تعتبر رؤية طفلك وهو محاط بالأصدقاء اللطيفين غير المؤذين من الأمور الجميلة التي يتمناها الوالدين لأطفالهم، فالصداقة تجعلك ترى مهارات طفلك الاجتماعية، وتمنحك فرصة لمراقبة طفلك عن بعد وهو يلعب ويضحك ويكتسب بعض المهارات من رفاقه. كما أن الصداقات يمكن أن تعزز نجاح طفلك بطرق مختلفة، والأطفال الذين لديهم صداقات حميمة عندهم مشاعر أعلى لتقدير الذات في مرحلة البلوغ. لكن، للأسف، من المحتمل أن تقابل صديقًا لطفلك لا تحبه، ربما لأنه يلعب بطريقة قاسية للغاية، أو يسب، أو هو متسلط أو متنمر، أو يبدو أنه قادر على فعل أشياء غير جيدة. وعندها يشعر الآباء بالسوء ويفكرون بطريقة لإبعاد طفلهم عن صديقه السيئ بدون أن يسببوا أي رد فعل سيئ أو حزن لطفلهم.. فما هي الخطوات، إن وجدت، التي يجب اتخاذها.
لماذا قد لا تحب صديق طفلك؟
قبل أن تبدأ في تحليل سبب عدم إعجابك بصديق معين، اعترف بمشاعرك وتقبلها، لأنه لا حرج على الإطلاق من الشعور بالضيق تجاه أصدقاء طفلك، وعلى الرغم من أنها مشاعر مزعجة، لكنها ليست خطأ أبدًا في حد ذاتها. ويمكن التفكير لتحديد ما الذي أزعجك وما هي المشاعر التي تثيرك. وهل تشعر بالخوف أو القلق أو الإحباط أو الغضب؟ حدد السبب بالضبط لتتمكن من مناقشة طفلك فيما بعد. مثلا، قد تكون قلقًا بشأن كيفية تأثير سلوك الصديق على طفلك، فقد تكون سلوكيات صديقه تفتقر للأخلاق أو عدوانية وأنت تخاف من اكتساب طفلك لتلك السلوكيات.
وإذا كان طفلك كبيرا بالعمر، فقد يتحول القلق من مجرد لعب بعنف وسب إلى مخاوف أكبر، مثلا، قد يعود ولدك إلى المنزل وهو غاضب أو ممتعض بعد قضاء بعض الوقت في منزل صديقه، الأمر الذي يجعل النوم يهرب من عينيك خوفا مما حصل، خصوصا عندما يرفض ولدك إخبارك بأي شيء، وأنت خائف من أن يتم استغلال ولدك أو طفلك بأي شيء مسيء. وهناك وجه آخر للشعور بالضيق من صديق طفلك، لكن الأمر غير متعلق بالصديق نفسه، ولكنه قد يكون نتيجة الأسرة التي ينتمي لها الطفل، على سبيل المثال، تجد صديق طفلك لطيفا وغير مؤذٍ، لكنك تخاف من البيئة التي نشأ بها الطفل، فقد يكون والده صاحب سمعة سيئة ولا يلتزم بالحدود وأنت لا ترغب أن يصاحب طفلك شخصا من عائلة منحلة أو سيئة، لأن هذا سيجعلك أنت أيضا في حالة من التواصل مع هذه العائلة وليس طفلك فحسب. لهذا، خذ الوقت الكافي لتقليب الأسباب والتفكير بها مليا في عقلك قبل التحدث مع طفلك.
وأحيانا، قد يكون السبب فقط أن صديق الطفل من بيئة مختلفة عن خلفية أسرتك أو يعبر عن نفسه بطريقة مختلفة. وعلى الرغم من انزعاجك، قد يكون هذا الاختلاف هو بالضبط ما يروق لطفلك. لهذا، يجب أن يكون الآباء على دراية جيدة بالخط الفاصل بين مشاعرهم ومشاعر أطفالهم. ومن السهل افتراض أو توقع أن الطفل يجب أن يشعر بنفس الشعور، لكن غالبًا ما تكون لدى الآباء والأطفال أفكار ومشاعر مختلفة، وهذا أمر صحي ومناسب.وقد يكون ذلك نتيجة حدث أو تجربة مررت بها، فكر وستجد السبب...
