ارتفاع الكرياتينين عند كبار السن.. رجل يبلغ من العمر 70 عامًا، أجرى تحليلًا روتينيًا للدم ليكتشف فجأة أن مستوى الكرياتينين عنده عالٍ، ما أثار لديه نوعًا من الخوف المشحون بالقلق، فهل من مبرر لهذا القلق؟
يرتفع مستوى الكرياتينين بسبب التغيرات الطارئة في وظائف الكلى، أو نتيجة تناول الكثير من البروتينات، أو جراء التعرض لمشكلات صحية أكثر خطورة، مثل التهاب الكلية والحماض الكيتوني والداء السكري وارتفاع ضغط الدم. نحاول في السطور الآتية سرد المعلومات الضرورية لفهم الظروف الممكنة التي تقف خلف ارتفاع الكرياتينين، وعن الإجراءات التي يجب اتخاذها.
ارتفاع الكرياتينين عند كبار السن.. لمحة عن الكرياتينين
الكرياتينين هو أحد مخلفات عملية إنتاج الطاقة في العضلات، ويوجد في الدم بنسب طبيعية معينة، وتقوم الكلى بتصفية الكرياتينين والتخلص منه عن طريق البول. لا يملك الكرياتينين أي وظيفة حيوية في الجسم، ويجري قياسه من أجل تقييم كفاءة عمل الكلى المسؤولة عن تصفية الكرياتينين والحفاظ على مستواه في الدم ضمن المعدل الطبيعي.
عندما تضعف وظائف الكلى أو تفشل في عملها في تصفية الكرياتينين بالشكل المطلوب، فإن مستواه سيرتفع في الدم فوق الحد الطبيعي، ما يشكل مصدرًا للخوف عند البعض، خاصة كبار السن.
ارتفاع الكرياتينين عند كبار السن.. القيم الطبيعية للكرياتينين في الدم
تختلف قيم الكرياتينين الطبيعية حسب العمر، والجنس، والعِرق، وحجم الجسم، والحالة الصحية، وهناك طريقتان لقياس كمية الكرياتينين في الجسم، الطريقة الأولى من خلال فحص الدم، والطريقة الثانية هي فحص البول الذي تم جمعه على مدى 24 ساعة.
أما عن القيم الطبيعية المرجعية للكرياتينين في الدم عند البالغين من الذكور والإناث فهي كالآتي:
- البالغون الذكور: 0٫6 ـ 1٫2 ملغ/ ديسيلتر.
- البالغون الإناث: 0٫5 ـ 1٫1ملغ/ ديسيلتر.
أما القيم الطبيعية في عينة من البول 24 ساعة فهي كما يلي:
- البالغون الذكور: 4 ـ 40 ملغ/ 24 ساعة.
- البالغون الإناث: صفر ـ 100 ملغ/ 24 ساعة.
أعراض ارتفاع الكرياتينين عند كبار السن
يحدث ارتفاع الكرياتينين عند كبار السن أحيانًا بشكل صامت، وغالبًا ما يتم رصده بالصدفة، أو أثناء عمل الفحوص الطبية الروتينية، وترتبط أعراض ارتفاع الكرياتينين بالأسباب التي أدت إليه، وهي أعراض غير نوعية تضم:
- فقدان الشهية.
- التعب المفرط.
- الغثيان.
- التقيؤ.
- ضيق التنفس.
- الحكة في الجسم.
- التشنجات العضلية.
- تورم الساقين والكاحلين.
وتكون المظاهر السريرية السالفة الذكر أكثر مشاهدة عند الأشخاص الذين يكون لديهم مستوى الكرياتينين مرتفعًا بشدة، والأشخاص الذين يملكون تاريخًا عائليًا بوجود مشكلات في الكلى، وأولئك الذي قطعوا سن الخمسين، والمصابين بأمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والداء السكري والفشل الكلوي.
ما الذي يسبب ارتفاع الكرياتينين عند كبار السن؟
يمكن أن يرتفع مستوى الكرياتينين في الجسم نتيجة العديد من الحالات:
1. تدهور وظيفة الكلى بسبب التقدم في العمر
تضرب الشيخوخة كل أعضاء الجسم، بما فيها الكلى، فتتراجع وظيفة الأخيرة وتقل قدرتها على تصفية الكرياتينين، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع مستوياته في الدم.
ما يجب فعله: يجب استشارة الطبيب دوريًا لإجراء الفحوصات اللازمة، ومراقبة وظائف الكلية من كثب.
