التعرض المحض هو ظاهرة نفسية توضح ميل الناس لتفضيل الأشياء لمجرد أنهم على دراية بها. في علم النفس الاجتماعي، يسمى هذا التأثير أحيانًا مبدأ الأُلفة.
أمثلة على تأثير التعرض المحض
- الإعلانات: هناك سبب يجعلك تستمر في رؤية إعلانات لنفس المنتجات والخدمات مرارًا وتكرارًا، فكلما شاهدت الإعلان أكثر، أصبح المنتج مألوفًا لك وزادت احتمالية شرائك له.
- الموسيقى: يميل الناس إلى تفضيل الأغاني التي سمعوها من قبل على الموسيقى الجديدة التي لم يسمعوا بها من قبل، وهذا هو السبب الذي قد يدفعك إلى اللجوء إلى قائمة تشغيل الأغاني المفضلة لديك عندما تشعر بالتوتر.
- الأشخاص: إذا سبقت لك رؤية شخص ما، حتى ولو لفترة وجيزة، فمن المرجح أن تشعر بمشاعر إيجابية تجاهه عندما تراه مرة أخرى.
- المنتجات الاستهلاكية: غالبًا ما يستمر الأشخاص في شراء نفس المنتجات مرارًا وتكرارًا لأنهم على دراية بها، وليس لأنها أفضل منتج، أو لأنهم راضون عن المنتج.
كيف يرتبط تأثير التعرض المحض بالانجذاب؟
تأثير التعرض المحض قد يؤثر على من ينجذب إليك، فبمجرد قضاء المزيد من الوقت مع شخص ما، قد تجده أكثر جاذبية. وهذا هو السبب في بعض الأحيان الذي قد يجعل الناس يقعون في حب زملائهم في العمل أو يقعون في حب أفضل أصدقائهم.
رأي الطب النفسي لتفسير التعرض المحض
في أغلب الأحيان، لا ندرك حتى تأثير التعرض المحض، إذ يحدث ذلك تلقائيًا وبلا وعي. قد نشعر بالانجذاب إلى أشياء معينة، لكننا لسنا متأكدين حقًا من سبب إعجابنا بها كثيرًا. في حين أن الأسباب الدقيقة لحدوث تأثير التعرض المحض ليست واضحة تمامًا، فإن هناك بعض التفسيرات المحتملة:
-
التعرض يقلل من شعورنا بعدم اليقين
أحد التفسيرات المحتملة لتأثير التعرض المحض هو أن زيادة الألفة تساعد في إزالة الشك وعدم اليقين. ولأننا على دراية بالأشياء التي تعرضنا لها، فإنها تبدو أقل تهديدًا وإثارة للقلق، لأن الناس يميلون بطبيعتهم إلى الحذر وحتى الشك في الأشياء غير المألوفة. وكلما تعرض الناس لشيء ما، أدركوا أنه لا يشكل تهديدًا لحياتهم.
-
الألفة تجعل المعالجة أسهل
اختيار الأشياء التي نعتاد عليها يقلل من مقدار الجهد الذي نبذله في تفسير الأشياء غير المعروفة، مما يوفر وقتًا وجهدًا لنا، ويمكّننا من تحويل تركيزنا لشيء آخر.
-
يمكن أن تساعد أُلفة الشيء على تخفيف القلق
في بعض الأحيان، قد يكون اللجوء إلى شيء مألوف، مثل برنامج تلفزيوني شاهدناه بالفعل أو أغنية مفضلة سمعناها مرات عديدة، له تأثير مريح ويساعد في تقليل مشاعر التوتر والقلق. وقد وجد الباحثون أن إعادة عرض برنامج تلفزيوني مفضل يمكن أن يكون وسيلة رائعة لتخفيف التوتر، كما وجدت الدراسات أن الناس يميلون إلى تفضيل مشاهدة البرامج المألوفة عندما يشعرون بالإرهاق.
هل تأثير التعرض المحض سيئ؟
يمكن أن يكون تأثير التعرض المحض جيدًا وسيئًا في نفس الوقت. في المواقف الشخصية، يمكن أن يساعد التعرض المحض بعض الأشخاص على تطوير تقارب أكبر مع بعضهم بعضًا، مما قد يساعد في تعزيز تماسك المجموعة. ومع ذلك، قد يؤدي ذلك أيضًا إلى تفويت بعض الناس للفرص والمعلومات. ولأن الناس يميلون إلى تفضيل المألوف، فإنهم غالبًا ما يصبحون غير راغبين في تجربة أشياء جديدة أو قبول معلومات جديدة.
كيف يؤثر التعرض المحض على الحياة اليومية؟
في حين أن معظم الناس يجهلون تمامًا تأثيره، فإن التعرض المحض له تأثير كبير على العديد من جوانب الحياة اليومية.
