العالم كله يتابع بترقب أخبار انتشار فيروس كورونا الجديد (سارس-كوف-2) حول العالم، والذي أعلنته منظمة الصحة العالمية جائحة عالمية في 11 مارس 2020، لذا اخترنا في صحتك أن نحمل تساؤلاتكم، ونوجهها للدكتور علاء حشيش مسؤول مكافحة الأمراض المعدية بمكتب المنظمة بمصر، وهذه هي أسئلتنا وردوده عليها.
1. دعنا نبدأ من أهم سؤال يسأله الجميع: متي تنتهي هذه الجائحة؟ ما هي العوامل أو الأحداث التي يمكن أن تقول إن هذه الجائحة تنتهي أو في سبيلها إلى الانتهاء؟
حتي الآن لا يمكن التنبؤ متى تنتهي هذه الجائحة، كل دول العالم تقريبا بها إصابات، واحتواء الجائحة يتطلب تعاون جميع الدول، حتى تنتهي الجائحة منها جميعا. نحتاج أولا إلى حدوث انخفاض في معدلات الإصابة. في الفترة الحالية الإصابات تقل بالفعل بنسبة 6 إلى 7% بالمقارنة بالأيام السابقة. هذا الانخفاض يمثل مؤشرا جيدا. لكننا بحاجة إلى مزيد من العمل على إيجاد علاج للمرض حتى يمكن القول إن الجائحة في طريقها للنهاية.
2. إذا نحن بحاجة إلى حدوث انخفاض تدريجي في عدد الإصابات؟
نعم.. نحتاج لمعدل انخفاض ملموس، ولكن معدل الانخفاض ما زال محدودا، لذا نحن بحاجة إلى عدة شهور حتى ينخفض المنحنى بشكل كبير وواضح.
3. طبقا للخبرات الدولية المتراكمة في مكافحة الأوبئة.. هل نحن بحاجة إلى شهور أم إلى سنين لنحقق هذا الانخفاض في معدلات الانتشار؟
نحن بحاجة إلى شهور، لكن لا يمكننا تحديد مدى زمني معين، فهناك بعض الدول ما زالت معدلات الإصابات بها متزايدة، سواء لضعف قدرات التشخيص أو لارتفاع معدلات الإصابة مرة أخرى بعد انخفاضها.
4. بعض الدول قررت مع انخفاض معدلات الإصابة إعادة فتح المدارس، في حين أن دولا أخرى ما زالت تتبع سياسات الإغلاق.. أيها على صواب؟
القرار الخاص بتخفيف الإجراءات أو تشديدها يخضع لتقييم المخاطر، فإذا تم تقييم المخاطر بصورة سليمة داخل الدولة من خلال معطيات حقيقية وواضحة، فالقرار غالباً سيكون صائباً.
هناك عوامل عديدة كمعدل انتشار الفيروس ومعدلات الإصابة والهرم السكاني، تؤثر في اتخاذ هذه القرارات؛ فإذا كان هناك دولة أغلب سكانها من كبار السن فعليها أن تكون أكثر حذرا.
سواء اختارت الدولة هذا الطريق أو ذاك، فمن المهم أن يتم تطبيق التباعد المجتمعي كجزء من الإجراءات التي يتم تنفيذها، فإذا كان من الممكن تخفيف الإجراءات مع وجود تباعد مجتمعي فهذا أمر جيد.
5. أين توجد مصر على منحنى الإصابات؟ هل ما زلنا في انتظار قمة المنحنى، أم أن عدد الحالات بدأ في الانخفاض.. كيف يتم تحديد هذا الأمر؟
مصر كأي دولة يتم فيها تقييم المخاطر، وهناك نقطة مهمة، وهي أن الفيروس ليس مشكلة صحية فحسب، بمل يمثل أيضا مشكلة اقتصادية واجتماعية وأمنية وسياسية. لذا يتطلب الأمر تعاون جميع مؤسسات الدولة من أجل مكافحة المرض. فيما يخص مصر، ما زال المنحنى صاعداً، ولم نصل لثبات المعدل أو نقصه. الإجراءات التي يتم تطبيقها ستساعد في الوصول إلى مرحلة الثبات.
6. ما هي السياسة الأفضل في مواجهة المرض.. التوسع في عمل التحاليل أم الاقتصار على المخالطين ومن تظهر عليهم الأعراض؟
بشكل عام نحن ننصح بالتوسع في عمل التحاليل للمخالطين، لكن هناك عوامل مهمة تحدد هذا الأمر، على رأسها القدرات المحلية من أجهزة وكوادر مدربة لعمل التحاليل، ونحن لا ننصح بعمل التحليل لكل أفراد المجتمع، خاصة في المناطق المغلقة على نفسها، أو التي لا يوجد تواصل كبير بينها وبين الخارج، وسيكون عمل التحاليل للجميع في هذه الحالة إهداراً للموارد، وقد يضيع الفرصة على من يحتاج بالفعل لعمل التحليل من أجل التشخيص.
