مر ما يربو على العامين منذ بداية انتشار جائحة كورونا في كافة دول العالم، نحو عامين من الخوف والقلق على أنفسنا وأحبابنا، حيث رصدت منطمة الصحة العالمية إلى اليوم وفاة ما يقارب 7 ملايين فرد جراء إصابتهم بفيروس كورونا، غير أن عدداً من التقارير يشير إلى أن الإحصاءات الحقيقية للذين فارقوا الحياة نتيجة الإصابة بفيروس كورونا تتجاوز ذلك بكثير، حيث تعمد الكثيرون إخفاء إصابتهم نظراً لظروف اجتماعية وثقافيه.
بدأ وباء فيروس كورونا بشكل قوي وحاد كعادة الأوبئة على مدار التاريخ، واستمرت الموجات في التصاعد أوقاتاً وفي الهدوء أوقاتاً أخرى، حتى سعت غالبيتنا لأن تتعامل مع تلك الجائحة على أنها أمر واقع لا نعرف متى ينتهي، لكن حقيقة الأمر أن تلك الجائحة كغيرها، لا بد أن تمر بمراحل متعددة من الصعود والهبوط والطفرات، حتى تأتي نهايتها التي قد تسمر شهوراً وأعواماً.
بناء على ذلك، بدأت منظمة الصحة العالمية بصفتها المرجع الأهم في الأزمات الصحية والأوبئة توجيه النصائح وكيفية الوقاية من الإصابة، وكان القرار الذي قد أخذ بعض الوقت ولكنه حسم بعد عدة أشهر من بداية الجائحة، وهو أن ارتداء الكمامة هو الوسيلة الدفاعية الأهم في الوقاية من فيروس كورونا، حيث إن ذلك النوع من الفيروس يعلق في الهواء، وصار ارتداؤها ضرورة لا تحتمل النقاش في غالبية المجمعات، خاصة الأماكن المغلقة والمواصلات العامة، بل وأثناء السير في الطرقات، حتى تعوّد معظمنا على أن الكمامة أمر واقع يرافقنا مثل الملابس التي نرتديها، كم منا من يقف على باب منزله يراجع نفسه ما الذي نسيه، هو شيء في غاية الأهمية، ويلحظ حينها أنه الكمامة التي لم يرتدِها.
لكن السؤال المهم، هل نحن في وقتنا الحالي في نفس احتياجنا للكمامة مثل بداية الجائحة؟ أم أن الأمور قد تغيرت؟
يقول المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض (CDC) إنه مع المستويات الحالية العالية الناتجة عن التطعيم والالتهابات الناتجة عن الإصابة بالفيروس، فإن مناعة السكان تزايدت، ما قلل مخاطر الإصابة بمشاكل طبية خطيرة والوصول إلى الوفاة من COVID-19 بشكل كبير بالنسبة لمعظم الناس، وهو ما يوضح أننا أصبحنا في مرحلة أقل خطورة، وبالتالي جرى تخفيف الإجراءات في معظم دول العالم، ومنها رفع الكمامات في الأماكن العامة والمفتوحة.
أما بخصوص حاجتنا إلى ارتداء الكمامة بشكل محدد، يقول المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض إن الأمر الآن أصبح اختيارياً إلا في حالات محددة لأولئك الذين يعتبرون مجموعة الخطر الأعلى مثل كبار السن، والذين يعانون من أمراض صحية ترتبط بضعف مستوى المناعة وأصحاب الأمراض المزمنة والحوامل واللائي كن حوامل في فترة قريبة، فقد يكونون في حاجة إلى ارتداء الكمامة لحمايتهم من الإصابة بأعراض كورونا الخطيرة، وهو ما دفع معظم المنظمات الطبية إلى التوجيه بأن الكمامة لم تعد بذات الأهمية ويمكننا خلعها، لكن بعضاً منا بدأ يشعر بالقلق وهو أمر طبيعي بعد تلك الفترة من ارتدائها والإحساس بالأمان بوجودها على وجوهنا، وسوف نحاول أن نفهم في تلك السطور لماذا نشعر بالقلق وكيف يمكننا أن نتغلب عليه حيال رغبتنا في خلع الكمامة.
