تعد المستشفيات بنظر البعض من الأماكن الأكثر نظافة، ولكن لماذا قد يصاب البعض وهم داخل المشفى ببعض الأمراض؟ وهل المكوث في المشفى سبب لحدوث الإنتان ؟ بدايةً، تحتاج إلى التمييز بين حالات التسمم الدموي، فليس كل نوع من التسممات يتسبب في نفس العواقب الصحية، هناك فرق بين الإنتان، والعدوى، وتجرثم الدم.
حالات تسمم الدم
عندما نتحدث عن العدوى (infection)، فإننا نشير إلى انتشار الكائنات الحية الدقيقة في عضو من أعضاء الجسم، مثل البكتيريا أو الفيروسات، دون أن تؤدي إلى تفاعل شديد عام في الجهاز المناعي. يمكن أن تكون هذه الحالة بسيطة ولكنها قد تتطور في بعض الأحيان.
أما تجرثم الدم (Septicemia)، فهو وجود الكائنات الحية الدقيقة في الدم بشكل مباشر. يعتبر تجرثم الدم حالة خطيرة للغاية، فقد تؤدي إلى انهيار وظائف الأعضاء وحدوث الصدمة الحادة.
أما الإنتان (sepsis)، فإنه يمثل مرحلة متقدمة من العدوى، حين يحدث تفاعل عام كبير من الجهاز المناعي لمحاربة الكائنات الحية الدقيقة التي وصلت إلى الجسم. يمكن أن يؤدي الإنتان إلى تلف أعضاء الجسم ويصبح مصدرًا لمضاعفات الخطيرة. يعد الإنتان استجابة الجسم الشديدة للعدوى، كما أنه حالة طبية طارئة تهدد الحياة. يحدث الإنتان عندما تؤدي العدوى التي أصبت بها بالفعل إلى تفاعل مناعي شديد في جميع أعضاء الجسم، وغالبًا ما تبدأ حالات العدوى التي تؤدي إلى الإنتان في:
- الرئة.
- المسالك البولية.
- الجلد.
- الجهاز الهضمي.
وبدون العلاج في الوقت المناسب، يمكن أن يؤدي الإنتان بسرعة إلى تلف الأنسجة، وفشل الأعضاء، وصولًا للموت.
يساهم الإنتان بما يتراوح بين ثلث إلى نصف إجمالي وفيات المستشفيات في الولايات المتحدة الأمريكية فقط، فما بالك في الوطن العربي، وهو أكثر شيوعًا من النوبات القلبية والسكتات الدماغية مجتمعة.
نظرًا لأنه من المفترض أن تكون مرافق الرعاية الصحية في المستشفيات أماكن نظيفة وآمنة يذهب إليها المرضى للتعافي من الأمراض، فقد تفاجئك معرفة أنه يمكنك بالفعل الإصابة بالعدوى التي قد تؤدي إلى الإنتان أثناء وجودك في المستشفى.
في حين أن معظم حالات الإنتان تبدأ خارج المستشفى، فإن ما يقرب من 15٪ من حالات الإنتان تتم الإصابة بها في المستشفى. ووفقًا للخبراء؛ هناك بعض الأبحاث التي تشير إلى أن معدلات الوفيات بسبب الإنتان قد تكون أعلى لدى الأشخاص الذين أصيبوا بالعدوى في المستشفى مقارنة بأولئك الذين أصيبوا بالإنتان في مكان خارج المستشفى، وذلك لأن الجراثيم الموجودة في المستشفيات تكون عادة من الأنواع المقاومة للمضادات الحيوية والمطهرات، وغالبًا ما يحتاج علاجها إلى استخدام مضادات حيوية نوعية قوية.
على الرغم من أن الإنتان لا يمكن تجنبه دائمًا، فإن هناك بعض الخطوات الوقائية الاستباقية التي يمكن للمرضى وعائلاتهم اتخاذها أثناء الإقامة في المستشفى.
الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بحالة الإنتان
يمكن لأي شخص أن يصاب بالإنتان، لكنه يحدث عادة لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وذلك لأنه في الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، يحاول الجسم الاستجابة للعدوى، لكنه قد لا يكون قادرًا على احتوائها، إذ إن جهاز المناعة يكون غير منظم وغير فعال، ويبدأ في التأثير على الأعضاء الأخرى في الجسم التي قد تكون بعيدة عن مكان الإصابة، وهذا ما يؤدي إلى متلازمة الإنتان.
يعد الإنتان أكثر شيوعًا لدى الأطفال وكبار السن، وفي الأشخاص الذين يعانون من حالات أو علاجات تُضعِف وظيفة جهاز المناعة لديهم، من الأمثلة الشائعة لحدوث الإنتان: مريض السرطان الذي يتلقى العلاج الكيميائي، أو شخص يعاني من حالة طبية مزمنة، مثل مرض السكري من النوع 2.
عامل الخطر الآخر هو بعد إجراء عمليات جراحية، كما يعد إدخال القسطرة واستخدام أجهزة التنفس الصناعي أيضًا، أو الحاجة لإدخال قسطرة وخطوط وريدية وأنابيب ووضع أجهزة صناعية في الجسم من عوامل خطر الإصابة بالإنتان، لأن هذه الإجراءات يمكن أن تكون مدخلًا للبكتيريا، أو مسببات الأمراض الأخرى إلى الجسم.
كيف تحد المستشفيات من حالات الإنتان ؟
المستشفى والمراكز الصحية هي الأماكن التي يذهب إليها الناس عند المرض، لذلك تحتوي هذه المباني حتماً على مجموعة من البكتيريا ومسببات الأمراض الأخرى في الهواء وعلى الأسطح. ومع ذلك، نظرًا لأن الإنتان شائع نسبيًا ومن الممكن أن يهدد الحياة، فإن المستشفيات لديها بروتوكولات ومعايير صارمة بهذا الصدد. تشمل تدابير الوقاية من العدوى:
- جداول تنظيف صارمة.
- تعقيم المساحات والمعدات المستخدمة لرعاية المرضى.
- مراقبة المرضى بحثًا عن علامات الإنتان.
- تدوين الأشخاص المعرّضين بشكل خاص لخطر الإصابة بالمضاعفات.
- عزل المصابين بأي عدوى شديدة في غرف عزل خاصة.
على الطاقم الطبي تقييم المريض بسرعة كبيرة عن طريق إعطائه المضادات الحيوية عن طريق الوريد خلال ساعة واحدة من وصوله، ومراقبته من كثب، وطلب اختبارات معملية محددة وفقًا لجداول زمنية محددة.
الوقاية من الإنتان في المستشفى
عندما تكون في المستشفى، يجب على الطاقم الطبي اتخاذ التدابير اللازمة لتقليل خطر الإصابة بالإنتان، ومتابعة صحتك من كثب. ولكن لن يضرك أيضًا التعرف على علامات وأعراض الإنتان وفَهم عوامل الخطر لديك.
يحتاج الأفراد الذين يعانون من ضعف المناعة إلى توخّي الحذر الشديد بشأن مراقبة حالات العدوى البسيطة، مثل التهاب المسالك البولية أو السعال أو نزلات البرد، لأن هذه الأنواع من الأمراض يمكن أن تتطور إلى الإنتان بسهولة شديدة لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة.
ينصح الخبراء أيضًا بالتأكد من تحديث اللقاحات الروتينية الموصى بها. على الرغم من أنها لا تحميك من كل عدوى محتملة، فإن اللقاحات تحفز جهازك المناعي، وتُنتِج أجسامًا مضادة وقائية ضد مسببات أمراض معينة.
نهايةً، الإنتان حالة شائعة وربما تهدد الحياة. في حين أنها غالبًا ما تبدأ خارج المستشفى لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، إلا أنها يمكن أن تحدث لأي شخص، ويمكنك أيضًا الإصابة بالإنتان أثناء وجودك في المستشفى لتلقي العلاج من مرض آخر.
لدى مرافق الرعاية الصحية بروتوكولات معمول بها للوقاية من العدوى المكتسبة من المستشفى، ولكن لا يضر التعرف على كيفية أداء المستشفى المحلي في رعاية مرضى الإنتان، والتعرف على علامات العدوى، ومعرفة عوامل الخطر لديك.