صحــــتك

المضادات الحيوية والعدوى الفطرية هل توجد علاقة بينهما؟

المضادات الحيوية والعدوى الفطرية
المضادات الحيوية والعدوى الفطرية

المضادات الحيوية والعدوى الفطرية قد تكون بينهما علاقة وثيقة كما بينت إحدى الدراسات، إذ تُودِي العدوى الفطرية بحياة الكثيرين كل عام، ويحدث هذا عند المصابين بالأمراض المزمنة التي تضعف مناعتهم، كما هو الحال في مرض السل على سبيل المثال. ويعتبر فطر "المبيضة" -أو ما يعرف علمياً باسم "كانديدا" (Candida)- من الفطريات التي تتعايش داخل الكائنات الحية، ويُبْقِي الجهاز المناعي لأجسامنا هذه الفطريات تحت السيطرة حتى لا تسبب أمراضاً.

ويُعَد فطر "المُبْيَضَّة" من الأسباب الشائعة لحدوث العدوى الفطرية عند البشر، وعلى سبيل المثال، تسبب هذه الفطريات مرض القلاع، الذي يظهر كطبقة بيضاء تغطي المناطق المصابة به من الجسم كالفم والحلق، وقد يسبب هذا الفطر عدوى تهدد الحياة إذا انتشر في مجرى الدم، فيما يعرف باسم "داء المبيضات الغازي" (Invasive candidiasis).

الجهاز المناعي سترة واقية أمام المُبْيَضَّات

ولأن الجهاز المناعي هو اللاعب الرئيس المتحكم في نمو هذه الفطريات داخل أجسامنا، فإن ضعف الجهاز المناعي أو تعرّضه لأي خلل يزيد من احتمال الإصابة بهذه الأمراض الفطرية، وعادة ما تترسخ فكرة خاطئة في أذهان بعض الأشخاص الأكثر عرضة لهذه الأمراض يعتقدون فيها أنهم يمتلكون جهازاً مناعياً عطباً نتيجة الإصابة بمرض ما، كالسرطان أو العدوى الفيروسية، كما في حالة فيروس نقص المناعة البشري، غير أن دراسة حديثة بينت أن استخدام المضادات الحيوية يرتبط بحدوث العدوى الفطرية، وذلك لأن المضادات الحيوية ذاتها قد تسبب خللاً في الجهاز المناعي، ما يؤدي إلى تزايد خطر الإصابة بالعدوى الفطرية.

أشارت الدراسة التي نشرت في دورية "سيل هوست أند ميكروب" إلى أن المضادات الحيوية تُعَدّ من عوامل الخطر التي قد تسبب الإصابة بداء المبيضات الغازي، لأن تناول المضادات الحيوية يقتل بكتيريا الأمعاء، ما يفسح مساحة أكبر لنمو فطريات الأمعاء كالمُبْيَضَّات، ومن ثم، لو تضررت الأمعاء بسبب علاج كيميائي أو جراحة، فإن فطر المُبْيَضَّة يخرج من القناة الهضمية لينشر العدوى في مجرى الدم ويصل إلى أعضاء الجسم المختلفة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الطريقة الأكثر شيوعاً للإصابة بداء المبيضات الغازي لا تأتي من الأمعاء بل من الجلد، إذ قد يصاب المرضى في وحدة العناية المركزة -ممن يُزَوَّدون بقسطرة وريدية علاجية- بداء المبيضات الغازي، خاصة إن عولجوا بالمضادات الحيوية، وهذا يؤكد على وجود علاقة بين استخدام المضادات الحيوية وظهور العدوى الفطرية وتأثير استخدام المضادات الحيوية على الجسم.

هل هناك علاقة بين المضادات الحيوية والعدوى الفطرية ؟

ما هي العلاقة بين المضادات الحيوية والعدوى الفطرية ؟ للوصول للإجابة؛ عالَج فريق البحث مجموعة من الفئران باستخدام فئات متنوعة من المضادات الحيوية، ومن ثم عُرِّضَت الفئران للإصابة بفطر المُبْيَضَّة، ثم قورنت هذه الفئران بمجموعة ضابطة عولجت بمضادات حيوية دون أن تُعَرَّض للإصابة بذات الفطر.

