فحص البلغم أو زراعة البلغم (Sputum Culture) عبارة عن اختبار للتحقق من وجود بكتيريا أو نوع من الجراثيم التي قد تسبب عدوى في الرئتين أو في المجاري التنفسية. يُعد البلغم (Sputum) نوعًا سميكًا من المخاط يتكون في الرئة إذا كان الشخص يعاني من عدوى أو مرض مزمن يؤثر على الرئتين أو مجاري الهواء، فقد يتجمع البلغم في الرئة ويبدأ المريض بإخراجه مع السعال.
البلغم ليس مثل البصاق أو اللعاب، إذ يحتوي البلغم على خلايا مناعية تساعد في مكافحة البكتيريا أو الفطريات أو المواد الغريبة الأخرى التي قد تدخل إلى الرئة أو المجاري التنفسية. تساعد سماكة قوام البلغم في حبس المواد الغريبة داخله، وهذا يسمح للأهداب (cilia)، وهي شعيرات صغيرة في المجرى التنفسي، بدفع البلغم عبر القصبات لإخراجه بالسعال. ولكن قبل التعرف على فحص البلغم أو فحص زراعة البلغم (Sputum Culture) علينا أن نعرف على ماذا تدل ألوان البلغم:
فحص لون البلغم
يمكن أن يساعد فحص لون البلغم في تحديد نوع العدوى التي قد تكون لدى الشخص، أو في التحقق مما إذا كان المرض المزمن قد تفاقم، ويساعد ذلك اللون الطبيب في تحديد أفضل علاج ممكن للحالة. يمكن أن تشمل ألوان البلغم ما يلي:
- لون البلغم الصافي أو الشفاف يعني عادةً أنك لا تعاني من عدوى، ولكن الكميات الكبيرة من البلغم الشفاف قد تكون علامة على مرض الرئة الفيروسي.
- لون أبيض أو رمادي، قد يكون هذا طبيعيًا أيضًا، ولكن الكميات المتزايدة قد تعني مرض الرئة.
- لون أصفر داكن أو أخضر، هذا يعني غالبًا وجود عدوى بكتيرية، مثل الالتهاب الرئوي. البلغم الأخضر المصفر شائع أيضًا لدى الأشخاص المصابين بالتليف الكيسي (Cystic fibrosis)، والتليف الكيسي هو مرض وراثي يتسبب في تراكم المخاط في الرئتين والأعضاء الأخرى.
- لون البلغم الأسود، غالبًا ما يظهر هذا لدى الأشخاص المدخنين، ويُعد أيضًا علامة شائعة على مرض الرئة السوداء (Black lung disease)، ومرض الرئة السوداء هو حالة خطيرة يمكن أن تحدث إذا تعرضت لغبار الفحم لفترة طويلة.
- وجود بقع بنية في البلغم، قد يكون هذا علامة على وجود دم قديم، وقد يحدث هذا إذا كنت تعاني من التليف الكيسي أو الالتهاب الرئوي الجرثومي أو التهاب الشعب الهوائية الجرثومي أو بعض أمراض الرئة الأخرى. يمكن أن يحدث أيضًا بسبب استنشاق الغبار أو مواد ذات لون بني أو السموم.
- اللون الوردي، قد يكون هذا علامة على الوذمة الرئوية (pulmonary edema)، وهي حالة تتراكم فيها السوائل الزائدة في الرئتين. الوذمة الرئوية شائعة لدى الأشخاص المصابين بقصور القلب.
- اللون الأحمر، قد يكون هذا علامة مبكرة على سرطان الرئة. قد يكون أيضًا علامة على الانسداد الرئوي (pulmonary embolism)، وهي حالة تهدد الحياة، حيث تنتقل جلطة دموية من الساق أو من جزء آخر من الجسم إلى الرئتين.
ما الغرض من فحص البلغم أو فحص زراعة البلغم
غالبًا ما يتم إجراء فحص زراعة البلغم مع اختبار آخر يسمى تحليل صبغة غرام (Gram Stain Test)، وهو اختبار يتحقق من وجود البكتيريا في موقع العدوى المشتبه بها، أو في سوائل الجسم الأخرى مثل الدم أو البول. لا يُطلب فحص البلغم عادةً إذا كان الطبيب يعتقد أن المريض قد يكون مصابًا بعدوى فيروسية. يُطلب فحص البلغم أو فحص زراعة البلغم عادة في الحالات الآتية أيضًا:
- البحث عن البكتيريا أو الفطريات التي قد تسبب عدوى في الرئتين أو مجاري الهواء.
- تحديد ما إذا كان قد حدث تفاقم في مرض مزمن في الرئتين.
- معرفة ما إذا كان علاج عدوى الرئة أو مجاري الهواء يعمل بكفاءة.
- المساعدة في تشخيص حالات الجهاز التنفسي مثل الالتهاب الرئوي والسل وتوسع القصبات الهوائية (bronchiectasis).
لماذا أحتاج إلى فحص البلغم أو فحص زراعة البلغم؟
قد تحتاج إلى هذا الاختبار إذا كنت تعاني من أعراض الالتهاب الرئوي أو من عدوى أخرى في الرئتين أو مجاري الهواء. تشمل هذه الأعراض:
- السعال الذي يُنتج الكثير من البلغم.
- الحمى.
- القشعريرة.
- ضيق التنفس.
- ألم في الصدر يزداد سوءًا عند التنفس بعمق أو السعال.