2. النشاط البدني المفرط
إن القيام بأنشطة بدنية مكثفة، كما الحال عند الرياضيين ولاعبي كمال الأجسام، يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع كمية الكرياتينين في الدم، ولا يتعلق هذا الأمر بوجود تغيرات في الكلى، بل بالكتلة العضلية، لأن الكرياتينين يتم إنتاجه في العضلات.
ما يجب فعله: لا حاجة لعلاج ارتفاع الكرياتينين بسبب النشاط البدني، لأنه ينتج عن الكتلة العضلية لدى الشخص.
3. الجفاف
يؤدي الجفاف إلى زيادة تركيز البول في الكلى، ما يَعُوق عملها في تصفية الدم، الأمر الذي يرفع من مستوى الكرياتينين في الجسم.
ما يجب فعله: شرب الماء والسوائل بكميات صغيرة ومتكررة وعلى فترات قصيرة، والإكثار من تناول الفواكه والخضراوات الطازجة، وإذا دعت الضرورة، فإنه يمكن تناول مصل ملحي مكون من الماء والسكر والملح.
4. فرط استهلاك البروتينات
إن ما يأكله الشخص يمكن أن يؤثر على مستويات الكرياتينين في الجسم، فعلى سبيل المثال، إن تناول كمية كبيرة من اللحم والبيض والأسماك والدجاج تفوق الاحتياجات اليومية للشخص، يمكن أن يزيد من مستوى الكرياتينين في الدم بعد تناول تلك الأطعمة.
ما يجب فعله: يجب التقيد بالإرشادات الغذائية التي توصي باستهلاك 1٫2 غرام من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم يوميًا.
5. فرط استهلاك مكملات الكرياتين
إن تناول كميات كبيرة من مكملات الكرياتين يمكن أن يرفع من مستوى الكرياتينين في الدم، لأن الجسم يحول الكرياتين إلى الكرياتينين.
ما يجب فعله: يجب التقيد بالكميات المسموح بها من الكرياتين في اليوم، ومن الأفضل استشارة مقدم الرعاية الصحية لمعرفة الكميات المناسبة منه.
6. الفشل الكلوي
عندما تتضرر الكلى فإنها لا تستطيع القيام بعملها بشكل صحيح، فتواجه صعوبة في تصفية الكرياتينين، فيأخذ الأخير في التراكم في الدم ما يؤدي إلى ارتفاع مستوياته. هناك أسباب عديدة يمكن أن تقود إلى الفشل الكلوي، أبرزها ارتفاع ضغط الدم، والداء السكري، والجفاف، والاستعمال المفرط لمكملات البروتين، والاستعمال المتكرر للأدوية.
ما يجب فعله: يجب البحث عن سبب الفشل الكلوي وعلاجه بالتي هي أحسن، وقد يلزم الأمر في الحالات القصوى اللجوء إلى غسيل الكلى أو زرع الكلى.
7. التهاب الكلى
قد تصاب الكلى بالعدوى البكتيرية أو الفيروسية أو حتى الفطرية، ويمكن للعدوى، خاصة المزمنة منها، أن تسبب التهابات في الكلى ترفع مستوى الكرياتينين في الدم.
ما يجب فعله: يجب علاج عدوى الكلى بالأدوية المناسبة وتحت إشراف طبي، وهناك من ينصح باستهلاك التوت البري، الذي يحتوي على مركبات نشطة بيولوجيًا تمنع التصاق الميكروبات المسبِّبة للعدوى في المجاري البولية.
8. الاحتباس البولي
قد يحدث الاحتباس البولي بسبب وجود عوائق تمنع تدفق البول بشكل طبيعي، مثل تضخم البروستاتة وحصيات الكلية وحصيات المثانة. ويؤدي الاحتباس البولي المزمن إلى ارتداد البول نحو الحالبين والكليتين، فيعرّض الكلى إلى مخاطر شتى، هي الالتهاب، وتشكل الحصيات، وربما إلى إصابتها بالتلف. ويمكن لكل الأسباب التي تقود إلى الاحتباس البولي أن ترفع مستويات الكرياتينين في الدم.
9. ارتفاع ضغط الدم
يمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى إتلاف الأوعية الدموية التي تغذّي الكلية، فيقل تدفق الدم إليها، ما يجعلها غير قادرة على القيام بوظيفتها لتصفية الدم، الأمر الذي يؤدي لارتفاع الكرياتينين عند كبار السن.
