توصلت دراسة حديثة إلى أن نسبة كبيرة من الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لا يحصلون على الرعاية الطبية المناسبة، وخاصة الإناث. ويتفق اختصاصيّو الصحة العقلية على أنه من المهم للآباء والمعلمين والمتخصصين في الرعاية الصحية رفع مستوى الوعي، وتثقيف الناس حول اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وأعراضه.
الدراسة الجديدة
توصلت دراسة جديدة نشرت في مجلة JAMA Network Open إلى أن نسبة كبيرة من الأطفال الذين يعانون من أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) لا يتلقون علاجًا لهذه الحالة، ونظرت الدراسة في 11،723 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 9 و10 سنوات. وطلب الباحثون من الآباء تحديد ما إذا كان أطفالهم يعانون من فرط الحركة وتشتت الانتباه أم لا.
وجد الباحثون أن عددًا قليلاً من الأطفال المصابين بالاضطراب كانوا يتلقون إما أدوية أو علاجًا سلوكيا، ونسبة كبيرة منهم لا يحصلون على علاج طبي، كما وجد الباحثون أن من بين الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، المشمولين في الدراسة:
-
تلقى ما يقرب من 26.2٪ منهم رعاية صحية عقلية.
- وأن 12.9٪ منهم يتلقون حاليا العلاج بالأدوية فقط.
- وتلقى 34.8٪ منهم إما علاجًا بالأدوية، أو علاجًا سلوكيًا.
- كما وجدت الدراسة أن استخدام العلاج كان أكثر شيوعا بين الأطفال الذكور من الإناث.
وجد مؤلفو البحث أن الدخل لم يكن مرتبطًا بالحصول على العلاج الطبي، فقد أظهرت النتائج أن الأطفال الذين يتقاضى آباؤهم وأمهاتهم رواتب أعلى، ويمتلكون شهادة تعليمية أعلى كانوا أقل عرضة لتلقي العلاج والرعاية الطبية اللازمة، مقارنة بالأطفال الذين كان آباؤهم يتقاضون رواتب أقل، ودرجة تعليمية أقل.
أهمية رفع مستوى الوعي فيما يتعلق بعلاج فرط الحركة وتشتت الانتباه لدى الأطفال
قال الطبيب النفسي د. هارولد هونغ: "هناك حاجة كبيرة لزيادة الوعي والفهم فيما يتعلق بفرط الحركة وتشتت الانتباه لدى الأطفال، لقد سلطت هذه الدراسة الأخيرة الضوء على بعض الفجوات الرئيسية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالفتيات المصابات باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه".
وأضاف هونغ: "لسوء الحظ، أعتقد أن العديد من الآباء ليسوا على دراية بالأعراض التي يجب البحث عنها، أو حتى كيفية التعرف على أن طفلهم قد يكون مصابًا بحالة مثل اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ونتيجة لذلك، فهم لا يسعون للحصول على المساعدة المناسبة، أو تشخيص طفلهم على الإطلاق، علاوة على ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية أيضًا، فقد لا تكون بعض المجتمعات مجهزة لتحديد ومعالجة الأطفال الذين يعانون من حالات كهذه، مما يؤدي بهم إلى إهمال العلاج ".
ويقول الخبراء إنه من الأهمية بمكان أن يقوم الآباء والمعلمون والأطباء بدورهم في زيادة الوعي وسد هذه الفجوة في العلاج. وأوضح هونغ: "أعتقد أنه يجب إجراء المزيد من الأبحاث حول هذا الموضوع، ولكنّ المزيد من التعليم والوعي أمر بالغ الأهمية، لضمان حصول جميع الأطفال، بغض النظر عن الجنس، على الرعاية والعلاج المناسبين لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ويجب أن نعمل معًا كمجتمع -الآباء والمعلمين والمهنيين الطبيين- للتأكد من حصول أطفالنا على الموارد التي يحتاجون إليها".
وتشير النتائج إلى أن العديد من الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لا يتلقون العلاج اللازم، مما قد يكون له تأثير سلبي على قدرتهم على التعلم، والتفاعل مع الآخرين في الأوساط الاجتماعية والأكاديمية.
