في الأسبوع الجاري شهدنا -للأسف- كارثة طبيعية في الشمال السوري والجنوب التركي، زلزال مدمّر بلغت قوته 7.5 درجة على مقياس ريختر، دمّر جزءًا كبيرًا من البلاد، وأودى بحياة كثيرين. وأضحى من المؤكد أن الناجين من هذه الكارثة الطبيعية سيواجهون كثيرًا من التداعيات النفسية المرعبة، التي لن يكون محوها سهلا أبدا.
أيضا، بالنسبة للأشخاص الذين لم يشهدوا الزلزال، فقد شاهدوا الصور المنتشرة في التلفاز ووسائل التواصل، وأصبح الزلزال حديث الساعة، وكلّما حاولنا الخروج من حيز الأخبار صادفنا أشخاصا يتكلمون عن الحادثة التي مازالت آثارها مستمرة إلى الآن، كعلميات إنقاذ الضحايا المحصارين تحت الأنقاض، ومحاولات ترميم الآثار التي خلّفها الزلزال، ومحاولات علاج ومواجهة الدمار النفسي الذي خلّفه الزلزال.
نرى على الفور صور المباني المنهارة، والكلاب الضالة، والمواقف البطولية لرجال الإنقاذ بعد هذه الكارثة المروعة. وللأسف، لن يقتصر الأمر على يوم ويومين أو شهر أو سنة حتى لتنتهي هذه الآثار والذكريات، فهناك آثار دائمة على الناجين من الزلزال. نحن عادة لا نلقي نظرة من الداخل على أفكارهم ومشاعرهم، يمكننا فقط تخيل ما يجب أن تفعله كارثة مروعة للغاية لعقل المرء ونفسيته.
أهم التأثيرات النفسية الشائعة التي قد يواجهها المرء بعد النجاة من زلزال كبير:
1. فرط اليقظة
غالبًا ما يعاني الناجون من الزلازل من اليقظة المفرطة (Hypervigilance). أيُّ ضوضاء قليلة تجعلك تركض بحثًا عن غطاء. تربيتة لطيفة ولكن غير متوقعة من أحد أفراد أسرتك يمكن أن تجعلك تصرخ من الخوف. هذا لأن الجسم في حالة تأهب قصوى لتهديد آخر لسلامته، مما قد يُشْعِره بالتوتر والقلق، عادةً ما تختفي هذه الاستجابة من تلقاء نفسها، ولكنها قد تكون إشارة لشيء أكثر خطورة إذا لم تختفِ، مثل اضطراب ما بعد الصدمة.
2. القلق والاكتئاب
بعد أن تتعرض حياة الفرد للتهديد وانقلابها رأسًا على عقب بسبب الزلزال، فمن الطبيعي أن تظهر عليه علامات القلق أو الاكتئاب. يُظهر المرضان أعراضًا متشابهة مثل:
- التعب.
- الأرق.
- انخفاض الاهتمام بأداء الأنشطة اليومية.
- عدم القدرة على التركيز.
قد تأتي هذه الأعراض وتختفي مع مرور الوقت، ولكن إذا ثبت أنها دائمة فمن المهم طلب العلاج.
3. الانغلاق الفكري
الانغلاق الفكري أو الانحصار العقليّ هو عبارة عن عقبة نفسية أو عقلية مقيدة تمنعك من إكمال الأعمال المهمة. وهو عبارة أيضًا عن حواجز غير مرئية تقف في طريق إنتاجية الفرد. لهذا، من الضروري حمل الناجين على الالتزام والانضباط بروتين يومي في أسرع وقت ممكن، لمساعدتهم على العودة إلى بعض الإحساس بالحياة الطبيعية، حيث يساعدهم ذلك على أن يصبحوا أكثر أمانًا في بيئتهم.
4. رهاب الزلزال
رهاب الزلازل (Seismophobia) هو الخوف المفرط والمستمر من الزلازل، لا يمكن السيطرة عليه، وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى إعاقة الشخص، والتأثير على أنشطته وقراراته، وحتى الطريقة التي يدير بها حياته وحياة أسرته، وهو ناجم عن القلق المستمر من حدوث زلزال آخر.
5. اضطراب ما بعد الصدمة
اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) هو اضطراب يتطور لدى بعض الأشخاص الذين مروا بحدث صادم أو مخيف أو خطير. من الطبيعي أن تشعر بالخوف أثناء وبعد الزلزال. وسيظهر على معظم الأشخاص المتأثرين بشكل مباشر عديدًا من الأعراض النفسية التي تشبه اضطراب ما بعد الصدمة. ستتعافى الغالبية العظمى، لكن أقلية ستصبح عالقة في مكان ما أثناء عملية التعافي، ويتطور عندها اضطراب ما بعد الصدمة. تشمل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة على:
- الخوف الشديد.
- تذكر بعض ذكريات الماضي.
- الكوابيس.
هذا هو التأثير النفسي الأكثر شدة وأدومه الذي قد يحدثه الزلزال على الفرد.
المصادر:
[2]: https://www.nimh.nih.gov/health/topics/post-traumatic-stress-disorder-ptsd