الخجل عند الأطفال هو أمر طبيعي مثلهم مثل الكبار، لكن في بعض الأحيان قد يكون الخجل مبالغًا به، ويجعل الطفل يتعرض لمواقف محرجة ومزعجة، ويمنعه من قول لا، أو يمنعه من الدفاع عن نفسه. وتكمن المشكلة الكبرى في الخجل المستمر الذي قد يكون مصدراً للقلق والخوف وعدم الأمان وعدم الارتياح، الأمر الذي يمنع الطفل من تطوير مهارات التواصل مع من حوله.
الخجل عند الأطفال
الطفل الخجول هو الطفل الذي تبدو عليه علامات القلق والارتباك وعدم الراحة والخوف في المواقف غير المألوفة أو عند التفاعل مع الآخرين أو أثناء التحدث أمامهم. ويتحاشى الطفل الخجول المواقف الاجتماعية ويبتعد عنها، ولا يميل إلى الاختلاط مع غيره بسبب خوفه أو لفقدانه الثقة بنفسه. يتجنب الطفل الخجول الاتصال بالعين، ويتكلم بصوت خافت، او قد لا يتكلم أبداً.
مضاعفات الخجل عند الأطفال
إن الخجل الخفيف الذي يعاني منه الطفل من وقت إلى آخر لا ضير منه، فهو غالباً ما ينقشع مع كبر الطفل، ولكن المشكلة تكمن في الخجل الشديد والمستمر لأنه قد يقلب حياة الطفل رأساً على عقب بعدة طرق، هي:
- قد يعاني من أعراض جسدية محرجة للغاية مثل التلعثم، والاحمرار، والارتعاش، والتعرق، التي غالباً ما تجعله محط سخرية من قبل الآخرين.
- قد يعاني من القلق الشديد.
- قد يصاب بالعزلة الاجتماعية والشعور بالوحدة وقلة احترام الذات وعدم الثقة بالنفس.
- قد لا يستطيع تحقيق كامل إمكانياته بسبب خوفه من الأحكام المسبقة من قبل المحيطين به.
- قد تقل لديه فرص ممارسة أو تطوير مهاراته الشخصية.
- قد يكون لديه القليل من الأصدقاء.
- قد تنخفض مشاركته في الأنشطة التي تتطلب التفاعل من الآخرين مثل الموسيقى والرقص والرياضة والتمثيل.
الخجل عند الأطفال هل له إيجابيات؟
يمكن أن يرتبط الخجل عند الأطفال بالسلوكيات الإيجابية التالية:
- قد يبلي بلاءً حسناً في المدرسة.
- قد يُحسِن التصرف ليتجنب الوقوع في المشكلات.
- قد تكون كله آذان صاغية للآخرين فيستمع إليهم باهتمام.
- قد يكون من السهل الاعتناء به مقارنة بغيره.
الأسباب المحتملة للخجل عند الأطفال
قد ينشأ الخجل عند الأطفال لسبب أو أكثر من الأسباب التالية:
- الشخصية، الطفل الحساس عاطفياً والذي يعاني من الترهيب من قبل الآخرين يكون أكثر عرضة للخجل.
- الوراثة، إذا عانى أحد الوالدين أو كلاهما من الخجل، فقد تنتقل سمة الخجل إلى الطفل لوجود مكون جيني يلعب دوره جزئياً.
- السلوك العائلي، إذا لم يحصل الطفل على الرعاية المنتظمة والمستمرة من أسرته فقد يصاب بالقلق فيتطور عنده سلوك الخجل. أما إذا لاقى الطفل حماية مبالغًا فيها فإنه قد يصاب بالخجل أيضاً.
- السلوك المكتسب، إذا كان أحد الوالدين خجولاً فليس مستبعداً أن يقتدي الطفل به، فيغدو هو الآخر خجولاً.
- النقد القاسي، قد يصبح الطفل الذي يتعرض للمضايقات من قبل الأشخاص المهمين في حياته مثل الأب أو الأم أو الإخوة أو بعض المقربين من الأقرباء أو الأصدقاء، خجولاً بمرور الأيام.
- الخوف من الفشل، إن دفع الطفل، مراراً وتكراراً لتحقيق ما هو فوق طاقته، قد يدفعه إلى الخوف من الفشل الذي يظهر عند الطفل على شكل خجل.
- الافتقار إلى التفاعل الاجتماعي، قد يعاني الطفل من الخجل بسبب عزله عن الآخرين في السنوات القليلة الأولى من عمره، فلا يستطيع تطوير المهارات الاجتماعية التي تمكنه من التواصل بسهولة مع الآخرين غير المألوفين.
اقتراحات لمساعدة الطفل في التغلب على خجله
قد يسأل أهل الطفل الخجول هل يمكن أن أساعد طفلي في التغلب على خجله؟ الجواب نعم، يلعب الآباء دوراً بالغ الأهمية في جعل طفلهم يتخلص من خجله بسبب تأثيرهم الكبير على مجريات حياته، وفي هذا الإطار، نسوق عدداً من الإستراتيجيات المفيدة في هذا الخصوص:
- لا تنعت طفلك بأنه خجول، ولا تسمح للآخرين أن يفعلوا ذلك.
- لا تنتقد طفلك ولا تسخر منه عندما يكون خجولاً، بل يجب أن تكون داعماً له ومتفهماً ومتعاطفاً معه.
- اشرح لطفلك مزايا عدم الخجل، وقدم له أمثلة عن حياتك الخاصة.
- حاول أن تتناول أطراف الحديث مع طفلك لمعرفة السبب الذي يخاف منه أو الذي يدفعه الى الخجل.
- إذا مررت بتجارب كنت فيها خجولاً، فحبذا لو أخبرت طفلك عنها وكيف تغلبت على خجلك، فهذا من شأنه أن يقلل من قلقه، ويجعله في وضع أحسن حالاً وأكثر ثقة بنفسه.
- شجع طفلك على أن يكون أكثر انفتاحاً وتواصلاً مع الآخرين.
- شجع طفلك على المشاركة في الحوارات والأنشطة الاجتماعية والرياضية المختلفة.
- شارك طفلك استراتيجيات التكيف الشخصي التي اتبعتها في التغلب على الخجل.
- اصطحب طفلك، من دون إكراه، إلى مجابهة مواقف جديدة بهدف إحداث تغيرات صغيرة في السلوك يمكن البناء عليها تدريجياً لدفعه شيئاً فشيئاً للتغلب على خجله.
- يجب أن تمدح طفلك في كل مرة يتعامل فيها مع موقف غير مألوف، أو يقابل شخصاً جديداً، أو يقوم بإتقان مهارة جديدة من دون أن يخاف أو يخجل.
- الاهتمام باختيارات الطفل واحترام رغباته وتلبية حاجاته.
- إذا لم تعط الاقتراحات السالفة الذكر نتيجة مُرضية، وإذا استمر خجل الطفل بحيث بات يشكل إعاقة على صعيد الحياة اليومية والمدرسية، فإن المساعدة المهنية تصبح ضرورية من أجل التعامل مع مشكلة القلق، واتباع استراتيجيات الاسترخاء، أو إخضاع الطفل لجلسات إرشادية للتدرب على المهارات الاجتماعية من أجل تعزيز الجرأة والثقة بالنفس لديه لتخطي مشكلة الخجل.
كلمة من موقع صحتك
الخجل عند الأطفال ظاهرة شائعة، ويشعر الأطفال الخجولون براحة عندما يكونون بصحبة أسرهم أو أشخاص يعرفونهم جيداً، إلا أنهم يصبحون أشخاصاً آخرين كلياً عندما يخرجون من بيئتهم المألوفة ويكونون في حضرة آخرين لا يعرفونهم، فتراهم يخافون، ويرتجفون، ويتلعثمون، ويتعرقون، ويحمرّون خجلاً، لدرجة أنهم قد يوبخون أنفسهم على سلوكياتهم، فتتزعزع ثقتهم بأنفسهم. وكلما زادت قلة ثقتهم بأنفسهم زادت احتمالية تصرفهم بطريقة خجولة، وهنا تكمن المصيبة، من هنا؛ فمن الأهمية بمكان عدم دفع هؤلاء الأطفال إلى أن يستمروا في معاناتهم بالخجل، وعلى الآباء مساعدتهم للتغلب عليه، وإذا لم يتمكن الآباء من تحقيق ذلك، فعندها تصبح المشورة الطبية مطلوبة ليتغلبوا على خجلهم ويستعيدوا ثقتهم بأنفسهم ليكتسبوا الراحة المنشودة في مجتمعهم.