صحــــتك

هل اكتئاب ما بعد الولادة مرض وراثي؟

يُعد الحمل عملية شاقة تتضمن مجموعة متنوعة من التغيرات الجسدية والعاطفية والهرمونية لدى المرأة، وتعتبر التغيرات المزاجية شائعة أثناء الحمل وبعده، فقد تعاني العديد من السيدات من مشاعر مؤقتة من الحزن أو القلق بعد الولادة، والمعروفة باسم "الكآبة النِفاسية". لكن قد تستمر هذه المشاعر لأسابيع أو أشهر عند بعض السيدات، وهذا ما يُعرف باسم اكتئاب ما بعد الولادة (PPD).

ويعد اكتئاب ما بعد الولادة من المخاوف الخطيرة المتعلقة بالصحة العقلية، والتي قد لا تؤثر فقط على صحة الأم، ولكن قد يمتد أثرها أيضًا للطفل الجديد وأفراد الأسرة الآخرين. لم يتمكن العلماء من تحديد سبب معين لاكتئاب ما بعد الولادة، فقد تساهم مجموعة متنوعة من العوامل في تطوره، بما في ذلك العامل الوراثي. لذلك، فإن فهم الدور الذي تلعبه الوراثة في خطر اكتئاب ما بعد الولادة وتحديد الخطوات التي يمكن اتخاذها لحماية صحة المرأة العقلية بعد الولادة يعتبر أمرًا في غاية الأهمية.

أعراض اكتئاب ما بعد الولادة

تعتبر التغيرات المزاجية بعد الولادة أمرًا شائعًا، ويمكن أن تكون طبيعية، وهذا يمكن أن يجعل من الصعب على بعض الناس معرفة الفرق بين "الكآبة النفاسية" واضطراب ما بعد الولادة. تتطور الكآبة النفاسية خلال الأيام القليلة الأولى من الولادة، وتستمر لفترة قصيرة فقط، لذلك عندما تستمر مشاعر الحزن أو القلق لأكثر من أسبوعين فإن هذا علامة على ظهور اكتئاب ما بعد الولادة.

كما يمكن أيضًا أن يظهر اكتئاب ما بعد الولادة في أي وقت خلال السنة الأولى من الولادة. فعلى الرغم من أن معظم السيدات يبدأن بالشعور بأعراض اكتئاب ما بعد الولادة خلال فترة من أسبوع إلى 3 أسابيع من الولادة، فإن ما يصل إلى 7% من السيدات يعانين من أعراض اكتئاب ما بعد الولادة من 9 إلى 10 أشهر بعد الولادة.

وتشمل أعراض اكتئاب ما بعد الولادة ما يلي:

  • مشاعر الحزن أو اليأس أو العجز.
  • الشعور بالغضب أو اضطراب المزاج.
  • الشعور الدائم بالذنب.
  • تناول الطعام أكثر أو أقل من المعتاد.
  • الشعور بفقدان الاهتمام أو المتعة في الأنشطة التي كنت تستمتع بها في السابق.
  • الانسحاب بعيدًا عن الأصدقاء والعائلة.
  • وجود أفكار تدخلية حول إيذاء النفس أو الطفل.

ما هي أسباب ظهور اكتئاب ما بعد الولادة؟

هناك عدة عوامل مشتركة يمكن أن تزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب واكتئاب ما بعد الولادة، وتتضمن هذه العوامل ما يلي:

  • التغيرات الهرمونية: ترتفع مستويات هرمون الأستروجين والبروجسترون أثناء الحمل، ثم تبدأ بالانخفاض إلى مستوياتها الطبيعية بعد الولادة مباشرة، فوجد العلماء أن هذا التغيير المفاجئ والشديد في مستويات هذه الهرمونات قد يلعب دوراً في ظهور حالات اكتئاب ما بعد الولادة.
     
  • الشعور الدائم بالقلق: قد تشعر بعض الأمهات بالقلق تجاه كيفية رعاية مولودها الجديد، وقد تنتابها أفكار غير واقعية عن الأمومة المثالية.
     
  • قلة النوم والإرهاق: غالباً ما تعاني النساء في الفترات الأولى بعد الإنجاب من قلة النوم أو النوم المتقطع، إلى جانب الإرهاق الجسدي، فيزيد من صعوبة تعاملهن مع الضغوطات والمشكلات اليومية الروتينية والبسيطة.
     
  • اضطراب الهوية والصورة الذاتية: تشعر بعض النساء نتيجة المسؤوليات الجديدة والتغيرات الجسدية التي تطرأ عليهن بعد الولادة بانخفاض جاذبيتهم وفقدان السيطرة على حياتهن وأوقاتهن، مما قد يحفز مشاعر الإحباط واليأس.
     
