يمر كل الأطفال بمرحلة التسنين الصعبة، عندما يبدأ البكاء وسيلان اللعاب ويبدأ الطفل بوضع أي شيء داخل فمه فقط لتسكين آلام اللثة فترة بزوغ الأسنان. لكن، بعد أن يكبر الطفل وتظهر أسنانه، ما الذي يدفعه لمضغ ملابسه وامتصاصها؟
في بعض الأحيان، يطور الطفل الأكبر سنًا عادة وضع ياقة قميصه أو حتى الأكمام في فمه ويمتصها لدرجة تجعلها مبلولة أو حتى تحدث فيها ثقوب أو شقوق، ويستمر في فعل هذه العادة كلما غفلت عنه، وكلما كان منشغلا بمشاهدة شيء ما كالتلفاز مثلا. وقد تشعر بالقلق من أن هذا السلوك قد يثير انتقادات من الزملاء والمعلمين أو أنه مرتبط ببعض مشاكل الصحة العقلية أو النمو. دعونا نلقي نظرة فاحصة على سبب قيام طفلك بمضغ ملابسه وكيف يمكنك مساعدته على التخلص من هذه العادة.
لماذا يمضغ الأطفال ملابسهم؟
يلعب التحفيز الفموي دورًا مهمًا في نمو طفلك. والبحث عن الأساليب التي تؤدي إلى التنظيم الذاتي أو التهدئة متجذر في أساليبنا الأساسية. مثلا، يعمد حديث الولادة لتحريك فمه عند رغبته في الرضاعة، والرضاعة بحد ذاتها وسيلة لتهدئة الرضيع، وفي وقت لاحق، قد يستخدم الأطفال نمط المص هذا لتهدئة أنفسهم، وغالبًا ما يكون ذلك في شكل اللهايات ومص الإبهام.
وعندما يكبر الأطفال ليصلوا إلى مرحلة الطفل الدارج أو مرحلة ما قبل المدرسة، قد يستمرون أيضا بتحفيز أفواههم وفكيهم. ويُعرف هذا في عالم العلاج المهني بأنه مدخلات تحفيز الحس العميق. ويمكن أن يكون هذا الضغط العميق مهدئًا للأطفال أثناء بحثهم عن طرق لتهدئة أنفسهم تكون موجهة ذاتيًا ويمكن التنبؤ بها، فالطفل الذي يهدئ نفسه بهذه الطريقة قد يمضغ قميصه لأنه يسهل الوصول إليه.
متى تقلق بشأن مضغ طفلك قميصه؟
فقط لأن هذا السلوك طبيعي وعميق الجذور لا يعني أنه يجب تجاهله مع تقدم طفلك في العمر. الدكتورة لورا اختصاصية نفسية سريرية مرخصة للأطفال في معهد Child & Family Institute في نيويورك: "في سن الثالثة، يتوقف الأطفال عادةً عن وضع الأشياء في أفواههم واستكشاف الأشياء بهذه الطريقة، لكنني رأيت طلاباً في الصف الرابع والخامس ابتدائي يمسكون بأطواق قمصانهم ويضعونها في أفواههم".
وتضيف: "إن مضغ القميص قد يكون مجرد طريقة غير ضارة يسعى فيها طفلك للحصول على مدخلات حسية أو يهدئ ويركز نفسه، مثل ما يفعل البالغون الذين يمضغون العلكة أو يعضون أظفارهم عندما يكونون متوترين أو مركزين".
ومع ذلك، هناك أوقات يمكن أن يكون فيها لمضغ قميص الطفل تأثير سلبي، وأهم تمييز هو تحديد ما إذا كان المص أو المضغ يعيق قدرة طفلك على المشاركة في روتينه اليومي أو يشكل مخاوف تتعلق بالسلامة". على سبيل المثال، إذا كان مضغ طفلك يدمر زيًا مدرسيًا أو رياضيًا أو يتسبب في خطر الاختناق، فستحتاج إلى التدخل.
وفي بعض الحالات، يمكن أن يكون مضغ القميص علامة على القلق أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أو مشكلة في النمو، لذلك من الجيد إخبار الطبيب إذا كانت هذه عادة مزمنة يعاني طفلك من صعوبة في السيطرة عليها.
وتوصي الدكتورة لورا بالتحدث إلى طفلك إذا كنت تعتقد أن عادته في مص الملابس أو مضغها مشكلة. والمهم هنا هو أنك تأتي من موقف غير قضائي، ويجب أن يكون هدفك الأول هو معرفة السبب وما يضايقه وألا تجعله يشعر بالحرج من سلوكه أو بالخجل من إتلاف ملابسه، وبهذه الطريقة، يمكن للطفل أن يستوعب ويفكر، ولن يفكر بنفسه كونه طفلاً سيئاً وسخيفاً يتسبب في فوضى الأشياء.
