صحــــتك

تأخر النطق عند الأطفال مقلق أم طبيعي؟

تأخر عملية النطق


الحلقة
18

تأخر النطق عند الأطفال من المشكلات الشائعة التي يواجهها الأهل، يتعامل البعض معها على أنها حالة طبيعية، ويعيدها البعض الآخر لأسباب وراثية، فما هي علمياً؟

قد يختلف الأطفال بقدر ما هم متشابهون، فكل طفل يأتي إلى هذه الدنيا ينمو ويتطور بشكل مختلف عن الآخر، وفي فترة زمنية مختلفة، فبعض الأطفال يُطوِّرون أنفسهم بشكل متوازٍ بين المهارات المختلفة، فيما يركز بعضهم على تطوير المهارات، كل واحدة على حدة. فلذلك ورغم وجود مقاييس لمعالم النمو، فإنها تبقى إرشادات عامة، ولكل طفل معدله الخاص به، أما في حال تخطي الوقت الزمني الأقصى لاكتساب مهارة ما، فإن علامات القلق تظهر لدى الأهل، كما هو الحال في موضوع تأخر النطق عند الأطفال. فكيف يعرف الأهل ما إذا كان عسر النطق هذا أمرًا طبيعيًّا أم أنه أمر مقلق؟ هذا ما سنجيب عليه في هذا المقال.

ما الفرق بين النطق واللغة؟ 

هناك فرق كبير بين النطق واللغة، إذ تنقسم اللغة إلى قسمين: لغة استقباليه ولغة تعبيرية، فحين يستطيع الطفل التعبير عن حاجته دون استخدام مفردات اللغة يكون لديه مشكلة في استقبال اللغة، والتي تعني المخزون اللغوي الذي يتناسب مع عمر الطفل، أما اللغة التعبيرية فهي تعني قدرة الطفل على استخدام المفردات اللفظية للتعبير عن حاجاته. أما النطق فهو أن تكون مخارج الحروف صحيحة ومناسبة لعمر الطفل الزمني، وأن يميز بين نطق الحروف المتشابهة مثل العين والغين، والسين والصاد.

تأخر النطق عند الأطفال.. ما هي أسبابه الرئيسية؟ 

لاضطراب تأخر النطق عند الأطفال أسباب كثيرة، منها أسباب متعلقة بالبيئة المحيطة، إلا أن البيئة ليست السبب الرئيسي لتأخر النطق عند الأطفال، ولكنها تساعد أو تعزز هذه الظاهرة، بمعنى آخر، لو كان لدى الطفل بوادر تأخر في النطق واتَّبع الأهل طريقة غير صحيحة في التعامل معه، كعدم الحديث مع الطفل أو السماح له باستخدام الشاشات الإلكترونية بشكل مستمر دون تواصل شخصي، فسوف تزداد المشكلة تعقيدًا، وسوف ينخفض المخزون اللغوي في عقل الطفل، فليس بالضروري أن يكتسب الطفل الكلمات والمعاني من  البرامج التي يتابعها على التلفاز أو الجهاز المحمول، على اعتبار ما يلفت انتباه الطفل إلى تلك البرامج هي الأشكال والألوان والصوت. إن عدم التحاور مع الطفل واستجابة الأم لطلباته عن طريق الإشارة أو الإيماء دون أن يعبّر عنها لفظيًّا يساهم في تأخر النطق. ولكن هناك أسباب أساسية أخرى لتأخر النطق عند الأطفال، وهي:

وجود مشكلة عضوية في الفم أو اللسان أو الحنك 

ومن هذه المشكلات حالة تسمى ربط اللسان، حيث يكون اللسان متصلاً بأرضية الفم مما يجعل خروج بعض الحروف من مخارجها صعبًا، كحرف الدال واللام والراء، كما أنها تؤثر على رضاعة الطفل من ثدي أمه. تصيب هذه المشكلة حوالي 4%-10% من السكان، ولكن يمكن علاجها من خلال فصل هذا الرباط بعملية جراحية بسيطة.

اضطرابات النطق واللغة 

قد يعاني الطفل البالغ من العمر ثلاث سنوات أو أكثر من تأخر في النطق إذا كان لا يملك في مخزونه مفردات لفظية كافية، بل يتواصل من خلال الحركات والإيماءات، وقد يعاني من اضطرابات لغوية إذا كان ينطق بالكلمات، لكن لا يضعها في جملة مفهومة وواضحة، ومن أهم ما يجعل الطفل يعاني من هذا الاضطراب هي الولادة المبكرة.

فقدان حاسة السمع أو ضعفها 

قد يعجز الطفل عن النطق بسبب مشكلة في حاسة السمع لديه، فإن كان الطفل لا يسمع أو أنه يسمع أصواتًا مشوَّشة فإن نطقه بالطبع سيتأثر بذلك. قد تكون العلامات التي تشير إلى ضعف حاسة السمع خفية ولا ينتبه لها الأهل إلا بعد ملاحظة تأخر النطق عند الأطفال.

قلة التحفيز 

من أهم ما ينبغي للأهل معرفته أنكم المسؤول الأول عن تحفيز الطفل، فإذا كان الطفل يريد الماء أعد الكلمة أمامه مراراً كي يتعلم أن يطلبها بالكلمة لا بالإشارة. حفِّزه كي يطلب الشيء بدل أن يشير إليه، فكلما كان لديك اهتمام بالحديث معه واللعب معه وإعطائه الوقت الكافي من يومك ليتعلم منك ويقلدك، كلما ساعده هذا على النطق وتعلم المفردات بشكل أسرع، وبالتالي تحفيز إمكانية التواصل اللغوي لديه مع الآخرين.