- التعب.
- بعد أن تُظهر الأشعة السينية أو اختبارات التصوير الأخرى أنك قد تكون مصابًا بعدوى في الرئة. يمكن أن تساعد مزرعة البلغم في تأكيد ذلك وتحديد سبب العدوى.
ماذا يحدث أثناء فحص البلغم؟
سيحتاج فني المختبر أو الممرض إلى الحصول على عينة من البلغم. أثناء الاختبار:
- قد يُطلب منك شطف فمك بالماء قبل أخذ العينة.
- قد يُطلب منك التنفس بعمق ثم السعال بعمق في كوب خاص.
- قد يربت فني المختبر أو الممرض على صدرك للمساعدة في إزالة البلغم من رئتيك.
- إذا كنت تعاني من صعوبة في إخراج كمية كافية من البلغم من السعال، فقد يُطلب منك استنشاق بخاخ مائي مالح لمساعدتك على السعال بعمق أكبر.
- إذا كنت ما تزال غير قادر على إخراج كمية كافية من البلغم، فقد يتم القيام بإجراء يسمى تنظير القصبات الهوائية (bronchoscopy). في هذا الإجراء، ستحصل أولاً على دواء لمساعدتك على الاسترخاء، ثم دواء مخدر موضعي حتى لا تشعر بأي ألم. ثم يتم إدخال كاميرا متصلة بأنبوب رفيع مضاء من خلال فمك أو أنفك إلى مجرى الهواء. يساعد هذا الفحص على رؤية الجزء الداخلي من القصبات وأخذ العينات.
- سيجمع المُختص عينة من مجرى الهواء لديك باستخدام فرشاة صغيرة أو شفاط.
هل سأحتاج إلى القيام بأي شيء للتحضير للاختبار؟
غالبًا ما يتم تحديد موعد الاختبار في الصباح لزيادة كمية البلغم، فإذا كنت ستخضع لتنظير القصبات الهوائية، فقد يُطلب منك شرب كمية أكبر من الماء في الليلة التي تسبق الفحص. إذا كنت ستخضع لتنظير القصبات الهوائية، فقد يُطلب منك الصيام (عدم تناول الطعام أو الشراب) لمدة تصل إلى اثنتي عشرة ساعة قبل الاختبار.
قد تحتاج إلى التوقف عن تناول بعض الأدوية قبل هذا الاختبار، لذا أخبر الطبيب عن كل الأدوية التي تتناولها، وقد تؤثر المضادات الحيوية على نمو البكتيريا ونتائج اختبار زراعة البلغم، ولكن لا تتوقف عن تناول أي أدوية ما لم يخبرك الطبيب بذلك.
مخاطر فحص البلغم
لا يوجد خطر في تقديم عينة من البلغم في وعاء، ولكن إذا أجريت تنظير القصبات الهوائية، فقد تشعر بألم في حلقك بعد الإجراء. وقد تشعر أيضًا بالآتي:
- ألم في الحلق بعد الإجراء.
- قد يستغرق الأمر بضع ساعات حتى يزول تأثير المخدر الموضعي في الحَلق وتتمكن من السعال بشكل طبيعي.
- لن يُسمح لك بتناول الطعام أو الشراب حتى تتمكن من السعال بشكل طبيعي مرة أخرى.
ماذا تعني نتائج فحص البلغم؟
سيتم وضع عينة البلغم في طبق يحتوي على مادة خاصة تسمح للبكتيريا بالنمو، وعادة ما يستغرق الحصول على نتائج فحص زراعة البلغم بضعة أيام، ولكن قد يستغرق الأمر أسابيع، ويعتمد الوقت الذي يستغرقه الحصول على نتائجك على نوع البكتيريا التي يتم البحث عنها، إذ تستغرق بعض أنواع البكتيريا، مثل السل، وقتًا أطول للنمو في المختبر.
إذا كانت نتائجك طبيعية، فهذا يعني أنه لم يتم العثور على بكتيريا أو فطريات ضارة. إذا كانت نتائجك غير طبيعية، فقد يعني ذلك أنك مصاب بنوع من العدوى البكتيرية أو الفطرية. قد يحتاج الطبيب إلى إجراء المزيد من الاختبارات للعثور على النوع المحدد من العدوى لديك. تشمل أكثر أنواع البكتيريا الضارة شيوعًا الموجودة في مزرعة البلغم تلك التي تسبب الالتهاب الرئوي أو التهاب القصبات الهوائية أو السل.
قد تعني نتيجة فحص البلغم غير الطبيعية أيضًا تفاقم حالة مزمنة، مثل التليف الكيسي أو مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD). مرض الانسداد الرئوي المزمن هو مرض رئوي مستمر لفترة طويلة يجعل التنفس صعبًا، مع هجمات من إصابات تنفسية حادة. إذا كانت لديك أسئلة حول نتائج الفحص، فتحدث إلى الطبيب لفهم نتائج فحص البلغم. سيأخذ الطبيب في الاعتبار الأعراض والتاريخ الطبي ونتائج الفحوصات الأخرى.
في الختام، يعتبر فحص البلغم وسيلة فعالة للكشف عن مشكلات الجهاز التنفسي، مما يتيح التدخل المبكر والعلاج المناسب. الاهتمام بنتائج هذا الفحص يمكن أن يكون مفتاحًا للحفاظ على صحة وسلامة الرئة والمجاري التنفسية
