هل تشعر (تشعرين) بالإحباط بعد القيام بالعلاقة الحميمية؟ لا عليك، فلست الوحيد الذي قد يتعرض لهذه المشكلة، فهي شائعة وتطاول الغالبية العظمى من الناس، إن لم نقل الكل، في وقت أو في آخر من حياتهم بغض النظر عن العمر والجنس والحالة الجنسية وطبيعة العلاقة.
وتكون العلاقة الحميمية بين الزوجين ناجحة عندما تحقق الإشباع الجنسي المتوقع ردا على الإثارة الجنسية التي تعصف بالشريكين. أما إذا فشلت العلاقة الحميمية في الحصول على الإشباع المطلوب فعندها يمكن القول إن هناك مشكلة تعرف بالإحباط الجنسي.
تعريف الإحباط الجنسي
الإحباط الجنسي عند بني البشر هو الاستياء الناجم عن التناقض بين النشاط الجنسي الفعلي والنشاط الجنسي المرغوب فيه، بكلام آخر، الإحباط الجنسي يعني عدم تلبية الرغبات الجنسية بالطريقة التي يريدها الشريك في العلاقة الحميمية ما يجعله يشعر بالانزعاج وعدم الرضا.
وعلى الرغم من أن مصطلح الإحباط الجنسي لم يتم تعريفه جيدا في الأدبيات الطبية، فهو تجربة شائعة لدى الكثيرين من الناس، وقد يكون واحدا من أكبر الإحباطات في حياة بعض الأفراد. وفي كثير من الأحيان، يصيب الإحباط الجنسي الرجال والنساء الذين يتمتعون بصحة جيدة.
الأسباب المحتملة للإحباط الجنسي
ليس سهلا تحديد سبب الإحباط الجنسي نتيجة الاختلافات بين الشركاء وفي العلاقات وفي الظروف الصحية. هناك الكثير من الأسباب التي قد تجعل المرء يعاني من الإحباط الجنسي، قد تكون خارجية أو من داخل الجسم أو من كليهما، ومن أشهر هذه الأسباب نذكر:
- التواصل الضعيف بين الشريكين، قد ينبع الإحباط من ضعف أو عدم القدرة على التواصل من أجل الإفصاح عن الاحتياجات والرغبات أو التوقعات الجنسية، الأمر الذي يؤدي إلى كبح المشاعر الجميلة فيصبح الوصال الجنسي عملية آلية لا طعم لها.
- استعمال أساليب سلبية في التواصل مثل النقد غير البناء، واللوم، والازدراء، والهجوم العدواني، والمماطلة.
- غياب الشريك الجنسي، قد يكون الشخص مستعدا لممارسة العلاقة الحميمية، ولكن، لسبب أو لآخر، قد يكون الشريك الجنسي غير متاح إما بسبب العزوبية أو لأن الشريك لا يريد أو لا يستطيع ممارسة الجنس في الوقت الراهن.
- التوقعات غير المستوفاة، قد يفرض الشريك الجنسي معايير تستحيل تلبيتها، أو قد يطلب الانخراط في أنشطة غير مرغوب فيها، أو قد يلجأ إلى استعمال الجنس كورقة ابتزاز، إن مثل هذه السلوكيات تجعل الشخص يشعر بالإحباط وربما بالعار.
- مخاوف تتعلق بصورة الجسم، قد تكون الصورة الذاتية والمواقف السلبية للأعضاء التناسلية، سواء عند الرجل أو المرأة، سببا مثبطا للجنس، وهذا بالتالي ما يقود إلى عدم الحصول على الإشباع الجنسي المتوقع.
- الظروف الصحية التي تؤثر على الرغبة الجنسية أو الأداء الجنسي مثل ضعف الانتصاب ونشوة الجماع، والقلق، والاكتئاب، وارتفاع ضغط الدم، والداء السكري، والبدانة، والمرض القلبي، وعدم التوازن الهرموني، والحمل والولادة، والمرض، والجراحة الحديثة، والكثير من الأمراض النفسية والعصبية.
- تناول بعض الأدوية مثل المواد الأفيونية، ومضادات الاكتئاب، وحبوب منع الحمل، وحاصرات بيتا.
