أعراض النزيف الداخلي وأسبابه

يحدث النزيف الداخلي داخل الجسم، ولا يمْكن رؤيته أو تشخيصه إلا بعد إجراء فحوص تشخيصية تحت إشراف الطبيب، على عكس النزيف الخارجي الذي من المْمكن رؤيته بسهولة على الجلد، أو أي مكان في الجسم يخرج من الدم، ويمكن تحديده بسهولة. قد يكون النزف الداخلي مفاجئًا وسريعًا، وقد يكون مصحوبًا ببعض الأعراض، مثل الألم الشديد والصدمة والإغماء.

من الممكن أن يكون النزيف الداخلي غير ملحوظ، ومصحوبًا بأعراض بسيطة إلى أن يصبح الفقدان الكلي للدم شديدًا. تجدر الإشارة هنا إلى أنّ الأعراض لا تعكس بوضوح دائمًا مقدار النزيف وشدته.

في هذه المقالة، نتعرَّف على أعراض النزيف الداخلي وأسبابه، وما العلامات التي تشير إلى ضرورة الذهاب إلى الطوارئ.

أسباب النزيف الداخلي

يمكن لعدد من الأسباب أن تؤدي إلى الإصابة بالنزيف الداخلي، نستعرض منها ما يلي:

1. الإصابات والرضوض

الرضوض هي أحد الأسباب الأكثر شيوعًا للنزيف الداخلي، ويمْكن أن تشمل أنواعًا مختلفة من الإصابات:

• الجروح المخترِقة، تحدث عندما يدخل جسم غريب مثل رصاصة أو سكين في أنسجة الجسم، مما يُحدِث جرحًا مفتوحًا.
• الرضوض الحادّة، وسبَبُها الضرباتُ واللّكماتُ التي قد لا تُسبِّب أعراضًا واضحة في البداية.
• إصابات التباطؤ (Deceleration Injury)، تحدث عادة في حوادث السيارات عندما تتوقف مركبة مُسرِعة فجأة، يمكن أن يتسبّب ذلك في تمزّق الأوعية والأعضاء الداخلية، أو انفصالها عن بعضها بعضا.
• الكسور، تنزف بعض الكسور أكثر من غيرها، يمكن أن تسبِّب كسور العظام الطويلة في الذراع والساق والحوض فقدان كمية كبيرة من الدم، يمكن لشظايا العظام المكسورة أيضًا أن تمزِّق الأوعية الدموية المجاورة.

2. توسّع الأوعية الدموية

توسّع الأوعية الدموية هو انتفاخ محدد في وعاء دموي، ناتج عن ضعف في جدار الأوعية الدموية، ويمكن أن يسبِّب تمزّقَ الوعاء المصاب.

في بعض الأحيان، يَحدُث تمزّق الأوعية الدموية المتوسعة مع نشاط حركيّ مكثَّف، وفي أحيان أخرى يمكن أن يحدث دون سبب واضح أثناء الراحة أو النوم، ويمكن أن يحدث توسّع الأوعية الدموية في أي وعاء دموي، على الرغم من أنها أكثر شيوعًا في شرايين الدماغ، والشريان الأورطي في الصدر والبطن.

3. اضطرابات نزفية

يمكن للاضطرابات النزفية، مثل الهيموفيليا، أن تُعرِّض الشخص لخطر متزايد من النزيف، بما في ذلك النزيف الداخلي. يحدث هذا عندما لا يتجلّط الدم كما ينبغي، إما بسبب نقص  الصفائح الدموية المسؤولة عن تخثر الدم، أو بسبب نقص وراثي أو مكتسب في البروتينات التي تُسمّى عوامل التخثّر، ويمكن أن يحدث النزيف بسبب الإفراط في استخدام بعض الأدوية، مثل:

• مُميِّعات الدم(أدوية سيولة الدم)، مثل الوارفارين.
• الأدوية المضادّة للصفائح الدموية، مثل الأسبرين والكلوبيدوجريل.
• العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات، مثل الأسبرين والإيبوبروفين والفولتارين، يمكن أن تسبِّب نزيفًا داخليًا إذا تم استخدامها بكثرة، خاصة إذا كنت تعاني من قرحة هضمية، أو أي حالة أخرى تسبِّب نزيفًا في الجهاز الهضمي.

