صحــــتك

الكولشيسين لا يصنع الفارق في علاج كوفيد-19

الكولشيسين لا يصنع الفارق في علاج كوفيد-19
منذ ظهرت جائحة كوفيد-19 أو كورونا الجديد والعالم كله في سباق محموم من أجل الوصول إلى حل لهذه الأزمة التي أضرت بجميع دول العالم بلا استثناء.

* مسارات الأبحاث العلمية للتغلب على جائحة كوفيد-19

سارت الأبحاث العلمية في اتجاهين متوازيين:
  1. الأول هو البحث عن لقاحات آمنة وفعالة للوقاية من المرض أو مضاعفاته.
  2. الثاني البحث عن أدوية موجودة أو مستحدثة لعلاج المرض ومضاعفاته، وتقليل الوفيات الناتجة عنه.
الاتجاه الأول نجح بشكل كبير، حيث حصلت العديد من اللقاحات على موافقات الهيئات المعنية في الدول المختلفة، وبعدها بدأت عمليات التلقيح على نطاق واسع، وهو ما ساعد على تقليل عبء المرض، وساعد العديد من الدول على تخفيف الإجراءات الاحترازية التي تم تطبيقها منذ بداية الجائحة.

* فعالية الأدوية ضد كوفيد-19

لكن، وفي المقابل، لم تثبت العديد من الأدوية فاعليتها أو تأثيرها في علاج المرض، وذلك على الرغم من تسجيل آلاف التجارب السريرية لهذا الغرض.

كما ذكرنا في مقال سابق، تعد التجربة المعروفة باسم التقييم العشوائي لعلاج مرض كوفيد-19 (التي تعرف اختصارا باسم ريكوفري RECOVERY) أكبر التجارب العالمية التي يتم فيها اختبار وتقييم الأدوية المستخدمة لعلاج هذا المرض، ونجحت هذه التجربة السريرية في إثبات فائدة نوعين من الأدوية في علاج مرض كوفيد-19.
  1. الدواء الأول كان ديكساميثازون، وهو الدواء الرخيص الذي يعد أحد مشتقات أو منتجات الكورتيزون، حيث أثبتت الدراسة فائدة هذا الدواء في تقليل الوفيات الناتجة عن المرض بمقدار الثلث (يعتقد أن هذا الدواء قد أنقذ حياة قرابة مليون شخص مصاب بالمرض حول العالم منذ ذلك الحين).
  2. الدواء الثاني هو توسيليزوماب أو أكتيمرا، والذي تم إثبات فائدته كذلك في تقليل الوفيات.

* تجربة الكولشيسين كعلاج لكوفيد-19

مع بداية عام 2021 امتدت التجربة من المملكة المتحدة إلى إندونيسيا ونيبال، حيث تم التركيز على استخدام الأسبرين والكولشيسين لعلاج المرض. النتائج الخاصة بالكولشيسين تم نشرها حديثا في مجلة زا لانسيت المرموقة.

يعد حدوث الالتهابات واحدا من أهم الخواص المميزة لمرض كوفيد-19، حيث يرتفع مستوى العديد من المواد الكيميائية المرتبطة بحدوث الالتهابات في الدم (خاصة ما يعرف ببروتين سي المتفاعل وانترلوكين-6). هذا الالتهاب يصيب الرئة والأوعية الدموية بشكل خاص، ليتسبب في حدوث تلف في الرئة وتجلط الأوعية الدموية الصغيرة والكبيرة بها. ليس هذا فحسب، فالارتفاع الكبير في مستوى هذه المواد يرتبط أيضا بتطور المرض بشكل سيئ وحدوث الوفيات. حدوث هذه الالتهابات دفع الباحثين إلى تجربة مضادات الالتهابات المختلفة لعلاج المرض، حيث أثبت بعضها فاعليتها كما ذكرنا في تقليل الوفيات من المرض.
  • خصائص الكولشيسين كمضاد للالتهاب

يعد الكولشيسين أحد الأدوية المتاحة والرخيصة والآمنة التي تستخدم في علاج العديد من الأمراض، حيث يستخدم هذا الدواء بشكل أساسي في علاج الحالات الحادة من مرض النقرس (وهو نوع من التهاب المفاصل يحدث نتيجة ارتفاع مستوى حمض اليوريك في الدم ليترسب في المفاصل).