وقد لا يحصل بعض الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على الرعاية التي يحتاجونها لعدة أسباب، من بينها: أن الآباء ومقدمي الرعاية الآخرين يجهلون أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، أو العلاجات التي يمكن الوصول إليها بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك عقبات اجتماعية أو ثقافية تمنع العائلات من الحصول على الرعاية المناسبة.
ما يجب معرفته:
يقول الخبراء:
- إنه من أجل مساعدة الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، يجب بذل المزيد من الجهد لتحسين الوعي، والوصول إلى العلاجات. إننا بحاجة إلى التركيز على زيادة الوعي وتوفير المزيد من التعليم حول اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، وأعراضه، خاصة في المجتمعات الفقيرة.
- يجب أن نسعى جاهدين لتحسين الوصول إلى العلاج لجميع الأطفال الذين تظهر عليهم علامات اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، أو تم تشخيص إصابتهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. يمكن أن يشمل ذلك تقديم خدمات صحة عقلية أفضل، وزيادة الوصول إلى الموارد، مثل العلاج والأدوية، وخطط تعديل السلوك، وتغيير نمط الحياة، وغير ذلك.
- يجب على المتخصصين في الرعاية الصحية أيضًا التأكد من تقديم هذه الخدمات بسعر يمكن لجميع العائلات الوصول إليه، بغض النظر عن حالتهم الاجتماعية والاقتصادية.
- من المهم للمجتمع الطبي تقديم معلومات مفصلة حول العلاجات المختلفة المتاحة، حتى يتمكن الآباء من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن رعاية أطفالهم.
معرفة أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
يجب على الآباء البحث عن العلامات التي تشير إلى أن طفلهم يواجه صعوبة في التركيز وإتمام المهمّات، بالإضافة إلى إظهار سلوكيات، مثل فرط النشاط أو الاندفاع. ويمكن أن تشمل العلامات الرئيسية الأخرى لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه ما يلي:
- مشكلة في اتباع الإرشادات.
- صعوبة في القدرة على التركيز على المهمات.
- يواجه صعوبة في الجلوس.
- مقاطعة الناس عندما يتحدثون.
- يبدو أنه لا يستمع عند التحدث إليه مباشرة.
- الكلام المفرط.
- صعوبة إدارة العواطف ومستويات الإحباط.
- عدم القدرة على التحكم في السلوك في مواقف معينة.
- يصرف انتباهه بسهولة عن طريق المحفزات الخارجية، مثل الضوضاء أو الناس.
- تجنب المهمّات التي تتطلب الانتباه والتركيز المستمر والنسيان.
علاج الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
هناك علاجات مختلفة لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، بما في ذلك الأدوية والعلاج. ويمكن أن يساعد الطبيب في اختيار العلاج المناسب للطفل اعتمادا على اعتبارات متعددة. لكن، بشكل عام، الأدوية هي أكثر طرق العلاج شيوعًا، لأنها يمكن أن تساعد في إدارة بعض الأعراض الأساسية لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. ومع ذلك، فإن الدواء وحده لا يكفي دائمًا لعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بشكل فعال، يجب استخدام الأدوية بالاقتران مع التدخلات السلوكية، مثل تغيير نمط الحياة، والعلاج السلوكي المعرفي، فالأدوية تساعد على إدارة أعراض فرط الحركة وتشتت الانتباه، بينما يعلم العلاج السلوكي المهارات الاجتماعية للأطفال، وآليات التأقلم.
وتختلف علاجات اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه الأكثر فاعلية اعتمادًا على الطفل، وشدة أعراضه، وتبقى الاستراتيجية الأكثر نجاحًا هي تلك التي تجمع بين الأدوية والعلاج السلوكي وتعليم الوالدين. ويؤكد الخبراء أن الآباء هم أيضًا مفتاح لمساعدة الأطفال المصابين بهذه الحالة. لهذا، فإن توعية الوالديْن أمر ضروري، لأنه قد يمكّنهم من دعم أطفالهم في المنزل، وفهم سلوكهم بشكل أفضل.
*المصدر: