قد تكون المشكلات البطنية هي أكثر الأعراض شيوعاً لدى الأطفال، ومنها ما يكون مؤقتاً لا يستدعي أكثر من تغيب يوم واحد عن المدرسة، ومنها المعنِّدة التي تعتبر مصدر إزعاج واضح وتحتاج إلى زيارة الطبيب.
نعرض في ما يلي أهم هذه المشكلات التي تصيب الأطفال، وطرق تشخيصها وعلاجها.
1- الألم البطني الوظيفي
يشكو نحو 15 في المائة من طلاب المدارس من ألم بطني يتكرر دورياً في فواصل منتظمة، ويتركز هذا الألم في معظم الأحيان حول السرة، غير أن الطبيب عادة لا يجد لدى هؤلاء الطلاب، أية علامات تدل على التهاب حشوي أو انسداد هضمي.
في هذه الحالة، تعارف الأطباء على تسمية هذه الشكوى بـ"الألم البطني الوظيفي"، وهو ألم حقيقي برأي الأطباء، الذين يرون أن بعض الصغار أشدّ حساسية لحركات الضغط في أمعائهم، الناجمة عن عوامل مختلفة، كالمشروبات الغازية، والأطعمة الحرّيفة (الكثيرة البهارات)، والشدة النفسية، التي نستطيع تقدير أهميتها، إذا علمنا أن عددا كبيرا من نهايات الأعصاب يتركز في السبيل الهضمي، الأمر الذي دفع بعض العلماء إلى تسمية الأنبوب الهضمي بـ "الدماغ الثاني".
التشخيص
ويؤكد الطبيب التشخيص حين يقوم بإجراء اختبارات الدم والبول والبراز، وقد يطلب فحصا بالأشعة أو بالأمواج فوق الصوتية، فإذا استطاع بوساطة هذه الفحوص نفي كل الأمراض العضوية التي قد تكون سببا في أعراض الطفل، انتهى إلى هذا التشخيص.
العلاج
وبشكل عام ليست هناك حاجة لإعطاء أية أدوية لهذا المرض، وعوضاً عن ذلك يُنصح الأهل بمساعدة الطفل على أن يتعرف على المواد التي تثير نوبات الألم لديه ليتجنبها، واتباع طرق لتسليته بالموسيقى والألعاب لإبعاد شعوره بالألم كلما أحس بدنو النوبة.
2- متلازمة الأمعاء الهيوجة
إذا ترافق ألم البطن العام مع نوبات إسهال أو إمساك متكررة، فمن المحتمل أن يكون الطفل مصابا بمتلازمة الأمعاء الهيوجة، التي تشيع في بعض الأسر، وهنا أيضا يضع الخبراء اللوم على حساسية السبيل الهضمي المفرطة.
لكن بينما لا تدوم حالات الألم البطني الوظيفي أكثر من أسابيع أو بضعة شهور، تبقى شكوى متلازمة الأمعاء الهيوجة ملازمة لثلثي الأطفال المصابين بها حتى مرحلة النضج.
التشخيص
ويعتمد الأطباء في تشخيص هذه الحالة على سير الأعراض، وأحيانا يحتاج الأمر لإجراء اختبارات لفحص الدم والبراز.
العلاج
تشمل معالجة هذا المرض تعديلات يدخلها الأطباء على النظام الغذائي للطفل، قد يكون منها استبعاد بعض الكربوهيدرات مثل اللاكتوز (سكر الحليب) والفروكتوز (سكر الفواكه) التي تسبب غازات بطنية وآلاماً لكثير من الأطفال. كما يتوخى الطبيب تعريف الأم على أدوية الإسهال والإمساك المتاحة في الصيدليات دون وصفة، لاستخدامها عند الضرورة، وقد يصف دواء مضاداً لتشنج عضلات الجهاز الهضمي.
3- الجَزْر (القَلَس) المعدي - المريئي
تظهر هذه المشكلة بخاصة عند الأطفال الرضّع، وفيها يُرجِعون ما في معداتهم بعد انتهاء عملية الإرضاع، ولكن عادة ما يتوقفون عن ذلك مع بلوغهم العام الثاني من العمر.. ومع ذلك تبقى شكوى الجَزْر المعدي - المريئي عند 2 - 10 في المائة من الأطفال، حيث يصعد الطعام الحامض من المعدة إلى المريء بسبب ضعف في المعصرة بنهاية المريء، ويرافق ذلك عادة ألم بطني أو سعال جاف، أو حاجة متكررة لتنظيف الحلق أو عزوف عن الطعام.
التشخيص
وليس عسيرا على الأطباء تشخيص هذه الحالة من القصة المرَضية لوحدها، وقد يستخدم الطبيب أنبوباً دقيقاً يتم تمريره إلى مريء الطفل، وإبقاؤه 24 ساعة لتسجيل حادثة الجزْر ومدى تكررها.
العلاج
أما بالنسبة للعلاج، فمن الواجب الإقلال من الأطعمة المؤهبة لمشكلة الجزْر، كالمأكولات المقلية والدسمة، وصلصة البندورة، والبيتزا، بخاصة إذا كان الصغير يتضايق من تناولها.. كما يجب تحاشي إعطائه عصير الفواكه (بخاصة إذا كان حامضا)، والمشروبات الغازية، ويعد الماء والحليب الخيارين الأفضلين للسوائل.
وإذا كان الطفل مفرط الوزن، فعلى الطبيب نصح الأهل ومساعدتهم على تخفيف وزنه، فاحتمال الإصابة بهذا المرض يزداد لدى الأطفال البدينين.
أخيراً، قد يحتاج الطفل لتناول أدوية مثبطة لمضخة البروتون، مثل Prilosec، على مدى بضعة أشهر لإيقاف رجوع عصارة المعدة الحامضة.
4- الإمساك
قد ينجم الإمساك (الذي كثيرا ما يرافقه ألم بطني متعمم) عن أسباب بسيطة، كتغيير النظام الغذائي المعتاد، أو الاضطرار لاستعمال مرحاض غير الذي تعود الطفل على استخدامه، ولكن المشكلة تتفاقم لدى بعض الصغار، إذ يغدو البراز أقسى مع ازدياد زمن مكوثه داخل الجسم، مما يزيد صعوبة التخلص منه، ويجعل زيارة دور الخلاء أمرا مخيفا للطفل.
ثم إن القولون الذي تكدس فيه البراز قد يتمدد إلى حد يتوقف فيه عن القيام بعمله الصحيح.
وقد يظن الأهل أن الصغار بحاجة للتغوط يوميا، لكن الأخصائيين لا يرون أن هناك مشكلة هامة، إلا إذا حدث ذلك أقل من ثلاث مرات في الأسبوع.
التشخيص
يتم غالبا من خلال القصة المرَضية وحسب، لكن الطبيب قد يطلب فحوصات للدم وصوراً شعاعية إذا شك بوجود آفة جهازية متعممة، مثل داء "هرشبرونغ" الولادي.
العلاج
على الأم التأكد أن طفلها يتناول ما يكفي من الخضر والفواكه والحبوب الكاملة كل يوم، مع شرب كمية جيدة من الماء. وتعويد الطفل على التوجه للمرحاض في وقت محدد، وحالما يشعر بالحاجة للتغوط دون تأجيل ذلك. وقد تضطر لتعليمه الجلوس للتغوط مدة حوالي عشر دقائق بعد تناول الفطور أو العشاء.
فإذا استمرت حالات الإمساك أياما أو أسابيع طويلة، فلا بد من الاستعانة بمطريات البراز المتوفرة في الصيدليات دون وصفة. أو الحقن الشرجية بعد استشارة الطبيب.
5- التهاب الزائدة الدودية
لا ينجو الأطفال من الإصابة بهذه الحالة الإسعافية، علما أن احتمال إصابتهم بها أضعف منه لدى الكبار. وليست هناك أسباب معروفة لهذه الإصابة التي تحدث نتيجة انغلاق فتحة الزائدة الدودية التي تصلها بأول القولون، بواسطة قطعة صلبة من البراز، مما يجعلها تحتقن بالدم وتصبح عرضة للالتهاب بإحدى الجراثيم التي تقطن القولون بشكل طبيعي. ويتطور الأمر حتى يحدث انفجار الزائدة إلى جوف البطن بعد يوم أو يومين من بدء الالتهاب، مما يشكل خطرا على الحياة ما لم يتم استئصال الزائدة بعملية جراحية قبل انفجارها.
وأعراض التهاب الزائدة المدرسية ألم معمم في البطن يتزايد بشكل تدريجي، يرافقه غثيان، وربما تقيؤ وارتفاع في درجة الحرارة، ثم يتركز الألم بعد ساعات في الناحية اليمنى والسفلى من البطن، ويشتد بحيث يتعذر على الطفل الوقوف أو المشي وهو منتصب القامة.
التشخيص
يتم بشكل أساسي من القصة السريرية، ويظهر في الفحص الطبي ألما شديدا عند جس أسفل وأيمن البطن، لكن الطبيب عادة ما يؤكد التشخيص بإجراء فحص دموي يظهر علامات الالتهاب.
العلاج
المعالجة الشافية لهذه الحالة الإسعافية تكون بإجراء عملية لاستئصال الزائدة الملتهبة في الوقت المناسب، وهي من أكثر العمليات الجراحية شيوعا في العالم.
اقرأ أيضا:
صحة طفلك تبدأ من غذائه