يعاني مرضى السرطان من الألم والشعور بعدم الراحة، الناتج ليس فقط من المرض، بل أيضا نتيجة الآثار الجانبية للعلاج الخاص بهؤلاء المرضى، وبالتالي يبدأ الكثير منهم (خاصة أولئك المرضى الذين لا يحصلون على رعاية تلطيفية للآثار الجانبية الخاصة بالعلاجات المستخدمة في علاج السرطان)، البحث عن كل ما يمكنه أن يخفف من معاناتهم ويخلصهم من الآلام، ويدعم أجسادهم في حربهم ضد هذا المرض.
وقد يلجأ هؤلاء إلى استخدام المكملات الغذائية والأعشاب الطبية، التي يعلن عنها بأنها تعمل على محاربة السرطان، أو أنها تقوي صحة الجسم بشكل عام، من دون استشارة أخصائي الرعاية الطبية، ومن الضروري معرفة أن لبعض هذه المكملات والأعشاب الطبية، تفاعلات ضارة مع الأدوية المستخدمة في علاج السرطان.
وفي هذا يقول الدكتور باري كاسليث (Dr. Barrie Cassileth) رئيس قسم الطب التكاملي في مركز ميموريال سلون كيترينج للسرطان: "من الاعتقادات الشائعة بأنه إذا كانت المواد طبيعية فهذا يعني أنها آمنة وغير ضارة، ولكن هذه المواد الطبيعية فعالة بيولوجيا (أي أنها تؤثر على العمليات الحياتية في أجسامنا)، وعادة ما تكون لها تفاعلات ضارة مع الأدوية الأخرى.
إضافة لذلك، فإن هناك دراسات متزايدة تبين بأن هذه المكملات والأعشاب الطبيعية، تتداخل مع العلاج الكيميائي والإشعاعي المستخدم في علاج السرطان، بشكل يهدد حياة المريض.
إن استخدام المكملات الغذائية والطب البديل (العلاج بالأعشاب) من قبل مرضى السرطان يزداد يوما بعد يوم، وقد أوضحت عدة دراسات أقيمت في العديد من المراكز العلمية هذه الزيادة، ففي سنة 1998 قام د. باري كاسليث وعدد من زملائه بمراجعة 21 دراسة علمية حول استخدام المكملات الغذائية والطب البديل من قبل مرضى السرطان، ووجد تفاوتا كبيرا في نسبة المرضى الذين يستخدمون هذه المكملات (تراوحت النسبة بين 7% في أقل الدراسات إلى 64% في أعلى الدراسات، وكان المتوسط 31%).
وفي دراسة أخرى نشرت عام 2005 من عيادة الغرب الأوسط للأورام بأميركا، بينت أن حوالي 65% من المرضى الذين يتلقون العلاج الكيميائي يستخدمون المكملات الغذائية (هذه النسبة تمثل فقط نسبة من يستخدمون المكملات الغذائية، ولا يدخل فيها حساب المرضى الذين يستخدمون الفيتامينات)، وأن نسبة 25 % من هؤلاء يتناولان علاجات عشبية (من الأعشاب)، وأغلبهم يلجؤون لتلك العلاجات دون استشارة الطبيب.
* تداخلات خطرة
يقول Dr. Barrie Cassileth: "نحن نوصي مرضانا إذا كنتم تحت العلاج الكيميائي أو الإشعاعي أو تخططون للخضوع له مستقبلا، فلا تتناولوا أية مكملات غذائية، أو أعشاب أو مضادات أكسدة خلال رحلة العلاج، وخصوصا الأعشاب، والتي يمكن أن تتداخل وتقلل من تأثير العلاج الكيميائي أو أي علاج آخر".