ما هو السبب الذي يدفعنا للشعور بالقلق أثناء وجودنا مع مجموعة لا ترتدي الكمامات؟
هذا السؤال الهام يدفعنا نحو التساؤل، هل هناك احتمالية لإصابتك بالعدوى إذا كان أحد المجتمعين في المكان الذي توجد فيه مصاب بفيروس كورونا؟ الحقيقة من دون تجميل هي أن إصابتك أمرُ محتمل، والحقيقة أن فيروس كورونا سوف يصاحبنا لفترات طويلة، لكن بعد ذلك الوقت وتلك اللقاحات، صارت احتمالية الخطورة أقل بكثير منذ بداية حلول الوباء، ولكننا قد نشعر أيضاً بالقلق.
كيف نتعامل مع القلق؟
تقبل أن القلق أمر مقبول
من الطبيعي جداً أن يكون شعورنا تجاه شيء رافقنا مدة عامين نرتديه في كل مكان (الكمامة) للحفاظ على صحتنا، وهو أهم ما نملك، لذا تخوفنا من أن نصاب بالإصابة هو أمر طبيعي، لكن لنتذكر أن احتمالية حدوث مضاعفات نتيجة الإصابة بفيروس كورونا صارت أقل حدة وأضعف تأثيراً.
لا تحكم على نفسك
عندما تبدأ في نزع كمامتك في مكان عام وتبدأ تشعر بالقلق، أو تبدأ تشعر بالضيق أو القلق الشديد الذي قد يصاحبه تعرق وضيق في التنفس، هذا الأمر لن يستمر طويلاً، سوف يتعامل جهازك العصبي مع تلك المشكلة، وعليك أن تتقبل أنه من الممكن لك أن تظل مرتدياً الكمامة إذا صعب عليك الأمر.
ألق نظرة على ما يقوله العلم
العلم هو السلاح الأكثر قوة ومعرفة في عصرنا الحالي، وما فعلته اللقاحات للذين أصيبوا بفيروس كورونا الذين تلقوا اللقاح وضعف الأعراض الناجمة عن الإصابة يجعلانا أكثر ثقة في العلوم، التي تقول إنه لم يعد أغلبنا في حاجة إلى ارتداء الكمامة عدا المجموعات الأكثر خطورة مثل أصحاب الأمراض المزمنة ومرضى ضعف المناعة، وهذا ما يقوله المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض (CDC).
احصل على اللقاح المناسب لفئتك العمرية
الواضح بشكل لا يقبل الريب أن تأثيرات اللقاح علينا بشكل إيحابي هو من أهم الأمور التي جعلتنا نتجاوز قدراً كبيراً من أضرار الجائحة، فالحفاظ على نفسك بتلقي اللقاحات يجعل جسمك أكثر قوة في التعامل مع أعراض كورونا حتى لو أُصبت بها.
تحدث إلى طبيبك
إذا شعرت بأنك بعد حصولك على اللقاح وبعدم قدرتك على تجاوز خلع الكمامة في الأماكن الممكن أن توجد فيها بدونها، فمن المفضل أن تتواصل مع طبيبك الذي قد يقوم بشرح الأوقات اللازمة لارتداء الكمامة، والأوقات غير اللازمة، طبقاً لوضعك الصحي والنفسي.
انزع الكمامة بشكل تدريجي
قد يكون حفاظك على ارتدائها طوال الفترة السابقة يجعلك تشعر بالقلق من إزالتها مرة واحدة، لكن من الممكن أن تبدأ تجربة الوضع التدريجي، حيث يمكنك خلعها بعض الأوقات، وعندما تشعر بالقلق الشديد، يمكنك أن ترتديها، حتى تعتاد على أنك لست قلقاً بشأن ارتدائها إلا عند الضرورة.
الأمر بشكل كامل لك
قد لا تكون كل تلك الأمور السابقة الأكثر مناسبة لك، فحقيقة الأمر أن ارتداء الكمامة لم يصبح واجباً على أغلبنا، فإذا كنت من الفئات غير المطالبة بارتداء الكمامة وأنت تشعر بقلق لا يكاد ينفك عنك، فما زال خيار عدم خلعها هو خيارك، حيث لن يجبرك أحد على ذلك، والأحداث سوف تجعلك قادراً على التخلي عنها في وقت ما.
انحسار الوباء ولو بشكل جزئي، والذي جاوز العامين تاركاً أثراً سلبياً على أغلب سكان الأرض، وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والبدنية، قد يدفعنا نحو المضي قدماً في تقبل التقليل من حدة الإجراءات والمضي قدماً في تعويض وإصلاح ما قد وقع من أضرار علينا.
المصادر
How to Cope with No-Mask Anxiety
Situation by Region, Country, Territory & Area
A New Report Shows the True COVID-19 Death Toll May B Three Times Higher Than We Thought