تختلف الذئبة الحمامية الوليدية عن مرض الذئبة الحمراء، فهو اضطراب في المناعة الذاتية يحدث عندما تنتقل الأجسام المضادة الذاتية من الأم إلى الطفل أثناء الحمل. لم يتوصل العلماء إلى السبب الدقيق لحدوث مرض الذئبة الوليدية، إلا أن الباحثين أجمعوا على أن الحالة نادرة، وتؤثر على حوالي 1 من كل 20.000 رضيع.
تقوم بعض الأجسام المضادة في هذا المرض بمهاجمة خلايا جسم الجنين، مما يؤدي إلى عدد من الأعراض والمضاعفات، مثل الطفح الجلدي ومشكلات القلب. سنقدم لكم في هذا المقال ما تحتاج إلى معرفته حول أسباب الذئبة الوليدية، والأعراض التي قد يعاني منها طفلك، وكيفية علاج هذه الحالة عند الرضع.
كيف تكتسب الذئبة الحمامية الوليدية؟
إذا كانت السيدة مصابة بمرض الذئبة وكانت حاملاً، فهذا لا يعني بالضرورة أن طفلها سيولد مصابًا بمرض الذئبة الوليدية. فالحالتان مختلفتان. وفقًا للمنظمة الوطنية للاضطرابات النادرة، حصل مرض الذئبة الوليدية على هذا الاسم لأن الأعراض تشمل بشكل عام طفحًا جلديًا يمكن أن يشبه تلك الموجودة في الأشخاص المصابين بمرض الذئبة الحمراء.
لذلك، وفقًا لمنظمة صحة المرأة وُجد أن معظم الأطفال الذين يولدون لسيدات مصابات بمرض الذئبة الحمراء ليس لديهم مرض الذئبة الوليدية. وعلى الجانب الآخر، ليس من الضروري أن يكون لدى الحامل مرض الذئبة الحمراء حتى تنجب طفلًا مصابًا بمرض الذئبة الوليدية. إذ يتعلق الأمر كله بالأجسام المضادة التي تحملها السيدة الحامل وما ينتقل إلى طفلها أثناء الحمل.
في حالة الذئبة الوليدية، تمر بعض الأجسام المضادة -مضادات Ro/SSA، أو anti-La/SSB، أو كليهما- عبر المشيمة إلى الطفل. وتهاجم هذه الأجسام المضادة الخلايا والأنسجة والأعضاء السليمة في جسم الجنين، مما يؤدي إلى أعراض ومضاعفات مثل الالتهاب أو أمراض القلب أو أمراض الكلى.
يقدر الخبراء أن نسبة 1% فقط من النساء اللاتي يحملن هذه الأجسام المضادة المضادة للنواة سينْقلْنها إلى أطفالهن، مما يؤدي إلى الإصابة بمرض الذئبة الحمامية الوليدية.
ما أعراض الذئبة الحمامية الوليدية؟
تُلاحظ علامات الذئبة الوليدية قبل الولادة في بعض الأحيان، خاصة إذا كان الطبيب يراقب الجنين بحثًا عن هذه الحالة، وتشتمل هذه العلامات ما يلي:
- إحصار القلب: يمكن أن يبدأ في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل، وهو حالة قلبية خلقية تسبب اضطرابًا في النشاط الكهربائي النموذجي للقلب. قد يتخطى القلب بعض النبضات الطبيعية، أو يصاب بخفقان، أو ينبض ببطء، أو ينبض بطريقة غير منتظمة.
يؤثر إحصار القلب على حوالي 5%من الأطفال، وهناك مستويات مختلفة من إحصار القلب: من الدرجة الأولى والدرجة الثانية، والثالثة والمعروفة أيضًا باسم إحصار القلب التام. وقد يتسبب إحصار القلب التام في ظهور الأعراض التالية عند الطفل:
- زرقة (لون أزرق أو أرجواني على الجلد).
- صعوبة الرضاعة.
- التعب المفرط والخمول.
قد يعاني الأطفال المصابون بالذئبة الوليدية عند الولادة من آفات جلدية (طفح جلدي أحمر متقشر). كما وُجد في كثير من الحالات -وفقًا لبحث عام 2004- أنه قد يستغرق ظهور الطفح الجلدي على الوجه أو فروة الرأس أو أعلى الظهر أو الصدر بضعة أسابيع. وعادةً ما يتلاشى هذا الطفح الجلدي في غضون بضعة أسابيع أو أشهر، ويجب أن يختفي تمامًا في غضون عام دون أي ندبات ملحوظة. كما قد يلاحظ وجود:
- مضاعفات في الكبد.
