حوادث العنف وحوادث السير وغير ذلك من المخاطر تحيط بنا في كل مكان، ومن الطبيعي أن تشعر بالقلق والخوف على أطفالك، وقد تفكر أنه من الأفضل إخفاء هذه المشاعر عن أطفالك، لكن المتخصصين ينصحون بمشاركة أطفالك مشاعرك السلبية.. فما هي كيفية التعبير عن المشاعر السلبية لأطفالك؟
أحداث تتطلب التعبير عن المشاعر السلبية
تحاوطنا الأحداث العنيفة والمؤلمة، وتؤثر على مشاعرنا ومشاعر أطفالنا، وقد نتصور أن أطفالنا لا يدركون ما يحدث حولهم، ولا يشعرون بما نشعر به، ونفضل أن نخفي مشاعرنا عنهم، ولكن الحقيقة أن الأطفال يشعرون بنا.. ويشعرون بالحوادث المؤلمة التي تحدث حولنا، وهذه أمثلة على الحوادث التي تثير مشاعر سلبية:
- حوادث السيارات
- جرعة زائدة من المخدرات أو التسمم
- الاختناق
- الغرق
- مرض أو إصابة عرضية
في مواجهة مثل هذه الأحداث، كيف يفترض بك أن تخفي خوفك وإحباطك وغضبك أمام أطفالك؟ يتفق الخبراء على أنه لا يجب أن تحتفظ بهذه المشاعر لنفسك، وأنه يجب التعبير عن المشاعر السلبية لأطفالك.
لماذا تشارك أطفالك مشاعرك السلبية؟
يتفاعل طفلك بسهولة مع الضغوطات، ويشعر بالظلم بعمق، وسرعان ما يلتقط التوتر والإثارة. وباختصار، إنه حساس للغاية، ويمكن للأطفال أن يكونوا مدركين إلى حد ما، وغالبًا ما يلاحظون أكثر مما تدرك - خاصة عندما يتعلق الأمر بأفكارك وعواطفك.
إذا كنت مثل معظم الآباء والأمهات، فقد ترغب في حماية طفلك من الألم والضيق غير الضروريين وحمايته - قدر الإمكان - من التجارب المخيفة أو المزعجة. لذلك، عندما تشعر باليأس من أحداث العالم وتبدأ في فقدان الأمل في أن الأمور سوف تتحسن، فقد تحاول غريزيًا الاحتفاظ بهذه المشاعر لنفسك.
ولكن عندما تحاول التخفيف من عواطفك، بقول "أنا بخير"، أو "لا تقلق، أو "كل شيء سيكون على ما يرام"، فإنك بذلك تلحق الضرر بنفسك وبطفلك.
ماذا تقول الأبحاث؟
استكشفت دراسة أُجريت عام 2020 بين الوالدين والطفل تأثير الكبت العاطفي للوالدين. اشتملت الدراسة على 107 أزواج من الآباء والأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و11 عامًا.
قام كل من الوالدين والطفل بإدراج خمسة موضوعات تسببت في حدوث صراع بينهما. بعد ذلك، تم فصلهم وأكمل كل من الوالدين تمرين التحدث أمام الجمهور للحث على الاستجابة للضغط.
بعد ذلك، انضم الآباء إلى أطفالهم لمناقشة أحد الموضوعات المدرجة في قائمتهم. ولكن قبل المحادثة، طلب الباحثون من نصف الآباء أن يكتموا عواطفهم، وطلبوا منهم "محاولة التصرف بطريقة لا يعرف طفلك أنك تشعر بأي شيء على الإطلاق".
في العائلات التي قام فيها الوالد بقمع عواطفه، أظهر كل من الوالدين والطفل درجة أقل من الدفء والمشاركة مع بعضهما البعض أثناء المحادثة. علاوة على ذلك، عندما تقوم الأمهات بقمع عواطفهن، استجاب أطفالهن بإظهار علامات التوتر. باختصار ، ما زالوا يتعرضون للضغط.