  • انخفاض مستويات هرمونات الغدة الدرقية: تعتبر هرمونات الغدة الدرقية عاملًا مشاركًا أساسيًا في العديد من وظائف الجسم الحيوية، ولكن قد تنخفض مستوياتها بشكل حاد لدى بعض النساء بعد الولادة، مما يسبب العديد من أعراض الاكتئاب والتعب وفقدان الطاقة.

ما هو دور العامل الوراثي في حالات اكتئاب ما بعد الولادة؟

يعد وجود تاريخ عائلي لمرض الاكتئاب العام أو اكتئاب ما بعد الولادة أحد عوامل الخطر الرئيسية لظهور حالات اكتئاب ما بعد الولادة وتطورها. فهذا يعني أنه إذا كانت الوالدة أو إحدى الشقيقات أو أي سيدة أخرى من أفراد الأسرة أُصيبت باكتئاب ما بعد الولادة، فمن المرجح أن تكون نسبة الإصابة به أعلى.
 

ويتشارك أفراد العائلة في العديد من الأشياء التي قد تزيد من احتمالية الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة، فتعد الوراثة إحدى السمات المشتركة بين العائلات. تشير دراسة أجريت عام 2016 شملت أكثر من 583000 شقيقة من السويد، إلى أن احتمال حدوث اضطراب ما بعد الولادة كان أكثر بين التوائم المتطابقة مقارنة بالشقيقات الأخريات اللاتي يعشن في بيئات مختلفة.
 

وتشير نتائج هذه الدراسة إلى أن علم الوراثة أو الجينات، الذي يتم تقاسمه بشكل وثيق بين التوائم المتطابقة أكثر من الأنواع الأخرى من الأشقاء، يلعب دورًا في احتمالية الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة. ووفقًا لهذه الدراسة، ما يقرب من نصف احتمالية إصابة السيدة باكتئاب ما بعد الولادة يتم تحديده عن طريق الوراثة أو الجينات. حاولت العديد من الدراسات تحديد جينات معينة مرتبطة باضطراب اكتئاب ما بعد الولادة.

 

توصل العلماء إلى أن الجينات المشاركة في إشارات السيروتونين والأوكسيتوسين التي تلعب أدوارًا في الحالة المزاجية والروابط الاجتماعية وبناء العلاقات في الدماغ لها ارتباط قوي مع ظهور حالات اكتئاب ما بعد الولادة. تشير هذه النتائج إلى أن الأنماط المشتركة للإشارات غير المنتظمة داخل الدماغ قد تساهم في مجموعة متنوعة من اضطرابات المزاج، بما في ذلك اكتئاب ما بعد الولادة. وتوصلت بعض الدراسات أيضًا لربط العديد من الجينات المرتبطة باكتئاب ما بعد الولادة بأنواع أخرى من اضطرابات المزاج أو الصحة العقلية مثل:

من هن السيدات الأكثر عرضة لظهور اكتئاب ما بعد الولادة؟

يمكن لأي سيدة أن تصاب باكتئاب ما بعد الولادة، لذلك يوصي الخبراء بفحص اكتئاب ما بعد الولادة للجميع بعد الولادة. مع ذلك, بالإضافة إلى السيدات اللاتي لديهن تاريخ شخصي أو عائلي للاكتئاب، بما في ذلك اكتئاب ما بعد الولادة، فيمكن أن يؤثر اكتئاب ما بعد الولادة على اللاتي يعانين مما يلي:

  • تاريخ من الصدمة أو سوء المعاملة.
  • حدوث الحمل غير المخطط له أو غير المرغوب فيه.
  • الحمل في سن المراهقة.
  • تجربة ولادة صعبة أو مؤلمة (الحالية أو السابقة).
  • الولادة المبكرة أو الرضيع ذو الاحتياجات الصحية الخاصة.
  • قلة الدعم النفسي من المحيطين.
  • ضغوطات الحياة، مثل مشكلات العلاقات أو المال.

هل يمكن الوقاية من اكتئاب ما بعد الولادة؟

أشار الأطباء إلى عدة عوامل وُجد أنها وقائية ضد اكتئاب ما بعد الولادة, قد تتطلب بعض هذه الإجراءات مساعدة من الآخرين، فيمكن أن يساعد إنشاء شبكة من الدعم بين الأصدقاء والعائلة لتخطي هذه المحنة:

  • تلقي الرعاية التمريضية بشكل مناسب بعد الولادة.
  • الحصول على قسط كاف من النوم (على الأقل 6 إلى 7 ساعات يوميًا).
  • التواصل والثقة في الآخرين وتلقي الدعم النفسي اللازم منهم.
  • تناول مكملات الفيتامين د عند الضرورة، لكن تأكدي دائمًا من استشارة طبيبك قبل البدء في تناول أي أدوية أو مكملات، خاصة أثناء الرضاعة.
آخر تعديل بتاريخ
25 يوليو 2024
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.