تعمل حشوات الأسنان على حل بعض مشكلات الأسنان، مثل التسوس والتشققات، إلا أنّ بحثًا جديدًا من جامعة جورجيا يؤكد أن حشوات الأسنان البلاتينية المصنوعة من الأملغَم، وهو مزيج من الزئبق والفضة ومعادن أخرى، يمكن أن تسهم في ارتفاع مستويات الزئبق في الجسم.
كشفت الدراسة أن الأشخاص الذين لديهم أكثر من ثماني حشوات أملغَم لديهم مستويات زئبق في الدم أعلى من ضعف مستويات الأشخاص الذين ليس لديهم حشوات، ويؤكّد الأطباء أن هذه النتائج تثير أسئلة حول سلامة الأشخاص الذين لديهم بالفعل مستويات عالية من الزئبق، مثل أولئك الذين يأكلون الكثير من المأكولات البحرية.
سنوضح لكم في هذا المقال حقيقة ما إذا كان حشو الأسنان البلاتيني (الأملغَم) يحمل خطر التعرض للزئبق.
ما هو الحشو البلاتيني (الأملغَم)؟
الحشو البلاتيني (الأملغَم) هو مزيج من عناصر الفضة والنحاس والزنك والزئبق، ويعتبر مادة ممتازة لترميم الأسنان، استُخدِم في طبّ الأسنان منذ 150 عامًا، نظرًا لتكلفته المنخفضة، وسهولة استخدامه، وقوته ومتانته، وتأثيراته المضادة للجراثيم.
تتناقص شعبية الأملغَم كمادة لحشو الأسنان هذه الأيام بسبب المخاوف من الآثار الصحية الضارة المحتَملة.
لا يتماثل اللون المعدني للأملغم مع لون الأسنان الطبيعي، لذلك يفضل المرضى والمهنيون استخدام مادة ترميمية بلون الأسنان، لملء التجاويف في الأسنان المسوّسة، للحصول على شكل جمالي أفضل.
كما أن هذا الأملغَم يحتوي على عنصر الزئبق، الذي ثَبَت أن مستويات عالية منه تتسبّب في تلف الدماغ والقلب والكلى والرئة والجهاز المناعي. تشير الأبحاث إلى أن أحد أشكال ميثيل الزئبق قد يُسبّب ضررًا حتى عند المستويات المنخفضة.
كما ذكرنا، فالمخاوف بشأن الزئبق في حشوات الأسنان ليست جديدة، لكن الدراسات السابقة كانت غير متّسقة ومحدودة.
تُقِرّ منظمة الغذاء والدواء الأمريكية بأن الأملغَم يمكن أن يُطلِق كميات صغيرة من بخار الزئبق، وتَعتَبر هذه المنظمة أن حشوات الأملغَم آمنة للبالغين، ولكنها تقول إن النساء الحوامل والآباء والأمهات الذين لديهم أطفال دون سن 6 سنوات، والذين يساورهم القلق بشأن عدم وجود بيانات تتعلق بالنتائج الصحية طويلة المدى، يجب أن يستشيروا أطباء أسنانهم حول استخدام بدائل أخرى.
خطر التعرّض للزئبق
الزئبق موجود في كل مكان في البيئة، ويتعرّض البشر له بشكل عادي في الهواء والماء والطعام. يحدث التعرّض للزئبق لدى البشر مع الحشو البلاتيني (الأملغَم) أثناء وضع أو إزالة حشوات الأسنان.
يعتمد التعرض للزئبق من خلال حشوات الأسنان على عدد وحجم الحشوات وتركيبها، وعادات المضغ وقوام الطعام والمضغ، وتنظيف الأسنان، والعديد من العوامل الفسيولوجية الأخرى.
يمكن استنشاق الزئبق المعدني وامتصاصه من خلال الحويصلات الهوائية في الرئتين، فالاستنشاق هو الطريق الرئيسي لدخول الزئبق إلى جسم الإنسان، في حين أن امتصاص الزئبق المعدني من خلال الجلد أو عن طريق الجهاز الهضمي ضعيف للغاية.
تُمتَص المركّبات العضوية للزئبق، مثل ميثيل الزئبق، بسهولة من قبل العديد من الكائنات الحية، وتتراكم أثناء مرورها في السلسلة الغذائية.
أظهرت الأبحاث التي أُجريت على القرود أن الزئبق المنطلِق من حشوات الأملغَم يتم امتصاصه وتراكمه في أعضاء مختلفة، مثل الكلى والدماغ والرئة والكبد والجهاز الهضمي.
كما وُجِد أن الشكل العضوي للزئبق قد عَبَر حاجز المشيمة، وثَبَت أنه يَعْبُر الغشاء المخاطي المَعدي المعوي عندما يتم ابتلاع جزيئات الأملغَم في وقت إدخال الأملغَم، أو أثناء إزالة حشوات الأملغَم القديمة.
كيفية الوقاية من خطر التعرّض للزئبق مع حشوات الأسنان
اعتمد مجلس ADA للشؤون العلمية توصيات النظافة المتعلقة بالزئبق، لتقديم إرشادات لأطباء الأسنان وموظفيهم للتعامل الآمن مع الزئبق، وتقليل إطلاق الزئبق في بيئة عيادات طب الأسنان. تتضمن تلك التوصيات ما يلي:
- العمل في مناطق جيدة التهوية.
- إزالة ملابس العمل قبل مغادرة مكان العمل.
- التحقق دوريًا من جو عمليات الأسنان بحثًا عن بخار الزئبق. تُستَخدم شارات مقياس الجرعات أو أجهزة تحليل بخار الزئبق للتقييم السريع بعد أي تسرب الزئبق أو إجراء التنظيف.
- الحرص على استخدام سبائك الأملغَم سابقة التجهيز أثناء تحضير ووضع الأملغَم.
- تجنُّب ملامسة الجلد للزئبق أو الأملغَم المخلوط حديثًا.
- لا ينبغي أبدًا استخدام المكنسة الكهربائية لتنظيف الزئبق في حالة الانسكاب العرَضي للزئبق، يمكن تنظيف الانسكابات الصغيرة (أقل من 10 جرام من الزئبق) بأمان باستخدام مجموعات تنظيف الزئبق المتاحة تجارياً.
- تجنُّب المأكولات والمشروبات الساخنة، فمعدل تبخر الزئبق يتزايد مع الحرارة، لهذا يجب عليك تجنّب تحفيزه على التبخر بالأطعمة والمشروبات الساخنة. انتظر حتى يَفْتُر الطعام والشراب لتتناوله بأمان.
- تجنب مضغ الّلبان، والعضّ على الأسنان بدون داع؛ لمنع زيادة معدل تبخّر الزئبق بالاحتكاك.
ما أعراض التسمّم بالزئبق؟
تشمل أعراض التسمم بالزئبق تغيرات في السلوك واكتئابًا، وقد يتطور الأمر إلى فقدان للذاكرة. ظهرت على بعض الأشخاص علامات الحساسية (الأزمة الصدرية)، واشتكوا من طعم معدني في الفم.
من الجدير بالذكر أن التسمّم بالزئبق قد يسبّب بعض الآثار الجانبية طويلة المدى، والتي يتعيّن علاجها أو التعامل معها بشكل فردي بناء على حالة الشخص.
قد تتطلُّب أنواع معينة من حالات التسمم الشديدة بالزئبق علاجًا بالاستخلاب، وهي عملية لإزالة الزئبق من الأعضاء حتى يتمكن الجسم من التخلص منه.
بدائل الحشو البلاتيني (الأملغَم)
حشو الأسنان بالسيراميك (البورسلين)
تكون فيه الحشوة بلون الأسنان، وتكون مصنوعة من البورسلين، ويكون سعرها مرتفعًا بعض الشيء نظراً لارتفاع تكلفته، لأنه يتم تصميمه وتصنيعه بالكامل داخل معمل الأسنان أو عن طريق الحاسوب.
حشو الأسنان الأبيض
أصبح هذا النوع من الأنواع المفضلة لدى جميع الحالات، فيتميز حشو الأسنان الأبيض بمظهره الطبيعي كأنه أسنان بيضاء طبيعية، كما تطوَّرت صناعات الحشو الأبيض واختلفت أنواعه، كحشو الكومبوزيت، والحشو الزجاجي الأبيض، والحشو الأبيض المقوى.
حشو الأسنان الذهب
قديما، كان هذا النوع من الحشوات عنوان التألق والزينة، فتتميز الحشوات الذهبية بأنها تظل ثابتة لا تتلف أو تصدأ لمدة طويلة تزيد عن عشرين عامًا، بالإضافة إلى مظهرها الخارجي رائع الجمال. مع ذلك أصبحت الحشوات الذهبية من الماضي، نظراً للارتفاع الرهيب في تكلفة الحشو، لارتباطها بسعر الذهب الخام.
الخلاصة
- لم يُشكِّل الاستخدام الحالي للأملغَم أي مخاطر صحية، إلا بعض ردود الفعل التحسسية لدى عدد قليل من المرضى، ويعتبر فرط الحساسية للزئبق هو استجابة مناعية لمستويات الزئبق المنخفضة للغاية.
- لا يوجد دليل على أن الزئبق المنطلق من الأملغَم يؤدي إلى آثار صحية ضارة لدى عموم الناس.
- إذا تمّ اتباع إجراءات النظافة الخاصة بالزئبق الموصى بها، فيمكن تقليل مخاطر الآثار الصحية الضارة في عيادة الأسنان.
- الأملغَم مادة ترميمية آمنة وفعالة، ولا تزال هي نوع حشو الأسنان المفضل لدى بعض أطباء الأسنان حتى الآن.
- حماية أسنانك من التسوس تقيك من كل هذه المخاطر.
1-https://www.health.com/condition/oral-health/cavities-fillings-mercury