كما تقترح الدراسة أعلاه، لا يفيد الكبت العاطفي أي شخص. ليس أنت ولا طفلك. بالإضافة إلى ذلك، عندما تكذب أساسًا - فأنت لست بخير حقًا، بعد كل شيء، ولا يمكنك الوعد بأن كل شيء سيكون على ما يرام فهذا الوعد يمكنه تحطيم الثقة التي منحوك إياها.
اعلم أيضًا أن تجنب مشاعرك أو إخفاءها يمكن أن يعلمهم في النهاية أن يفعلوا الشيء نفسه، مما قد تكون له عواقب وخيمة على صحتهم العاطفية والعقلية، فلا تقلق من أن مشاركة حدث صادم حدث أخيرًا ستسبب صدمة لطفلك، فمن المحتمل أنهم سمعوا بالفعل عن هذه الأحداث ويكافحون من أجل فهم المعلومات التي يحصلون عليها من أقرانهم أو وسائل التواصل الاجتماعي. وبالتالي فلديك سببان وجيهان لمعالجة هذه المشكلات الصعبة مع أطفالك:
- إذا شعروا أنك تتجنب موضوعًا ما، فقد يتعلمون أن يفعلوا الشيء نفسه. عندما يخفون ارتباكهم وخوفهم، يمكن أن تتفاقم هذه المشاعر المكبوتة بمرور الوقت.
- تعزز المناقشة الصادقة التواصل المفتوح، مما يزيد من احتمالية استمرارهم في القدوم إليك عندما يحتاجون إلى التوجيه.
بدء المحادثة أمر مهم، من أجل السماح للأطفال بمعرفة أنه من المقبول والصحي التحدث. نريدهم أن يشعروا أنه لا بأس في التحدث عن القضايا الصعبة والمشاعر الصعبة والمواضيع المحظورة، حتى يعلموا أننا مع تقدمهم في السن ومعالجة المواقف الأكثر خطورة، يعلمون أنك شخص آمن يمكنهم أن يعتمدوا عليك.
كيف تشارك أطفالك مشاعرك السلبية؟
يمكن أن تكون لإظهار المشاعر حول أطفالك قيمة كبيرة، ولكن هذا لا يعني أنه يجب عليك إظهار مشاعرك غير المنظمة، وبدلاً من ذلك، اعتبرها فرصة لإثبات كيفية تنظيم المشاعر بشكل فعال، ومن أجل توفير الأمان لأطفالنا عندما نتحدث معهم، نحتاج إلى التنظيم وعدم إصدار الأحكام. ويساعدهم تنظيمنا، أو الهدوء، على الشعور بالأمان للمشاركة. ويمكن أن يساعدهم عدم حكمنا على شعورهم على طرح أي شيء دون التعرض للانتقاد أو العقاب.
أما إذا ظهرت قلقًا أو غاضبًا أو منزعجًا بشكل مفرط، فقد يشعرون وكأنهم بحاجة إلى الاعتناء بك وحمايتك من خلال إخفاء مشاعرهم.
جرب هذه الخطوات
إذا بدأت عواطفك تصبح ساحقة، فلن تحتاج بالضرورة إلى إخفاء ذلك عن أطفالك. بدلاً من ذلك، استخدم الكلمات لشرح أنك تمر بوقت عصيب وشرح كيفية تعاملك.. مثل:
- شعر بالضيق الشديد بعد مشاهدة الأخبار. سوف آخذ استراحة إعلامية. هل تريد أن نلعب لعبة معًا؟
- أو عندما أشعر بالحزن، أحب أن أذهب إلى مكان يجعلني أشعر بتحسن. دعونا نتناول وجبة غداء، ونأخذ يومًا لنهتم بأنفسنا، ونذهب لتلك الحديقة التي نحبها.
- أواجه صعوبة في وضع مشاعري في كلمات الآن. سآخذ الكلاب إلى الخارج، وآخذ أنفاسا عميقة، وأجمع أفكاري. يمكننا التحدث أكثر عندما أعود.
ضع في اعتبارك أيضًا أن محادثتك من المحتمل أن تأخذ شكلًا مختلفًا حسب عمر طفلك.
قد يواجه الأطفال الأصغر سنًا الذين لا يزالون يفتقرون إلى فهم جيد لعواطفهم صعوبة في فهم المشاعر المعقدة. قد يشعرون ببساطة بالضيق - أو يشعرون بالخوف من ضيقك - دون معرفة كيفية وضع هذه المشاعر في كلمات.