ويمكنك تجربة أسلوب استكشافي لطيف، مثلا يمكنك أن تقول: لقد لاحظت أنك أحيانًا تمضغ قميصك، لماذا تعتقد أنك تفعل ذلك؟ ما الذي يساعدك فيه؟ لأنه في بعض الأحيان قد لا يكون الأطفال على وعي بهذه العادة ويصبحون أكثر وعيًا بها بمجرد أن تلفت انتباههم إليها.
وإذا كان طفلك يعلم أنه يمضغ قميصه، فاسأله عما إذا كان يشعر بالرضا عن فعل ذلك أمام زملائه في الفصل. ويمكنك أيضًا مراجعة معلم طفلك أو مقدمي الرعاية لمعرفة ما إذا كانوا قد لاحظوا أي أنماط وما إذا كانت هناك أي مضايقة تحدث، وسيساعدك هذا على فهم ما إذا كان للسلوك تأثير على الحياة الاجتماعية لطفلك.
كيف تمنع طفلك من مضغ ملابسه؟
قد تقرر أن عادة طفلك في مص أو مضغ قميصه هي مرحلة عابرة وليست مشكلة كبيرة. ومع ذلك، إذا كان السلوك يزعجه أو يؤثر سلبًا على حياته اليومية، فهناك طرق لمساعدته على التخلص من هذه العادة.
1. تعرف على المحفزات
مثلا، هل يميل إلى فعل ذلك قبل وقت تناول الوجبات الخفيفة عندما يكون جائعاً؟ أو عندما يركز على الواجب المدرسي أو اللغز؟ هل قبل العطلة أو موعد اللعب عندما يكون متوتراً بشأن التفاعل الاجتماعي؟ وعندما تعرف تلك المحفزات، فقد تتمكن من القضاء على السلوك في مهده. على سبيل المثال، إذا كان يميل إلى المضغ عندما يكون جائعاً، فيمكنك توفير وجبات خفيفة صحية له. وإذا حدث ذلك عندما يكون متوتراً، فيمكنك مساعدته على تطوير تقنيات أخرى لإدارة الإجهاد، مثل التنفس من البطن.
2. أعطهم البدائل
يسعى الطفل الذي يمضغ قميصه إلى التحفيز عن طريق الفم، لذا اعرض عليه منتجات مصنوعة خصيصًا لهذا الموقف. مثلا، هناك قلادات ناعمة وآمنة قابلة للمضغ يمكن للطفل أن يقضمها، بما في ذلك بعض الأشكال مثل أسنان القرش أو الخرز.
وفي كثير من الأحيان، يمكن أن يلعب إبقاء يدي الطفل مشغولة دورًا في تقليل مضغ القميص. ويمكنك محاولة تقديم فرشاة رسم صغيرة لطفلك أو لعبة لتشغله وتشتت انتباهه عن وضع قميصه في فمه.
3. استشر مختصاً
إذا كنت قلقًا بشأن عادة مضغ طفلك قميصه، ينصح بالتحدث أولاً مع طبيب أطفال خبير في مجال النمو، والذي يمكنه التوصل إلى السبب وتزويدك بالحلول. وسيبحث عن صعوبة التركيز أو الانتباه، ومدى ارتباط طفلك بالآخرين، وتاريخ من التأخر في النمو أو تأخر اللغة، ومستويات القلق. وإذا كان طفلك يتناول عناصر غير قابلة للأكل مثل التراب، فقد يرغب الطبيب أيضًا في إجراء فحص غذائي للتأكد من عدم وجود أي تأثير على صحته. وقد يحيلك طبيب الأطفال إلى اختصاصي نفسي إذا بدا أن القلق مشكلة أساسية. وقد يقوم طبيب الأسنان أو اختصاصي تقويم الأسنان بإجراء تقييم لمعرفة ما إذا كان هناك سبب مادي للسلوك، مثل منطقة مؤلمة في الفم تجرى تهدئتها عن طريق المضغ أو المص.
أخيرا..
في كثير من الحالات، يكون سلوك الطفل هذا وسيلة للحصول على التحفيز الحسي أو الراحة عندما يكون متوترًا قليلاً. وعادةً ما تكون مرحلة عابرة لا تسبب ضررًا كبيرًا بخلاف بعض أطواق القمصان المتدلية أو الأكمام المهترئة. ومع ذلك، هناك أوقات يمكن أن يكون فيها مضغ القميص مثيرًا للقلق. ويجدر بك التحقيق مع طفلك وربما الطبيب في سبب هذه العادة ومحفزاتها. وبمعلومات عن سبب انخراط طفلك في هذا السلوك، يمكنك مساعدة طفلك على تجاوز هذه العادة مع الحفاظ على احترامه لذاته.
* المصدر: