شئنا أم أبينا، فإن الأطفال سيكبرون، وسيأتي الوقت الذي سيكونون بعمر يمكن فيه ترك الطفل لوحده في المنزل. ولعل السؤال الأكثر شيوعاً الذي يدور حول هذا الموضوع هو، في أي عمر يمكن ترك الطفل لوحده في المنزل ؟
الجواب على هذا السؤال ليس بالسهولة التي قد يتصورها البعض، لأنه من الصعب جداً تحديد عمر مثالي يمكن تطبيقه على الجميع، فهذا يعتمد إلى حد كبير على مستوى النضج عند الطفل، وعلى مدى استعداده قولاً وفعلاً، ليبقى بمفرده، فبعض الأطفال قد لا يتحملون فكرة بقائهم لوحدهم ولو لساعة واحدة.
ترك الطفل لوحده في المنزل
لا يوجد سقف عمري محدد متفق عليه يشير إلى إمكانية ترك الطفل لوحده في المنزل. قد يكون لدى بعض الدول قانون يحدد العمر الذي يمكن عنده ترك الطفل لوحده في المنزل ، وهو غالباً ما يدور في فلك 12 عاماً، وحتى في أمريكا فإن بعض ولاياتها تختلف فيما بينها في تحديد هذا العمر، فمثلاً، في ولاية ألينوى 14 عاماً، وفي ولاية ميريلاند 8 أعوام، وفي ولاية أوريغون 10 أعوام يمكن ترك الطفل لوحده في المنزل.
إن الأهل وحدهم من يملك ناصية القرار في قضية ترك الطفل لوحده في المنزل ، ولكن يجب عليهم الاستفسار إن كان هناك قانون يحدد العمر الذي يُسمح فيه بترك الطفل لوحده في المنزل، لأن تركه في عمر أقل قد يكون جريمة يعاقب عليها القانون، في حال تعرض الطفل إلى إصابة خطيرة.
ترك الطفل لوحده في المنزل.. كيف أعرف أن طفلي مستعد؟
إن الأهل هم وحدهم من يستطيع تقييم إمكانية ترك الطفل لوحده في المنزل ، ومدى استعداده لذلك، تبعاً لمدى نضج الطفل وحكمته ومستوى راحته. وفي كل الأحوال، يمكن القول إن الطفل الذي تبدو عليه علامات الخوف أو القلق من فكرة بقائه وحيداً في المنزل، قد لا يكون ناضجاً ولا مستعداً، لكي يخوض التجربة، لأن ترك الطفل لوحده في المنزل عندما يكون غير مستعدٍ لذلك، يمكن أن يعرَّض حياته وسلامته للخطر.
أشياء تجب مراعاتها قبل ترك الطفل لوحده في المنزل
نذكر هنا أشياء يجب أخذها بعين الاهتمام قبل ترك الطفل لوحده في المنزل:
- يجب تقييم مستوى نضج الطفل واستقلاليته، وهل يملك النضج العاطفي والقدرة على التعامل مع الأمور.
- يجب تناول أطراف الحديث مع الطفل حول دوافع تركه وحيداً.
- يجب تحضير الطفل تدريجياً إلى حين اتخاذ القرار الحاسم حول إمكانية ترك الطفل لوحده في المنزل، ويتم هذا التحضير من خلال القيام بالخطوات الآتية:
- يجب الطلب من الطفل الرد على الهاتف بحضورك الأهل، فهذا يسمح بمعرفة كيف يتصرف، وهل يقوم بإفشاء معلومات حساسة قد تكون سرية.
- يجب مراجعة قواعد السلامة مع الطفل، ومحاولة معرفة كيفية تصرفه في حال وجود شخص غريب على الباب، أو عند نشوب حريق، أو عند حدوث انقطاع في التيار الكهربائي، فتوفير بيئة آمنة سيعطي الطفل المزيد من الثقة.
- يجب التغيب عن الطفل عدة مرات تزاد مدتها تدريجياً قبل مغادرة المنزل، بهدف اختبار مدى كفاءة الطفل للبقاء لوحده، مع التشديد على مراجعة المعلومات المهمة معه للتأكد من تفهمه لها.
- فور عودة الأهل إلى المنزل، يجب مشاركة الطفل الملاحظات، وطرح الأسئلة عليه بخصوص المصاعب التي واجهها، والمشاعر التي شعر بها في فترة الغياب عن المنزل، من أجل إيجاد الحلول والبدائل، لتكون التجربة أفضل في المرة القادمة.
