القنب الطبي (الحشيش أو الماريوانا) يرتبط استخدامه بزيادة خطر الإصابة باضطرابات نظم القلب، وفقًا لدراسة دنماركية. ومع ذلك، يسمح عدد متزايد من البلدان للأطباء باستخدامه لمعالجة الألم المزمن.
القنب الطبي هو علاج يُستخدم لتخفيف الألم المزمن ومجموعة متنوعة من الحالات الصحية الأخرى. ومع ذلك، هناك بعض المخاوف بشأن السلامة المحتملة للقنب الطبي، وخاصة فيما يتعلق بآثاره على القلب والأوعية الدموية. وفي دراسة دنماركية جديدة نُشرت في مجلة "يوروبيان هارت جورنال"، وجد الباحثون أن استخدام القنب الطبي قد يزيد من خطر الإصابة باضطرابات نظم القلب، وتَحدُث هذه الاضطرابات عندما ينبض القلب ببطء شديد، أو بسرعة كبيرة، أو بشكل غير منتظم.
استخدام القنب الطبي لتخفيف الألم المزمن
إن معدل انتشار الألم المزمن مرتفع ومتزايد، وبالتالي، فإن الاهتمام بالعلاجات الجديدة كبير، وتشمل القنب الطبي رغم الجدل المستمر بشأن عوامل مثل الإرشادات، والفعالية، ومدى تأثيره. ولهذا، فإنه من الضروري دراسة الآثار الجانبية لاستخدام القنب الطبي، وكذلك دراسة الآثار الجانبية لاستخدام القنب بشكل ترفيهي على القلب والأوعية الدموية.
جرت دراسة دنماركية على مستوى البلاد باستخدام السجلات الوطنية حول علاقة القنب الطبي بالإصابة باضطرابات نظم القلب بين المرضى الذين يعانون من الألم المزمن، وشملت تسجيل حدوث اضطرابات نظم القلب مثل: الخفقان الأذيني، والرفرفة الأذينية، واضطرابات التوصيل انتقال النبضات في القلب، وتسرع القلب الانتيابي، وعدم انتظام ضربات النبضات البطينية في القلب البطيني.
لم تتم الموافقة رسميًا على القنب الطبي لعلاج الألم المزمن في الدنمارك، ومع ذلك، وفي 1 يناير 2018، بدأت السلطات الصحية الدنماركية برنامجًا تجريبيًا للقنب الطبي، مما يسمح لأي طبيب دنماركي بوصف القنب الطبي لعلاج الألم المزمن.
خلال فترة الدراسة (2018-2021)، كانت منتجات القنب الطبي التي تحتوي على تركيبات مزيج من الكانابيديول (CBD) ورباعي الهيدروكانابينول (THC) متاحة للوصفات الطبية، بينما كانت المنتجات التي تحتوي على الكانابيديول، أو رباعي الهيدروكانابينول فقط، غير متوفرة إلا في صيدليات معينة تصنعها عند الطلب.
كان القنب الطبي متاحًا على شكل أجهزة استنشاق، وبخاخات فموية، ومحاليل فموية، وأقراص، وكبسولات. خلال فترة الدراسة، كان يمكن وصف جميع أنواع القنب الطبي الثلاثة لعلاج الألم المزمن، مما وفر إطارًا عمليًا لهذه الدراسة.
تأثيرات القنب الترفيهي والقنب الطبي على الصحة القلبية
إن البيانات المتعلقة بالآثار الجانبية على القلب والأوعية الدموية لاستخدام القنب الطبي كعلاج للألم المزمن محدودة للغاية، بينما ارتبط استخدام القنب الترفيهي بالإصابة ببعض أمراض القلب. ومع ذلك، فإن عددًا متزايدًا من البلدان تشرّع استخدام القنب الطبي لعلاج الألم المزمن.
تتفاعل المركّبات النشطة الموجودة في القنب، رباعي الهيدروكانابينول (THC) والكانابيديول (CBD)، مع نظام الكانابينويد الداخلي، فتساهم في ارتفاع معدل ضربات القلب، وانخفاض ضغط الدم، وزيادة الطلب للحاجة إلى الأكسجين في عضلة القلب، وذلك عند تعاطي القنب الترفيهي. كما أنه يساهم أيضًا بزيادة خطر الإصابة باضطرابات نظم القلب ومتلازمة الشريان التاجي الحادة، بينما يعاني الأشخاص الذين يتناولون القنب الطبي لعلاج الألم المزمن من زيادة طفيفة في خطر الإصابة باضطرابات نظم القلب.
دراسة دنماركية حول سلامة القنب الطبي
قامت دراسة دنماركية على مستوى البلاد في مستشفى جامعة كوبنهاغن – هيرليف وجينتوفتي في الدنمارك باستخدام السجلات الوطنية لدراسة تأثيرات استخدام القنب الطبي لعلاج الألم المزمن على القلب والأوعية الدموية، وشمل ذلك الخفقان الأذيني، والرفرفة الأذينية، واضطرابات التوصيل انتقال النبضات في القلب، وتسرع القلب الانتيابي، وعدم انتظام ضربات النبضات البطينية في القلب البطيني.