7. هل من الممكن أن يحدث تكرار للعدوى من فيروس كورونا الجديد (سارس –كوفي-2)؟
الأصل أن الجسم يكون مناعة ضد الفيروسات تختلف من فيروس إلى آخر، وبعض التقارير أشارت إلى تكرار العدوي لدى بعض المرضى، لكننا نحتاج إلى التمهل لدراسة وفهم هذه النتائج. مبدئيا يجب أن نتساءل عن الاختبارات التي تم بها التشخيص وإعادة التشخيص. هناك عامل آخر وهو اختلاف الاستجابة المناعية بين الأشخاص. الفيروس أصاب أكثر من مليوني شخص، فإذا كانت هناك تقارير عن عشرة أشخاص، فلا يمكن تعميمها. لذا حتى الآن نحن نعتقد أن الإصابة بكورونا الجديد (كوفيد -19) تؤدي إلى حدوث مناعة ضده.
8. هناك نظرية انتشرت في الفترة الأخيرة حتى وسط الأطباء أن الفيروس يؤثر على الهيموغلوبين، وبالتالي يجب أن نغير من فهمنا لطريقة عمل الفيروس وتأثيره داخل الجسم.. هل هناك ما يدعم هذه النظرية؟
هذا البحث غير محكم، ولا يوجد دليل حتى الآن يدعم هذه النظرية.
9. هل يمكن أن تساعد شهور الصيف بالفعل على الحد من انتشار الفيروس؟
منذ ظهر الفيروس انتشر في العديد من الدول في شمال العالم وجنوبه رغم تفاوت الفصول واختلاف درجات الحرارة والرطوبة، لذا فالمشاهدات لا تدعم هذه النظرية، وفيما يخص طرق العدوى، فهي لا تتم بشكل مباشر من البيئة، بل تتم من خلال الرذاذ الذي ينتقل من المصابين. لذا لا يوجد دور كبير للحرارة أو الرطوبة في طرق العدوى؛ لذا فنحن نحذر من التراخي في إجراءات منع العدوي إذا اعتقد الناس أن الانتشار سيقل مع دخول الصيف. إذا انخفضت معدلات الإصابة، فستكون نتيجة جهود كبيرة تم بذلها من خلال التباعد المجتمعي وإجراءات الوقاية.
10. كيف ترى مستوى وعي الجماهير بالمرض واستخدام استراتيجيات الوقاية؟
بشكل عام، هناك حملات توعية جيدة، وهي تؤدي إلى مردود جيد. ما زلنا بحاجة إلى المزيد من الإجراءات. لكن الاستجابة لهذه الحملات ترتبط بحدوث هلع مجتمعي في بعض الأحيان، وهو رد فعل غير مرغوب.
11. خلال الفترة الأخيرة بدأت مظاهر عديدة لوصم المرضى في الظهور والانتشار. كيف ترى خطورة هذا الأمر، وكيف يمكن التعامل معه؟
الثقة المتبادلة بين المواطن والجهات المختلفة يجب أن تستمر. علينا أيضا أن نركز على الأمور الإيجابية والجوانب المضيئة، كعدد المتعافين أكثر من التركيز على عدد المرضى والمتوفين. هناك بالتأكيد ضوء في نهاية النفق. بالمناسبة فالأرقام المجردة ذاتها خادعة وليس لها دلالة في حد ذاتها، وهي تحتاج إلى متخصصين لتحليلها. يجب أيضا أن نركز على تبسيط المعلومات للناس من أجل تحقيق فهم ووعي أفضل.
12. هناك سؤال يسأله الكثيرون.. نسبة الوفيات من كورونا الجديد (كوفيد-19) أقل بكثير من العديد من الأمراض.. هل يستحق الأمر أن نعطل الخدمات الصحية الاعتيادية لصالحه؟
إذا نظرنا إلى الأرقام المجردة، سنجد أن الكثير من الأمراض تسبب وفيات بنسب أكبر بكثير من كورونا الجديد (كوفيد-19)، ولا يتم إغلاق الحدود في أي منها. لكن كوفيد-19 مرض جديد يسبقنا بخطوة، حيث لا يوجد ضده أي لقاح أو علاج محدد. لا يوجد مرض ينتشر بهذه السرعة، لذا فالوسيلة المتاحة حالياً هي إجراءات التباعد المجتمعي وتطبيق الإجراءات الاحترازية.
