الاستطلاعات زيادة التعرض إلى حوادث العنف الأسري أثناء هذه الفترة، بسبب تعرض الشباب بصورة مفاجئة للرقابة، أو إلى نظام أسري صارم، وخاصة مع خوف الأهل من مخاطر الإصابة بالمرض. بينما أشارت نتائج أخرى إلى اقتراب بعض الشباب من أسرهم في هذه الفترة، ومشاركتهم في الأنشطة المنزلية، ودعمهم نفسيًا.
-
العلاقات الاجتماعية
رغم وجود بعض النتائج الإيجابية التي أحدثتها العزلة بين أفراد الأسرة، إلا أن استطلاعًا أجراه مكتب الاستطلاعات الوطنية أظهر أن حوالي 40% من الشباب بين 18 – 24 سنة في إنكلترا، قلت تعاملاتهم مع أصدقائهم وعائلاتهم خارج نطاق منازلهم عما كانت عليه قبل فترة العزل، وأصبحوا أكثر اكتفاءً بأفراد أسرهم.
تشير الإحصاءات أيضًا إلى أن كثيرا من الشباب وجدوا صعوبة في العودة إلى حياتهم العادية وإلى ممارسة نشاطاتهم الخارجية والتعامل مع أصدقائهم وزملائهم وجها لوجه، وتفضيلهم بدلا من ذلك لمكالمات الفيديو. ومن أسباب هذا:
- فقدان الشعور بالثقة في النفس.
- عدم القدرة على مواجهة المشكلات التي نتجت عن فترة العزل (مثل فقدان العمل أو تأخر الدراسة).
- الشعور المستمر بالقلق (خاصة مع استمرار انتشار المرض).
- فقدان الشعور بالغائية.
-
الآثار النفسية
تسببت جائحة كورونا والعزل المنزلي في زيادة حالات الإصابة باضطرابات القلق، والشعور بالخوف المتواصل. وقد أبلغت عدة مؤسسات طبية في كندا عن تضاعف أعداد الشباب الذين يرتادونها بسبب المشكلات النفسية، مثل الاكتئاب في عام 2020 مقارنةً بالعام السابق. ويرجع ذلك إلى أسباب مثل:
- تردي ظروف الدراسة والعمل.
- عدم الثقة في القدرة على مواجهة تحديات المستقبل الدراسي والوظيفي.
- اضطرابات النوم.
- فقدان العديد من الشباب لأصدقاء أو أفراد من العائلة بسبب الجائحة.
تشير دراسة أيضًا إلى زيادة حالات هوس الشراء، واضطراب التخزين القهري بين الشباب، وخاصة مع الخوف من نفاد البضائع، وإتاحة كثير من المتاجر للتسوق الإلكتروني.
وفي بحث أجراه موقع mind للاستشارات النفسية في إنجلترا، اشتكى حوالي 88% من الشباب من تردي صحتهم النفسية بسبب الشعور بالوحدة والانعزال أثناء فترة الجائحة، وخاصة مع قضائهم المزيد من الوقت على مواقع التواصل الاجتماعي هربًا من ذلك الشعور.
-
الآثار الصحية
تشير دراسة نشرت على موقع ScienceDirect إلى أن حوالي 70% من المشاركين قد اشتكوا من انتكاس الحالة الصحية بشكل عام أثناء فترة العزل المنزلي، مع زيادة غير مسبوقة في حالات الإصابة بمشكلات صحية مختلفة، مثل:
- الصداع
- الصداع النصفي
- سوء الهضم
- حرقة المعدة
- الإمساك
- السمنة
- تسوس الأسنان
وإلى جانب ذلك، فإن تردي أوضاع القطاع الطبي بسبب الجائحة في بلدان عدة، كانت له آثار ملموسة على الخدمة الطبية بشكل عام، مما تسبب في تفاقم الكثير من الحالات المرضية المزمنة.
المصادر:
Cases and Deaths Associated with COVID-19
by Age Group in California
COVID-19 disrupts education of more than 70 per cent of youth
Effects of the COVID-19 pandemic on adolescent and youth nutrition and physical activity
Effects of home quarantine during COVID-19 lockdown on physical activity and dietary habits of adults in Saudi Arabia
COVID-19 lockdowns saw increased screen time and sleep problems
Generation COVID-19
Building the case to protect young people’s future health
Impact of COVID-19 and lockdown on mental health of children and adolescents: A narrative review with recommendations