صحــــتك

عداء المسافات الطويلة.. الغذاء الأمثل

الصورة
منى سلامة

بينما يشكل الغذاء أساسًا لقوة الجسم والقدرة على التحمل لكل الناس، فإن التغذية السليمة للعدائين هي الفارق ما بين الأبطال وغيرهم، وهي عامل محدد لعدد السنين التي سيقضيها عداء المسافات الطويلة في ميدان العدْو (الجري السريع). ولا شك أن اختيار اللاعب اللائق جسمانيًا مع الالتزام بالتدريب الجيد هما أساسا صناعة البطل، لكن عندما يتنافس الأبطال فإن الهامش بين الفوز والخسارة يمكن أن يكون جزءًا من الثانية، وتلعب التغذية دورًا أساسيًا في ذلك الفرق.

عداء المسافات الطويلة.. التغذية السليمة منذ الصغر تصنع الفرق

إن القدرة على التحمل لا تأتي من الاستعداد لمدة شهور بل أعوام، كذلك فإن بناء العضلات قد يستغرق بضعة شهور في صالات الجيم. ولكن بالنسبة للرياضي المحترف، فإن تكوين ألياف العضلات السليمة القوية منذ الصغر هي من أهم أسباب صناعة البطل واستمراره لسنوات في البطولات.

إلى جانب ذلك، تؤثر التغذية في المزاج والقدرة على الاسترخاء والنوم في كفاءة الجهاز الهضمي، كما أنها ضرورية لإيجاد التوازن الصحيح بين الطاقة والتعافي، وكلما كان الوعي بالتغذية منذ الصغر أكبر كانت الحاجة إلى المكملات المصنعة أقل.

عداء المسافات الطويلة.. الفرق بين الفهد والذئب

الفرق بين عداء المسافات القصيرة والطويلة يشبه إلى حد كبير الفهد والذئب، كل العدائين يحتاجون إلى أنواع متشابهة من المغذيات الكبيرة والدقيقة، ولكن تختلف الكمية المطلوبة بين عدائي المسافات القصيرة والطويلة.

الفهد يجري بسرعة كبيرة جدًا لفترة قصيرة ثم يتعب ويتوقف، ولكن الذئب والحصان يجريان لساعات دون تعب، وذلك أشبه بالبطارية التي تُشحن أثناء الجري فلا تنضب سريعا، وهذا يشكل فارقًا في تغذية النوعين. فعندما تصل إلى أكثر من 120 دقيقة من الجري المتواصل، فإن كفاءة الجري وسرعة التعافي يمثلان أهمية قصوى، ويكون اختيار الغذاء أكثر تعقيدًا.

عداء المسافات الطويلة.. التغذية الأمثل

مثل كل الرياضيين؛ يحتاج عداء المسافات الطويلة إلى:

أولًا: المغذيات الكبيرة، وتشمل:

1. الكربوهيدرات

تعتبر الكربوهيدرات مصدر الطاقة الرئيسي للجسم، حيث تتحول داخل الجسم لأبسط صورة، وهي سكر الجلوكوز. وهذه الصورة البسيطة (الجلوكوز) هي ما تستخدمه خلايا الجسم لإنتاج الطاقة، ولذلك فإن عدم توافرها بالكم المطلوب أو عدم قدرة الجسم على الاستفادة القصوى منها –كما يحدث في بعض الأمراض- يؤثر على قوة الجسم وسرعة الجري.

وأثناء الجري تحدث عمليات كيميائية مهمة: يرسل الجسم الجلوكوز إلى الخلايا الأكثر احتياجًا، وهي العضلات، لتصنع منها مصدرًا مباشرًا للطاقة (يسمى ATP). وعند وجود جلوكوز كاف يُرسَل إلى خلايا الكبد والعضلات ليتم تخزينه على شكل جليكوجين.

أولًا يَستخدم الجسم الجلوكوز لتشغيل العضلات، حتى إذا انخفضت نسبة الجلوكوز المتاح يقوم الجسم بتحويل الجليكوجين المخزن مرة أخرى إلى جلوكوز، وبهذا يستمر الإمداد من الطاقة لمدة أطول، وعندها يصبح الجليكوجين هو الوقود الأساسي. ويعتمد معدل استنفاد الجليكوجين على شدة التمرين ومدته وكمية الجليكوجين المخزنة.

