تتحمّل شركات وسائل التواصل الاجتماعي بعض المسؤولية عن المحتوى الضار المحتَمل الذي تسمح به، ولكن على الرغم من وجود هذا المحتوى، يقع على عاتق الآباء ومقدّمي الرعاية محاولة حماية الصحة العقلية للأطفال.
لا يستطيع معظم الآباء منع أطفالهم من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في المنزل، ولكنْ يمكنهم متابعة أطفالهم ونُصحهم باستخدامها بشكل صحيح، والسماح للأطفال باستخدام التطبيقات والهواتف لإبقائهم على اتصال بالأصدقاء، ومنعهم من الشعور بالانعزال عن جزء من عالمهم الاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك، عندما يكبر الأطفال قد يكون من المستحسَن أن يتعلّموا حدودهم بأنفسهم، وكيفية توجيه المحتوى بشكل واضح، أو التعامل معه استعداداً لمستقبلهم، إذْ لا يمكن للآباء مراقبة الأبناء على مدار اللحظة، وما قد يستطيعون حجبه عنهم في المنزل سيجده الأطفال في المدرسة على هواتف أصدقائهم.
نظراً لأن العديد من الطلاب يجلبون الآن الهواتف إلى المدرسة، وأنّ التكنولوجيا أصبحت متاحة في المنازل، فمن غير المرجّح أن يتمكّن الآباء من إنشاء تعتيم مناسب على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنع أطفالهم من استخدامها، فكيف يمكننا إذًا كآباء حماية أطفالنا؟
-
اتخِذْ موقفاً من السرّية
قالت مفوّضة شؤون الأطفال السيدة راشيل دي سوزا إن 45% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و17 عاماً قد واجهوا مواد منشورة مزعجة أو غير ملائمة، ونصف من وصلوا إلى هذا المحتوى لم يبلّغوا عنه. لذا، فأفضل طريقة لحماية أطفالنا هي مصارحتهم والتغلّب على مفهوم السرية.
يضع العديد من الآباء قواعد أساسية، ويحدّون أو يحظرون استخدام تطبيقات معيَّنة، ويشرحون للأطفال نوع المحتوى الذي لا يُسمَح لهم بالوصول إليه، ولكن حتى لو كان طفلك مسؤولاً وجديرًا بالثقة، فقد يكون من السهل جداً عليه العثور على محتوى خطير أو غير لائق.
سواء أحببنا التفكير في الأمر أم لا، فمن المرجّح أن يتعرّض أطفالنا لمحتوى قد يكون ضاراً في مرحلة ما خلال طفولتهم، ولكن بينما لا يمكننا محاربة التكنولوجيا أو منعها من الوصول إلى أطفالنا، فيمكننا اتخاذ موقف بشأن السرية التي تُحيط بها، سيساعدنا ذلك في توجيه أطفالنا إلى فهمٍ أفضل للعالم بأسْره، وتشجيعهم على رؤية المحتوى بطريقة تحمي صحتهم العقلية، وتجعلهم أقل عرضة للتأثّر بما يشاهدونه أو يقرؤونه.
-
كن منفتحاً وواقعياً
يعد إنشاء اتصال مفتوح مع طفلك، ومناقشة المحتوى عبر الإنترنت دون خوف أو خجل، طريقةً جيدة لحماية طفلك من آثار محتوى الإنترنت السيئة، فالمحتوى الجنسي أو الذي يتضمّن إيذاء النفس على سبيل المثال يمكن أن يكون ضاراً لأنه يستغلّ إحساس الطفل بالعار.
يمكنك إجراء محادثات صعبة مع طفلك حول مواضيع مثل الانتحار والجنس والمخدرات، ولكنها ستكون مفيدة، كما يمكنك أن تعقد اتفاقية مع طفلك بأن يلجأ إليك عندما يرى شيئاً يجعله يشعر بعدم الارتياح أو الإحراج، وقتها سيشعر طفلك بالانفتاح تجاه أي محتوى يواجهه، بدلاً من الشعور بأن لديه شيئًا يُخْفيه عنك، ويخاف من اكتشافك له.
يجب على الآباء التقليل من رد الفعل إلى الحد الأدنى من أجل خلق بيئة آمنة، ومن أجل أن يشعر أطفالنا أنهم قادرون على المشاركة والتحدث عن المحتوى بالمعرفة بدلاً من العاطفة.
