يُعتبر تفجر بركان تامبورا في إندونيسيا سنة 1815 أكبر هيجان بركاني مسجَّل في التاريخ الحديث. فقد سُمع صوت هذا الانفجار البركاني على مسافة 2000 كيلومتر، وبَلغ عدد ضحاياه أكثر مِنْ 71000 شخص، وهذا العدد مِنَ الوفيات هو الأكبر في سِجل التاريخ الحديث لثورات البراكين.
أدّتْ ثورة هذا البركان الهائل إلى تغير هام في مناخ الأرض، وظهور ما سُميَّ بالشتاء البركاني. فكان عام 1816 "سنة بلا صيف" بسبب الطقس البارد الذي عمَّ أمريكا الشمالية وأوروبا. وفُقدتْ كثير مِنَ المحاصيل الزراعية والماشية في النصف الشمالي مِنَ الكرة الأرضية بسبب البرد الشديد مما أدى إلى أسوأ مجاعة عالمية في القرن التاسع عشر.
زيارة إبداعية في صيف بارد
في ذلك الصيف البارد المروّع، قامتْ السيدة ماري شيللي Mary Shelley وزوجها بيرسي شيللي Percy Shelley بزيارة الشاعر الإنكليزي الكبير اللورد بايرون Lord Byron في منزله في سويسرا. وقد اضطروا جميعاً بسبب البرد الشديد لقضاء معظم الوقت داخل المنزل. فشَغلوا الأمسيات الباردة بأحاديث متنوعة حول نار هادئة دافئة.
كان مِنْ ضمن أحاديثهم حوار شيق عن الكهرباء وتأثيراتها الحيوية، واحتمال قدرتها على إحياء الموتى! دار الحديث عن قصص الفيلسوف والشاعر إيراسموس داروين Erasmus Darwin الذي ادَّعى في القرن الثامن عشر أنه استطاع إعادة الحياة إلى أعضاء ميتة عن طريق الصدمات الكهربائية! أثارتْ هذه الأحاديث الشيّقة الخيال الجامح للسيدة الشابة التي لمْ تكد تبلغ مِنَ العمر 18 سنة آنذاك، فكتبتْ قصة مخيفة وغريبة عنْ عالِم مجنون طَموح اسمه فيكتور فرانكشتاين.
قام ذلك العالِم في الرواية بتجميع أجزاء مختلفة مِنْ جثث الموتى مِنَ البشر وخياطتها إلى بعضها بعضاً ثم إعادتِها إلى الحياة بتعريضها لعدة صعقات كهربائية قوية مِنَ البرق، وبَعثَ بذلك مخلوقه المشوَّه الذي قام بكثير مِنَ القتل والتدمير. نَشرتْ ماري شيللي قصتها الشهيرة عن العالِم المجنون فرانكشتاين سنة 1818 والتي بُنيتْ عليها بعض الأفلام السينمائية وكانت انطلاقة لقصص الرعب والخيال العلمي فيما بعد.
المصدر:
كتاب "قصة المناعة، كيف كشفها رجالها" للدكتور عامر شيخوني