كيف تتحدث مع طفلك إذا كنت لا تحب صديقه؟
بالطبع ، هناك الكثير من المرات التي يجب أن تتدخل فيها، إذا كان سلوك الطفل الآخر أو تفاعلاته مع طفلك سامة، لكن يجب أن تفعل ذلك بطريقة لا تجعلك بمحل جدال أو نقاش حاد مع الطفل.
- اطرح أسئلة، تعرف على المزيد حول العلاقة دون إصدار حكم، مثلا، "أخبرني عن صديقك، ما الذي يعجبك فيه؟ ما الذي تستمتع بفعله معًا؟ فقد تتعلم شيئًا يغير رأيك بشأن صديقه أثناء النقاش.
- لا تسئ للطفل الآخر، لا تقل شيئًا مثل، "أنا لا أحب ذلك الفتى!" حاول اختيار الألفاظ جيدا، لأنه ليس من المناسب قول أشياء سلبية عن صديق طفلك أو عائلته، فمن المحتمل أن يحدث صدع بينك وبين طفلك ومن المرجح أن يخلق المزيد من الصعوبات. وقد يخبر طفلك بدون قصد صديقه، مثلا، "أمي لا تريد مني قضاء الوقت في منزلك بعد الآن". فلا تضع طفلك ونفسك في هذا الموقف الصعب.
- حاول تسليط الضوء على مشكلة محددة، واطرح أسئلة حول هذا السلوك. قد تقول: "كيف شعرت عندما قال لك صديقك كذا وكذا؟ هل يتصل بك صديقك فقط عندما يحتاج إلى شيء منك" أو "غالبًا ما تبدو غريب الأطوار أو حزينًا بعد قضاء الوقت مع صديقك الفلاني..
- بعد مشاركة هذه الملاحظات، امنح طفلك فرصة للتعبير عن وجهة نظره أيضًا. ربما كان طفلك أيضا غير مرتاح لكنه لم يكن يعرف التحقق من مشاعره أو كيفية التعامل مع الأمر، فالتحقق من صحة مشاعرهم دون التسرع في إصلاحها لهم هو أداة تربية لا تقدر بثمن في أي عمر.
متى عليك التدخل لإنهاء الصداقة المسيئة؟
- إذا كان صديقه يتصرف بطرق خطيرة أو غير آمنة، هنا يمكنك التدخل ووضع حد لتلك الصداقة. ضع حدودًا صارمة مع طفلك حول قضاء الوقت مع هذا الصديق. مثلا، قل له إنه يمكن لصديقك المجيء وقضاء الوقت معك في منزلنا لكنك لن تذهب لمنزله، أو يمكنك قضاء بعض الوقت في المدرسة، ولكن ليس خارجها.
- إذا لم يكن الموقف خطيرًا، لكنك لست مرتاحا لصديق طفلك، درب طفلك بدلاً من التصرف نيابة عنه، لأن مهمتنا هي الحفاظ على سلامة وصحة أطفالنا وليس من واجبنا منعهم من تجربة المشاعر السلبية أو التجارب الصعبة. وقد يكون لهذا الأسلوب أثر كبير على تعزيز ثقة طفلك بنفسه ليتمكن من إدارة مشاكله مما يعزز ثقته بنفسه.
الخلاصة..
تحدث إلى طفلك حول كيفية تعامل الأصدقاء مع بعضهم البعض، وكيف تبدو الصداقات الصحية وغير الصحية. واحرص على إخباره أنه ليس من المفترض أن تدوم كل الصداقات، فقد نحتاج في وقت ما للتخلي عن العلاقات المسيئة. والأهم من ذلك كله، أن ترسل رسالة لطفلك مفادها أنك تثق به لاختيار الأصدقاء، والانخراط في العلاقات. لكن، قد تحتاج للتدخل بصورة مباشرة ووضع حد في الحالات التي قد يسبب الصديق ضررا لطفلك.
* المصدر