تنتشر بين الأطفال والمراهقين ألعاب خطيرة تشجعهم على إيذاء أنفسهم بأشكال مختلفة، وقد تصل للانتحار، وينشئ هذه الألعاب والمجموعات بعض المضطربين نفسياً، ومن أمثلة هذه الألعاب لعبة "الحوت الأزرق"، و"لعبة الاختناق"، "لعبة الملح والثلج"، و"تحدي النار"، و"تحدي التقطيع"، و"لعبة مريم"، وانتشار هذه الألعاب يخلق حالة من الرعب بين الآباء، وتبدأ القصة بأن يسجل المراهق نفسه في هذه الألعاب، وتوضع له مهام متدرجة في الخطورة، وتنتهي اللعبة مع انتحار اللاعب، ويجب أن يلتقط الأطفال صورًا لمهماتهم المكتملة لضمان التزامهم بجميع الطلبات ويتم تحذيرهم من أنه بمجرد بدء اللعب، يجب عليهم الانتهاء أو سيتم تعقبهم من قِبل المشرفين.
ولا يقتصر الضرر الذي يقع على أطفالنا من هذه الألعاب فقط؛ فالانترنت يحمل العديد من المخاطر المشابهه، فهناك المواقع التي تشجع على فقدان شهية الفتيات بشكل مبالغ فيه وخطير من أجل فقدان الوزن الزائد، والأزمة الكبرى في هذه المجموعات الانتحارية أنها تيسر التواصل بين الأطفال الذين لديهم نفس الشعور؛ وفي نفس الوقت تساعد على عزلهم عن المحيطين بشكل أكبر مما كان موجودا مسبقا، وتمارس عليهم شكلا من أشكال الابتزاز والتنمر الإلكتروني، ولن يقع في شباكهم إلا الأشخاص القابلون للوقوع في براثن هذه الشبكات، والقابلون للوقوع في علاقات اعتمادية مسيئة، ومن هنا يظهر لب المشكلة ويأتي الحل أيضاً.
المهم أنه قبل عصر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي كنا إذا شعرنا بالأفكار الانتحارية أو أي شكل من أشكال الكراهية الذاتية كنا نتحدث مع عائلاتنا وأصدقائنا وأشخاص آخرين في بيئاتنا حول هذا الموضوع، ولكن في الوقت الحاضر أصبح من الأسهل على الأطفال الانسحاب والاتصال عبر الإنترنت مع الناس الذين لن يعطوهم المنظور الذي يحتاجون إليه، أو ما هو أسوأ سوف يشجعون السلوك التدميري.
واسمحوا لي أن أكون واضحا هنا، الإنترنت ليس المشكلة؛ فمجموعات الانتحار والألعاب ليست هي المشكلة، والأطفال لا يقتلون أنفسهم لمجرد أن شخصًا ما في لعبة أخبرهم بفعل ذلك، وفي الواقع هم لا يمارسون ألعابًا كهذه إلا إذا كانوا بالفعل في حالة تجعلهم يتوجهون لمثل هذه المجموعات، والمهم الآن أن نكف عن توجيه اللوم إلى الخارج على أمل أن تخلصنا من هؤلاء الناس أو إبقائنا لأطفالنا بعيدين عن الشبكة سوف يحل المشكلة، وسامحوني إن قلت لكم لن يحدث ذلك.
هناك أدلة على أن معدلات الانتحار بين الأطفال قد تضاعفت في العقد الماضي، ونحن بحاجة إلى طرح أسئلة أعمق.. فالأمر لن يحل بمنع لعبة أو حتى بمنع كل المواقع الاجتماعية من حياة أطفالنا.
* والسؤال هو كيف ننقذ أطفالنا من الألعاب الخطرة؟
1. الشيء الأول الذي يمكننا فعله هو المشاركة في حياة أطفالنا
أن نتواصل معهم بعمق. نتعرف على عوالمهم - سواء عبر الإنترنت أو خارجه، نشاركهم في محادثات حول حياتهم وأصدقائهم ومشاعرهم، محادثات نستمع لهم فيها بأكثر مما نعطي نصائح وتوصيات، وإذا قضوا الكثير من الوقت على الإنترنت، علينا أن نذهب إلى هذه المواقع التي يدخلون عليها بكثرة، لا بهدف التجسس عليهم وفضخهم فيما بعد، ولكن لنكتشف ما يدور حولهم، ولنعثر على أرضية مشتركة معهم من عالمهم بدلاً من محاولة جرهم دائمًا إلى عالمنا.2. تعرف على قيمهم واحترمها مهما كانت
تأكد من أن لديهم متسعًا من الوقت كل يوم لممارسة الأشياء الأكثر أهمية بالنسبة لهم؛ فالأطفال الذين يمضون حياتهم كلها يفعلون ما يتوقعه آباؤهم ومجتمعهم منهم، وما لا يهمهم حقًا، سينتهي بهم الحال إلى الاكتئاب.3. توقف عن الضغط على أطفالك
توقف عن القلق بشأن المستقبل، وما سيكونون عليه في المستقبل، وكيف سيؤثر ما يفعلونه الآن على مستقبلهم. ابدأ في الانخراط معهم كبشر حقيقيين في الوقت الحاضر. فمن الصعب جدا أن نعيش كل لحظة من حياتنا كما لو أنها مجرد وسيلة للمستقبل، ولو فعلنا ذلك مع أنفسنا ومع أطفالنا فسنفقد الحاضر بكل مافيه - وهو الشيء المضمون في أيدينا الآن - ولن يكون هذا مفيدا لصحتنا وصحة أطفالنا النفسية. مهم جدا أن نتأكد من أن أطفالنا لديهم الكثير من وقت الفراغ.
4. لا تعلم أطفالك أبداً أن يكونوا جانباً واحداً فقط
يمكن أن يحدث الاكتئاب عندما يتم تعليم الأطفال أن يكونوا دائما لطفاء بدون قسوة، دائما مفيدين وغير كسالى.أطفالنا بشر؛ وككل البشر فيهم الخير والشر، والقوة والضعف، والحب والكره، والشجاعة والخوف، الأنانية والإيثار، نشطاء أحيانا وكسالى في أحيان أخرى، ومثلنا ومثل كل البشر يخطئون ويصيبون، والضغط على أطفالنا ليكونوا فقط النصف الذي نعتبره نحن النصف الجيد؛ يسبب لهم مشاعر الكراهية الذاتية لأنهم غير قادرين على الارتقاء إلى هذه المثل غير الواقعية.
5. احصل على المساعدة إذا كان أطفالك قد أغلقوا أبوابهم في وجهك بالفعل ولا يمكنك العثور على طريقة للدخول إليهم
احصل على المساعدة لك ولهم، ابحث عن صديق موثوق به، أو قريب، أو معالج، أو مدرب حياة، أو معلم، أو أي شخص يمكنه التواصل مع طفلك بعطف وبطريقة تخلو من الحكم.
6. ثق بحواسك
إذا شعرت أن هناك شيئا غير صحيح، فصدق حدسك حتى لو ثبت بعد ذلك أنه لم يكن صحيح، لأنه من الأفضل أن تحصل على مساعدة غير ضرورية قبل الأوان من أن تأسف في وقت لاحق.إذا كنت ترى علامات على أن طفلك يعاني من الأذى الذاتي (على سبيل المثال: ارتداء ملابس شتوية في منتصف فصل الصيف، أو رفض ارتداء بدلة السباحة، أو الندبات الفعلية)، فالرجاء أخذ ذلك على محمل الجد؛ وقد لا يؤدي ذلك أبداً إلى الانتحار، لكنه صرخة واضحة للحصول على المساعدة.
7. تحدث إليهم عن ألعاب الانتحار والمواقع
تحدث معهم عن الانتحار والاكتئاب بشكل عام، دعهم يعرفون أن الناس يشعرون باليأس أحيانًا وأن هناك طرقًا للخروج من هذه المشاعر إذا اتصلت بالأشخاص المناسبين فقط.إذا كان طفلك يعبر عن رغبته في الموت، فخذ هذا على محمل الجد؛ فمعظم ضحايا الانتحار يخبرون شخصا واحدا على الأقل عن نيته قبل ذهابهم، وأخبر أطفالك أن يستمعوا لهذه الصرخات من أصدقائهم.
8. مشاهدة نظامهم الغذائي
هذا مهم جدا؛ لقد صادفت الكثير من الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب أو القلق، ووجدت أنهم يفتقدون بعض العناصر الغذائية الأساسية، فإذا كان طفلك يعاني من الاكتئاب، تأكد من حصوله على ما يكفي من أوميغا 3، وفيتامين ب 3 (النياسين)، وفيتامين د، والمغنيسيوم، والبروبيوتيك.ترتبط صحة القناة الهضمية مباشرة بالاكتئاب والقلق.. فاقطع السكر والكربوهيدرات المكررة، وناقش النظام الغذائي مع طفلك وآثار هذا النظام على مشاعره وسلوكه.