مع طول التمرين (120 دقيقة فأكثر) ينضب الجليكوجين، فتصبح الدهون هي مصدر الطاقة، وفي حين يستطيع الجسم أن يحرق الدهون مباشرة للحصول على الطاقة، فإنه يميل إلى تفضيل الجليكوجين لأنه أسهل في الحرق.

هنا يأتي دور التمرين المستمر المنتظم الذي يدرب العضلات لتصبح أكثر قوة، ويدرب الجسم ليكون أفضل في تحويل الدهون إلى وقود.

وفي حين نجد أن عداء المسافات القصيرة يكفيه الجلوكوز والجليكوجين المخزن لكفاءة الجري، فإن عداء المسافات الطويلة (أكثر من 10 كم تقريبًا) يعتمد جسمه بشكل متزايد على مخازن الدهون لإنتاج الطاقة.

وتحتاج أجسامهم إلى حوالي 50-65% من إجمالي السعرات الحرارية اليومية من الكربوهيدرات، وقد تزيد إلى 70% في بعض الأحيان. ومن أمثلة الكربوهيدرات الصحية: الأرز، خبز الحبوب الكاملة، المكرونة، دقيق الشوفان.

وأثناء الماراثون، يحتاج العداء إلى جرعات متتالية من الجلوكوز عن طريق الأطعمة (مثل الموز) أو المشروبات الرياضية السهلة التناول أو جل الطاقة الموجود في بعض البلدان.

2. الدهون

بينما يرتبط اسم الدهون بأمراض القلب والسمنة، فإن الدهون الصحية بالنسبة لعدائي المسافات الطويلة في غاية الأهمية. لا يُنصح العدّاء بتناول الدهون قبل الماراثون مباشرة، ولكن لا بد له من تناول كميات ونوعيات جيدة من الدهون في الأوقات البينية.

في المسافات الطويلة يستخدم الجسم الدهون المخزنة بعد استنفاد الجليكوجين المخزن، ويحدث هذا من خلال عملية تسمى أكسدة الدهون (Fat Oxidation)، إذ تتكسر الدهون الثلاثية المخزنة إلى أحماض دهنية أولية، وهي التي يستطيع الجسم أن يحولها مرة أخرى إلى جلوكوز.

غالبا ما يحتاج الرياضي ما بين 20 إلى 30% من إجمالي السعرات الحرارية اليومية من الدهون الصحية.

 

أمثلة للدهون الصحية:

  • زيت الزيتون الطبيعي.
  • القشدة والزبد الطبيعي من قطعان الماشية التي تتغذى على العشب الأخضر.
  • الأسماك الدهنية (السلمون، التونة، السردين ،المكاريل).
  • البذور والمكسرات.
  • الأفوكادو.

كما لا بد أن يمتنع الرياضي عن تناول الدهون المهدرجة، لأنها تزيد من إجهاد الخلايا وسرعة تلفها، كما تزيد من مخاطر حدوث أمراض القلب.

أهمية الدهون للجسم:

  • تحمي من نقص الفيتامين A وK وD وE، فهي تساعد في امتصاصها، وكلها تلعب دورًا مهمًا في دعم المناعة وتعزيز التعافي للعدّاء.
  • ضرورية لصحة المفاصل.
  • ضرورية لصحة الأعصاب (غلاف الأعصاب يتكون من مادة دهنية).
  • لإنتاج الهرمونات.
  • لمحاربة الإجهاد أثناء الماراثون.

3. البروتين

البروتين هو اللبنة الأساسية لإصلاح ما يتلف من الأنسجة، وخاصة أنسجة العضلات التي تتلف مع التمرين. وتشير بعض الدراسات إلى أن تناول البروتين مع الكربوهيدرات بعد التمرين يساعد في استعادة الجليكوجين في العضلات بنسبة 128%، وتحسن من أداء التمارين الرياضية بنسبة 55%.

ولذلك؛ فإن الوجبات المتكاملة أفضل من المكملات المنفردة، فكل مادة تساهم في تعزيز المادة الأخرى، وتختلف متطلبات البروتين من فرد إلى آخر. في الأحوال العادية؛ فإن جرام بروتين لكل كيلوجرام من وزن الرياضي يوميًا يكون كافيًا، ولكن عند شدة التمرينات وطول فترات التدريب أو الماراثون، قد يلجأ أخصائي التغذية إلى زيادة هذه النسبة إلى 2 جرام لكل كيلو، وربما أكثر، ثم تقسم الجرامات على الوجبات، وهنا تبرز أهمية أخصائي التغذية في الطب الرياضي.