إن طرح أسئلة على طفلك أو تقديم الموضوع بطرق أخرى يمكن أن يمنحه الفرصة لمشاركة ما يشعر به.
- أعرف أن الكثير من الناس يتحدثون عن البنادق وإطلاق النار. ماذا تعرف عن ما يحدث الآن؟
- أشعر بالحزن والغضب الشديد الآن. ما هو شعورك؟
- قد يكون لديك الكثير من المشاعر المحيرة في الوقت الحالي، ولا بأس بذلك. ليس من السهل دائمًا التحدث عنهم، ولكن التحدث يمكن أن يساعد، وأنا هنا دائمًا للاستماع.
كيف تشارك أطفالك مشاعرك السلبية بشكل فعال؟
- المفتاح هو السماح لطفلك بالقيادة، اسأله عما يعرفه أولاً، حتى تتمكن من الرد دون إضافة الكثير من المعلومات الجديدة وتصحيح أي أخطاء. كن واضحًا، ولكن حدد مقدار ما تشاركه، فالقليل يمكن أن يكون أكثر من اللازم، خاصة بالنسبة للأطفال الصغار، وعندما تشعر بالضيق الشديد بحيث لا يمكنك التزام الهدوء. قدم معلومات بسيطة ومباشرة واسأل عما إذا كان لديهم أي أسئلة أو إضافات.. الهدف هو تقديم الحقائق دون إعطائهم معلومات أكثر مما يمكنهم التعامل معه في الحال.
- تجنب التطمينات الفارغة: بغض النظر عن مدى رغبتك في طمأنة طفلك، فليس من المفيد عادةً قول أشياء مثل، لا تقلق، فهذا لن يحدث أبدًا في مدرستك أو كل شيء على ما يرام، وربما يدركون أن كل شيء ليس جيدًا في الواقع، وقد يدعونك أيضًا إلى حقيقة أنك ببساطة لا تستطيع معرفة ذلك.
- تجنب إلقاء اللوم: إذا كنت تشعر بالغضب من معدلات الحوادث، فهذا رد فعل طبيعي تمامًا. لكن إلقاء اللوم على أشخاص أو مجموعات معينة لن يعالج المشكلة الأكبر ، ومن المحتمل ألا يساعدك على الشعور بتحسن كبير أيضًا، وفي بعض الحالات، قد يؤدي القيام بذلك إلى الترويج للصور النمطية الضارة ويقود طفلك إلى وضع افتراضات حول مجموعات معينة من الأشخاص.
- حافظ على صدقك: الصدق هو دائمًا أفضل سياسة، حتى عندما يتعلق الأمر بالأخبار المخيفة. ولكن مع أهمية مراعاة عمر طفلك واحتياجاته العاطفية عند تحديد كيفية مشاركة المعلومات. إذا لم تتمكن من الإجابة على كل ما يطلبه طفلك، فلا بأس دائمًا من قول ذلك. وقد يشعر الأطفال الأكبر سنًا والمراهقون بمزيد من الطمأنينة عندما يكون لديهم المزيد من الحقائق والمعلومات. سيحترمونك أيضًا أكثر إذا اعترفت بأنك لا تعرف شيئًا بدلاً من تقديم إجابة غامضة أو مزورة. واعرض مساعدتك في البحث حتى تتمكن من العثور على الحقائق معًا.
- ناقش تدابير السلامة: تأكد من أن الأطفال يعرفون أنهم محميون قدر الإمكان، ووجه المحادثة نحو الخطوات التي اتخذتها مدرستهم للحفاظ على سلامتهم. ويمكن أيضاً ذكر الأشياء الإيجابية، مثل تكريم أو ذكر الأشخاص الذين تدخلوا للتصرف بشجاعة أثناء إطلاق نار جماعي أو حدث صادم آخر. يمكنك أيضًا تقديم أمثلة على إجراءات محددة اتخذها الأشخاص للتصدي لعنف السلاح.