أعراض وعلامات الإحباط الجنسي
إذا لاحت في الأفق الأعراض والعلامات التالية من دون وجود سبب غير جنسي واضح يبرر وجودها فليس مستبعدا أن يكون المتهم هو الإحباط الجنسي، وتضم هذه الأعراض والعلامات الآتية:
- اضطرابات على صعيد النوم.
- الشعور بالقلق والضيق والانفعال.
- الشعور بالتوتر والتعب وقلة الثقة بالنفس تجاه الجنس.
- قلة الاهتمام بالوصال الجنسي.
- زيادة أو نقصان الرغبة في الجنس.
- ممارسة عادة الاستمناء.
- وجود توقعات جنسية لا يستطيع الشريك تلبيتها.
- اتباع عادات غير صحية مثل الشراهة على الأكل وشرب الكحوليات.
- الدخول في سلوكيات خطيرة لتحقيق الرغبات الجنسية.
- تخيلات أو أحلام يقظة يكون محورها الجنس.
- مشاهدة الأفلام الإباحية أو الأفلام الحبلى بالمشاهد الحميمية.
- الدخول في نزاعات وجدالات غالبا ما يتم إقحام الجنس فيها كحجة لتبريرها.
عواقب الإحباط الجنسي
على الرغم من ندرة الأبحاث المنشورة حول عواقب الإحباط الجنسي، فإن هناك بعض الأدلة التي تقول إنه يمكن للإحباط الجنسي أن يؤثر على السلوك والرفاهية والصحة العقلية في حال تركه يسير على هواه من دون تدبير.
قد لا يؤثر الإحباط الجنسي قصير المدى على الصحة، إلا أنه إذا استمر لفترة طويلة فإن له تأثيرات سلبية على الحالة المزاجية، وقد يؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب.
أكثر من هذا، فهناك نظرية تفيد بأن الإحباط الجنسي الناجم عن الرغبات غير المحققة في ممارسة الجنس، والشركاء غير المتوفرين، والأنشطة الجنسية غير المرضية، يمكن أن تزيد من مخاطر العدوانية والعنف، وربما تؤدي إلى ارتكاب الجريمة سعيا للإغاثة والانتقام والبحث عن السلطة.
كيفية إدارة الإحباط الجنسي
إن الرغبة في الانخراط في الجنس هي متعة فطرية وجزء طبيعي من السلوك البشري، فإذا كان الانخراط في هذا النشاط يؤدي إلى الإحباط، في وقت من الأوقات، فلا حرج في هذا إذا كان مؤقتا وعابرا يمر مرور الكرام. أما إذا طال أمد الإحباط فإن آثاره السلبية قد تصيب صاحبه ومن حوله، من هنا أهمية تدبيره. نسوق في السطور التالية النصائح التي يمكن أن تساعد في نزع فتيل الإحباط الجنسي:
1. التواصل مع الشريك
قد ينتج الإحباط الجنسي أحيانا من عدم معرفة ما يحتاجه الشريك أو ما يريده أو ما يرغب به جنسيا. تنصح كانديس كوبر لوفيت، اختصاصية العلاج الجنسي في ولاية أتلانتا الأميركية، الأزواج والأفراد بضرورة البدء في محادثة مع الشريك الجنسي لسبر الأسباب والمشاعر الكامنة التي تقف خلف الإحباط الجنسي لأنه قد يعطي نتائج مجزية ومفيدة وفعالة على هذا الصعيد.
ومن يدري، فقد يكون الإحباط الجنسي عبارة عن رد فعل على شيء لا علاقة له على الإطلاق بالجنس لا من قريب ولا من بعيد. في المختصر، تطالب كوبر لوفيت بتطبيق المقولة القديمة التي لا تزال صحيحة وهي: " قل لشريكك الجنسي ما تقصده ولكن لا تقل له ما تعنيه"، مع الحرص كل الحرص على اتباع مبدأ الشفافية في المحادثة والعلاقة بعيدا عن الاتهامات وأساليب التواصل السلبية.
2. عدم التركيز على هزة الجماع حصرا
في كثير من الأحيان يركز الشريكان الجنسيان على الوصول إلى النشوة المتمثلة في هزة الجماع، وهذا ما قد يؤدي إلى الاكتئاب عند الفشل في تحقيقها ولو لمرة واحدة، من هنا يوصى بالتركيز على أشياء أخرى ومحاولة الاستمتاع بالجماع بدل التركيز على تحقيق النشوة الجنسية. يجب التركيز على معرفة الذات والشريك الآخر عاطفيا وحسيا.