وهذه المكملات قد تؤثر على طريقة امتصاص أو توزيع او تخلص الجسم من العلاج الكيميائي، ويحدث التداخل نتيجة تأثير تلك المكملات على أنزيمات الكبد المختصة بالتخلص من هذه الأدوية، أو نتيجة تداخلها مع النواقل التي تنقل الدواء عبر غلاف الخلية (تقوم بإدخاله إلى الخلية). ومن أمثلة هذه العلاجات العشبية هي خلاصة نبتة الثوم ونبتة الإكناسيا (Echinacea)، والتي يعتقد بأن العلاج بهما يتداخل مع عمل العلاجات الكيميائية.
وإن تداخلات العلاجات العشبية مع العلاجات الكيميائية ينتج عنها في النهاية أمرين: أولهما قلة المادة الكيميائية في الدم مما ينتج عنه فشل العلاج، وثانيهما عدم التخلص من المادة الكيميائية؛ وبالتالي بقائها في الجسم مما ينتج عنه آثار جانبية كبيرة.
* تأثير تناول مضادات الأكسدة
حتى مضادات الأكسدة مثل فيتامين E لها القابلية في التداخل الضار مع علاجات السرطان. إذ إن العلاج الإشعاعي وبعض العلاجات الكيميائية تعمل على توليد جذور حرة تحطم الحمض النووي للخلايا السرطانية، بينما تعمل مضادات الأكسدة على تثبيط هذه الجذور الحرة، وبالتالي تثبط العلاج وتقوم بحماية الخلايا الطبيعية والسرطانية معا.
ويبين الدكتور Brian Lawenda مختص العلاج بالأشعاع ذلك بقوله أغلب الأشخاص يستخدمون مضادات الأكسدة وبجرعات عالية للحفاظ على الخلايا الطبيعية في أجسامهم. يقول الدكتور براين لاويندا المختص بالعلاج الاشعاعي للأمراض السرطانية في المركز الطبي البحري في ولاية سان دييغو "يقوم مرضى السرطان بتناول مضادات الأكسدة ظنا منهم أنهم يحمون الخلايا الطبيعية فقط في أجسامهم، لكن البيانات التجريبية تبين أن مضادات الأكسدة تقوم بحماية جميع الخلايا (الطبيعية والسرطانية معا).
ففي عام 2008 قام الدكتور براين وعدد من زملائه بمراجعة نتائج عدد من التجارب التطبيقية حول تناول مضادات الأكسدة من قبل مرضى السرطان أثناء العلاج الإشعاعي أو العلاج الكيميائي، واستنتج براين وزملاؤه ضرورة عدم تناول مضادات الأكسدة خلال فترة تلقي العلاج الإشعاعي أو العلاج الكيميائي، لكي لا تقوم مضادات الأكسدة بحماية الخلايا السرطانية من تأثير هذه العلاجات.
* للاطلاع فقط
ما زال الأطباء يحذرون من تناول المكملات والعلاجات العشبية (الطب البديل) خلال فترة تلقي العلاج الإشعاعي والعلاج الكيميائي؛ إلا أنهم في الوقت نفسه يقومون بالبحث عن ودراسة إمكانية الاستفادة من بعض هذه العلاجات العشبية والمكملات في تعزيز عمل العلاج الإشعاعي أو العلاج الكيميائي.
ويقوم مكتب طب المكملات والعلاج البديل للسرطان بدراسة التداخلات التي تحدث بين المكملات والأعشاب الطبية، وبين العلاجات الإشعاعية والكيميائية للسرطان، وقد أوضح الدكتور جفري وايت مدير المكتب أن عمل المكتب يقوم حول البحث عن مكملات غذائية وعلاجات بديلة لتعزيز عمل العلاج الإشعاعي والكيميائي للسرطان.
فبالإضافة إلى دعم التجارب التطبيقية لفحص تداخلات العلاجات البديلة الصينية (الأعشاب الصينية) مع عدد من الأدوية الكيميائية للسرطان، فقد أطلق المكتب برنامجين لدعم الأبحاث التي تتعلق بالتداخلات بين المكملات والعلاجات العشبية وبين الأدوية الطبية الأخرى.
المصادر:
Dietary Supplements and Cancer Treatment: A Risky Mixture