 

طريقة مبسطة لحساب احتياجك من جرامات البروتين لعدّاء يزن 70 كجم:

في أيام التمرين الشاقة، قم بزيادة كمية البروتين التي تتناولها إلى 1.5 جرام بروتين لكل كيلوجرام من وزن اللاعب كالآتي:

70 x 1.5 =105جم يوميًا (أكثر من ذلك لا بد من استشارة الطبيب والتأكد من سلامة الكلى).

 

في أيام الراحة 1.2 جرام لكل كجم وزن تكون كافية عند معظم الرياضيين.

70 x 1.2=84 جم بروتين يوميًا

 

الأمر قيد التجربة، امنح نفسك أسبوعًا تقريبًا عند كل مستوى من البروتين لتحديد ما إذا كانت الكمية مناسبة لك، سوف تشعر بذلك عند تحسن الأداء وانخفاض الإجهاد. وإذا لم تتناول ما يكفي من البروتين أثناء التدريب الشديد، فسيقوم جسمك بتكسير العضلات للحصول على الوقود أثناء التدريبات، أما إذا زاد عن المطلوب لفترات طويلة قد يؤذي الكلى.

أفضل أنواع البروتين:

لا شك أن البروتين الحيواني أفضل في النوع، إذ يحتوي على جميع الأحماض الأمينية، مثل:

  • اللحم بأنواعه.
  • الدجاج والطيور.
  • الأسماك.
  • البيض.
  • اللبن.
  • الكبد والأعضاء الداخلية.

البروتين النباتي أيضًا مهم، وللحصول على كل الأحماض الأمينية امزج الحبوب مع البقول الآتية:

  • فول.
  • حمص.
  • بازيلاء.
  • لوبيا.
  • عدس.
  • فاصوليا بيضاء.
  • الحبوب الكاملة.
  • المكسرات والبذور.

في بعض الأحيان وأثناء الماراثون قد يحتاج عداء المسافات الطويلة إلى قوالب البروتين، والأفضل دائمًا المصنع منزليًا.

4. المغذيات الدقيقة

لا بد لعداء المسافات الطويلة من نظام غذائي غني بالمغذيات الدقيقة، وإلا تأثر التدريب على المدى البعيد، وقد يحدث له ما يسمى "الجوع الخفي". وجميع الفيتامينات والأملاح المعدنية مهمة، وخاصة:

  • الكالسيوم

هذا هو اللاعب الرئيسي في صحة العظام وتقلص العضلات، ويمكن الحصول على الكالسيوم من منتجات الألبان، فهي المصدر الأول، بالإضافة إلى السردين و الخضراوات الورقية.

  • الفيتامين د

الفيتامين د أساسي لصحة العظام، إذ إن امتصاص الكالسيوم يعتمد على توفر الفيتامين بالدم، كما يقلل من الإحساس بالإرهاق. وأهم مصدر هو أشعة الشمس، والأسماك الدهنية والمكملات.

  • الحديد

تقوم خلايا الدم الحمراء بنقل الأكسجين بالاستعانة بالحديد الموجود بها إلى خلايا العضلات، ولذلك فإن أنيميا نقص الحديد تحد من قدرة الرياضي وتعوق النفَس وتزيد من الإحساس بالإرهاق. اختر المصادر الحيوانية بصفة رئيسية (الكبد-اللحوم والأسماك)، تليها المصادر النباتية (البقول والخضراوات الداكنة والحمراء مثل البنجر)، وقد تحتاج إلى مكملات الحديد في بعض الأحيان.

  • مضادات الأكسدة

يتزامن إنتاج الطاقة مع الأكسدة الضرورية لذلك، ولكن وجود الأكسجين الحر بالدم يسهم في تلف الخلايا عامة، ومنها خلايا العضلات. ولتقليل ذلك التلف؛ فإن عداء المسافات الطويلة عليه أن يتناول وجبات غنية بمضادات الأكسدة خاصة بعد التمرين والمسابقات. تناول طبق سلطة 5 ألوان مع زيت الزيتون الطبيعي بعد التمرين، وأكثِر من الفاكهة والخضراوات الملونة في الوجبات وكذلك المكسرات والبذور، وهذا أكثَر فعالية من تناول المكملات المضادة للأكسدة.