ما يجب فعله: يجب ضبط أرقام ضغط الدم لتكون ضمن الحدود الطبيعية المعترف بها، بالإضافة إلى اتباع نمط حياة غذائي ورياضي وصحي، من شأنه أن يساهم في إعادة الاستقرار إلى ضغط الدم، وبالتالي إلى كرياتينين الدم.
10. الداء السكري
إن غالبية المصابين بالداء السكري تحصل عندهم، عاجلًا أم آجلًا، تغيرات طارئة في الكلى، يمكن أن تسبب ارتفاع الكرياتينين عند كبار السن.
ما يجب فعله: يجب اتخاذ التدابير اللازمة لضبط مستوى السكر في الدم، واتباع نظام غذائي مناسب، وإدارة العوامل الأخرى التي ترفع من مستويات الكرياتينين في الدم، مثل ارتفاع ضغط الدم والجفاف وزيادة الوزن وغيرها.
11. تناول بعض الأدوية
يمكن لبعض الأدوية أن تسبب زيادة في مستويات الكرياتينين في الدم، مثل عقار تريميتوبريم trimethoprim، وحاصرات H2، ومضادات الأورام السرطانية، ومثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين.
كيف يتم تشخيص ارتفاع الكرياتينين عند كبار السن؟
لتشخيص ارتفاع الكرياتينين عند كبار السن، يقوم الطبيب عادة بتقييم المظاهر السريرية والمعطيات التي يحصل عليها من خلال الفحص الطبي والتاريخ المَرَضي والوضع الصحي العام، ونتائج قياس كمية الكرياتينين في الدم، فإذا كان مستوى الأخير أعلى من القيمة الطبيعية الموصى بها، فقد يحتاج الطبيب إلى إجراء تحليل عينة البول التي تم جمعها على مدى 24 ساعة، وكذلك إجراء اختبار تصفية الكرياتينين، لمعرفة ما إذا كان التغير الطارئ في مستوى الكرياتينين مرتبطًا بالكلى أم لا، وعلى ضوء النتائج، يقدم الطبيب لمريضه العلاج الأنسب له.
وهناك نقطة في غاية الأهمية تتعلق بكبار السن، فقد تظهر لديهم زيادات تدريجية في الكرياتينين في الدم على الرغم من إدارة المسببات. إن أي ارتفاع في مستوى الكرياتينين عند كبار السن يكون مهمًا، خاصة عند تحديد جرعات الأدوية التي تطرح عن طريق الكلى، وبما أن قياس كرياتينين الدم ليس مؤشرًا موثوقًا لوظيفة الكلى، فمن الأفضل تقييم هذه الوظيفة ومراقبتها من خلال قياس الكرياتينين في البول الذي تم جمعه على مدة 24 ساعة.
ماذا عن انخفاض مستويات الكرياتينين في الدم؟
قد تكون مستويات الكرياتينين في الدم أقل من الطبيعي، وهذا قد يحدث للأسباب الآتية:
- تراجع الكتلة العضلية بسبب التقدم في السن، وسوء التغذية، ومرض الوهن العضلي الوخيم، وضمور العضلات.
- فقدان الوزن الشديد الذي يؤدي إلى ضياع الكتلة العضلية.
هل توجد علاجات منزلية لخفض مستويات الكرياتينين العالية؟
إن أفضل طريقة لخفض مستويات الكرياتينين هي علاج السبب الأساسي، ودعم صحة الكلى. ولكن يمكن أيضًا خفض مستويات الكرياتينين بشكل طبيعي، نسوق هنا 9 نصائح:
- ابتعد عن المكملات الغذائية التي تحتوي على الكرياتين.
- قلل من استهلاك المصادر الغنية بالبروتينات.
- تناول المزيد من الألياف.
- قلل من تناول الملح.
- ابتعد عن التدخين.
- تجنب تناول مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية.
- تجنب شرب الكحوليات.
- الحفاظ على رطوبة جيدة للجسم.
- تجنب التمارين التي تسبب إجهاد العضلات.
الخلاصة..
ارتفاع الكرياتينين عند كبار السن هو من المشكلات الشائعة، وقد يعكس هذا الارتفاع وجود مشكلات صحية كامنة تتعلق بالكلى أو بالصحة بشكل عام، أو بعوامل أخرى، مثل العمر، أو تناول أدوية معينة، أو نمط الحياة. من المهم استشارة الطبيب وقياس ومراقبة مستوى الكرياتينين بانتظام، مع ضرورة تفسير نتائج التحليل بحذر، لأن الارتفاع لا يعني دومًا وجود مشكلة أصلًا، ولكن، وكما يقول المثل، فإن الحذر واجب.
المصادر
