هل سبق وأن سمعت عن أحد كان قد ذهب إلى فراش النوم وهو بحالة طبيعية، ولكنه استيقظ صباحاً وهو يعاني من أعراض وعلامات السكتة الدماغية التي يبدو أنها قد حصلت لديه أثناء نومه! لهذا يطلق البعض على هذا النوع السكتة الاستيقاظية، Wake-up stroke، ولا تختلف آلية هذا النوع من السكتة عن آلية السكتات الدماغية الأخرى، إلا أنها تعتبر أكثر خطورة.
يتأخر علاج السكتة الاستيقاظية عادةً بسبب عدم معرفة وقت وقوعها، ولعدم إمكانية التعامل معها في وقت أبكر، لأن السكتة الدماغية حالة طبية طارئة تحتاج إلى علاج عاجل، فسرعة العلاج تعد عاملاً حاسماً في التعافي والشفاء وتحسين نتائجها. تفيد التقديرات العالمية أن ما يقارب ربع السكتات الدماغية الكلي البالغ حوالي 15 مليوناً، يحدث أثناء النوم.
السكتة الدماغية نوعان:
السكتة الدماغية الإقفارية:
وتمثل هذه أكثر من 80% من الحالات، وتحدث عندما يقل تدفق الدم إلى الدماغ بسبب التضييق أو الانسداد الحاصل في الوعاء الدموي، الذي يتولى توريد الدم المحمل بالهواء والغذاء والماء إلى منطقة معينة من الدماغ. في البداية؛ تعاني المنطقة المصابة من قلة التروية الدموية، أما إذا وقع الانسداد، فإن الموت سيكون من مصير الخلايا العصبية في المنطقة التي انقطعت التروية الدموية عنها.
السكتة الدماغية النزفية:
وتحدث نتيجة تمزق يحصل في أحد شرايين الدماغ، ما يؤدي إلى إتلاف الخلايا العصبية في المنطقة التي يغذيها الشريان المتفجر.
عوامل الخطر
هناك مجموعة من عوامل الخطر التي يمكنها أن تكون الشرارة التي تشعل فتيل السكتة الدماغية، نذكر منها ارتفاع ضغط الدم, وداء السكري, وأمراض القلب, والرجفان الأذيني، وعيوب القلب الخَلقية, والحمل وحبوب منع الحمل الهرمونية. وفيما يلي المخاطر الأخرى التي تؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية:
- أمراض في الجمجمة.
- فقر الدم المنجلي.
- توسع بعض أوعية الدماغ.
- زيادة شحوم الدم.
- التدخين.
- الإسراف في شرب الكحوليات.
- النظام الغذائي غير الصحي الحافل بالدهون المشبعة والمتحولة والسعرات الحرارية.
- البدانة، خاصة في منطقة البطن.
- عدم ممارسة الرياضة.
- السكتات الدماغية العابرة.
- السكتات الدماغية السابقة.
- الالتهابات وبعض أمراض المناعة الذاتية.
أسباب حدوث السكتة الدماغية
على الرغم من أن السكتة الدماغية أثناء النوم تحدث بنفس الآلية، فإن الباحثين ما زالوا غير متأكدين بشكل قاطع من أسباب حدوث السكتة أثناء النوم، إلا أن الدراسات المتاحة حول أسباب وتطور والسمات السريرية للسكتة الاستيقاظية مكَّنت العلماء من تحديد عاملين هامين قد يلعبان دوراً في حدوثها، هما:
الأول: عامل الوقت
أظهرت الدراسات أن هناك خطراً أكبر للإصابة بالسكتة الدماغية الاستيقاظية خلال ساعات الصباح الأولى من اليوم.
الثاني: الظروف الصحية
تفيد المعطيات العلمية المتوفرة إلى أن حالات صحية، مثل الرجفان الأذيني، وانقطاع التنفس أثناء النوم، وزيادة شحوم الدم، وارتفاع ضغط الدم، والتدخين، ومرض السكري، يمكنها أن تزيد من خطر وقوع السكتة الدماغية أثناء النوم.
أعراض وعلامات السكتة الدماغية الاستيقاظية
إن أعراض وعلامات السكتة الدماغية التي تحدث في الليل هي نفس أعراض وعلامات السكتة الدماغية التي تحصل نهاراً، ولكن مع فارق وحيد هو أن المظاهر السريرية للسكتة التي تحدث ليلاً لا تلاحَظ إلا بعد موعد استيقاظ الشخص من نومه، وتشمل هذه المظاهر ما يلي:
- شلل نصفي، خاصة في الوجه والذراع والساق.
- صعوبة النطق.
- صعوبة فهم الآخرين.
- الدوخة.
- اضطراب الرؤية.
- سلس البول.
- صعوبة المشي.
- فقدان التوازن.
- الغثيان أو التقيؤ.
- الصداع الشديد.
- النوبات الصرعية.
ما هو علاج الإصابة بالسكتة الاستيقاظية؟
علاج السكتة الدماغية الاستيقاظية هو سباق مع الزمن، لأن كل دقيقة لها أهمية بالغة للحصول على الرعاية المناسبة وتحسين النتائج، فكل دقيقة تأخير يُحرم فيها الدماغ من تدفق الدم الضروري، فإن هذا يعني تدمير المزيد من الخلايا العصبية. الرعاية الطبية السريعة والشاملة، تعزز من فرص الشفاء والبقاء على قيد الحياة.
وتبدأ الخطوة الأولى في رحلة العلاج بالتعرف على أعراض وعلامات السكتة الدماغية، فإذا كان الشخص يعاني من ارتخاء بعض عضلات الوجه، والصعوبة في رفع الذراع أو الساق، والارتباك، وعدم القدرة على النطق، فإنه يجب نقله على عجل إلى أقرب قسم للطوارئ.
وبمجرد وصول المريض إلى وحدة العناية في المستشفى، تبدأ الخطوة الثانية، وهي الحصول على المعلومات اللازمة من المريض أو من ذويه عن آخر لحظة شوهد فيها بحالة طبيعية من أجل تحديد الإطار الزمني للسكتة الدماغية، ولمعرفة ما إذا كان المصاب مؤهلاً للعلاج بمضاد الجلطات "منشط البلاسمينوجين النسيجي" لفتح الشريان واستعادة تدفق الدم، على أن يتم ذلك خلال الساعات القليلة من بدء السكتة، لأن الشروع بإعطائه بعد هذا الوقت لا جدوى منه، لا بل قد يكون بالغ الخطورة.
ومن أجل معرفة نوع السكتة الدماغية، إقفارية أم نزفية، يلجأ الأطباء إلى الاستعانة بالأشعة المقطعية، فإذا أعطت القراءة الأولية للتصوير بأن السكتة إقفارية، فإنه يتم تحضير المريض فوراً لإعطائه دواء مذيب الجلطة، هو منشط البلاسمينوجين النسيجي عبر الوريد، من أجل إذابة الجلطة وإعادة جريان الدم في الشريان المسدود، والحد من تلف الدماغ. ويكون الدواء أكثر فعالية عند إعطائه في غضون الثلاث ساعات الأولى من بدء أعراض السكتة، ومن الممكن، في بعض الحالات، تمديد الفترة إلى 4 ساعات ونصف الساعة أو أكثر قليلاً.
إذا لم يفلح الطبيب في إذابة الجلطة التي تسد الوعاء الدموي، فعندها قد يلجأ إلى استخدام تقنية القسطرة، لسحب الجلطة من مكانها في الوعاء المسدود. أما في السكتة الدماغية النزفية، فإن العلاج يتم بالسيطرة على النزف باستخدام الأدوية، أو قد يكون العلاج عن طريق القسطرة أو بالعمل الجراحي لإيقاف النزف.
وبعد أن يستقر وضع المريض من الناحية الطبية، فإنه يجب القيام بتدابير الرعاية المناسبة لتحسين نتائج السكتة الدماغية الاستيقاظية، وهي بالمناسبة، لا تختلف عن التدابير التي يتم اتخاذها في رعاية الأنواع الأخرى من السكتات الدماغية.
التعافي والنتائج
إن التعافي من السكتة الدماغية أثناء النوم مشابه لذاك الذي نشاهده في السكتات الدماغية الأخرى، ويعتمد هذا التعافي بشكل كبير على مدى الضرر الذي لحق بالدماغ جراء السكتة، وكذلك على العوامل الأخرى مثل الحالات الطبية المتزامنة.
نوهت عدد من الدراسات إلى أن قسماً لا بأس من الناجين من السكتة الدماغية قد يصاب باضطرابات في النوم واضطرابات تنفسية أثناء النوم في فترة التعافي ما بعد السكتة، ولكن بعض البحوث أشارت إلى أن الذين أصيبوا بالسكتة الاستيقاظية هم أكثر تأثراً مقارنة بالسكتات الأخرى، ربما لأنهم لا يحصلون على المساعدة الطبية السريعة.
هل يمكن الوقاية من السكتة الدماغية أثناء النوم؟
تعتبر السكتة الدماغية واحدة من الأسباب الرئيسية للإعاقة والوفاة في العالم، ولهذا السبب فإنه من المهم جداً، ليس علاجها فقط بشكل صحيح، بل يجب معرفة العلامات التحذيرية وكيفية الوقاية منها. إن عوامل الخطر مثل الوراثة، والعمر، والجنس، هي خارج السيطرة. في المقابل، فإنه يمكن ضبط عوامل الخطر الأخرى للتقليل من مخاطر الإصابة بالسكتة.
ويجدر التذكير هنا بعدم تجاهل أي مشكلة مهما كانت صغيرة، على صعيد النوم، خاصة انقطاع التنفس أثناء النوم الذي له علاقة وثيقة بحدوث السكتات الدماغية أثناء النوم. تتطلب الوقاية من السكتة العمل على ثلاثة محاور:
- المحور الأول: الحد من سلوكيات الحياة الضارة، مثل الامتناع التدخين وشرب الكحوليات، وتفادي حياة الخمول والكسل، وتفادي عادات التغذية السيئة.
- المحور الثاني: السيطرة على الحالات الطبية التي تزيد من مخاطر التعرض للسكتة الدماغية، مثل ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول، والرجفان الأذيني، وغيرها.
- المحور الثالث: منح القلب الدعم اللازم الذي يحتاجه من خلال ممارسة النشاط الرياضي بانتظام، وتناول الأطعمة الصحية المغذية، والحصول على قسط كافٍ من النوم.
كلمة أخيرة
لسوء الحظ، يمكن أن تحدث السكتة الدماغية من دون أن يدرك صاحبها بها، ويتم اكتشاف ذلك في الصباح عند الاستيقاظ، والسكتة في معظم الحالات غير مؤلمة، لهذا فإن المصاب لا يلاحظها حتى يفيق من نومه. وتكمن المشكلة الكبرى في السكتة الاستيقاظية في التعرف على الوقت الذي بدأت فيه، ما يؤخر العلاج الطبي الطارئ الذي يجب أن يتم بأقصى سرعة للشفاء والتعافي والحد من المضاعفات، فكلما كان العلاج أسرع كانت النتائج أفضل.