في وقت الكوارث والنزاعات الإنسانية على غرار إعصار ليبيا، يصبح الوضع مأساويًا بشكل لا يُحتمل، ويثير كثيرون منا تساؤلات مؤلمة حول كيفية التعامل مع الأوضاع الصعبة وتداعياتها.
يُعَد تأثير رائحة الجثث في مواقع الكوارث واحدًا من تلك الجوانب القليلة المعروفة جيدًا، والتي تشكّل تحديات خاصة في سياقات الكوارث الطبيعية والنزاعات المسلحة.
تفوح رائحة من جثث ضحايا درنة في المدينة، لتشكّل هذه الرائحة الكئيبة مظهرًا آخر من مظاهر الكوارث التي تُلحِق الضرر بالبشر وبيئتهم.
وفقًا للتقارير الصحافية والشهادات الميدانية التي أوردها ناشطون إعلاميون، يَظهر أن مدينة درنة بعد فيضان ليبيا تعاني من وجود العديد من الجثث في شوارعها، وهذا يعزز من الصورة المأساوية التي تعصف بالمنطقة.
ويشير التقرير إلى أن هناك أكثر من 10 آلاف شخص من ضحايا درنة ما زالوا في عداد المفقودين، وهو رقم يُلقي الضوء على حجم الكارثة التي تجتاح المنطقة.
إضافة إلى ذلك، تنتشر في المدينة آثار الدمار والتخريب، والتي تشمل تحلل جثث البشر والحيوانات، بالإضافة إلى انتشار الروائح الكريهة في الأجواء.
هذا الواقع يثير قلقًا متزايدًا من تهديد سلامة سكان المدينة بعد إعصار ليبيا، الذين تجاوز عددهم 200 ألف نسمة، إذ نزح كثير منهم نحو مدن الشرق الليبي المجاورة وحتى إلى مدن الغرب البعيدة، نتيجة للأحداث الكارثية التي تعصف بالمدينة. بالإضافة إلى ذلك، يجب مراعاة الآلاف من القتلى والمفقودين الذين لم يتم احتسابهم بعد.
يتطلب هذا الوضع الناتج عن فيضانات ليبيا تدخلًا عاجلاً وفعّالًا لإدارة الجثث، والتعامل مع هذه التحديات الصحية والبيئية والاجتماعية بشكل مناسب، وضمان حفظ الكرامة والاحترام للمتوفين، وتقديم الدعم اللازم للناجين في هذه اللحظات الصعبة.
في حالة وقوع كارثة طبيعية تؤدي إلى وفاة أعداد كبيرة من الأشخاص، تكون واحدة من الأسئلة المحزنة التي تواجه فرق الإنقاذ دائمًا هي: "كيف نتعامل مع الجثث؟"
التعامل مع جثث ضحايا درنة
يُعتقد على نطاق واسع أن الجثث تسبب وباءً في حالات الكوارث، ولكن هذا ليس صحيحًا؛ فجثث الأشخاص الذين توفوا في حالات الكوارث لا تنشر الأمراض.
قبل أن تتعامل مع جثث إعصار ليبيا، عليك أن تعلم أنه من الضروري تجنب التخلص المتسرع وغير المنَّسق من الجثث؛ إذ يصبح من المستحيل التعرف عليها لاحقًا، ويصبح الضحايا "مفقودين"، وإذا لم تُتَح مرافق للتخزين، يمكن أن يكون الدفن المؤقت خيارًا.
مخاطر صحية قد تتسبب بها جثث ضحايا درنة
المخاطر الصحية التي قد تسببها الجثث طفيفة، ما لم يساعد الأشخاص في نقلها. ومع ذلك، عليك الحذر من بعض المخاطر التي قد تتعرض لها قبل التعامل مع جثث درنة، أبرزها خطر طفيف من الإصابة بالإسهال نتيجة شرب مياه ملوثة ببراز الجثث للأشخاص الذين يكونون حول الجثث، لذا يُنصح بتعقيم المياه لمنع الأمراض المنقولة عبر المياه.
إرشادات للتعامل مع جثث ضحايا درنة
فيما يلي أهم الأسئلة المطروحة فيما يتعلق بالتعامل المباشر مع الجثث بشكلٍ عام، وجثث إعصار ليبيا وضحايا درنة بشكلٍ خاص:
1. هل هناك خطر على الأشخاص الذين يتعاملون مع الجثث؟
يتعرض الأشخاص الذين يتعاملون مع الجثث (مثل عمال الإنقاذ وموظفي المشرحة) لخطر طفيف من الإصابة:
- بالسل.
- وبالتهاب الكبد B و C.
- وبفيروس نقص المناعة البشرية (HIV).
- وبالأمراض التي تسبب الإسهال.
ومع ذلك، هذه الأمراض لا تستمر لأكثر من يومين في الجثث الميتة (باستثناء فيروس نقص المناعة البشرية الذي قد يبقى حيًا لمدة تصل إلى ستة أيام). يمكن للعمال تقليل تعرضهم للخطر من خلال ارتداء أحذية مطاطية وقفازات، وممارسة أسس النظافة الأساسية، مثل غسل أيديهم جيدًا.
2. هل يجب على الأشخاص الذين يتعاملون مع الجثث ارتداء قناع؟
الرائحة الناتجة عن تحلل الجثث ليست مريحة، ولكنها ليست خطرًا صحيًا في الأماكن ذات التهوية الجيدة. ليس هناك حاجة لارتداء قناع من الناحية الصحية. ومع ذلك، قد يشعر العمال نفسيًا بشكل أفضل إذا ارتدوا الأقنعة.
3. مدى الأهمية في جمع الجثث بسرعة؟
جمع الجثث ليس هو الأمر الأكثر إلحاحًا بعد وقوع كارثة، الأولوية هي رعاية الأحياء. لا تشكل الجثث الميتة مخاطر صحية عامة كبيرة. ومع ذلك، يجب جمع الجثث في أقرب وقت ممكن، ونقلها للتعرف عليها لاحقًا.
4. ماذا يجب أن تفعل السلطات مع الجثث؟
يجب جمْع الجثث وتخزينها في حاويات مبردة أو مع الجليد الجاف، أو دفنها مؤقتًا للسماح بالتحقيق الجنائي في وقت لاحق. يجب التقاط صور وتسجيل معلومات وصفية لكل جثة.
المصدر: