صحــــتك

هواء البحر.. ما الفائدة منه وما الفرق بينه وبين الهواء العادي؟

الصورة
أنور نعمة

في الزمن الغابر، كان بعض الأطباء يتبنون نهجاً غير تقليدي بإرسال أعداد كبيرة من مرضاهم المصابين بداء السل إلى الشاطئ لاستنشاق هواء البحر المالح، اعتقاداً منهم أنه يملك قوة علاجية وشفائية، ويخفف من وطأة الأعراض التنفسية، ويقال إن معلمنا أبقراط، أبو الطب، كان يصف العلاج بمياه البحر.

وفي ذلك الوقت، أي قبل وقت طويل من تقدم الطب، لم يكن أهل الطب يملكون الحجج العلمية حول أهمية هواء البحر للصحة، ولكن، وبفضل التطورات التي شهدها العلم، لاحظ العلماء أن هواء البحر غني بالأكسجين وفقير بثاني أوكسيد الكربون، وهذا يعني أنه يترك تأثيرات إيجابية تنزل برداً وصحة وسلاماً على رواد شواطئ البحر وعلى القاطنين بجواره.

ما الذي يجعل هواء البحر مميزاً؟

يتكون هواء البحر من مزيج من العناصر المختلفة التي تجعله مميزاً، وتضم هذه:

1. الأكسجين

وهو يوجد بكثافة في هواء البحر بسبب الأعشاب والطحالب والعوالق البحرية التي تطلق المزيد من الأكسجين أثناء نموها. قد يظن البعض أن غابات الأمازون هي التي تنتج القسم الأكبر من الأكسجين، وهذا غير صحيح، فالبحر هو الذي يزودنا بأكثر من 70% من الأكسجين الذي نحتاجه وننتعش به.

2. الأيونات السالبة

عندما تصطدم أمواج البحر بالشاطئ، فإنها ترسل جزيئات صغيرة من الملح إلى الهواء، تحمل معها أيونات سالبة، هي عبارة عن جزيئات صغيرة تحمل شحنات كهربائية سالبة يقال إنها تزيد من قدرتنا على امتصاص الأكسجين، وتعزز من التوازن في أجسادنا، وتحرض على طرح المزيد من هرمون السعادة السيروتونين، الذي ينظم الحالة المزاجية في الجسم، ما يجعلنا نشعر بمزيد من الاسترخاء واليقظة على ضفاف البحر.

3. الأوزون

يحتوي هواء البحر على الأوزون، وهو غاز ينتج من تصادم أشعة الشمس فوق البنفسجية مع غاز الأكسجين. يتألف الأوزون من ثلاث ذرات أكسجين بدلاً عن ذرتين في الأكسجين العادي. يعمل الأوزون كمطهر طبيعي، ويساهم في تنظيف الهواء ويجعله أكثر نقاءً.

4. ثنائي ميثيل الكبريتيد

وهو مركب تنتجه بكتيريا البحر الساحلية التي تتغذى على العوالق النباتية، ويتألف من ذرة كبريت مربوطة بمجموعتين كربونيتين، وهو الذي يضفي على هواء البحر الرائحة الخاصة التي تميزه، والتي تشبه رائحة الهليون أو القرنبيط المطبوخ.

5. مكونات أخرى

إلى جانب الأكسجين والأوزون وثنائي ميثيل الكريتيد والأيونات السالبة، يحتوي هواء البحر على كميات شحيحة من المعادن مثل الكالسيوم والبوتاسيوم والمغنيزيوم واليود، يقال إن استنشاقها قد يدعم الجهاز المناعي والصحة بشكل عام.

الفوائد الصحية لهواء البحر

عندما نفكر في البحر فإن أول ما يخطر على بالنا المياه المالحة، والمناظر الخلابة، والحمام الشمسي للحصول على البشرة البرونزية، ولكننا ننسى هواء البحر وما له من آثار إيجابية على الصحة البدنية والعقلية والنفسية، وفي السطور الآتية نلقي نظرة خاطفة على فوائد هواء البحر المحتملة المبنية على روايات قصصية أكثر منها علمية:

1. يحسن من وظائف الرئة

يعبق هواء البحر بالأيونات السالبة، وهي عبارة عن جزيئات مشحونة تتواجد بكثرة في رذاذ البحر العالق في الهواء، وقد أشارت الأبحاث إلى أنها تعمل على تحسين قدرتنا على امتصاص الأكسجين وتساعدنا على الشعور بالمزيد من اليقظة.

يقول البروفيسور "بيرس جيه هوارد"، من المركز الأمريكي للعلوم المعرفية التطبيقية، عن بالأيونات السالبة: "قد تساعد في تقليل التهيج الناتج عن الجزيئات التي تجعلك تعطس أو تسعل أو تعاني من تهيج الحلق".

أظهرت بعض الدراسات أن استنشاق الهواء المالح يملك تأثيراً مهدئاً على بطانة المجاري التنفسية، ما يحسن من وظائف الرئة لدى الأشخاص الذين تم تشخيص إصابتهم بالتليف الكيسي، وحمى القش، والتهابات الجهاز التنفسي، والتهاب الجيوب الأنفية.

2. قد يساعد على التخلص من الحساسية

يساعد الأوزون الموجود في هواء المحيط على القضاء على البكتيريا والملوثات الأخرى، وهو خبر رائع للأشخاص الذين يعانون من الحساسية أو الربو. يمكن للهواء النظيف أن يساعد على تهدئة القصبات المتهيجة وتسهيل عملية التنفس.

3. قد يحسن الحالة المزاجية

 لا تفيد أيونات هواء البحر أجسادنا فحسب، بل تفيد عقولنا أيضاً، إذ تشير الدراسات إلى أن هذه الأيونات يمكن أن تساعد على تحسين حالتنا المزاجية وتقليل التوتر، وعلى إشاعة الرضا النفسي والذهني، ولهذا السبب، فإن المشي بجانب البحر يمنحنا المزيد من الطاقة، وغالباً ما يجعلنا نشعر بالسعادة والاسترخاء، ويبعد شبح الاكتئاب.

4. يعزز النوم الجيد

إن جودة هواء البحر، والأيونات السالبة العالقة فيه، وزيادة طرح هرمون السيروتونين، كلها عوامل تشجع على الاسترخاء والنوم الجيد.

هل من أضرار صحية لهواء البحر؟

على الرغم من كل الفوائد الصحية التي تنسب إلى هواء البحر، فإن هناك دراسات حديثة وجدت أن الملوثات التي تسرح وتمرح في الغلاف الجوي، يمكنها أن تتفاعل مع مكونات هواء البحر لإنتاج مواد كيميائية قد تكون ضارة للصحة، ولكن هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات.

ماذا عن مياه البحر؟

إن هواء البحر ليس العنصر الوحيد الذي يفيد صحتنا، فهي لا تقل شأناً، وتملك فوائد صحية عديدة، نذكر منها:

1. قد تعزز من صحة وجمالية البشرة

تعمل المياه المالحة بمثابة مقشر ميكانيكي لبشرة الجلد، ما يساعد على طرد الخلايا الميتة ومنع تراكمها في الطبقة العليا من الجلد، وهذا ما يفسح المجال لتطهير البشرة وتجديد شبابها والحفاظ على رطوبتها ونضارتها، وبالتالي إلى التقليل من احتمالية إصابتها بالبثور وحب الشباب. كما تعمل مياه البحر على فتح مسامات الجلد، ما يشجع على امتصاص المعادن البحرية المفيدة، وطرد السموم الضارة.

ويساعد المغنيسيوم الموجود في مياه البحر على إفادة الجلد، لأنه يدعم وظيفة خلاياه ويساهم في إصلاحها، ويعمل على تنشيط الفيتامين د، ويخفف من أعراض الأمراض الجلدية الالتهابية.

2. قد تعالج أمراض البشرة

إذا كنت تعاني من أمراض جلدية مثل الصدفية والإكزيما والتهاب الجلد التأتبي، فإن السباحة في مياه البحر مفيدة لك، فهي تحتوي على معادن مثل كلوريد الصوديوم والبوتاسيوم واليود والمغنيسيوم والكبريت، وتساهم هذه المعادن، زرافات ووحدانًا، في تهدئة أعراض الأمراض الجلدية، بما في ذلك التورم والتشقق والجفاف والالتهاب والخدوش والجروح، وتساعد على الشفاء منها. أظهرت البحوث، أن الجمع ما بين مياه البحر المالحة وأشعة الشمس، يعطي نتائج علاجية وشفائية أفضل.

يقول الطبيب أنطون الكسندروف، من الجمعية البريطانية لأطباء الجلد، إن الاستحمام في مياه البحر يوفر راحة للأشخاص الذين يعانون من التهاب الجلد والإكزيما، وإن المغنسيوم الموجود في مياه البحر قد يحسن من وظيفة البشرة، فتصبح أقل جفافاً وخشونة، ولكنه قال أيضاً، إن أشعة الشمس فوق البنفسجية يمكن أن تلعب دوراً، وتحسن من أعراض بعض الآفات الجلدية.

3. قد تعزز من صحة الشعر

إن غمر الرأس في مياه البحر يؤثر على الشعر وفروة الرأس، فمياه البحر تعمل كشامبو طبيعي يساعد على التخلص من المفرزات الزيتية الزائدة، ومن القشرة المتراكمة التي تسبب إزعاجاً ما بعده إزعاج. ولكن لا بد من الحذر، لأن لمياه البحر سلبيات، فهي قد تسبب جفاف الشعر وتقلل من رطوبته، ما يجعله أكثر عرضة للتقصف، خاصة إذا كان الشعر مصبوغاً، لهذا يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة، لتجنب إلحاق الضرر بالشعر.

4. قد تقلل من التوتر

تشير الدراسات إلى وجود علاقة مباشرة بين مياه البحر ومزاج الإنسان، ويعود ذلك بحسب رأي الخبراء إلى المحتوى العالي لمياه البحر من معدن المغنيسيوم، الذي يسبب المزيد من الهدوء والاسترخاء للعقل والجسم على حد سواء، وهذا ما يساعد على التخلص من المشاعر السلبية والضغوط الحياتية اليومية.

5. تنشط الدورة الدموية

إن غطس الجسم في مياه البحر يعمل على زيادة تدفق الدم وعلى تنشيط الدورة الدموية في الجسم، وهذا ما ينعكس إيجاباً على الصحة، خاصة القلب والأوعية الدموية.

 

إذا لم تحدد بعد وجهتك لقضاء عطلتك، فإننا ننصحك بالذهاب إلى شاطئ البحر، فنسائمه المحملة بالأيونات السالبة والمشبعة بالأكسجين، ستعزز من صحتك العقلية والبدنية والنفسية، وستمنحك المزيد من الاسترخاء والمزيد من المزاج الحسن بفضل هرمون السعادة السيروتونين، الذي يعمل على استقرار الحالة المزاجية، ويعزز من الشعور بالراحة والرفاهية والانتعاش. قد يقول البعض إن هواء البحر ملوث، إلا أنه يبقى أفضل من هواء المدن المشبع بالملوثات، وما أكثرها.

آخر تعديل بتاريخ
22 يوليو 2024
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.