بالإضافة إلي ذلك، يستخدم هذا الدواء في علاج التهاب التامور (الغشاء المحيط بالقلب)، وحمى البحر الأبيض المتوسط العائلية (FMF) (وهو مرض يتميز بحدوث نوبات متكررة من الحمى والتهاب حاد في الأغشية المبطنة للبطن والمفاصل والرئتين)، ونتيجة احتوائه على بعض الخواص المضادة للالتهابات فكر الباحثون في تجربة الكولشيسين في علاج مرض كوفيد-19.
  • الكولشيسين في تجارب سابقة

قبل استخدامه في تجربة ريكفري، تمت تجربة الكولشيسين في ثلاث تجارب سابقة شملت 285 مريضا وتوفي خلالها جميعا سبعة مرضى فقط. أثبتت هذه الدراسات جميعا أن الكولشيسين كان له تأثير إيجابي على المرضى، حيث أدى إلى حدوث تحسن في حالة المرضى وإلى تقليل مدة الإقامة في المستشفيات. لكن عدد المرضى في هذه الدراسات لم يكن كافيا لتقييم تأثير الدواء بشكل كاف، وهو ما دعا الباحثين في تجربة ريكفري إلى تقييم استخدامه على نطاق واسع من أجل الوصول إلى نتائج ذات قيمة يمكن تطبيقها علي أرض الواقع.
  • الكولشيسين في تجربة ريكفري الجديدة

الدراسة الجديدة شملت أكثر من 11 ألف مريض من الدول الثلاث أصيبوا بالمرض بين نوفمبر 2020 ومارس 2021 تم اختيارهم من بين المرضى الذين تم حجزهم في المستشفيات نتيجة الاشتباه أو الإصابة بكوفيد-19، ولم يكن هناك عائق طبي لاشتراكهم في الدراسة.

تم تقسيم المرضى إلى مجموعتين متساويتين تقريبا:
  1. الأولى حصلت على الكولشيسين مع العلاج المعتاد.
  2. الثانية على العلاج المعتاد فقط.
تمت متابعة المرضى لمراقبة حدوث الوفيات لمدة 28 يوما، كما تمت متابعة عدد الأيام التي قضوها في المستشفى أو احتياجهم للتنفس الصناعي.
  • نتائج الدراسة الجديدة

  1. أظهرت النتائج أن نسبة الوفيات خلال فترة المتابعة كانت متقاربة بشكل كبير في المجموعتين (21 بالمائة تقريبا).
  2. ومتوسط الوقت الذي قضاه المرضى في المستشفيات كان متقاربا كذلك.
  3. ولم يكن هناك فارق ذو قيمة بين نسبة المرضى الذين خرجوا من المستشفى أحياء خلال مدة المتابعة (70 بالمائة في المجموعتين).
  4. وفيما يتعلق بالاحتياج لجهاز التنفس الصناعي، لم يكن هناك فارق إحصائي يذكر كذلك بين المجموعتين.
من خلال كل هذه النتائج، استنتج الباحثون أن استخدام الكولشيسين لم يرتبط أو يؤد إلي تقليل الوفيات خلال 28 يوما من الحجز في المستشفى، كذلك لم يقلل استخدام هذا الدواء من مدة الحجز في المستشفى، أو الاحتياج إلى أجهزة التنفس الصناعي.

بعبارة أخرى، وعلي الرغم من امتلاك الكولشيسين لبعض التأثيرات المضادة للالتهابات، فهذه التأثيرات ليست كافية أو ذات قيمة في تقليل احتمالات الوفاة في الحالات المتوسطة والشديدة من مرض كوفيد-19، حتى في المرضى الذين لم يحصلوا على الكورتيزون كجزء من خطة العلاج.

باختصار: هذه الدراسة لا تدعم استخدام هذا الدواء في المرضى الذين يتم حجزهم في المستشفيات من أجل علاج مرض كوفيد-19.

تجدر الإشارة إلي أن بروتوكول العلاج كان يتضمن استخدام الكولشيسين لمدة 10 أيام بحد أقصى، لذا يشير الباحثون إلى أن زيادة مدة العلاج قد تؤدي إلي تحقيق فائدة لم تثبت في هذه الدراسة، خاصة أن أغلب المرضى المشاركين قد توقفوا عن استخدام الدواء قبل مدة الأيام العشرة نظرا لحدوث متغير جديد في حالتهم (الخروج من المستشفى أو حدوث الوفاة).

الباحثون أشاروا أيضا إلى بعض أوجه القصور التي شابت الدراسة، خاصة فيما يتعلق بنقص المعلومات الخاصة بتحاليل دلالات الالتهابات والأشعات الخاصة بالمرضى، وهو ما لم يمكنهم من مقارنة تأثير الدواء بين مجموعات المرضى المختلفة.



المصادر:
Colchicine in patients admitted to hospital with COVID-19 (RECOVERY): a randomised, controlled, open-label, platform trial

آخر تعديل بتاريخ
26 أكتوبر 2021
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.