- فقر دم.
- انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء.
- انخفاض الصفائح الدموية.
- تغيرات مرضية أخرى في الدم.
كيف يُشخص مرض الذئبة الحمامية الوليدية؟
يُشخص مرض الذئبة الحمامية الوليدية عندما:
- تمتلك الأم أجسامًا مضادة لـ Ro/SSA، أو anti-La/SSB، أو أجسام مضادة لبروتين نوكليوبروتين (RNP).
- ويصاب الجنين أو المولود الجديد بإحصار القلب، أو يصاب المولود بطفح جلدي نموذجي مع عدم وجود تفسير آخر لهذه الأعراض.
يعتمد الأطباء على مراقبة الجنين لإحصار القلب، فيُنصح بتخطيط صدى القلب النبضي الأسبوعي للجنين من الأسبوع الثامن عشر حتى الأسبوع السادس والعشرين من الحمل عند الأمهات المصابات بأمراض المناعة الذاتية اللاتي تظهر عليهن نتائج إيجابية لمضادات Ro/SSA و / أو مضادات La/SSB. كما تضمنت التوصيات المراقبة الأسبوعية لتخطيط صدى القلب كل أسبوعين بعد 26 أسبوعًا إلى 32 أسبوعًا من الحمل.
يجري الأطباء فحصًا للأجسام المضادة لمضادات Ro/SSA وLa/SSB عند الأم، وفي حالة وجودها أو ارتفاع معدلاتها فيستدعي هذا فحص معدل ضربات قلب الجنين البطيء وتأكيد تخطيط صدى القلب لاحقًا لتشخيص إحصار القلب، والتأكد من عدم وجود تشوهات هيكلية محددة.
ما علاج الذئبة الحمامية الوليدية؟
يعتمد علاج الذئبة الوليدية على مدى تأثير الحالة على الطفل. فيمكن مراقبة الرضع الذين يعانون من آفات جلدية. فكما ذكرنا من قبل، يتلاشى الطفح الجلدي بشكل عام في غضون 6 أشهر دون أي علاج، ولا يؤدي عادةً إلى تندب طويل الأمد.
عندما تختفي الآفات الجلدية، فهذه علامة على أن الأجسام المضادة قد اختفت من جسم الطفل وذلك وفقًا لبحث أُجرى عام 2012. ويقترح الخبراء حماية بشرة الطفل من أشعة الشمس في هذه الأثناء.
وقد تختفي المضاعفات الأخرى أيضّا، مثل تلك التي تؤثر على الكبد أو الدم، دون علاج خلال 4 أو 6 أشهر. كما قد يصاب بعض الأطفال (نادرًا جدًا) بمضاعفات أكثر تعقيدًا، مثل:
- التهاب الكبد الصفراوي.
- تليف الكبد.
- نقص الصفيحات الشديد.
يجب مراقبة الأطفال الذين يعانون من إحصار القلب عن كثب لمراقبة أي تدهور في الحالة. وربما يحتاج بعض الأطفال (57 إلى 66% من أولئك الذين يعانون من إحصار القلب) إلى زرع أجهزة بطارية تنظيم ضربات القلب للمساعدة في استعادة نظم القلب النموذجي.
هل يمكن الوقاية من مرض الذئبة الوليدية؟
لا يمكن منع مرض الذئبة الوليدية، إلا أن التوقعات جيدة في معظم الحالات. فإذا كانت السيدة معرضة لخطر كبير، أو أنجبت طفلًا سابقًا مصابًا بمرض الذئبة الحمامية الوليدية، فعليها استشارة الطبيب والالتزام بالمراقبة أثناء الحمل.
قد يصف بعض الأطباء أدوية أثناء الحمل للمساعدة في منع حدوث مضاعفات في القلب. تشمل هذه الأدوية هيدروكسي كلوروكوين أو ديكساميثازون. كما يمكن للطبيب من خلال المراقبة المنتظمة تقييم مدى ودرجة إحصار القلب لدى الطفل ومناقشة أي خطوات تالية -بما في ذلك الأدوية أثناء الحمل، أو زرع بطارية منظم ضربات القلب بعد الولادة- التي يمكن أن تحسن نوعية حياة الطفل.
وختامًا..
يكبر الأطفال المصابون بمرض الذئبة الحمامية الوليدية بشكل شبه طبيعي، إذ تختفي الأعراض عند معظم الأطفال خلال 6 أشهر، وتكون نسبة إصابتهم بالذئبة الحمامية الجهازية (Systemic Lupus Erythematosus) قليلة جدًا في المستقبل.