ما هو القاسم المشترك للشعور في الحرارة والألم والشطة ؟
فإذا ما شعرت مثلاً بألم وخز إبرة حادة أو بارتفاع درجة حرارة منطقة ما في جسمك، فهذا بمثابة منبه ومحفز لك حتى تتحرك بسرعة بعيداً عن مصدر الألم أو الشيء الساخن. وإذا ما أكلت يوماً طعاماً به الكثير من البهارات الحريفه كالشطة، فإن هذا الشعور المؤلم الذي تشعر به وقتها سيجبرك علي التوقف عن الأكل. إذن تعمل هذه المشاعر كوسائل دفاعية تُحفزنا على الابتعاد عن مصدر الضرر.
كيف نشعر في الحرارة والألم والشطة ؟
يحتوي جسم الأنسان، وكذلك الحيوانات أيضاً، على الكثير من الخلايا العصبية الحسية الموجودة في أغلب أعضاء الجسم لذا يشعر الجسم في الحرارة والألم والشطة عند حصول الألم والحرارة أو تناول الشطة ، وهي تعمل على جمع كل المعلومات المتاحة عن أي مؤثر يحاول أن يسبب ضرراً ما للجسم، سواء كان هذا المؤثر خارجياً أم داخلياً. ولطالما احتار الباحثون والعلماء في كيفية شعورنا بالألم والحرارة والمواد الكيميائية. كان التساؤل الرئيس هو: هل يوجد خلايا عصبية حسية توجد بها مستقبلات لكل نوع من أنواع المثيرات الضارة (مستقبلات للألم وأخرى للحرارة وثالثة للمواد الكيميائية الموجودة في الطعام الذي نتناوله)، أم أن هناك خلايا عصبية حسية شاملة لكل ذلك ولا تستطيع التمييز بين هذه المؤثرات، بل تقوم بتسجيل المثير(الحرارة - الألم - الشطة إلخ) على أنه شيء ضار ثم تبعث بتلك الإشارة إلى المخ والذي يقوم بدوره بفك شفرتها ومحاولة معرفة أصلها.
كان لاكتشاف قنوات (Transient Receptor Potential channels TRP) الكلمة الفصل في حل تلك الأشكالية بتوضيح أنه يوجد بالفعل مستقبلات لكل نوع من أنواع المؤثرات الضارة في الخلايا العصبية الحسية، وفي بعض الأحيان توجد مستقبلات تشعر بنوعين معاً من المؤثرات الضارة كقناة TRPV1 التي سنتكلم عنها لاحقاً.
ما هي قنوات الـ TRP؟
تم اكتشاف قنوات TRP في البداية في عين الذبابة حيث تلعب دوراً أساسياً في ميكانيكية الرؤية عند الذباب. ولأننا في عصر الجينوم (المادة الوراثية الكاملة لأي كائن حي)، فقد تم اكتشاف حوالي ٣٠ نوعاً من أنواع قنوات الـ TRP حتى الآن.
قنوات الـ TRP الأيونية هي قنوات غير متخصصة، ما يعني أنها تسمح بمرور أيونات الكالسيوم والبوتاسيوم والصوديوم بدون أي تفضيل لأياً منهم علي الآخر، بالطبع هذا يختلف تماماً عما ذكرناه في المقالات السابقة حول القنوات الڤولتية (التي تشعر بفرق الجهد حول الغشاء الخلوي للخلية)، والتي تقوم بالسماح بمرور نوع واحد فقط من الأيونات.
قناة الحرارة TRPV1
لا يوجد حتي الآن إتفاق بين العلماء حول كيفية عمل قناة الحرارة TRPV1، لكن توجد الكثير من الأبحاث التي تُشير إلي وجود بعض الأحماض الأمينية الموجودة في هذه القنوات الأيونية، والتي تعمل بمثابة "ترمومتر" لقياس درجة الحرارة. فمثلاً عندما تقوم بأخذ حمام دافئ وفجأة ترتفع درجة حرارة الماء تشعر هذه الأحماض الأمينية بتلك الزيادة وتتحرك تبعاً لذلك، مما يؤدي إلي فتح قناة الـ TRPV1، وتدفق الكثير من الأيونات الموجبة (صوديوم وبوتاسيوم وكالسيوم) إلي داخل الخلية.
هذا التدفق للأيونات الموجبة يُغَيِّر من فرق الجهد حول الغشاء الخلوي للخلية، ويؤدي إلي إثارة قناة الصوديوم الڤولتية (الحساسة لإختلاف الجهد الكهربائي حول الخلية) فتفتح هي الأخري، وتقوم بتشفير تلك المعلومة الخاصة بارتفاع درجة الحرارة وبعثها إلى المخ. ووجد العلماء أن الفئران التي تم وقف عمل الشفرة الوراثية الخاصة بقناة الـ TRPV1 بها لا تشعر بالحرارة بكفاءة كأقرانها من الفئران الطبيعية.
الشطة وقناة TRPV1 الأيونية
يحتوي الفلفل الحار Chili pepper على مادة كيميائية معينة تسمي "الكابسيسين" Capsaicin، وهي المادة المسؤولة عن إحساسنا بالطعم الحار عند أكل هذا النوع من الفلفل. وجد العلماء أن مادة الكابسيسين ترتبط بقناة TRPV1، وتقوم بتنشيطها مما يؤدي إلى فتح هذه القناة الأيونية وحدوث سلسلة التفاعلات التي تحدثنا عنها سابقاً. وهذا هو السبب في إحساسنا بارتفاع درجة الحرارة عند أكلنا الفلفل الحار، وما شابه من الخضروات الحريفة حيث إن تحفيز قناة TRPV1 عن طريق مادة الكابسيسين يعبث بترمومتر الحرارة في أجسادنا ويجعله يظن أن هناك ارتفاعا في درجاٍت الحرارة في تلك المنطقة من الجسم.
اقرأ أيضا:
كهرباء الحياة: كيف نشعر ونفكر؟!.
لخفض ضغط الدم.. الكالسيوم ممنوع من الدخول
لمسة سحرية .. لمنع الألم
حاصرات قنوات الكالسيوم