9. راقب التغييرات في سلوك طفلك
مثل انخفاض الشهية، وتغييرات في عادات النوم، وهالات داكنة تحت العيون، وإذا أصبح أكثر سرية، أو انسحب اجتماعيا، أو عانى من الحزن، والتهيج، والغضب، وفقدان الاهتمام في الأشياء التي كان يحبها؛ وإذا كنت تعتقد أن هناك مشكلة، فعليك باتخاذ إجراء.10. ساعدهم في العثور على الموارد والأدوات المناسبة للتعامل مع القضايا التي يواجهونها في حياتهم
ككبار، غالباً ما نرى أن مشاكلهم تافهة، ولكن بالنسبة لهم، قد يشعرون أنها حقيقية للغاية وساحقة.وعلى سبيل المثال هذه الأمور تمثل مشكلات حقيقية بالنسبة لهم مثل إغاظتهم من قبل الأصدقاء، والتنمر، وضغوط الاختبارات الدراسية، وعلاقات الحب، والاختلافات المالية بينهم وبين أصدقائهم، والشعور بالوحدة، فضلاً عن الضغوط الكبرى للعنف المنزلي، والانتقال من مكان لآخر، والموت، والطلاق، والإساءة، وإدمان الكحول في المنزل، وغير ذلك الكثير.
11. كن على علم بما يفعلونه على الإنترنت
لا يلزم بالضرورة تقييد استخدام الإنترنت لطفلك (فهذا صعب جدا الآن مع وجود أجهزة المحمول مع جميع الأطفال تقريباً)، ولكن المهم أن تكون على علم بما يستخدمون الإنترنت فيه.غالبًا ما يلجأ الأطفال إلى الإنترنت لتلبية الاحتياجات والقيم التي لا تتحقق في أي مكان آخر من حياتهم؛ وعلى سبيل المثال، قد يكون لديهم مواقع متكررة لوسائل التواصل الاجتماعي لأنهم لا يتمتعون بما يكفي من وقت اللعب الحر مع الأصدقاء، أو قد يلعبون إلى ما لا نهاية على أي لعبة من الألعاب الإلكترونية لأنها تتيح لهم حرية الحركة والتعبير التي لا يحصلون عليها في حياتهم اليومية.
معرفة هذه الأمور تجعلنا أقدر على مساعدتهم لإيجاد طرق للوصول لاحتياجاتهم في العالم الحقيقي.
12. تأكد من أنهم يعرفون أنهم محبوبون
ما نحتاجه جميعا بشكل أساسي - والشيء الذي سيساعد حقاً في منع أي منا من السير في طريق الدمار - هو أن نُحب ونُقبل كما نحن.نعتقد أننا نحب أطفالنا تمامًا وأنهم يعرفون ذلك، ولكن في كثير من الأحيان، هناك انقطاع بين ما نشعر به وكيف نعبر عنه، تابع مع طفلك بمعرفة عالمه الموجود على الإنترنت، وخارج الإنترنت، داخل المنزل وخارجه.
أخبرهم أنك تحبهم كل يوم (ولا تربط تعبيرك عن الحب بشيء قاموا به)، وأظهر لهم أنك تحبهم بـ (العناق، والقبلات، والابتسامات، والطبطبة، وتدليك القدمين)، وأخبرهم أنهم كافون تماماً كما هم (واجعلهم يكتبوا على المرآة "أنا كافى" حتى يتمكنوا من قراءتها يوميا).
امنحهم هدايا صغيرة بدون مناسبة (زهرة اخترتها في طريقك إلى البيت، قصيدة مكتوبة لهم فقط)، واقض وقتا ممتعا وأنت تقوم بالأشياء التي يستمتعون بها، وقم بأشياء صغيرة ذات معنى بالنسبة لهم (فاجئهم بتخصيص يوم للعب سويا، أو اصنع فنجانا من الشوكولاته الساخنة، أو نظف قفص الهامستر بهم).. المهم أن تكون مبدعا.
13. الاستماع .. الاستماع.. الاستماع
تعلم مهارات الاستماع، وكن حاضرا وهادئاً، لا تسأل الكثير من الأسئلة، اعكس لهم أفكارهم ومشاعرهم، لا تحكم عليهم، ولا تخبرهم أبدًا بأنهم لا يشعرون بما يقولون أنهم يشعرون به أو أنهم يشعرون بما يقولون إنهم لا يشعرون به، مشاعرهم ملك خاص لهم.. فقط صدقها بدون تبرير أو تهوين أو تهويل.سيظل الناس، مثل منشئ لعبة "الحوت الأزرق"، على الدوام في انتظار أن يفترسوا الأطفال الأكثر عرضة لحيلهم، والحل ليس بالقضاء على هؤلاء الناس أو منع أطفالنا من الدخول على الشبكة، ولكن الحل يبدأ في المنزل.
أعلم أن القائمة التي قدمناها لمساعدتك في مساعدة أطفالك طويلة، ولكن الأساس هو مجرد أمرين هما الحب والحضور؛ فيمكنك أن تحمي طفلك من أن يصبح ضحية لهؤلاء المفترسين الانتحاريين عن طريق إضافة جرعة صحية من الوجود كأب وأم، وجرعة يومية كبيرة من الحب لأطفالك.