3. الثقة بالنفس
قد ينشأ الإحباط الجنسي بسبب الصورة السلبية للجسد التي تقود إلى قلة الثقة بالنفس وإلى الشعور بالذنب. يظن الكثير من الرجال والنساء أنهم لا يحصلون على الشريك الجنسي لأنهم غير محبوبين أو غير جذابين أو غير جديرين وما شابه ذلك. يجب على المصاب بالإحباط الجنسي أن يتقبل صورة جسده وأن يحيط نفسه بأناس يهتمون به ويجعلونه يشعر بالإيجابية، فهذا من شأنه أن يساعد في التغلب على مشكلة الإحباط الجنسي.
3. التركيز على الصحة
إن تلبية المتطلبات غير الجسدية مثل النوم الجيد والكافي والاحتياجات الغذائية المناسبة، تساعد بشكل أفضل على تلبية الاحتياجات الجنسية.
4. إدارة الأمراض الجسدية والنفسية والعصبية
لا شك في أن هذه الأمراض تترك آثارا سلبية على العلاقة الحميمية بشكل أو في آخر، الأمر الذي يثير الإحباط الجنسي، من هنا أهمية تدبير تلك الأمراض بالتي هي أحسن من أجل عدم ترك المجال لحدوث الإحباط الجنسي.
5. التمارين الرياضية
يمكن أن تساهم الأنشطة الرياضية في تحسين الحالة المزاجية التي تساعد على التخلص من التوترات المتراكمة، وعلى إيقاظ الطاقة الجنسية، وبالتالي إلى إبعاد شبح الإحباط الجنسي.
6. الاستماع إلى الموسيقى
كما الحال مع الأنشطة البدنية، فإن الاستماع إلى الموسيقى يحسن مزاج الشخص، ويقلل من مخاطر التعرض للإحباط الجنسي.
7. إثارة الحياة الجنسية
إن استكشاف الشركاء لأجسادهم، وإضافة الألعاب الجنسية، وتجربة أوضاع جديدة، ورواية قصص مثيرة، والمشاركة في لعب الأدوار، تجعل الحياة الجنسية أكثر إثارة وتساعد على التخلص من الإحباط الجنسي.
8. تناول الأدوية
قد ينبع الإحباط الجنسي من مشاكل تتعلق بالأداء الجنسي مثل سرعة القذف وضعف الانتصاب والبرود الجنسي، إن علاج هذه المشاكل يسمح بتحسين التجربة الجنسية ويقلل من فرص التعرض للإحباط.
9. طلب المساعدة
على كل شخص يعاني من الإحباط الجنسي أن يضع في ذهنه ألا يخجل منه وألا يتستر عليه، بل عليه أن يواجهه وأن يعرف أنه يمكن تجاوزه بطلب المساعدة سواء من الشريك، أو من معالج مختص من أجل فهم أصول الإحباط وإيجاد الحلول المناسبة له.
في المختصر
العلاقة الجنسية الطبيعية هي تلك التي تحقق الرضا المتنظر منها، أما إذا فشلت تلك العلاقة في الحصول على الإشباع اللازم فإن الإحباط الجنسي سيكون على الموعد وذلك بدرجة تختلف من شخص إلى آخر. هناك باقة من العوامل والأسباب المختلفة التي تقف وراء الإحباط الجنسي. قد ينجح بعض شركاء العلاقة الحميمية في التغلب على مشكلة الإحباط الجنسي، ولكن البعض قد لا يستطيع، الأمر الذي يترك آثاره السلبية على مجالات حياتية أخرى، من هنا ينصح هؤلاء بالتماس المشورة من قبل مختص بالرعاية النفسية أو الجنسية للمساعدة في التعبير عن الاحتياجات والرغبات والتوقعات والدوافع الجنسية، ولعل الأهم من كل ذلك تبديد الأوهام التي يمكن أن تعطل إطلاق الطاقة الجنسية.
المصادر
Sexual frustration: Symptoms and how to manage
How to Cope With Sexual Frustration - Verywell Mind
Can Sexual Frustration Trigger Depression? - Psych Central
A sexual frustration theory of aggression, violence, and crime
5 Ways You Can Deal With Sexual Frustration - By Dr. Prabhu Vyas
