صحــــتك

التعذيب.. آثار جسدية وأخرى نفسية يعانيها أهل غزة

الصورة
أنور نعمة

التعذيب هو أي فعل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، سواء كان جسديًا أم عقليًا يلحق عمدًا بشخص ما، بقصد الحصول منه أو من شخص ثالث على معلومات أو اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه هو أو شخص ثالث، هذا التعريف وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة.

والتعذيب هو عامل ضغط مقصود ومنظم، يجعل الشخص يعيش التجربة بكامل وعيه من دون أن يملك القدرة على التحكم فيه أو تجنبه أو الهروب منه، ليصبح في وضع يكون فيه تحت سيطرة الشخص الذي يمارس التعذيب بالكامل، وهنا تكمن المصيبة.

كان التعذيب منتشرًا عبر التاريخ، فقد وافق عليه الملوك، واستخدمته الحكومات وجيوشها، ومارسته المنظمات الدينية، وتأرجحت التبريرات وراء ذلك ما بين الانتقام، إلى ممارسة الشعائر الدينية، وفرض العقوبات، واستخراج المعلومات والاعترافات.

أنواع التعذيب

هناك عدة أنواع من التعذيب:

  1. التعذيب الجسدي: مثل الضرب، والوقوف القسري لمدة طويلة، والشنق، والخنق، والحرق، والصدمات الكهربائية، والاعتداء البدني، والإغراق الوهمي، والاغتصاب، والتعرض للحرارة الشديدة والبرودة، واللدغ بالكهرباء.
     
  2. التعذيب النفسي: مثل الإساءات اللفظية، والتهديدات ضد الأسرة والأصدقاء والأحباء، والاتهامات الباطلة، والإعدامات الوهمية، والإجبار على مشاهدة التعذيب والتشويه وقتل الآخرين.
     
  3. التعذيب بالحرمان من الظروف الإنسانية: بما في ذلك الحرمان من الطعام والماء، والحبس الانفرادي، وتقييد الحركة، وتعصيب العينين، والحرمان من النوم، وحجب الرعاية الطبية.
     
  4. الإفراط في التحفيز الحسي: مثل التعرض المستمر للصراخ والضوضاء والأصوات القوية، والتناول القسري للمخدرات.

الآثار الجسدية للتعذيب

يمكن أن تؤدي تقنيات التعذيب إلى إصابات جسدية عديدة وذلك تبعًا للتقنية المستعملة. إن كل أعضاء الجسم قد تتأذى، بدءًا من الرأس إلى أخمص القدمين، ومن هذه الآثار نذكر:

  • إصابات في الجلد: مثل الحروق بسبب الصعق بالكهرباء أو اللدغ بالسيجارة أو بقطع من الحديد المحمى أو البلاستيك الساخن، أو الجروح والكدمات والرضوض والتمزقات بسبب الضرب بآلات حادة.
     
  • إصابات في الرأس: مثل النزيف، وكسور الجمجمة، وتلف الدماغ، والكدمات، وتضرر العين والرؤية، وشلل الوجه، وتشوهات الأذن، والأورام الدموية الدماغية.
     
  • إصابات في العنق والصدر والظهر: مثل الشلل المؤقت أو الدائم، أو متلازمة الألم المزمن، أو إصابات النخاع الشوكي، وكسور الأضلاع والفقرات، وثقوب وتمزقات الرئة، وإصابات القلب والأوعية الدموية.
  • إصابات البطن، مثل تأذي الحجاب الحاجز والكبد والطحال والأمعاء والبنكرياس والكلى، والنزيف الداخلي، وتمزقات الأمعاء.
     
  • إصابات في الجهاز البولي والأعضاء التناسلية: مثل الألم الشديد، والكدمات، والنزيف، وفقدان الوظيفة الجنسية، وفقدان القدرة على الإنجاب، وفقدان القدرة على التحكم في عملية التبول.
     
  • إصابات في الأطراف: مثل الكسور, وتمزق العضلات والأوتار، وتأذي المفاصل، وتضرر الأعصاب والأوعية الدموية.
     
  • تفاقم حالات طبية موجودة مسبقاً: مثل ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والصداع المزمن، والأمراض التنفسية، والعجز الجنسي.

الأعراض الجسدية للتعذيب

يمكن أن يعاني الأشخاص الذين تعرضوا للتعذيب من أعراض جسدية نفسية أشهرها:

  • الألم المزمن والصداع والتشنجات العضلية.
  • فقدان الشهية.
  • نوبات صرع بسبب الضرب على الرأس, وفقدان السمع, ونوبات القلق.
  • مشكلات في الرؤية.
  • الأرق, والعصبية, والتهيج, والاكتئاب.
  • مشكلات جنسية.
  • العدوانية.