وقد اكتشف الفريق أن العلاج بالمضادات الحيوية جعل الفئران أكثر قابلية لالتقاط العدوى الفطرية عندما عُرِّضت لفطر المُبْيَضَّة، وعادة ما تصبح الكلى هي المستهدف من هذه العدوى، إذ تمرض الفئران بسبب توقف الكلى عن العمل.

غير أن ذلك لم يكن الحال في هذه الفئران، فعلى الرغم من أن المضادات الحيوية أمرضت الفئران، فإن هذه الفئران تحكمت في انتشار هذه العدوى الفطرية في الكلى بالمثل، تماماً كما هو الحال في الفئران التي لم تتلقّ أي مضادات حيوية. إذاً، ما السبب وراء مرض الفئران؟ وما العلاقة بين المضادات الحيوية والعدوى الفطرية ؟

سبب المرض

أشار الفريق إلى أن المضادات الحيوية أحدثت خللاً في الاستجابة المناعية التي تتصدى للفطريات، وتحديداً في القناة الهضمية، إذ أظهرت الفئران المعالَجة بالمضادات الحيوية وجود مستويات أعلى بكثير من العدوى الفطرية في الأمعاء، مقارنة بالفئران غير المعالَجة بالمضادات الحيوية، ونتيجة لذلك، انتقلت بكتيريا الأمعاء إلى الدم، مما فاقم من خطورة الأمر، إذ أصبحت الفئران المعالَجة بالمضادات الحيوية أمام عدوى بكتيرية وطفيلية تتطلب التعامل معها، وهو الأمر الذي جعلها أكثر مرضاً من الفئران التي لم تعالَج بالمضادات الحيوية.

والجدير بالذكر أن خلايا الأمعاء المناعية تصنع بروتينات صغيرة تعرف باسم "السيتوكينات" (Cytokine)، التي تعمل كرسائل خلوية إلى الخلايا الأخرى، فعلى سبيل المثال، تساعد بعض هذه "السيتوكينات" -مثل IL-17 and GM-CSF- الخلايا المناعية على مجابهة العدوى الفطرية، وقد وجد الفريق أن المضادات الحيوية قد قللت من كمية هذه "السيتوكينات" في الأمعاء، وهو ما يعتقد العلماء أنه السبب وراء عدم قدرة الفئران المُعالَجَة بالمضادات الحيوية على السيطرة على العدوى الفطرية في الأمعاء، أو منع بكتيريا الأمعاء من الهرب إلى مجرى الدم.

الحل المحتمل

وطبقاً للتقرير الذي نشره موقع "ذا كونفرزيشن" (The conversation)، يقول الفريق إن الحل قد يَكمن في إعطاء المرضى بعض هذه "السيتوكينات" لتعزيز المناعة، ما قد يساعد على مكافحة العدوى، وهو الأمر الذي تحقق الفريق البحثي منه في الفئران المعالَجة بالمضادات الحيوية التي كانت أقلّ مرضاً عندما أُعطيت هذه "السيتوكينات"، ما يشير إلى أن هذه المنهجية قد تكون مفيدة في مساعدة المرضى الذين يحتاجون إلى مضادات حيوية وهم معرّضون لخطر الإصابة بالعدوى الفطرية.

وقام الفريق بالتحقق مما إن كان هناك نوع محدد من المضادات الحيوية الذي يزيد من خطر الإصابة بالعدوى الفطرية، لذا، فقد عولجت الفئران بمضادات حيوية مختلفة، وقد اكتشف الفريق أن علاج الفئران بالمضاد الحيوي "فانكومايسين" -وهو مضاد حيوي يشيع استخدامه لعلاج عدوى بكتيريا المطثية العسيرة (Clostridium difficile) في المستشفيات- جعل الفئران أكثر مرضاً بعد تعرضهم للعدوى الفطرية، فقد أزال "الفانكومايسين" البكتيريا المُعَزِزَة للمناعة من ميكروبات الأمعاء التي تدفع جهاز المناعة إلى إنتاج سيتوكينات IL-17، ما يشير إلى احتمالية إصابة المرضى في المستشفيات بعدوى بكتيرية أو طفيلية مماثلة عند علاجهم بهذه المضادات الحيوية. ها قد فهمت عزيزي القارئ العلاقة بين المضادات الحيوية والعدوى الفطرية.

 

المصادر:

gaffi

Trush 

cell.com 

theconversation

آخر تعديل بتاريخ
30 أكتوبر 2024
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.