-
في العلاقات
يمكن أن يكون للتعرض المحض تأثير قوي على مشاعرنا تجاه الآخرين، وكلما زاد الوقت الذي نقضيه مع شخص ما وأصبحنا أكثر ألفة معه، زادت احتمالية تفضيلنا له على الآخرين. في بعض الحالات، قد يلعب تأثير التعرض المحض دوراً في تحول الصداقات إلى علاقات رومانسية. في العلاقات الرومانسية، يمكن أن يلعب هذا التأثير دورًا في تعميق مشاعر الألفة. ومع زيادة وعيكما باهتمامات كل منكما وشخصيته وعاداته وخصائصه، تزداد احتمالية شعوركما بالإيجابية تجاه بعضكما البعض.
-
في العمل
يمكن أن يشكل تأثير التعرض المحض أيضًا مواقف وتصورات زملاء العمل وأصحاب العمل، فعندما تبدأ العمل لأول مرة، قد تشعر بتقارب أقل مع العمل ومع زملائك، ببساطة لأنك لا تعرفهم جيدًا. ولكن مع استقرارك في العمل واكتسابك المزيد من المعرفة، فمن المرجح أن تكتسب في نهاية المطاف تصورًا أكثر إيجابية عن عملك، فالتعرض المحض لعملك يغير مشاعرك تجاهه.
-
في عملية اتخاذ القرار
قد يكون للتعرض المحض أيضًا تأثيرات أخرى على حياتك، بما في ذلك القرارات التي تتخذها كل يوم. على سبيل المثال، تخيل أنك تحاول الاختيار بين خيارين متشابهين عند شراء سيارة جديدة. لم تمتلك أيًا من الطرازين مطلقًا، ولكنك ركبت ذات مرة سيارة أجرة من نفس الطراز والعلامة التجارية كأحد الخيارات المتاحة أمامك. نظرًا لأنك على دراية بها، بغض النظر عن مدى قِصَر فترة التعرض لها، فقد تشعر بتقارب أكبر مع هذه السيارة لمجرد أنها مألوفة أكثر.
كيفية تجنب تأثير التعرض المحض
هناك بعض الاستراتيجيات التي قد تساعد في الحد من مدى تأثير التعرض المحض على تفضيلاتك واتخاذك للقرارات. تشمل الخطوات التي يمكنك اتخاذها لتقليل تأثيره ما يلي:
- كن على دراية بتأثير التعرض المحض: إن مجرد إدراك وجود تأثير التعرض المحض يمكن أن يساعدك على إيجاد طرق لمواجهته. إذا وجدت نفسك عالقًا في روتين معين وتسعى دائمًا إلى تحقيق نفس الأشياء، خذ لحظة لتحدي نفسك. هل هذا شيء تريده حقًا، أم أنك تحبه فقط لأنه الشيء الوحيد الذي تعرفه؟
- جرب أشياء جديدة: تحدَّ نفسك بالخروج من منطقة الراحة الخاصة بك وبتجربة مجموعة متنوعة من الأشياء بدلاً من الالتزام دائمًا بما هو مألوف. اطلب طبقًا مختلفًا في مطعمك المفضل، واستمع إلى موسيقى جديدة لم تسمعها من قبل، واستمتع بإجازتك في أماكن لم تذهب إليها من قبل. لن يعرضك ذلك لتجارب جديدة وأشخاص متنوعين فحسب، بل سيساعدك أيضًا على اكتشاف أشياء تحبها بعيدًا عما هو مألوف بالنسبة لك.
- خذ استراحة من المألوف: إن اتباع روتين معين قد يكون مفيدًا لصحتك العقلية، ولكن من الجيد أيضًا تغيير الأمور من حين لآخر. إذا كنت تقضي دائمًا أمسيات الجمعة في مشاهدة إعادة عرض برنامجك المفضل، فتحدَّ نفسك للقيام بشيء مختلف. قم بإلقاء نظرة على حدث محلي في مجتمعك أو اتصل بصديق لقضاء أمسية من ألعاب الطاولة والمحادثة.
- ابحث عن وجهات نظر متنوعة: من السهل أن نَعلق في فقاعة خاصة نحيط فيها أنفسنا بأشخاص وآراء ووجهات نظر تشبه إلى حد كبير وجهات نظرنا. ابحث بشكل نشط عن وجهات نظر متنوعة، سواء في الأخبار التي تسمعها، أو الأفلام التي تشاهدها، أو الكتب التي تقرأها، أو الأشخاص الذين تتابعهم على وسائل التواصل الاجتماعي لأن تعريض نفسك لأفكار جديدة يمكن أن يساعدك على أن تكون أكثر انفتاحًا بشأن التخلي عن المألوف وتجربة أشياء جديدة.
