صحــــتك

سلوكيات في الكِبَر تدل على جروح الطفولة التي لم تندمل

يتفق علماء النفس أن معظم السلوكيات لدى البالغين ترتبط بتجاربهم أثناء الطفولة. وبالرغم من أن نسبة كبيرة من الناس يعيشون طفولة سعيدة ومليئة بالحب، إلا أنه في المقال هناك نسبة غير قليلة منهم تعاني من مشكلات مثل الإهمال وسوء المعاملة، ولهذا تأثيرات مهمة عليهم عندما يصلوا سن البلوغ. وتؤثر بنا جروح "الطفل الداخلي" هذه بشكل سلبي في مرحلة البلوغ، لهذا، من المهم التعرف على علامات هذه الجراح كي نتمكن من التعامل معها بالشكل الصحيح، والحد من سلطتها علينا.

ما المقصود بـ"الطفل الداخلي"؟

اخترع عالم النفس الشهير كارل يونغ مصطلح "الطفل الداخلي"، ويقصد به تجارب الطفولة التي ستؤثر على سلوكيات البالغين فيما بعد. ويتمتع البالغون الذين تربّوا في بيئة محبة تهتم بهم بـ"طفل داخلي" متوازن، في حين أن البالغين الذين تعرضوا في طفولتهم لسوء المعاملة البدنية أو الجنسية أو العاطفية أو النفسية، أو تعرضوا للإهمال أو شاهدوا تعرض آخرين للعنف، سيكون "طفل داخلي" غير متوازن ومجروح نفسيا.

5 علامات تشير  أن طفلك الداخلي غير متوازن نفسيا

توجد عدة علامات تشير إلى  جراح "الطفل الداخلي" عند البالغين، نبين منها التالية:

1. التعامل مع العلاقات المسيئة على أنها طبيعية

تظهر هذه العلامة في حالتين تحديداً، هما:

  • يصبح البالغ مسيئاً: لا يعني بالضرورة تعرض الطفل للإساءة أنه سيصبح مسيئاً عندما يكبر، ولكن تظهر الدراسات أن البالغين الذين تعرضوا للإساءة في صغرهم هم أكثر عرضة لأن يسيئوا معاملة أطفالهم، حيث أشارت دراسة إلى أن ثلث من تعرضوا للإساءة في طفولتهم، يستعملون هذا الأسلوب مع أطفالهم. لأن التعرض المستمر للإساءة يجعل الطفل يعتقد أن أسلوب المعاملة هذا طبيعي فيتبناه في كبره.
  • ينجذب للعلاقات المبنية على الإساءة: أظهرت الدراسات أن سوء المعاملة الجنسية أثناء الطفولة هو مؤشر للدخول في علاقات مسيئة أثناء البلوغ، حيث تشير أرقام المسح الإحصائي العالمي للعنف ضد المرأة في أستراليا إلى أن 72% من النساء اللاتي تعرضن للعنف أثناء الطفولة يتعرضن له مجدداً بعد البلوغ.

2. اللجوء للعنف كحل

تظهر هذه العلامة في عدة حالات، منها:

  • يملك الشخص نزعة للعنف: يتعلم الأطفال بشكل رئيسي من بيئتهم المحيطة، وخصوصاً آباءهم، ولهذا ليس من المفاجئ أن بعض الدراسات وجدت أن الرجال الذين يمارسون العنف ضد زوجاتهم سَبَقَ وأن تعرضوا للعنف في طفولتهم، وذلك ينطبق أيضاً على من لم يتعرضوا للعنف بشكل مباشر، وإنما شهدوا تعرض آخرين من حولهم له.
  • ارتكاب الجرائم: تظهر المزيد من الدراسات أن الذكور الناجين من العنف –سواء التعرض المباشر أو كشهود عليه– يمارسون سلوكيات عنيفة، ولديهم نزعة لارتكاب مختلف الجرائم أكثر ممن لم يتعرضوا للعنف.