13. هل تأخرت منظمة الصحة العالمية في إعلان كون الوباء جائحة؟ وهل تأخرت أيضا في إعلان أن الفيروس ينتشر بين البشر؟
مبدئيا لا يوجد فارق من حيث الإجراءات التي يجب على الدول اتخاذها للتعامل مع الجائحة (وهو الإعلان الذي تم في 11 مارس من قبل منظمة الصحة العالمية)، وبين ما تم إعلانه من قبل من كون المرض يمثل طارئا صحيا مجتمعيا ذا أهمية عالمية (وهو ما تم في نهاية يناير). فيما يخص المعلومات التي تم بناء القرارات على أساسها، فهذه المعلومات تم الحصول عليها من الصين وهي دولة ذات سيادة. القانون ينظم علاقة المنظمة مع الدول، وبالتالي تقع مسؤولية دقة المعلومات التي تم الحصول عليها في هذا الوقت على عاتق السلطات الصينية. حاليا يتم مراجعة هذه الإجراءات من أجل فهم أفضل للوضع الذي بدأ هناك.
14. كيف يمكن أن تتجنب مصر مصير إيطاليا فيما يتعلق بالتعامل مع المرض؟
هناك اختلاف مبدئي في الهرم السكاني بين مصر وإيطاليا. مصر دول شابة بشكل أساسي، وهذه ميزة كبيرة. النقطة الثانية هي وجوب التزام الأفراد بالتباعد المجتمعي والنصائح الصحية، وهو ما سيساعد بشكل كبير على تقليل عدد الإصابات بشكل عام، وتقليل حدوث الإصابات في نفس الوقت، وبالتالي تخفيف الضغط على النظام الصحي حتى لا ينهار. نريد أن تحدث الإصابات على فترة أطول حتى نتجنب الضغط بشكل كبير على النظام الصحي لحمايته من الانهيار.
15. هناك مطالبات بإغلاق بعض المستشفيات التي ظهرت فيها حالات كوفيد-19.. هل هذا هو الإجراء الصحيح؟
بشكل عام يجب الالتزام بإجراءات مكافحة العدوى داخل المستشفيات من خلال وجود أدوات مكافحة العدوى، وتدريب ومتابعة الكوادر الطبية في تنفيذ هذه الإجراءات. لكن إذا أصيب أحد أفراد القطاع الطبي لأي سبب يتم تقصي سبب الإصابة، عمل التحليل بشكل سريع، فحص المخالطين، عزل المريض. لكن لا يوجد أي توجيه بإغلاق المستشفيات لأي سبب.
16. ماذا عن التحاليل.. في كل يوم تظهر تحاليل جديدة للتشخيص أو المناعة الخاصة بالمرض.. ما هو الوضع فيما يخص هذا الأمر؟
حتي الآن لا يوجد تحليل مؤكد سوى تحليل الحمض النووي. باقي التحاليل السيرولوجية نتابعها مع عدد من الخبراء المستقلين لتقييمها. التحاليل المختلفة لها فترة زمنية لظهورها، لذا يجب وضعها في سياق معين لاستخدامها. هناك قرابة عشرين كاشفا يتم اختبارها الآن من قبل المنظمة لإضافتها لقائمة الاستخدام.
17. أين نقف على الأرض فيما يخص اللقاح والأدوية الخاصة بكوفيد-19؟ ماذا عن الأدوية القديمة مثل أدوية الملاريا وغيرها؟
هذا الفيروس جاء بمعرفة متراكمة من خلال معرفتنا بالفيروسات السابقة مثل سارس. لذا تم فك الشيفرة الجينية الخاصة به وعمل أول لقاح والبدء في تجربته خلال ستين يوما تقريباً. هذه فترة قصيرة للغاية في عمر العلم، ويفتح الأمل لاعتماد لقاح خلال شهور. لكن يجب التأكد من سلامته أولا. بعدها يجب أن نقوم بإنتاج كميات هائلة لتغطي سكان الكرة الأرضية. فيما يخص الأدوية، هناك أدوية قديمة نعمل على استخدامها وتجربتها مع كوفيد-19. كما أن هناك أدوية جديدة يتم تجربتها في تجارب سريرية على مستوى العالم. مصر ستشارك في إحدى هذه التجارب. هناك نتائج مبشرة للعديد من هذه التجارب، لكن لا يمكن بالطبع أن نضع تاريخا محددا لوجود علاج محدد فعال لكوفيد-19. أحذر من تقديم نتائج مبالغ فيها قبل ثبوت نجاح أحد هذه الأدوية.