الالتصاقات البطنية عبارة عن شرائط من الأنسجة الندبية تتكون في داخل البطن، وتتشكل هذه الالتصاقات بين عضوين أو أكثر أو بين الأعضاء الداخلية وجدار البطن. تأتي هذه الالتصاقات إما على شكل صفائح نسيجية رقيقة أو على شكل أشرطة ليفية سميكة تنشأ عندما يحاول الجسم ترميم نفسه كرد فعل لبعض الحالات مثل الالتهابات، وحالات بطانة الرحم المهاجرة (endometriosis)، أو بعد العمليات الجراحية في البطن والعلاج الإشعاعي.
وعلى الرغم من أن معظم حالات الالتصاقات تكون غير مؤلمة، فإن أكثر من نصف حالات الانسداد المعوي التي تصيب البالغين تحدث نتيجة للالتصاقات، ويُعتقد أنها تساهم في حدوث آلام مزمنة بالحوض والبطن.
سنتعرف في هذا المقال على أسباب حدوث الالتصاقات البطنية، وأعراضها، وطرق علاجها.
أسباب حدوث الالتصاقات البطنية
تعتبر عمليات البطن الجراحية هي السبب الأكثر شيوعا للالتصاقات البطنية، ومن المرجح أن تسبب الالتصاقات الناتجة عن الجراحة أعراضًا ومضاعفات أكثر من الالتصاقات المرتبطة بأسباب أخرى. قد تبدأ الأعراض والمضاعفات في أي وقت بعد الجراحة، أو لاحقًا بعد سنوات عديدة.
ويمكن أن تسبب التهابات البطن والحوض أو وجود عدوى في البطن حدوث التصاقات، وتشمل هذه الحالات: مرض كرون، ومرض الرتوج في القولون، وبطانة الرحم الهاجرة، ومرض التهاب الحوض، والتهاب الصفاق. وتتضمن الأسباب الأخرى للالتصاقات البطنية غسيل الكلى البريتوني على المدى الطويل لعلاج الفشل الكلوي، والعلاج الإشعاعي. وفي بعض الحالات تكون التصاقات البطن موجودة منذ الولادة.
ما مدى شيوع الالتصاقات البطنية؟
كما ذكرنا الالتصاقات البطنية شائعة وغالباً ما تحدث بعد عمليات جراحية في البطن، حيث يدخل الجراحون بطن المريض من خلال شق أو قطع، وقد تكون جراحة البطن بالمنظار أو بالطريقة التقليدية مفتوحة. في الجراحة بالمنظار التي أصبحت شائعة بشكل متزايد يقوم الجراحون بعمل شقوق صغيرة في البطن وإدخال أدوات خاصة لرؤية الأعضاء والأنسجة الداخلية أو إزالتها أو إصلاحها. في الجراحة المفتوحة، يقوم الجراحون بعمل شق جراحي أكبر لفتح البطن وإجراء العملية.
تتطور الالتصاقات البطنية لدى أكثر من 9 من كل 10 أشخاص خضعوا لعملية جراحية لفتح البطن. ومع ذلك، فإن غالبية الأشخاص الذين يعانون من التصاقات في البطن لا تظهر عليهم أعراض أو مضاعفات. وقد وُجد أن الالتصاقات البطنية أقل شيوعًا بعد الجراحة بالمنظار منحدوثها بعد الجراحة المفتوحة.
ما هي أعراض الالتصاقات البطنية؟
إذا حدث انسداد الأمعاء يعاني المرضى من آلام شديدة في البطن، ويكون البطن منتفخًا ومؤلمًا عند لمسه ولو بخفة. إذا أدى الانسداد المعوي إلى قطع تدفق الدم إلى الجزء المسدود من الأمعاء، أو أدى إلى التهاب الصفاق، فقد تظهر أعراض إضافية مثل سرعة ضربات القلب أو الحمى. لكن, قد لا تسبب الالتصاقات البطنية أي أعراض، إلا أن آلام البطن والحوض المزمنة ربما تؤدي بالتصاقات البطن إلى حدوث انسداد معوي، مما قد يهدد الحياة. وتتضمن أعراض الانسداد المعوي ما يلي:
- آلام البطن.
- الانتفاخ.
- حدوث إمساك.
- عدم القدرة على تمرير براز أو غازات.
- الغثيان.
- القيء.
ما هي مضاعفات الالتصاقات البطنية؟
يمكن أن تسبب التصاقات البطن انسدادًا معويًا وعقمًا عند النساء.
الانسداد المعوي هو الانسداد الجزئي أو الكامل لحركة الطعام أو السوائل أو الهواء أو البراز عبر الأمعاء، وتعتبر الالتصاقات البطنية هي السبب الأكثر شيوعاً لانسداد الأمعاء الدقيقة. وقد يؤدي انسداد الأمعاء إلى نقص تدفق الدم إلى الجزء المسدود من الأمعاء وتموت الأنسجة المعوية المتعطشة للدم، وقد يحدث التهاب الصفاق، وهو عدوى تصيب بطانة تجويف البطن.