ما الذي يجب على الأهل التفكير فيه قبل ترك الطفل لوحده في المنزل ؟
على الأهل أن يطرحوا على أنفسهم الأسئلة الآتية:
- هل الطفل على دراية بالمواقف التي قد تحصل له أثناء فترة غياب الأهل عن المنزل؟ وهل يعرف كيفية التعامل معها بشكل صحيح؟
- هل الطفل مستعد عاطفياً للبقاء بمفرده في المنزل؟
- هل يفهم الطفل التعليمات الشفهية والمكتوبة، وهل يتذكرها؟
- هل الطفل يتبع القواعد وينصاع للتعليمات بمسؤولية؟
- هل يعرف الطفل كيف يتعامل مع المواقف الطارئة؟ وهل يتمتع بالحس السليم للتعامل معها؟
- هل يستطيع الطفل القيام بأنشطة بناءة مثل القراءة والرسم وتأليف الموسيقى واللعب بالألعاب، من دون تضييع وقته أمام التلفاز وألعاب الفيديو؟
- هل يتذكر الطفل مبادئ قواعد السلامة وكيفية البقاء آمناً عندما يكون لوحده؟
- هل تم فحص الأشياء التي يمكن أن تكون مصدراً للخطر مثل الأدوية، والأسلحة النارية، والمواد الكيميائية المنزلية، والمشروبات الروحية، والمسبح وغيرها؟
- هل تم التأكد من عمل أجهزة الإنذار المبكر التي تتعلق بأول أوكسيد الكربون والدخان؟ وهل يعرف الطفل ما يجب فعله في حال انطلاق صافرات الإنذار المتعلقة بها؟
- هل يمكن التواصل بسهولة من الطفل؟
- هل يمكن للجيران تقديم المساعدة؟ وهل يستطيع الطفل الاتصال بهم عند الضرورة؟
- هل يملك الطفل أرقام الهواتف اللازمة للتواصل مع الأهل أو مع قسم للطوارئ أو مع الجيران أو مع مساعدين آخرين، وكذلك عنوان المنزل الذي يحتاجه الطفل لإعطائه في حال تواصله مع قسم الطوارئ؟ يجب كتابة كل هذه المعلومات على ورقة واضحة تلصق على البراد، ليتمكن الطفل من الوصول إليها بيسر وسهولة.
- وهل يعرف الطفل كيف يستخدمها؟ وهل تتوفر مواد الإسعاف الأولية؟
أخيراً.. هل اتخذت قرارك بشأن ترك الطفل لوحده في المنزل ؟
بمجرد أن يعرف الأهل أن طفلهم ناضج وبالإمكان البقاء لوحده في المنزل، فإنه لا بد من وضع القواعد الآتية للطفل لكي يلتزم بها أثناء فترة غياب الأهل:
- ألا يفتح الباب لأي كان.
- ألا يخبر أحداً أنه لوحده في المنزل حتى لأصدقائه، سواء عبر الهاتف أو على وسائل التواصل أو الإنترنت.
- ألا يستخدم الأجهزة المنزلية أو أجهزة الطبخ دون الاستيضاح من الأهل عن كيفية عملها.
- أن يتصل بالأهل أو بأحد موثوق به أو بقسم الطوارئ، للحصول على المساعدة، في حال حدث طارئ ما.
- أن ينشغل الطفل بالقيام بواجبات منزلية أو أنشطة موسيقية أو وظائف مدرسية، فهذه من شأنها أن تقلل من وقوعه في مشكلات لا مصلحة له بها.
إذا كانت هي المرة الأولى التي يتم فيها ترك الطفل لوحده في المنزل ، فإنه يجب أن تكون فترة غياب الأهل قصيرة لا تتجاوز 30 دقيقة، وعند العودة، فإنه عليهم سؤال طفلهم عن شعوره حيال بقائه لوحده في المنزل، وهل سارت الأمور على ما يرام؟
لا يوجد هناك توافق بخصوص السقف العمري الذي يمكن فيه ترك الطفل لوحده في المنزل ، إلا أن هناك إجماعاً بين خبراء السلامة ورعاية الأطفال بعدم ترك الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 11 سنة في المنزل بمفردهم، لسبب بسيط، هو أنهم لا يملكون بعد المهارات اللازمة للتعامل مع الحالات الطارئة بشكل صحيح للحفاظ على سلامتهم. يجب أن يتمتع الطفل بالنضج العاطفي الكافي، والقدرة على التكيف، والحس السليم في التعامل مع المستجدات. وحبذا لو طرح الأهل على طفلهم السؤال الجوهري التالي قبل تركه لوحده لأول مرة: هل نستطيع تركك بمفردك في المنزل؟ يجب الاستماع عن كثب إلى جوابه، هل هو (نعم) حقيقية، أم هي نعم لإرضاء الوالدين، فشتان ما بين الجوابين!