4. الحمّى النزفية

تعدّ الحمى النزفية الفيروسية السبب الأقل شيوعًا للنزيف الداخلي، وتشمل أعراضها الشائعة:

• القيء.
• الإسهال.
• آلام العضلات.
• تكوُّن بقع حمراء أو أرجوانية صغيرة على الجلد.
• النزيف.
• انخفاض ضغط الدم.

أمراض قد تسبِّب نزيفًا داخليًا:

هناك العديد من الأمراض الفيروسية التي يمْكن أن تسبِّب نزيفًا داخليًا، ومعظمها محصور في إفريقيا، وتشمل:

• حمّى الشيكونغونيا.
• حمّى الضنك.
• فيروس إيبولا.
• فيروس هانتا.
• حمى لاسا.
• الحمى الصفراء.
• حمى ماربورغ.

أعراض النزيف الداخلي

كما أسلفنا سابقًا، لا تشير أعراض النزيف الداخلي بوضوح دائمًا لشدة وكمية النزيف، فعلى سبيل المثال، قد تُفقَد كمياتٌ كبيرة من الدم بعد إصابة رضية في البطن أو الكلى قبل ظهور الأعراض، وعلى النقيض من ذلك، يمكن أن تُسبِّب حتى الكميات الصغيرة من النزيف في أجزاء من الدماغ أعراضًا شديدة، وقد تؤدي إلى الموت. تشمل أغلب أعراض النزيف الداخلي الآتي:

1. الدوخة

مع فقدان الدم السريع أو الهائل بسبب النزيف الداخلي، يشيع الشعور بالدوخة، وفي الحالات التي يكون فيها فقدان الدم تدريجيًا، قد تحدث الدوخة فقط عندما يحاول الشخص الوقوف بسبب انخفاض ضغط الدم، ويُسمّى انخفاض ضغط الدم الانتصابي.

2. الألم

الألم هو عَرَض شائع للنزيف الداخلي، يؤدي نزف الدم الداخلي إلى تهيّج الأنسجة في بعض أجزاء الجسم مثل الصدر، وقد يقتصر الألم على منطقة النزيف، لكن قد يشعر المريض بالألم في أماكن مختلفة بعيدة عن موقع النزيف، مثل البطن، وقد يشعر بالألم في أجزاء أخرى من الجسم، فمثلًا يشعر المريض بالألم في منطقة الكتف عندما يكون النزيف بالقرب من الحجاب الحاجز.

3. ضيق في التنفس

يمكن أن يكون ضيق التنفّس من أعراض النزيف الداخلي في أي جزء من الجسم، مع فقدان الدم يقلّ عدد خلايا الدم الحمراء التي تنقل الأكسجين إلى الأنسجة، مما يُسبِّب نقصًا في كميات الأكسجين الواصلة للخلايا، وبالتالي الشعور بالحاجة إلى الأوكسجين وحدوث صعوبة وسرعة في التنفس، وهي ردة فعل عكسية للجسم في محاولته لرفع مستويات الأكسجين..

4. تنميل في اليدَين والقدمَين

مع فقدان الدم، غالبًا ما يحدث تشنج للأوعية الدموية في الأطراف لإعادة توجيه الدم إلى الأعضاء الداخلية المهمة، يمكن أن يسبب هذا نقص وصول الأكسجين للأطراف، وبالتالي الشعور بالوخز والتنميل في اليدَين أو القدمَين، وبرودة الأطراف. 

5. التغيّرات في الرؤية 

تعدّ التغيّرات التي تطرأ على الرؤية من الأعراض الشائعة مع النزيف الداخلي، ويمكن أن تحدث قبل فقدان الوعي عندما يكون فقدان الدم سريعًا أو شديدًا، وقد تكون التغيّرات الأخرى بسبب نزيف في المخ مثل تشوش الرؤية، وازدواج الرؤية.

6. الغثيان أو القيء

قد يحدث الغثيان والقيء بسبب فقدان الدم، أو الاستجابة للألم، وتكون هذه الأعراض شائعة عندما يكون النزيف الداخلي في الجهاز الهضمي أو الدماغ.