عند النساء، يمكن أن تؤدي التصاقات البطن في الحوض أو داخل الرحم إلى انضغاط أو انسداد أجزاء من قناتَي فالوب، مما يؤدي إلى حدوث تأخر الحمل أو العقم.
كيف يتم تشخيص الالتصاقات البطنية؟
يستخدم الأطباء التاريخ الطبي، والفحص البدني، واختبارات الدم، واختبارات التصوير، وفي بعض الحالات يستخدمون الجراحة لتشخيص التصاقات البطن.
يسأل الطبيب عن الأعراض والتاريخ الطبي، بما في ذلك تاريخ إجراء أي جراحة البطن أو الحالات الأخرى التي قد تسبب التصاقات في البطن.
يفحص الطبيب بطن المريض للتحقق من موضع الألم ونوعه ودرجته، ويستخدم أيضًا السماعة الطبية لسماع صوت حركة الأمعاء.
سيقوم الطبيب بأخذ عينات الدم وإرسال العينات إلى المختبر. على الرغم من أنه لا يمكن استخدام اختبارات الدم لتشخيص التصاقات البطن، فقد يطلب الأطباء اختبارات الدم لاستبعاد المشكلات الصحية الأخرى التي قد تسبب نفس الأعراض. إذا كان المريض يعاني من علامات انسداد معوي، فيمكن أن تساعد اختبارات الدم الأطباء في معرفة مدى خطورة الانسداد.
لا تستطيع اختبارات التصوير في أغلب الأحيان إظهار التصاقات البطن. ومع ذلك، يمكن للأطباء استخدام اختبارات التصوير لتشخيص انسداد الأمعاء الناجم عن التصاقات البطن. قد يستخدم الأطباء أيضًا اختبارات التصوير لاستبعاد المشكلات الأخرى التي قد تسبب الأعراض، وتشمل اختبارات التصوير:
- التصوير المقطعي المحوسب (CT)، والذي يستخدم مزيجًا من الأشعة السينية وتكنولوجيا الحاسوب لإنشاء الصور. قد يساعد التصوير المقطعي الأطباء في تشخيص الانسداد المعوي والعثور على موقع الانسداد وسببه وشدته.
- الأشعة السينية التي تستخدم كمية صغيرة من الإشعاع لإنشاء صور لداخل الجسم.
- الأشعة السينية باستخدام وسط تباين قابل للذوبان في الماء (مادة ملونة)، وهو سائل خاص يجعل الجهاز الهضمي أكثر وضوحًا في الأشعة السينية. إذا كانت الالتصاقات تسبب انسدادًا معويًا، فيمكن أن يساعد هذا الاختبار الأطباء في معرفة ما إذا كانت هناك حاجة لعملية جراحية، وقد يساعد أيضًا وسط التباين القابل للذوبان في الماء في علاج الانسداد.
كيف يمكن علاج الالتصاقات البطنية؟
إذا لم تسبب الالتصاقات البطنية أعراضًا أو مضاعفات، فإنها عادةً لا تحتاج إلى علاج. أما إذا تسببت في ظهور أعراض أو مضاعفات، فيمكن للأطباء فك الالتصاقات عن طريق الجراحة بالمنظار أو الجراحة المفتوحة. ومع ذلك، قد تؤدي الجراحة لعلاج الالتصاقات إلى تكوين التصاقات جديدة، وإذا تسببت التصاقات البطن في انسداد معوي، فستحتاج الحالة إلى العلاج في المستشفى على الفور.
سيقوم الأطباء بفحص المريض، وقد يطلبون إجراء اختبارات لمعرفة ما إذا كان بحاجة إلى عملية جراحية طارئة.
إذا لم يكن بحاجة إلى جراحة طارئة، فقد يحاول الأطباء علاج الانسداد دون جراحة عن طريق إعطاء سوائل عن طريق الوريد (IV) وإدخال أنبوب من خلال الأنف إلى المعدة لإزالة محتويات الجهاز الهضمي الموجودة قبل موضع الانسداد. وقد يختفي الانسداد غالبا بهذا العلاج، لكن إذا لم يختف؛ فسيقوم الجراحون بإجراء عملية جراحية لتحرير الالتصاقات وإزالة الانسداد المعوي.
وأخيرًا، عليك العلم أنه لا توجد وسيلة لمنع تشكل الالتصاقات البطنية، فهذه المشكلة هي أحد الأسباب التي تجعل الأطباء حذرين من التوصية بإجراء جراحة البطن إلا عند الضرورة. فإذا كنت ستخضع لعملية جراحية في البطن، فيمكن للجراح تقليل خطر الالتصاقات البطنية باستخدام تقنيات جراحية لطيفة ومعاملة الأنسجة برفق وحذر مع استخدام قفازات خالية من أي بودرة مضافة.