-
راقِب ما يشاهده طفلك بموافقته
عندما يترك الطفل هاتفه، أو يكون في المدرسة بعيداً عن جهاز الحاسوب الخاص به، فإن ذلك يُغرِي الآباء لإلقاء نظرة سريعة من أجل الطمأنينة. يبدو هذا النوع من المراقبة في بعض الأحيان ضرورياً إذا اشتبه أحد الوالدين أو مقدم الرعاية في وجود خطأ ما.
مع ذلك، بدلاً من الوصول الخَفِيّ إلى أجهزة الوسائط، كن صريحًا مع طفلك إذا رغِبْتَ في مراقبة ما يشاهده طفلك، وأخبِرْ طفلك بأنك تريد مراجعة سجل البحث الخاص به، أو اشرح له أن شرط امتلاك هاتف هو أنه يجب منحك حق الوصول إلى هاتفه إذا كنت ترغب في ذلك.
مع ذلك فقد يتحايل الأطفال على هذا النوع من النظام إذا علموا أنهم يصلون إلى محتوى قد لا توافق عليه، ومع تطوّر التكنولوجيا فمن المحتَمل أن يستطيع الطفل إخفاء شيء ما، وهذا يضع الآباء في وضع صعب للغاية، لذلك من المهم بناء ثقة بينك وبين طفلك، وتعزيز شعوره بالأمان والتفهم، حتى لا يلجأ إلى إخفاء شيء عنك، أو يتردّد بإخبارك بأي شيء يواجهه.
-
التثقيف حول المسؤولية عبر الإنترنت
بالإضافة للحديث عن المخاطر المحتملة للسلوك عبر الإنترنت، من المهم مساعدة الأطفال على فهم مسؤولياتهم عبر الإنترنت تجاه أنفسهم والآخرين.
فبالنسبة لأطفال اليوم، وخاصة المراهقين، فإن نشر أي شيء غير حكيم على الإنترنت قد يكون له عواقب طويلة الأمد.
من المهم أن يشعر الأطفال بالمسؤولية تجاه سمعتهم على الإنترنت، فعلى الرغم من أنهم يعتقدون أنهم مجهولون، فإنهم بحاجة إلى فهم أنهم ليسوا كذلك حقاً، وأنه لا ينبغي عليهم فعل أو قول أي شيء عبر الإنترنت لن يكونوا مرتاحين لفعله شخصياً، وهذا لحماية حاضرهم ومستقبلهم.
-
عالِج المشكلة في وقت مبكّر
قد يكون إجراء محادثات مع المراهقين الذين قد يشعرون بانفتاح أقل على مشاركة أفكارهم ومشاعرهم معك أمراً صعباً، وعلى الرغم من أن الأمر قد يبدو مبكّراً، فمن الأفضل معالجة مشكلة الأمان عبر الإنترنت مع الطفل عندما يكون أصغر سناً.
بشكل عام فإن الأطفال الذين يبْلُغون 12 عاماً أو أقل يتقبَّلون حقاً فكرة أن يظلّوا آمنين، فالدخول مبكّراً مع طفلك في محادثة صادقة وصريحة تعني فرصة أكبر لتقبّل الحديث والاقتناع به.
تذكَّر دائماً أن التكنولوجيا قد تبدو شيئاً جديداً بالنسبة لنا، لكنها تعتبر جزءًا دائمًا من عالَمهم.
-
الحفاظ على الحديث مع طفلك
لا توجد طرق بسيطة لحماية الأطفال في عالم تكنولوجي سريع التطور، إذْ تَظهَر تطبيقات جديدة وطرق جديدة للتواصل عبر الإنترنت باستمرار، وقد يبدو من المستحيل تتبّعها.
لكنّ إنشاء علاقة مفتوحة حول السلوك والمحتوى عبر الإنترنت، والتخفيف من مشاعر الخجل والعار، والاستعداد لمناقشة أي موضوع بطريقة هادئة ومدروسة، من شأنه أن يساعد في تقليل احتمالية إخفاء طفلك حقيقة تعرّضه للمحتوى الضار عبر الإنترنت. إذا شعر طفلك أنه يمكن أن يكون صريحًا معك، فستكون لديك فرصة أفضل للتعامل مع أي حدث في وقت مبكر.
المصدر:
https://patient.info/news-and-features/how-to-talk-to-your-child-about-social-media