- خذ سنهم في الحسبان: قد يكون لدى المراهقين اهتمام أكبر بالمسائل الأعمق المتعلقة بأي حدث صادم آخر ، لذلك قد يرغبون في استكشاف موضوعات مثل ردود الفعل العاطفية والتداعيات السياسية بمزيد من التعمق. ومشاركة غضبهم ومخاوفهم، مع تقديم نموذج لضبط النفس، يمكن أن يساعدهم على الشعور بالفهم.
- لا تحاول حلها: ضع في اعتبارك أن أطفالك قد لا يريدون دائمًا حلًا، حتى إذا كان هناك حل. في بعض الأحيان، يريدون ببساطة التنفيس عن آلامهم وإحباطهم، ويمكنك المساعدة من خلال الاعتراف بهذه الضائقة - "أعلم أنك تشعر بالخوف الآن، وأنا أفعل ذلك أيضًا" - دون التبديل تلقائيًا إلى وضع حل المشكلات.
- أكد على أهمية الرعاية الذاتية: إن إظهار كيف تعتني بنفسك لأطفالك خلال الأوقات الصعبة يمكن أن يعلمهم ممارسة تلك المهارات نفسها. كأن تقوم بما يلي:
-
قم بإيقاف تشغيل التلفزيون والأجهزة لصالح كتاب أو لعبة أو حرفة أو قضاء وقت بالخارج.
-
احترم أوقات الوجبات العائلية وأوقات النوم أثناء الأزمات قدر الإمكان.
-
تحقق مع أطفالك حول الموضوعات اليومية، مثل دروسهم وتطبيقاتهم.
-
شجعهم على الاسترخاء مع الهوايات والأصدقاء والأحباء.
الأطفال من جميع الأعمار قد يستفيدون من استكشاف طرق لاتخاذ الإجراءات، والتي يمكن أن تساعدهم على تجنب الشعور بالحصار في مشاعر العجز واليأس، مثل المساهمة معهم في مؤسسة خيرية، أو حضور (أو التخطيط) لمناقشة حتى يتمكنوا من معرفة المزيد عن الإجراءات المحتملة التي يمكنهم اتخاذها.
لا بأس أن تحتاج إلى مزيد من الدعم
ربما تلاحظ أن طفلك يبدو أنه يواجه صعوبة خاصة في التأقلم مع الضيق الناتج عن حوادث والصدمات. إذا كنت تعتقد أنه قد يستفيد من مساعدة أكثر مما يمكنك تقديمه، فإن الخطوة التالية الجيدة تتضمن التواصل مع معالج.
يمكن لأخصائيي الصحة العقلية المدربين دعم طفلك في استكشاف المشاعر الصعبة التي لا يعرفون كيفية مشاركتها. يمكنهم أيضًا تقديم إرشادات حول استراتيجيات المواجهة المثمرة.
كما أن المعالج الخاص بك يمكنه أيضًا تقديم التوجيه والدعم عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع مشاعرك بعد الصدمات والحوادث، ناهيك عن إجراء محادثات صعبة مع الأطفال.
الخلاصة
الأبوة والأمومة أمر مرهق. قد تجد نفسك تجري مناقشات منتظمة مع أطفالك حول الحوادث وأحداث العنف، ومواضيع مثل العنصرية وجرائم الكراهية، وعنف الشرطة، والسياسة المضطربة، وأزمة المناخ، وحتى فقدان الاستقلالية الجسدية.
قد يبدو إخفاء مشاعرك حول هذه المواضيع المعقدة طريقة جيدة لحماية أطفالك، ولكنه غالبًا ما يضيف إلى اضطرابك العاطفي - واضطرابهم.
بدلاً من دفع نفسك للحفاظ على عواطفك تحت السيطرة في جميع الأوقات، دع أطفالك يعرفون أنه لا بأس في البكاء والغضب. من الجيد أن تشعر بالخوف أو الحزن أو حتى القليل من العجز. بعد ذلك، ساعدهم على ممارسة تهدئة معاناتهم من خلال إظهار كيفية إدارتك لتلك المشاعر.
المصادر:
Why You Don't Need to 'Keep It Together' Around Kids Right Now
Talking to your child about feelings - NHS
Sharing your negative emotions with your kids is better than hiding them