  • عناصر أخرى

في بعض الأحيان؛ قد يحتاج عداء المسافات الطويلة إلى إضافة بعض العناصر لتعزيز القوة وتقليل الإرهاق مثل Caffeine، Beta-Alanine - L-Carnitin، ولكن لا بد من ضبط الجرعات بواسطة الطبيب.

عداء المسافات الطويلة.. خطة مبسطة ليوم رياضي 

  • قبل الجري بساعتين:

تناول الكربوهيدرات المركبة مثل الأرز والمكرونة والخبز.

  • قبل الجري بمدة قصيرة:

تناول الكربوهيدرات السهلة الهضم مثل الفاكهة أو عصير الفاكهة أو العسل أو المشروبات الرياضية.

  • أثناء الجري الطويل أو الماراثون:

تناول 30 إلى 60 جرامًا من الكربوهيدرات كل ساعة عن طريق العصير أو الفاكهة أو المشروب الرياضي العادي (2 كوب).

ماذا عن الدهون؟

عند غالبية الرياضيين؛ من الأفضل تجنب تناول الوجبات الغنية بالدهون قبل ممارسة الجري، ولكن لا بد من تناول الدهون الصحية في الوجبات اليومية.

متى نتناول البروتين؟

كما أن عمدة الطعام قبل الجري هي الكربوهيدرات، فإن عمدة الطعام بعد الجري هو البروتين، وذلك لتعويض التالف من العضلات وسرعة التعافي. تناول البروتين بعد التمرين مباشرة من مصادر جيدة.

عداء المسافات الطويلة والتعافي السريع بعد الماراثون

خلال السباق، يستخدم الجسم أقصى طاقته، ويستخدم مخزون الطاقة، ويكسر العضلات، ويفقد السوائل والمعادن وتتغير بعض المؤشرات الحيوية، وكل ذلك يحتاج للإصلاح والتعويض حتى يعود لطبيعته، وهو ما يسمى التعافي. فور الوصول لخط النهاية لا بد أن تهتم بسرعة التعافي، وذلك عن طريق شرب الماء وتعويض المعادن المفقودة مع تناول وجبة متنوعة العناصر بجانب الراحة والنوم.

سرعة وكفاءة التعافي تساهم في تقليل مخاطر الإصابة أو المرض بعد المسابقات.

 

كم سعرًا حراريًا يحتاج عداء المسافات الطويلة ؟

تختلف الاحتياجات من السعرات الحرارية من شخص لآخر تبعًا للعمر والجنس وطول المسافة والطقس والحالة الطبية والجسمانية. تتيح التجربة والخطأ في زمن التدريب الطويل معرفة المستوى المناسب من السعرات، ويحدد التغذوي كم السعرات التي تحتاجها. وفي حال عدم وجود اختصاصي إليك هذه الطريقة السهلة:

  • قم بتحميل أحد تطبيقات حساب السعرات (Calorie calculation).
  • أدخل البيانات، مثل الجنس والسن والوزن والطول.
  • ثم اختر مستوى التدريب الأقرب لك.
  • ستظهر لك السعرات بالتقريب.

عداء المسافات الطويلة.. طريقة عمل قالب البروتين (Protein Bar) بالمنزل

مكسرات (أي نوع) + بودرة بروتين أو بروتين مصل اللبن وهو الشرش (whey protein) + لبن مكثف، تُخلط تلك المكونات وتوضع في الفرن ثم تقسم لوحدات متساوية.

  • لعمل شيك عالي البروتين

لبن + سوداني أو مكسرات + شوفان + موزة وتضرب بالخلاط.

  • لعمل مشروب رياضي منزلي

عصير 4 برتقالات + موزة + ربع ملعقة صغيرة ملح + نصف لتر ماء، ويخلط الكل في الخلاط.

التغذية الصحية مع التدريب الجيد وسرعة التعافي هي أضلاع المثلث التي تصنع عداء المسافات الطويلة وتحافظ على صحته ولياقته.

آخر تعديل بتاريخ
04 يونيو 2024
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.