3. تطوير استراتيجيات سلبية للتعايش مع المشكلات

تظهر هذه العلامة في عدة حالات، منها:

  • اضطرابات تناول الطعام: يرتبط التعرض للعنف أثناء الطفولة بتشويه نظرة الطفل إلى ذاته وبدنه، ولهذا فإن التعرض للعنف في الطفولة يرتبط بالسمنة في مرحلة منتصف العمر، وخصوصاً عند النساء. تظهر الدراسات أن البالغين الذين تعرضوا للإساءة في صغرهم هم عرضة للإصابة باضطرابات تناول الطعام أكثر من غيرهم بخمس مرات.
  • إساءة استخدام العقاقير: من أبرز الاستراتيجيات السلبية للتعايش مع مشكلات الحياة وأكثرها خطراً هي إساءة استخدام العقاقير، ولهذا ليس من غريب أن البالغين الذين تعرضوا للإساءة في صغرهم هم أكثر عرضة لإساءة استخدام العقاقير، وذلك لأنهم يلجؤون للعقاقير في محاولة منهم لمعالجة جراح "الطفل الداخلي".

4. الشعور بانعدام القيمة

لهذا التأثير عدة عواقب، منها:

  • الممارسات الخطرة: يسبب التعرض للعنف وإساءة المعامل أثناء الطفولة شعوراً بانعدام قيمة الشخص، وهذا بالتالي يؤدي إلى ممارسات خطرة تجعل حياة الشخص أصعب أو حتى في خطر، كالقيادة بشكل متهور مثلاً، وصرف المال بشكل عشوائي وكثرة الديون، وعدم اتخاذ تدابير للعناية بالصحة البدنية والنفسية.
  • التفكير بالانتحار: يؤدي الشعور بعدم قيمة الذات أحياناً إلى التفكير بالانتحار، حيث يرتبط التعرض لسوء المعاملة في الصغر بمحاولة الانتحار، وذلك نتيجة دراسة تبين أن الأطفال الذين تعرضوا لأربعة مواقف مؤلمة أو أكثر في طفولتهم هم أكثر عرضة بـ 12 مرة لمحاولة الانتحار عند الكبر من غيرهم.

5. تدهور الصحة النفسية والصحة البدنية

تؤدي جروح الطفل الداخلي في العديد من الحالات إلى تدهور في الصحة النفسية والبدنية:

  • تدهور الصحة النفسية: بعد كل ما سبق ذكره، ليس من المفاجئ أن التعرض للعنف في الصغر يؤدي إلى تدهور الصحة النفسية في مراحل متقدمة من الحياة، ومن المشكلات النفسية التي قد تطرأ في هذه الحالة اضطراب التوتر التالي للصدمة، والاكتئاب، واضطرابات القلق، واضطرابات الشخصية، وحتى الذهان.
  • تدهور الصحة البدنية: يؤدي التعرض للعنف أثناء الصغر إلى تدهور الصحة البدنية أيضاً في حال لم يتم التعامل مع المشاعر السلبية التي نجمت عن تلك الإساءة، ومن هذه المشكلات مثلاً ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، ومشكلات الكبد، وحتى السكري.

كيف نشفي جراح "الطفل الداخلي"؟

شفاء الجراح التي يتعرض لها "الطفل الداخلي" ليس بالأمر السهل، وذلك لأن هذه التجربة وما تبعها من تأثيرات على الحياة هي جزء متأصل من هوية الشخص، ولهذا فإن أفضل طريقة لشفائها هي مراجعة طبيب نفسي مختص، ومناقشة المشكلات التي عانى منها الشخص ويعاني منها الآن، ليتمكن مع الطبيب من الوصول إلى حلول واستراتيجيات تمكنه من التعافي والمضي قدماً بحياة صحية وسعيدة.

 

المصادر:

  1. https://www.learning-mind.com/inner-child-wounds-healing/
  2. https://psycnet.apa.org/record/1994-05951-001
  3. https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/19811827/
  4. https://link.springer.com/article/10.1023/A:1016053228021
  5. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC8192341/
  6. https://citeseerx.ist.psu.edu/document?repid=rep1&type=pdf&doi=63fb8ecf7496eba0ebf9bb7be480e399f01a299d
  7. https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/9635069/
آخر تعديل بتاريخ
06 فبراير 2023
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.