الآثار النفسية للتعذيب

تعتبر الآثار النفسية من أخطر وأبشع أشكال الإيذاء النفسي الذي يتعرض له ضحايا التعذيب، وقد تكون هذه الآثار أشد وطأة على أصحابها من الآثار الجسدية لأنها قد تولد ردود فعل جسدية وعاطفية وسلوكية ووجدانية وعقلية تؤثر على كل جانب من جوانب الحياة، وتبدو هذه الآثار بصور مختلفة مثل:

  • نوبات الحزن والرعب واليأس والشعور بالخوف أو الدهشة بسهولة.
  • العصبية والعدوانية والغضب.
  • مشكلات في التركيز والذاكرة.
  • عدم الثقة بالآخرين, وعدم القدرة على بناء علاقات وثيقة.
  • مشكلات على صعيد المدرسة والعمل.
  • فقدان المشاعر تجاه أقرب المقربين والشعور بالغربة حتى مع أفراد العائلة والأقرباء والأصدقاء.
  • الشعور بالذنب.
  • ضعف الثقة بالنفس والإحساس بالعجز وضعف القدرة على المبادرة.
  • الإدمان على الكحول والمخدرات.
  • الاكتئاب الحاد والتفكير بالانتحار وفقدان الاهتمام بالحياة.

تجنب الذكريات 

التعذيب تجربة مروعة وقاسية يمكن أن تترك ندوبًا عميقة قد تبقى عالقة في الذاكرة إلى الممات. يحاول الشخص الذي تعرض للتعذيب كلَّ وسعه أن يتجنب أي شيء يذكره بتجربته المريرة والمؤلمة، فنراه يقوم بأشياء مثل:

  • الفصل بين الأفكار والمشاعر، فيختار التفكير فقط بدل الشعور.
     
  • قد ينأى الشخص الذي تعرض للتعذيب بنفسه عن الأطباء والعيادات والمستشفيات والممرضات وأطباء الأسنان، لكيلا يتذكر جلاديه الذين يكونون غالبًا من المهنيين الطبيين.
     
  • قد يلازم البعض منازلهم قدر المستطاع، ليتجنب السفر واللقاء مع أشخاص جدد.
     
  • قد يحاول البعض تفادي الحشود والأماكن العامة والشخصيات الحكومية وكل من يرتدي الزي الرسمي.
     
  • قد ينتابه القلق إذا رأى أو واجه شيئا يذكره بالصدمة التي تعرض لها، حتى ولو كان هذا الشيء لا يشكل أي خطر عليه أو على حياته.
     
  • قد ينفصل كلياً عن العالم من حوله، ويبدو دوما وكأنه يعيش في أحلام اليقظة.
     
  • قد يلجأ إلى إدمان الكحوليات والمخدرات للتكيف مع الوضع الحالي.

ماذا عن تعذيب الأطفال؟

يتفنن الاحتلال الإسرائيلي في تعذيب الأطفال كما الحال عند معشر الكبار، فيعاني هؤلاء من أعراض شتى تختلف بحسب عمر الطفل ونموه وتجربته. بشكل عام؛ يمكن القول إن الطفل يشكو من الأعراض الآتية:

  • التأتأة ومشكلات في النطق.
  • الشعور بالخوف من الأشياء أو من الأشخاص أو من المواقف التي لا تشكل أي تهديد له.
  • الخلط بين الواقع والخيال.
  • الكوابيس المتكررة.
  • عدم القدرة على الثقة بالآخرين حتى مع الوالدين.
  • اللعب المتكرر أو تدمير اللعب.
  • القلق والسلوكيات المضطربة.
  • مشكلات دراسية ومدرسية.

علاج آثار التعذيب

 يتطلب علاج آثار التعذيب الجسدية والنفسية استقبال الضحايا في بيئة مناسب ومؤهلة ومتعددة الاختصاصات، لتوفر لهم الدعم الطبي والنفسي والاجتماعي لمساعدتهم على التعافي جسديًا ونفسيًا، وعلى الانخراط في المجتمع.

كلمة من موقع صحتك..

لم يترك جيش الاحتلال الإسرائيلي شيئًا إلا ومارسه ضد أهلنا الصامدين في غزة، فهو يقتلهم ويقصفهم ويهجرهم ويهدم منازلهم ومستشفياتهم ومصانعهم، ويحرق محاصيلهم، ويحرمهم من السكن الآمن، ويقطع عنهم المأكل والمشرب والدواء، ويقتحم أماكن عيشهم وإيوائهم للقبض عليهم كي يمارس بحقهم شتى أنواع التعذيب منذ اللحظات الأولى للاعتقال.

يحطم التعذيب الفرد جسديًا ونفسيًا، ويزعزع ثقته بنفسه وبإنسانيته. وفي كثير من الأحيان يعاني الناجون من التعذيب من آثار جسدية، وأخرى نفسية، وقد تكون هذه الأخيرة أشد وطأة على أصحابها من الآثار الجسدية لأنها قد تلازمهم لسنوات طويلة ربما حتى الموت. ولعل الخطوة الأهم التي يجب على الحكومات القيام بها هي دعم حقوق الإنسان والعمل على نشر الوعي بضرورة احترام الكرامة الإنسانية ومناهضة جميع أشكال التعذيب.

آخر تعديل بتاريخ
04 سبتمبر 2024
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.