اضطراب طيف التوحد 

هو مصطلح واسع يُستخدم لوصف مجموعة من اضطرابات النمو العصبي، وتتميز هذه الاضطرابات بمشكلات في التواصل والتفاعل الاجتماعي، وغالبًا ما يُظهر الأشخاص المصابون بالتوحد اهتمامات أو أنماط سلوك مقيدة ومتكررة. تظهر أعراض اضطراب طيف التوحد على بعض الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، ومنها أنه لا يتكلم أو يتأخر في الكلام، أو قد يفقد قدرته السابقة على التلفظ بالكلمات والجمل.

مشكلات عصبية

تؤثر بعض الاضطرابات العصبية على عضلات الحنجرة والحلق واللسان، ومن أبرز هذه المشكلات الشلل الدماغي، والذي بدوره قد يؤثر على فقدان حاسة السمع، أو يؤدي إلى حدوث إعاقات النمو الأخرى، كذلك يؤثر ضمور العضلات على النطق بشكل كبير.

الإعاقات الفكرية 

من الممكن أن يكون تأخر النطق عند الأطفال بسبب إعاقات ذهنية، فإذا كان الطفل لا يتحدث قد يكون ذلك بسبب مشكلة معرفية وليس لكونه عاجزاً عن تركيب الكلمات.

اسباب تأخر النطق عند الأطفال

كيف تعالج تأخر النطق عند الأطفال؟ 

بعد تحديد سبب هذه المشكلة لدى الطفل يمكن البدء في علاج النطق واللغة، إذ يقوم المعالج بوضع خطة شاملة لتحضير الطفل على الكلام، ويقوم المعالج بإرشاد الأهل للقيام بذلك في المنزل، كما أن دخول الطفل للمدرسة واختلاطه بالأطفال يحفزه على النطق من أجل التواصل مع أصدقائه. وإذا كانت المشكلة مرتبطة بالسمع ينبغي معالجتها، وكذلك معالجتها إذا كانت مرتبطة بالفم أو اللسان أيضاً. وقد يقوم الطبيب بالعلاج من خلال تحليل السلوك التطبيقي.

علاج تأخر النطق عند الأطفال ودور الأهل في ذلك

يلعب تفاعل الأهل دوراً أساسياً في علاج تأخر النطق عند الأطفال، لذا ينبغي عليهم اتباع نظام تحفيزي لأطفالهم يرشدهم إليه الطبيب المعالج. يحتاج هذا النظام إلى كثير من الصبر والكثير من المحادثات، ولا تظهر نتائجه الإيجابية فوراً إنما تحتاج لوقت وجهد، ولكنها حتماً مفيدة. ومن أهم ما يمكنهم القيام به:

  • التحدث فوراً مع الطفل مع سرد الأحداث التي يقومون بها.
  • استخدام الإيماءات والإشارات أثناء النطق بالكلام.
  • استخدام أسماء أجزاء الجسم والأشكال والألوان التي يراها.
  • الغناء بحيث تكون الأغاني بسيطة ويسهل تكرارها.
  • عندما يطلب الطفل شيئا بالإشارات يجب إعطاؤه الفرصة للنطق بها وطلبها من خلال الكلمات.
  • تكرار الكلمات أمامهم قدر الإمكان.
  • إعطاؤهم الوقت للانخراط مع من يمتلكون مهارات لغوية جيدة.
  • طرح الأسئلة بشكل مبسَّط وإعطاؤهم الخيارات المتاحة ليختاروا منها.

في أي عمر يُعتبر الطفل متأخراً في الكلام؟ 

في البداية ينبغي أن تعي الأمهات مراحل تطور حياة الطفل منذ الأشهر الأولى، والتركيز على متابعة تفاعل الطفل مع المؤثرات السمعية والبصرية، ومع بعض التعابير كالابتسامة، واتزان الرقبة، كل هذه المؤثرات قد تنبه إلى وجود خلل معين وتأخر النطق عند الأطفال. ففي عمر الأربعة أشهر لغاية الستة أشهر يبدأ الطفل بإصدار أصوات تفاعلية بدون معنى، مثل المناغاة والضحك، وعدم إصدارها يدل على وجود مشكلة، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن أي محاولة من الأهل لإسكات الطفل ومنعه من التعبير قد يترك أثره على الطفل.

يبدأ الطفل بنطق كلمات مكررة المقطع، مثل ماما وبابا في عامه الأول، وقد ينطق كلمات فيها اضطرابات لغوية، وفي بداية النطق قد تكون هذه مقبولة، ولكن ينبغي علينا تصحيحها وعدم الثناء عليها أو الاستهجان بها حتى لا نعزز تكرارها.

أعراض تأخر النطق عند الأطفال

هل يمكن أن يعاني الطفل من تأخر في النطق دون أن يكون مصاباً بالتوحد؟ 

يمكن أن يسبب اضطراب طيف التوحد عسرًا في النطق، ولكن ليس دائماً، فهناك أسباب كثيرة أخرى لحدوث ذلك، ومن المهم تحديد السبب أولاً ثم البدء في العلاج وفقاً لذلك.

نصيحة من موقع صحتك 

إذا شعرت بوجود تأخر النطق عند طفلك بعد انقضاء المدة الزمنية التي يبدأ فيها الطفل بالكلام، استشر الطبيب الذي سيحدد تشخيص أسباب ذلك، ومن بعدها يتم تحديد طرق العلاج المتاحة، وتذكر دائماً أن طفلك كالبذور كلما سُقيَ بالكلمات والمحادثات والاهتمام تطور نموه الفكري، وبالتالي قدرته على النطق واستخدام المفردات، فلا تهملوا العناية بهم، لأن علاج ذلك في وقت متأخر صعب عليكم ومحبط لهم، فكم من الصعب أن يعجز طفلكم عن التعبير عن رغباته واحتياجاته!

 

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.