7. التعرّق الشديد

يمكن أن يحدث التعرّق الشديد بدون سبب واضح عندما يكون فقدان الدم مفاجئًا أو شديدًا، ويمْكن أن يسبِّب فقدانُ الدم تغيّرًا سريعًا في درجة حرارة الجسم بسبّب التعرق الشديد والمفاجئ، كردة فعل للحفاظ على درجة حرارة الجسم.

8. الكدمات

يمكن أن تشير الكدمات أحيانًا إلى مكان حدوث النزيف الداخلي، فعلى سبيل المثال، تشير الكدمات حول السرة، والتي يشار إليها بعلامة كولين، إلى وجود نزيف في البطن.

يمكن أن تحدث الكدمات على الخاصرة، والمعروفة باسم علامة جراي تيرنر، عندما يكون هناك نزيف في البطن، أو في الحيّز خلف الصفاق حيث توجد الكلى، كما يمكن أن تحدث كدمات شديدة في مواضع الكسور.

9. تغيّر مستوى الوعي

يعدّ التغيّر في الحالة العقلية وتغيّر مستوى الوعي، بما في ذلك الارتباك وفقدان الوعي، علامة على فقدان كثير من الدم، وبالتالي علامةً على حدوث نزيف داخلي. يمكن أن يشمل ذلك فقدان الوعي التام، وهنا يجب التنويه إلى أن التغيُّر في الحالة العقلية هو علامة مهمة على حالة طبية طارئة.

حالات خاصة للنزيف الداخلي

يمكن أن يثير النزيف الداخلي مخاوف خاصة لدى بعض المصابين، وخاصة الأطفال والحوامل.

• النزيف الداخلي عند الأطفال

على عكس البالغين، قد لا يتمكّن الأطفال من وصف الأعراض التي يعانون منها، فبدلاً من الشكوى من الألم، قد يصابون:

• بالضيق وعدم الراحة.
• البكاء المستمر.
• صعوبة التحكّم بالطفل.
• ضعف في الشهية، أو رفض تناول الطعام.

التغيّرات في الوعي والحالة العقلية هي أيضًا أدلة شائعة على وجود النزيف الداخلي، فعلى سبيل المثال، قد يصاب الطفل الذي يحبّ اللعب عادة بالخمول، ويمكن أن تؤدي التغيرّات في الرؤية إلى اصطدام الطفل بالجدران، أو فقدان الأشياء وعدم القدرة على إيجادها وهي أمامه.

• النزيف الداخلي عند الحامل

في وقت مبكّر من الحمل، قد يكون النزيف علامة على الإجهاض، أو حالة أكثر خطورة من المحتمل أن تكون مُميتة، تُسمّى الحمل خارج الرحم.

في وقت لاحق من الحمل، يمكن أن تُسبّب المشيمة المنزاحة أو انفصال المشيمة أو تمزّق الرحم نزيفًا داخليًا، وغالبًا ما تُسبِّب مثلُ هذه المضاعفات نزيفًا مهبليًا، قد يمنع وجود الجنين في الرحم ظهور الدم بشكل النزيف الخارجي، وهذا يمكن أن يزيد من خطر التشخيص المتأخر والوفاة.

متى يجب عليك الذهاب للطبيب لمنع النزيف الداخلي؟

يمكن أن يكون النزيف الداخلي مهدِّدًا للحياة، ويتطلّب إجراءً فوريًا لمنع الموت، أو تلف الأعضاء الذي لا رجعة فيه، من المهم الاتصال برقم الطوارئ إذا ظهرَت عليك أو على أي شخص تعرفه علامات الإصابة بالنزيف الداخلي، والتي تشتمل على الآتي:

• ألم شديد في البطن أو الصدر.
• ضيق في التنفّس أو صعوبة في التنفس.
• الدوار أو الإغماء.
• السعال المصحوب بالدم.
• التغيّرات في الرؤية.
• التغيّرات في الحالة العقلية والوعي.

يجب أيضًا فحص الأشخاص بعد الصدمات والإصابات، بما في ذلك السقوط الشديد، أو بعد إصابات ناجمة عن حوادث السيارات، أو الرياضات. في بعض الأحيان لا تَظهر هذه الأعراض حتى وقت لاحق عندما يكون فقدان الدم شديدًا.

المصدر:

https://www.verywellhealth.com/internal-bleeding-signs-symptoms-complications-4172951