صحــــتك

أساليب التربية المختلفة وأثرها على الأبناء

الصورة
أحمد سواحل

يعدّ فهم الأساليب التربوية المختلفة وتأثيراتها على الأبناء مهمًا بالنسبة للآباء الذين يرغبون في تربية أطفال يتمتعون بصحة نفسية وثقة بالنفس واستقلالية في القرار، وتشير الأبحاث إلى وجود عدة أساليب أو أنماط ينتهجها الآباء في التربية، وهنا سنحاول الإشارة لبعض هذه الأساليب وتأثيرها على نشأة الطفل:

الأسلوب الأول: الأسلوب السلطوي أو الاستبدادي

يتميز بمستوى تحكم عالٍ ودعم منخفض، وفيه يفرض الآباء الذين يستخدمون هذا النوع من التربية قواعد صارمة، ويتوقعون من أطفالهم الالتزام بها دون أي اعتراض، ويمكن أن يؤدي هذا الأسلوب إلى آثار سلبية عند الأبناء، مثل انخفاض تقدير الذات والقلق المستمر والسلوك المتمرد لدى الأطفال والمراهقين. مثال: عندما يريد الطفل الذهاب إلى منزل صديقه للعب، لكن يرفض الوالد ذهابه دون إعطاء أي تفسير أو السماح للطفل بالتفاوض، ويقول الوالد: "لا، لا يمكنك الذهاب، انتهى النقاش".

الأسلوب الثاني: أسلوب التربية الديمقراطي

ويتضمن الأسلوب الديمقراطي مستوى دعم وتحكم عالٍ. يستمع الآباء الذين يستخدمون هذا الأسلوب إلى أفكار ومشاعر أطفالهم، ويشجعون الحوار والتفاهم، ويقدمون الدعم والتوجيه عند الحاجة. ويرجى أن يؤدي هذا الأسلوب إلى نتائج إيجابية مثل ارتفاع تقدير الذات والاستقلالية واتخاذ القرارات المسؤولة لدى الأطفال والمراهقين.

مثال: يريد الطفل المشاركة في نشاط مدرسي، ولكن الوالد لديه مخاوف بشأن السلامة. يستمع الوالد إلى رغبات ومشاعر الطفل، ثم يقترح إيجاد حل وسط يسمح للطفل بالمشاركة مع ضمان السلامة، مثل الحضور مع صديق موثوق به أو مرافق.

الأسلوب الثالث: أسلوب الإهمال

ويتضمن أسلوب الإهمال مستوى تحكم ودعم منخفضين، وفيه يكون الآباء الذين يستخدمون هذا الأسلوب غير مشاركين ولا معنيين بحياة أطفالهم، ويفتقدون القيام بدورهم في الرعاية والاهتمام اللازمين لتطور أطفالهم. ويمكن أن يؤدي هذا الأسلوب إلى شعور الأطفال بالإهمال وعدم الثقة في الآخرين، وفقدان الإحساس بقيمة الذات.

مثال: يأتي الطفل إلى المنزل من المدرسة ويخبر الوالد عن إنجاز، لكن الوالد مشتت بأمور أخرى ولا يرد أو يظهر أي اهتمام، ويتعرض الطفل للعديد من الصدمات ولا يدري عنها الآباء في المنزل، ولا يلاحظون التغييرات التي تحدث للطفل.

الأسلوب الرابع: الأسلوب الداعم

ويتضمن الأسلوب الداعم مستوى عالٍ من الدعم وتحكم منخفض. الآباء الذين يستخدمون هذا الأسلوب يوفرون بيئة داعمة ورعاية لأطفالهم، وفي نفس الوقت يسمحون لهم باتخاذ القرارات بتوجيه ودعم من الوالدين. ويرجى أيضا أن يؤدي هذا الأسلوب إلى نتائج إيجابية، مثل تعزيز تقدير الذات والاستقلالية وتنمية مهارات اتخاذ القرارات الصحية لدى الأطفال والمراهقين.

مثال: يريد الطفل تجربة هواية أو نشاط جديد، ولكنه غير متأكد من نجاحه، يشجع الوالد ويدعم الطفل في تجربة أشياء جديدة، حتى لو لم يكن ناجحًا في البداية، ويوفر التوجيه والتشجيع على طول الطريق.

ختاما..

من المهم ملاحظة أن لكل أسلوب تربوي تأثيراته الفريدة على الأطفال والمراهقين، ولا يوجد أسلوب "صحيح" تماما للتربية. ومع ذلك، تشير الأبحاث إلى أن الأساليب الديمقراطية والداعمة للتربية ترتبط عمومًا بنتائج إيجابية لدى الأطفال والمراهقين.

من المهم ملاحظة أن الأسلوب التربوي الأكثر فاعلية يعتمد على احتياجات الطفل والعائلة، وما يصلح لعائلة قد لا يصلح لأخرى. كما يجب على الآباء الأخذ في الاعتبار الاحتياجات المختلفة لدى الابن ومرحلته التنموية، ومراعاة تأثير الأقران والبيئة المحيطة عليه عند اختيار أحد الأنماط في التربية.

كما ينبغي للآباء التمتع بالمرونة الكافية والاستعداد الدائم لتغيير أسلوب التربية مع الوقت، وتغير الاحتياجات تبعًا للمرحلة العمرية، أو تبعًا للأحوال الثقافية والبيئة المحيطة. ومن الممكن للآباء تحويل أسلوبهم في التربية إلى أسلوب داعم أكثر، حتى لو كانوا يستخدمون حاليًا أسلوبًا مختلفًا. إليك بعض النصائح للوصول إلى هذا الأسلوب:

  1. ابدأ بالتفكير في أسلوبك في التربية والنظر في المجالات التي يمكنك تحسينها. اسأل نفسك: هل أقدم لطفلي الدعم والتوجيه اللازمين لاتخاذ القرارات الخاصة به؟
  2. تدرب على الاستماع الفعال والتعاطف مع طفلك. هذا يعني الاستماع وفهم أفكارهم ومشاعرهم حتى لو كنت لا تتفق معها.
  3. قدِّم لطفلك فرصًا أكثر لاتخاذ القرارات الخاصة به، وتحمل المسؤولية عن أفعاله. ابدأ بالقرارات الصغيرة، وزد مستوى الاستقلالية تدريجيًا بمجرد أن يثبت الطفل أنه يستطيع التعامل مع ذلك.
  4. قدم الدعم والتشجيع لاهتمامات وشغف طفلك، حتى لو كانت مختلفة عما تفضله.
  5. استخدم التعزيز الإيجابي والثناء لبناء تقدير الذات والثقة لدى طفلك.
  6. ابحث عن مصادر مثل الدورات التدريبية أو الاستشارات لتعلم المزيد عن تقنيات واستراتيجيات التربية الداعمة.

وتذكر دائما أن التحول إلى أسلوب تربوي داعم يستغرق وقتًا وجهدًا، ولكنه في النهاية يؤدي إلى نتائج إيجابية لك ولطفلك. في النهاية، حينما يريد الواحد منا شراء منزل أو سيارة جديدة فإنه يقضي أوقاتًا كثيرة في البحث عن أنسب الاختيارات ومعرفة الفروقات وتمييز الإيجابيات والسلبيات، ولعل الأطفال ليسوا أقل حظًا من البيت والسيارة، فتربية طفل أمر يحتاج إلى بعض المعلومات من المتخصصين، ومزيد من التأمل والبحث للوصول بالأبناء إلى بر الأمان النفسي، والقيام بدورنا وأمانتنا تجاههم.

فهم أساليب التربية وتأثيراتها أمر لا بد منه للآباء الذين يرغبون في تربية أطفال سعداء وصحيين وناجحين، ومن خلال التربية الداعمة الحرة والتشجيع على الحوار والتفاهم يمكن للآباء مساعدة أطفالهم في التطور إلى شخصيات توكيدية ومستقلة ومسؤولة.

آخر تعديل بتاريخ
07 أبريل 2023
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.