حدد الباحثون 1.88 مليون مريض تم تشخيص إصابتهم بألم مزمن، أو باضطراب بمرض يرتبط غالبًا بالألم المزمن، مثل التهاب المفاصل، وآلام الظهر، والكسور المعقدة، والسرطان، والأمراض العصبية، والصداع، وغيرها من الآلام غير المحددة. وقاموا بتحليل بيانات 5391 مريضًا دنماركيًا استخدموا القنب الطبي للتخفيف من الألم المزمن، مقارنة بـ 26941 مريضًا يعانوا يعانون أيضًا من الألم المزمن، ولكنهم لم يستخدموا القنب الطبي لتخفيف الألم، وتمت مطابقتهم من حيث العمر والجنس وتشخيص الألم المزمن والاستخدام المصاحب لأدوية الآلام الأخرى. كان متوسط العمر 59 عامًا، وكان 63.2% منهم من النساء. وبالنسبة لكلتا المجموعتين، كان احتمال الإصابة باضطرابات نظم القلب لديهم بعد ستة أشهر أقل من 1%.
وأظهرت النتائج بعد المتابعة لمدة 180 يومًا، أن المرضى الذين يتلقون القنب الطبي أكثر عرضة لخطر الإصابة باضطرابات نظم القلب بنسبة 0.8%، وكان هذا أكثر من ضِعف النسبة للمرضى الذين يعانون من آلام مزمنة ولم يتلقوا القنب كعلاج. وأصبح الفرق بين المجموعتين أصغر عندما نظر الباحثون إلى السنة الأولى من العلاج. على الرغم من أن الأشهر الستة الأولى من استخدام القنب الطبي ارتبطت بفارق أكبر بخطر الإصابة باضطرابات نظم القلب، فإنه بعد عام، انخفض الفرق إلى حد ما.
كان المرضى الذين يتلقون القنب الطبي، والذين يبلغون من العمر 60 عامًا أو أكبر، بالإضافة إلى أولئك الذين تم تشخيص إصابتهم بالفعل بحالات مزمنة مثل السرطان، أو أمراض القلب والأوعية الدموية، أو السكتة الدماغية، أو السكري، أكثر عرضة للإصابة باضطرابات النظم القلبي، ولم تُظهر الدراسة أي صلة بين استخدام القنب الطبي وخطر الإصابة بمتلازمة الشريان التاجي الحادة، والتي تشمل النوبة القلبية، والذبحة الصدرية غير المستقرة، أو السكتة الدماغية، أو قصور القلب.
الدراسة رصدية وتشير إلى الحاجة لمزيد من الأبحاث
يقول الباحثون إن هذه هي أول دراسة من نوعها على مستوى البلاد تبحث في تأثيرات استخدام القنب الطبي للتخفيف من الألم المزمن على القلب والأوعية الدموية. ومع ذلك، فهُم يحذِّرون من أن هذه دراسة رصدية، وقال أندرس الدكتور هولت: "على الرغم من بذل قصارى جهدنا لإجراء مقارنة متوازنة، فإنه لا يمكن افتراض أن المرضى الذين وصِف لهم القنب الطبي لا يختلفون عن المرضى الذين لم يوصَف لهم القنب الطبي، وقد يؤثر ذلك على النتائج".
وأضاف: "نحن بحاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث في هذا المجال. وقبل استنتاج أي شيء، يجب تكرار نتائج هذه الدراسة في بلدان وأماكن أخرى، وسيكون من المثير للاهتمام أيضًا فَهم ما إذا كانت هناك أي روابط بين استخدام القنب على المدى الطويل وقصور القلب، أو السكتة الدماغية، أو متلازمة الشريان التاجي الحادة. سيكون هذا مجالًا مهمًا يجب توضيحه نظرًا لأن الألم المزمن يمكن أن يستمر لعدة سنوات".
وقال البروفيسور روبرت ل. بيج من جامعة كولورادو بالولايات المتحدة الأمريكية: "إن السلامة الدوائية الدقيقة للقنب، وسلامته وفعاليته، كانت محدودة مقيدة منذ عقود بسبب عدم شرعيته في جميع أنحاء العالم، وتصنيفه المستمر باعتباره مادة مخدرة خاضعة للرقابة في جدول رقم 1 في الولايات المتحدة الأمريكية. ومع ذلك، مع زيادة إلغاء تجريم استخدام القنب وتشريعه في جميع أنحاء العالم، برزت أهمية الارتباط بين استخدام القنب وأمراض القلب والأوعية الدموية".
وأضاف: "من الناحية العلاجية، تشير هذه النتائج إلى أن القنب الطبي قد لا يكون خيارًا علاجيًا مناسبًا للجميع في بعض الحالات الطبية، ويجب توظيف استخدامه بناءً على الأمراض المصاحبة للمريض، واحتمالية تعرضه للآثار الجانبية".
وتابع: "يشار إلى القنب عادةً على أنه ترفيهي، أو طبي، أو دوائي. ويشمل المصطلح الدوائي منتجات القنب المشتقة من المواد الكيميائية النباتية، وكذلك الوصفات الطبية التي تحتوي على القنب المعتمَدة في الاتحاد الأوروبي. بالإضافة إلى ذلك، يشير المصطلح الطبي إلى أن المنتَج قد يخضع للمراقبة السريرية، بالإضافة إلى سلامته وفعاليته، وهو أمر بعيد كل البعد عن الصحة بالنسبة للقنب. بالنسبة لي، أعتبر أن مصطلح (القنب للاستخدام العلاجي) سيكون مصطلحًا أنسَب من (القنب الطبي)".
المصادر: